العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

لمسات بيانية الجديد 10 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على مقطع خالد بلكين : الوحي المكتوم المنهج و النظرية ج 29 (اشاعة حول النبي محمد) » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | قالوا : ماذا لو صافحت المرأة الرجل ؟ » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | () الزوجة الصالحة كنز الرجل () » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | مغني راب أميركي يعتنق الإسلام بكاليفورنيا » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الإعجاز في القول بطلوع الشمس من مغربها » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الكاردينال روبيرت سارا يغبط المسلمين على إلتزامهم بأوقات الصلوات » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | لمسات بيانية الجديد 8 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على شبهة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنهما بعمر السادسة و دخوله عليها في التاسعة » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | المصلوب بذرة ( الله ) ! » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == |

مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    6
    آخر نشاط
    10-01-2006
    على الساعة
    09:19 PM

    افتراضي العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام

    قد يظن كثير من المسلمين أن العدوان الغربي على الإسلام وتشويه صورة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام من طرف وسائل الإعلام في الغرب لا سيما في أميركا من جانب رؤساء بعض الكنائس الإنجيلية أمر جديد حدث بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م وقيام الحرب الصليبية المقنعة الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإسلام والمسلمين تحت قناع " الحرب على الإرهاب وإزالة أسلحة الدمار الشامل " .
    والحق أن هذا العدوان الإعلامي الشرس ليست جديدة ، بل هي : عقيدة غربية موروثة تشكلت ونمت خلال ثمانية قرون منذ القرن الأول وحتى نهاية القرن الثامن الهجري .
    وانتقلت هذه العقيدة كاملة متماسكة عبر القرون لتصل إلى القرون الحديثة والمعاصرة . وأصبحت أشبه بالمستنقع الآسن العَفِن الذي تغرف منه وسائل الإعلام الغربية وبعض رجال الدين الأنجيليين في أميركا ، وينشرونها عبر وسائلهم المختلفة .
    وقبل أن نلقي نظرة موجزة جداَ على تاريخ تلك العقيدة الغربية(1) القائمة على أساس التلفيق والاختراع لتصوير الإسلام في أشكال مشوهة وبشعة ، نعرض لمقتطفات من أقوال بعض رجال الدين الإنجيليين في أميركا عن الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام ليتضح لكل صاحب فكر خصيب مدى اعتناق هؤلاء لتلك العقيدة الموروثة التي لفقها أسلافهم خلال العصور الوسطى في أوربا .

    1- جيري فالويل Jerry Falwell : وهو قسيس أنجيلي معروف له برنامج إذاعي وتلفزيوني يصل إلى أكثر من عشرة ملايين أسبوعياً وله جامعة أصولية خاصة تسمى جامعة الحرية Liberty University وهو الذي يروج في موقعه على الإنترنت www.Lalwell.com لكتابه "فلنتقدم إلى معركة هرمجدون" March to Armgeddon وهي معركة نهاية التاريخ كما في معتقدات الأنجيليين . وفي الصفحة الأولى من موقعه على الإنترنت يضع تاريخاً ملفقاً عن النبي عليه الصلاة والسلام; مستمد بكامله من كتابات بعض الرهبان الأوربيين في العصور الوسطى . ويهاجم فالويل النبي ; من خلال بعض وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى .
    ومما قاله فالويل مساء يوم الأحد 6 أكتوبر 2002م في برنامج 60 دقيقة مانصه : "أنا اعتقد أن محمداً كان إرهابياً ، لقد قرأت ما يكفي من المسلمين وغير المسلمين أنه رجل عنف ، ورجل حروب ..... في اعتقادي المسيح وضع مثالاً للحب كما فعل موسى ، وأنا اعتقد أن محمداً وضع مثالاً عكسياً" .

