قد يلبس الشيطان الأمر على من يريد عمل طاعة معينة و يريد أن يصده عنها بحجة أن هذا الشخص يرتكب ذنوبا منها ما هو ظاهر ، مع أن هذا يكون أدعى للمسارعة للطاعات لمحو السيئات إلى أن يقلع عن المعصية و ليس العكس أي لا يترك الطاعة لارتكابه المعصية فيخسر مرتين و هذا ما يريده الشيطان .


يقول ابن القيم إن العبد سيسأل يوم القيامة عن كل عمل عمله في الدنيا سؤالين : لم فعلت؟ و كيف فعلت؟ أي عن النية و الاتباع .


وينقسم العمل الموافق للهدي النبوي من حيث القبول والرد تبعا للنية إلى :
1) عمل ابتغي به وجه الله فقط ( شرط الإخلاص ) فيقبل إن شاء الله تعالى .
وكما قال السلف : الإخلاص هو أن يكون دافعك للعمل هو ابتغاء و جه الله فقط و ثوابه ، و ألا ترى في أدائك للعمل غير الله مراقبا لك و ألا تبتغي الأجر من غيره سواء كان الأجر ماديا أو معنويا .
و قال بعض السلف : الإخلاص ألا ترى في عملك الإخلاص ، فإذا رأيت في عملك الإخلاص فقد احتاج إخلاصك إلى إخلاص .


2) عمل ابتغي به وجه الله مع الناس وينقسم الى قسمين :
أن يكون ابتغاء وجه الله من أصل العمل ثم تدخل فيه نية الرياء إذا رآه الناس ، مثل أن ينوى الرجل الصلاة لله ، فإذا رأى أن الناس ينظرون إليه أطال الصلاة ، فهذا له أصل العمل وليس له أجر الإطالة .
الثاني : أن يكون الخلل فى النية من البداية في أصل العمل مثل أن ينوي الصلاة لله وليقول عنه الناس أنه يصلي فهذا عمل فاسد أساسا والعياذ بالله .
وذلك لقول الله عز وجل فى الحديث القدسي : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيرى تركته و شركه . " ( رواه مسلم ) .


3) عمل ابتغي به وجه الناس فقط وهذا لا ثواب فيه قطعا .
ومما يحبط العمل أيضا التسميع بالعمل مثل أن يعمل الرجل العمل فى السر ثم يقول للناس ماعمله فهذا لايجوز ، حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم : " من سمع سمع الله به ، ومن راءى راءى الله به ." ( متفق عليه )
و قد كان السلف رحمهم الله يخفون حسناتهم كما يخفون سيئاتهم .
قال العلماء : فإن كان عالما يقتدى به وذكر ذلك تنشيطا للسامعين ليعملوا به فلا بأس ، أو كان أصحابه لا يعلمون هذا الأمر أو نسوه أو تركوه فلا بأس أن يعمله أمامهم بنية تذكيرهم به و يكون هذا أفضل من الإسرار به ، فينظر إلى ما فيه المصلحة الأكبر سواء كان الإسرار أو الإعلان مع إخلاص النية .


و قد يكون العبد مخلصا لله فى عمله ثم يحبط عمله كيف ذلك؟
أن يعجب بعمله ويتكبر به - ولو فى نفسه - فيضيع عمله هباءا والعياذ بالله ، أو أن يكون منتظرا لجزاء دنيوي مقابله فيندم على العمل إذا فاته الجزاء الدنيوي (مثل أن يذكره الناس بخير أو يتلقى احترام و تقدير الناس).
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات " : يقصد بها الطاعات والمستحبات ، و قد تدخل فيه المباحات إذا صاحبتها نية صحيحة ، أما المكروهات و المحرمات فلا تصلحها النية ، مثل من يدعي حرق الدخان بشربه له ، ومن يطلق النظر إلى الأجنبيات و المتبرجات بدعوى التأمل و التدبر في خلق الله ، و من يذهب للشواطيء المختلطة و التي تظهر فيها العورات بنية الدعوة إلى الله ، ومن يستخدم الغناء المحرم لدعوة هواة الغناء أو غير المسلمين .
و قوله صلى الله عليه و سلم : " إنما الأعمال بالنيات " أي أن الثواب يتوقف قدره على النيات المستحضرة في هذا العمل ، و قد قيل أن تجارة العلماء هي تجارة النيات ، فهم يستحضرون النيات الكثيرة في العمل الواحد فيفوقون بالأجر من سواهم .

و ورد عن أحد السلف أنه كان له خادم ، وطرق الباب طارق فى ليلة ، فقام الخادم ليرد ومعه كيس المال فلما فرغ من الطارق قال له سيده : كم نية استحضرتها قبل أن تجيب الطارق ؟ قال الخادم : عشر نيات : إن كان فقيرا أعطيته وإن كان ضالا أرشدته وإن كان مستعينا أعنته ............ ......... . إلخ


_________________