تنتقد تابوهات الدين المسيحي ومعاناة القساوسة والرهبان«الرحاية».. مسرحية أبطالها وجمهورها من الأقباط

القاهرة - محمد كمال الدين
تناولت مسرحية «الرحاية» تابوهات الدين المسيحي التي تخفى عن الكثير من غير المسيحيين، وهي الطقوس الأساسية والثوابت العقائدية التي من المستحيل أن «يتزحزح» عنها رجال الدين داخل الكنائس.
من هذه التابوهات العقائدية ما يسمى بــ «كرسي الاعتراف» الذي يعتبر الطريق الوحيد لغسيل الذنوب بالنسبة لعامة الناس, بينما هو القيد «الغلول» الذي يلجم لسان القس ويجعل هذه الاعترافات أمانة في رقبته وسراً لا بد أن يموت معه للأبد.
و «الرحاية» هي إعداد لمسرحية «كرسي الاعتراف» للمؤلف الفرنسي بيركر، والتي سبق أن قدمها عملاق المسرح العربي الراحل يوسف وهبي في أربعينيـــــات القــــرن المـــاضــي مــــع فرقة رمسيس تحت نفس الاسم «الرحاية».
تدور أحداث المسرحية حول معاناة القمص «رجل الكنيسة» الذي يتهم أخوه في جريمة قتل لم يرتكبها, بينما يتحداه القاتل الحقيقي وهو «ابن العمدة» بأن يعترف له بارتكابه الجريمة، وعندها يقع القمص بين شقي الرحى، بين أخيه المتهم بالقتل والتزامه الديني بعدم البوح بأسرار المعترفين له.
يبدأ العرض ببكاء «نجاة» ابنة القتيل أمام ضابط المباحث «صالح» الذي يؤكد لها أن «عاطف» خطيبها «شقيق القمص» هو المتهم الأول في قتل والدها وكل الأدلة ضده, بينما تدافع هي عن خطيبها, وتؤكد استحالة قيامه بقتل أبيها, وتقول للضابط «صالح» لماذا يقتل أبي وهو لم يعترض على زواجها هي وعاطف.
يبدأ الضابط في استجواب العديد من المشتبه فيهم بقتل والد نجاة «الخواجة ويليام» صاحب الأطيان الزراعية والمال الكثير بدافع أن المتهم «عاطف» أراد قتل الخواجة حتى يستحوذ على هذه الأطيان، ولكن الواقع يؤكد غير ذلك «فلماذا يقتله وكل شيء سوف يصبح ملكه عندما يتزوج نجاة» ومن هنا يشك الضابط في براءة عاطف رغم أنه «متلبس بالجريمة» وتبدأ رحلة البحث عن الأدلة التي تثبت هذه البراءة. يستدعي الضابط أصدقاء عاطف وأقاربه, والكل يؤكد أنه ذو أخلاق وأدب ويشهد له أهل البلد جميعهم. وتستمر الأحداث إلى أن تظهر الحقيقة, ويكون القاتل هو «نجيب» ابن العمدة الشخص الطماع والجشع الذي يريد أن يتزوج من ابنة الخواجة الثري فيرفض فيقتله, ويتهم في قتله عاطف بالصدفة.
يلعب نجيب لعبته الخبيثة لضرب عصفورين بحجر واحد عندما يدخل عاطف السجن ويتزوج هو من خطيبته نجاة, وفي الوقت نفسه يترك أخوه القمص الكنيسة لأنه شقيق القاتل. ويستمر جشع نجيب «الطماع» لإزلال القمص فيذهب إليه ويعترف له بأنه القاتل وهنا يكون هو الرجل الوحيد الذي يستطيع إثبات البراءة للمتهم, ولكن قيوده الدينية تمنعه, ومع ذلك فقد صمد القمص إلى آخر لحظة وفضل الموت على أن يبوح بأسرار المعترفين وانتظر رحمة المسيح.
وقال الروائي والمخرج المسرحي أشرف عزت لـ «العرب» إن المسرحية تحمل قضية هامة تصب في عمق الدين المسيحي وهي عندما يتعارض الدين مع الواقع.
وأثنى على الفكرة وطريقة عرضها وفريق التمثيل وتوظيف الشخصيات, إلا أنه انتقد الديكور وبعض الفنيات البسيطة، غير أنه التمس العذر لأعضاء الفريق, لأنهم ما زالوا في مرحلة الهواية ولم يصلوا بعد إلى مرحلة الاحتراف.
من جانبه قال المخرج ريون زكي إنه أراد إظهار ما يدور خلف جدران الكنائس ومعاناة القساوسة والقمصان والرهبان مع إيمانهم القوي بالله رغم أن الواقع يتحدى هذا الإيمان.
وأضاف أن القس هو أولاً وأخيراً بشر وليس نبيا وقد تضطره الظروف إلى أن يتخلى عن إيمانه بواقع هذه البشرية.
وأوضح أن فريق المسرحية هو فريق تمثيل كنسي تأسس عام 1970م داخل كنيسة مار مرقس بحي شبرا في القاهرة، والفريق وإن كان يعمل داخل الكنيسة ولكنه يجد في الفن المسرحي أداة تواصل مع الآخر.
أضاف أن هذا الفريق المسرحي الكنسي يؤمن بأن المسرح يستطيع تغيير الكثير من المشاكل العقائدية المسيحية من خلال طرح الأفكار والمفاهيم الكبيرة في أطر جمالية تلمس أرقى ما بالنفس البشرية من أحاسيس لتسمو بها.
يذكر أن أعضاء الفريق بالكامل إضافة إلى الجمهور من الأقباط, باستثناء قلائل من المشاهدين الذين لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، بجانب كاتب هذه السطور «مراسل العرب».

المصدر
http://www.alarab.com.qa/details.php...o=422&secId=18