    2- بات روبرتسون Pat Robertson : وهو قسيّس إنجيلي معروف باهتماماته السياسية وتأييده المعلن لإسرئيل ، ويمتلك عدداً من المؤسسات الإعلامية من بينها نادي ال 700 (700 Club) وهو برنامج تلفزيوني يصل إلى عشرات الملايين في الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى محطة فضائية تصل إلى 90 دولة في العالم بأكثر من 500 لغة مختلفة وهي محطة (البث النصراني Christian Broadcasting) ومنها إذاعة الشرق الأوسط المتخصصة في التنصير في منطقة العالم العربي .
    كما سعى بات روبرتسون إلى الترشيح لمنصب الرئيس الأمريكي في عام 1988م ، ويقف خلف أقوى تحالف سياسي ديني في الحزب الجمهوري وهو (التحالف النصراني) (Christias Coalition) وموقعه الإلكتروني هو www.patrobertson ويملك أيضاً جامعة أصولية هي جامعة ريجنت Reqent University وفي هجومه على النبي عليه الصلاة والسلام من خلال برنامج هانتي وكولمز Hannity and Colmess في قناة فوكس الإخبارية Fox Newss قال ما يلي: "كل ما عليك هو أن تقرأ ما كتبه محمد في القرآن ، إنه كان يدعو قومه إلى قتل المشركين... إنه رجل متعصب إلى أقصى حد ..إنه كان لصاً وقاطع طريق .. « إن ما يدعو إليه هذا الرجل [محمد] في رأيي الشخصي ليس إلا خديعة وحيلة ضخمة" "إن 80% من القرآن من النصوص النصرانية واليهودية . ولقد ذكر موسى أكثر من 500 مرة في القرآن . أنا أقول إن هذا القرآن ماهو إلا سرقة من المعتقدات اليهودية .. ثم استدار محمد بعد ذلك ليقتل اليهود والنصارى في المدينة . أنا أقصد .. أن هذا الرجل [محمد] كان قاتلاً [سافك للدماء] " وسنثبت بعد قليل أن هذا القسيّس بات روبرتسون هو اللص والسارق عندما نورد أقوال الرهبان المتعصبين في العصور الوسطى ليتبين للقارئ الكريم مدى تطابق أقوال هذا المأفون مع أقوال عصر الظلمات في أوربا في العصور الوسطى ونقله لأقوالهم وأفكارهم .

    3- فرانكلين جراهام Franklin Graham : وهو أبن القسيس الأمريكي بيلي جراهام .
    وقد عمل والده قسيساً خاصاً للرؤساء الأمريكيين منذ عهد ريتشارد نيكسون ، وحتى الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون . ويتولى ابنه فرانكلين جراهام الآن نفس المهمة بعد تقاعد الأب ، وقام بعمل الطقوس الدينية لتنصيب الرئيس الأمريكي الحالي جورج دبليوبوش . ويتولى جميع مسئوليات الكنيسة التي أنشأها أبوه والتي تعد من أكبر الكنائس الأمريكية عدداً وتأثيراً ، وقامت خلال السنوات الماضية بأكثر من 450 حملة تنصير في جميع أنحاء العالم . وموقعه على الانترنت هو www.samaritan.org. وقد أدلى فرانكلين جراهام بتصريحات إعلامية قال فيها إن الإرهاب جزء من التيار العام للإسلام ، وأن القرآن ( يحض على العنف ) وكرر جراهام خلال برنامج ( هاينتي وكولمز ) المذاع على قناة فوكس نيوز الأمريكية في الخامس من أغسطس 2002م رفضه الاعتذار عن تصريحات أدلى بها بعد حوادث سبتمبر 2001م وصف فيها الإسلام بأنه دين ( شرير ) وفي كتاب جديد لفرانكلين جراهام يسمى (الاسم) The name ، يحتوي علىنصوص تتسم بالسفه والحطة بهدف الإساءة إلى الإسلام ومنها ما يلي : في الصفحة رقم 71 يقول : " الإسلام .. أسّسَ بواسطة فرد بشري مقاتل يسمى محمد ، وفي تعاليمه ترى تكتيك ( نشر الإسلام من خلال التوسع العسكري ) ، ومن خلال العنف إذا كان ضرورياً ، من الواضح أن هدف الإسلام النهائي هو السيطرة على العالم " ويقول في الصحفة 72 من كتابه إن " القرآن يحتوي على قصص أُخذت وحُرّفت عن العهدين القديم والجديد .. لم يكن للقرآن التأثير الواسع علىالثقافتين الغربية والمتحضرة الذي كان للأنجيل . الاختلاف رقم واحد بين الإسلام والمسيحية أن إله الإسلام ليس إله الديانة المسيحية " .

