نعجب أشد العجب إذ نقرأ لبعض أعداء الاسلام اليوم ولبعض أعدائه بالأمس القريب والبعيد تهجما عليه واتهاما له بأنه دين التعصب الماحق للحرية والاكراه القاضى على الختيار والجمود المانع من التطور .
هكذا افترى على الاسلام وعلى أتباعه شرذمة من أعدائه وما زال لهذه الشرذمة أبواق يرددون ما سبقوا به ويزيدون عليه أباطيل من عندهم طابعها الإفتراء والإدعاء والتجاهل والتجنى وبعضها يستجلب الضحك مما يحمل من جهل وسفسطه وهذيان.
وأغلب الظن أننا كنا نتلمس بعض العذر لهؤلاء المتهجمين لو أنهم عفوا فى تفكيرهم وفى تعبيرهم واقتصروا على التنديد بحال المسلمين وضعفهم فى الأمس القريب ولم يتجاوزوا إلى الاسلام نفسه من حيث هو عقيدة وتشريع وعباده وسياسة ومعاملة .
لكنهم خلطوا خلطا قبيحا بين الاسلام وأتباعه وزعموا أن ضعف المسلمين نتيجة لدينهم متغافلين عما كان للمسلمين من قوة ومجد وحضارة وسلطان أيام استمساكهم بدينهم وإعتزازهم بتعاليمه ومتجاهلين أن ما نزل بالمسلمين من كوارث الضعف والاستسلام والتخلف والانقسام إنما كان عاقبة وجزاءًََ وفاقا لانحرافهم عن الصراط السوى الذى شرعه الله لهم فتقاسم أعدائهم ديارهم وخدروهم تخديرا ليستخربوا أوطانهم باسم الاستعمار وباسم الاحتلال وباسم الوصاية .ولقد كان أعداء الاسلام على يقين من ان الاسلام سر قوة المسلمين وعزتهم فجعلوا يحملون معاولهم فى حنق وقوة ويهجمون بها على حصون الاسلام ليقوضوها فيزلزلوا ثقة المسلمين بأنفسهم وبدينهم لكن طال عليهم الأمد وأرهقهم الكد والجهد ولم يبلغوا مما أرادوا الا أن ثلمت معاولهم وكلت سواعدهم وأصم دوى الصخور الصلدة آذنهم وبقى الاسلام كما كان أشم الحصون .أرسخ من الطود متعاليا فى عزة متأبيا على القوى المجتمعة أن تنال منه الا ما ينال الوعل .
يظل ينطح الصخرة حتى يهى قرنه ويدمى رأسه فيرتد كسير القرن حسير النفس .حاله كحال ما صوره الشاعر فى قوله:
كناطح صخرة يوما ليوهنها فما
أوهاها ولكن أوهى قرنه الوعل
وما من شك فى أن الاسلام يقتضينا أن نرد عنه كيد الكائدين لا بالسباب والأباطيل كما صنع أعداؤه بل بالدرس والاحتكام الى البحث العلمى والتدليل المبين والموازنات الكاشفة .
ولا شك أن الاسلام يقتضينا أيضا أن نكشف عن بعض مزاياه ليستبين للجاهلين من اتباعه بعض ما فى دينهم من سمو وحكمة وسماحة وصلاحيه للتطبيق ومرونة فى مسايرة الزمن فيشتد حرصهم على دينهم ويعظم إعتزازهم بتشريعه ويتسلحوا بسلاح بتار يقضون به على ما يوجه الى دينهم من أكاذيب وأباطيل .
المفضلات