    4- جيري فاينز Jerry Vines : وهو راعي كنيسة في جاكسون فيل في فلوريدا ، يصل عددأتباعها إلى 25 ألف شخص ،وهو من أبرز المتحدثين الأمريكيين في المؤتمر السنوي للكنائس المعمدانية الجنوبية ، وهو أكبر مؤتمر ديني يعقد كل عام. وقام الرئيس الحالي والرئيس السابق بمدح هذا القسيس واعتباره من المتحدثين بصدق عن دينهم وموقعه على الانترنت www.fbcjax.com . وقد أدلى جيري فاينز بتصريحات تتصف بالقذارة والسفه مليئة بالكراهية والحقد على الإسلام خلال الاجتماع السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية ، والذي عُقد مؤخراً في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري الأمريكية .
    وخلال الاجتماع أفترى جيري فاينز على الرسول عليه الصلاة والسلام واتهمه زوراً و بهتاناً بأنه " شاذ يميل للأطفال ويتملكه الشيطان ، وتزوج من 12 زوجه آخرهن طفلة عمرها تسع سنوات " وأضاف فاينز أن " الله [ الذي يؤمن به المسلمون ] ليس الرب الذي يؤمن به المسيحيون " .
    هذه الصور الملفقة المشوهة هي عقيدة دينية غربية موروثة ضمن عقائد المجتمع الغربي النصراني ، أصبحت راسخة في العقل الجمعي الغربي منذ نهاية القرن الثامن الهجري . وكانت هي المصدر الرئيس للمستشرقين والمنصرين المتعصبين في العصور الحديثة وهي التي نراها الآن ونسمع بها .

    ويمكن أن نوجز مصادر تلك العقيدة الموروثة في أربعة مصادر رئيسية هي :-

    1- ما كتبه النصارى الشرقيون وأشهرهم : يوحنا الدمشقي وتلميذه أبو قره ويوحنا النقيوسي ، ويحى بن عدي ، ومؤلف مجهول لمقالة تسمى الدفاع السرياني .

    2- ما كتبه الكتّاب البيزنطيون ( الروم ) وعلى رأسهم : ثيوفانس المعترف ، ونيقتاس البيزنطي ، وجرمانوس .

    3- المصادر الأسبانية : وعلى رأسهم المقالة الأسبانية عن محمد عليه الصلاة والسلام وماكتبه ايزدور الأشبيلي ، وأولوخيو ، وبول الفارو ، وغيرهم .

    4- ما كتبه ولفقه واخترعه الكتاب الغربيون حتى نهاية القرن الثامن الهجري .
    ويأتي على رأس تلك الكتابات : المشروع الكلوني . وهو أول وأكبر مشروع استشراقي هدف بالدرجة الأولى إلى تفنيذ الإسلام . وكتاب لمؤلف مجهول يسمى : الدحض الرباعي ، وكتاب آخر لمؤلف مجهول يسمى (المتناقضات) وما كتبه كل من : بدرودي الفونسو ، وسان بدرو باسكوال ، وريكولدو دي مونت كروس ، ورامون مارتي ، وريموندلول ، ووليم الطرابلسي ، ووليم الصوري ، ووليم آدم ، وجاكيوس دي فتري ، وهامبرت الروماني ، وفيد ينزو أوف بافيا ، وغيرهم كثير .

    من النصارى الشرقيين يوحنا الدمشقي ( 55 - 131هـ / 675 - 749 م ) وهو من نصارى الشام ، وُلدَ وعاش في العصر الأموي ، وتضلع في اللاهوت ، وكتب كتباً كثيرة ، ومن ضمنها كتاب كتبه باليونانية بعنوان الهرطقات . وأفرد فيه فصلاً عن الإسلام أطلق عليه اسم ( هرطقة الأسماعيليين ) ويقصد بالإسماعيلين العرب من أبناء اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام . وهذا الفصل شديد الطعن ، اتهم فيه يوحنا العرب بالهرطقه والضلال والخرافة ، واعتبرهم فرقة نصرانية متهرطقة ، وزعم أن محمداً عليه الصلاة والسلام كان رسولاً زائفاً ادَّعى النبوة زمن الامبراطور هرقل ، بعد أن قرأ العهد القديم والعهد الجديد وتعلّم من راهب أريوسي فتظاهر بالتقوى حتى استمال العرب إليه وأخبرهم أنه تلقى كتاباً من السماء ، وقدّم فيه تلك الشرائع المضحكة ـ على حد قوله ـ التي تسمى بالإسلام . ومن التلفيقات التي وضعها يوحنا في فصله هذا لتشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام زعمه الكاذب أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل إلى بيت زينب بنت جحش في غياب زوجها فافتتن بها وخرج وهو يقول سبحان مقلب القلوب.... إلى آخر القصة التي تسربت إلى بعض كتب التفسير ، وأدرك ابن كثير زيفها فأعرض عن ذكرها في تفسيره وأشار إلى أنها ملفقةً لا تصح .
    وكان هدف يوحنا الدمشقي من ذلك التشويه تحصين النصارى من أهل الذمة والحيلولة بينهم في بلاد الشام وبين اعتناق الإسلام حين رأى تسامح المسلمين مع أهل الذمة، ودخول كثير من النصارى في الإسلام فلم يجد وسيلة لتثبيت النصارى على دينهم سوى اتهام الإسلام بالهرطقة وتشويه سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، لتكون صورته في نظر النصارى صورة كريهة حتى لا يقبلوا على اعتناق الإسلام . وقد انتشر هذا الكتاب في بلاد الدولة البيزنطية ( دولة الروم ) واستخدمه الكتّاب البيزنطيون في هجماتهم الفكرية على الإسلام ثم تُرجم إلى اللاتينية وأسهم في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين طوال العصور الوسطى وحتى العصر الحاضر .

    ومن الكُتّاب البيزنطيين نيقتاس البيزنطي الذي عاش في القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي . وكتب كتاباً زعم أنه دحضٌ للقرآن الكريم ، ذلك أن الامبراطور البيزنطي ميخائيل الثالث ( 227 ـ 254 / 842 ـ 867 ) تلقى مقالتين من بعض العلماء المسلمين تفندان مزاعم النصارى بأن لله جل وعلا ابن يشاركه في أسمائه وصفاته ، وبطلان مقولة الأقانيم الثلاثة . فكلَّفَ الامبراطور نيقتاس بالرد عليهما فقام نيقتاس بتأليف رده الذي وصفه بأنه ( دحض لكتاب محمد المزوَّر ) . ولم يكن نيقتاس متضلعاً في اللغة العربية ، فقام حسب زعمه بالإطلاع على القرآن ، وقام باستعراض سوره من سورة البقرة إلى سورة الكهف ، وكل سورة يسميها الأسطورة المحمدية رقم كذا ـ مثلما هو رقمها في القرآن ـ ثم يذكر اسمها . وأصدر حكمه الباطل بأن القرآن يصوّر الله ـ جل وعلا ـ على شكل كروي كامل ، أو على شكل مطرقة معدنية مطروقة في السماء . ويبدو أن نيقتاس اقتبس هذا الزعم من المقالة الأسبانية التي سأشير إليها بعد قليل . ثم أخذ يسخر من المسلمين على مناصرتهم لهذا التصور المادي ـ بزعمه ـ ، وقال بأن محمداًعليه الصلاة والسلام قاد المسلمين ليعبدوا في مكة وثناً مصنوعاً على غرار أفروديت ـ معبودة الحب والجمال عند الأغريق ـ وأنه جعل الشيطان رباً للخلق ،وظل يؤكد على أن دين محمد عليه الصلاة والسلام دين وثني وأن اتباعه مجرد جماعة من الوثنيين. وكان في كل سورة يتحدث عنها يوجه السب والشتم إلى النبي عليه الصلاة والسلام ـ زاعماً ـ أنه هو الذي وضع القرآن وشحنه بالأساطير ، وأنه أمر اتباعه بقتل من يجعل شريكاً في جانب الله، ولذلك وقع معظم ذلك القتل على النصارى الذين يعبدون المسيح ابن الله ـ بزعمه ـ وأخذ نيقتاس يحاول تفنيد بعض نصوص القرآن وقصصه عن طريق مقارنتها بنصوص العهدين القديم والجديد. ويبدو في هذا متأثراً برأي يوحنا الدمشقي ، فزعم على سبيل المثال أن إبراهيم الخليل عليه السلام لم يصل إلى مكة ولم يبن الكعبة ، لأن سفر التكوين لم يذكر ذلك . كما حاول نيقتاس أن يستدل على عقيدة الثالوث ببعض آيات القرآن بتأويلها حسب عقيدته . واختتم حديثه بالتأكيد على أن الذي يعبده محمدعليه الصلاة والسلام ويدعو إلى عبادته إنما هو الشيطان نفسه . والحق أن كل أراء نيقتاس لا تتعدى هذا الهذيان وقد أوردناها لنرى الأثر الذي أسهمت به في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين خلال العصور الوسطى وإلى الآن .
    وقد كان لبعض أراء نيقتاس الزائفة أثرها في الدولة البيزنطية حتى أن أحد رجال الدين ألف رسالة في زمن الامبراطور مانويل كومنين ( 549ـ585هـ/ 1143ـ1180م ) يشجب فيها الدين الإسلامي وفيها يلعن مصنفها (الرب الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام) وقدَّم تلك الرسالة للإمبراطور الذي أراد شطب هذه العبارة المقيته محتجاً بأن الرب الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو الأب الذي يعبده النصارى فأصَّر رجال الدين على أن الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو إله غير إله المسيحيين . وهذا يوضح إلى أي مدى بقيت هذه العقيدة الزائفة حية حتى اعتنقها وقال بها فرانكلين جراهام وجيري فاينز كما ذكرنا آنفاً .
    ومنذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري / النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي أصبح في مقدور رجال الدين في الغرب الأوروبي الإطلاع على تلك الصور المشوهة حين ترجم أمين مكتبة البلاط البابوي أنستاسيوس بعض تلك الكتابات ، الشرقية والبيزنطية إلى اللاتينية وأدمجها في حولياته التاريخية .

    وفي أواخر القرن الثاني الهجري / أواخر القرن الثامن وأوائل التاسع الميلادي ظهرت مقالة في أسبانيا في أحد الأديرة الشمالية ، وهي عبارة عن نص هجومي بذئ على النبي عليه الصلاة والسلام عُرفت باسم المقالة الأسبانية عن محمد عليه الصلاة والسلام ولا يُعرف كاتبها ، ويرجح ناشرها دياز أنها من عمل أحد النصارى المستعربين . وهذه المقالة تصِّور النبي عليه الصلاة والسلام بصورة مجافية للذوق ومعاكسة لصفاته ، فتزعم ـ زوراً وبهتاناً ـ أنه كان كاذباً مبتدعاً شهوانياً ، وأنه دعا عربه المتوحشين إلى أن يتخلوا عن الوثنية ، وأن يعبدوا إلها مادياً في السماء على شكل كرة مادية ، وتزعم هذه المقالة الزائفة أن إبليس ظهر لمحمد عليه الصلاة والسلام مدعياً أنه الملك جبريل ،وأخبره أن الرب أرسله ليبشر العرب بما كان قد سمعه في مدارس المسيحيين ويدعوهم إلى عبادة ذلك الإله المادي في السماء وهجر عبادة الأوثان . وتزعم المقالة البذيئة أن محمداً عليه الصلاة والسلام عندما مات تعفنت جثته فقامت الكلاب والخنازير بالتهام الجثة العفنة .
    وقد نجم عن هذه المقالة المنحطة أن تشبع بها بعض الرهبان فظهرت حركة في قرطبة في منتصف القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي ، يقوم أفرادها بسب النبي عليه الصلاة والسلام علناً فيؤخذ أفرادها إلى القاضي فيكررون السب والشتم للنبي عليه الصلاة والسلام، الأمر الذي أدى إلى إصدار حكم الإعدام على عدد منهم ، تذكر المصادر الأسبانية أن عددهم يبلغ زهاء 50 شخصاً ، وسمَّت تلك المصادر تلك الحركة بحركة الاستشهاد في قرطبة وبدأت تلك الحركة براهب يُدعى بيرفكتوس الذي ذهب إلى السوق فسأله بعض عامة المسلمين عن رأي النصارى في المسيح ومحمد عليهما الصلاة والسلام فرد قائلاً بألوهية المسيح ووصف محمداً عليه الصلاة والسلام بتلك الصفات الواردة في المقالة الأسبانية ، فقبضوا عليه وأخذوه إلى القاضي فأصر على موقفه فصدر الحكم بقتله . وقد سار على منواله عدد من الرهبان ، منهم بول الفارو، وأولوخيو أسقف طليطلة الأسمي . وأولوخيو كتب رواية عن هذه الحركة وسبّ النبي عليه الصلاة والسلام فحُكمَ عليه بالأعدام سنة 245هـ / 859 م . وبول الفارو هو الذي كتب سيرة أولوخيو بعد مقتله . والاثنان اعتقدا بأن ظهور الإسلام وانتشاره إنما هو الإعداد النهائي لظهور المسيح الدجال ، أو هو الدجال نفسه . ومما أورده أولوخيو في روايته لتلك الحركة أن ثلاثة من الرهبان الأسبان هم جورجيوس، وأورليوس ، وناثاليا كتبا نصاً عن الأم المسيح . وقد احتوى النص على هجوم متعصب حاقد على الإسلام ونبي الإسلام عليه الصلاة والسلام فوصف الإسلام بأنه " العقيدة الضالة ، وخدعة الشيطان الماكرة وأن الإسماعيليين [أي العرب أبناء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام] يُجِّلون نبيّاً كاذباً ، صدَّقوا أنه من خلاله يكون طريق الخلاص ، وأن نبي المسلمين إنما هو ـ بزعمهم ـ غادر بطبعه ومؤمن بأبليس ، وهو وكيل المسيح الدجال ، والمستنقع لكل الرذائل ، والذي سوف يُلقى به في جهنم ، ومن خلال تعاليمه العقيمة كتب على أتباعه عذاب النار السرمدي ، وأن الذي تراءى له في هيئة ملاك إنما هو الشيطان " . ولا شك أن هذه الحركة الحاقدة المتعصبة في قرطبة وما صاحبها من كتابات الرهبان المقيتة قد أسهمت بدور كبير في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين في أوروبا طوال العصور الوسطى وإلى اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية .

    أما المشروع الكلوني : - فهو الذي أعدَّ كل المواد اللازمة لغرس تلك العقيدة الباطلة في العقل الغربي وأحكم معظم جوانبها لتستمر قائمة إلى العصر الحاضر .
    وهذا المشروع الذي يعتبره بعض الباحثين الغربيين بأنه : المشروع الغربي العالمي الأول لدراسة الإسلام ، إنما هو في حقيقته المشروع الغربي الأكبر لتشويه صورة الإسلام ، الذي حدث سنة 537هـ / 1143 م .
    ويُنسب هذا المشروع إلى دير كلوني في جنوب فرنسا الذي تأسس سنة 297هـ/910م ومنه انبثقت حركة لإصلاح الحياة الرهبانية عُرفت في التاريخ الأوربي باسم حركة الإصلاح الكلونية التي لم تلبث أن أسهمت في تقوية الجهاز الكنسي في الغرب الأوربي ونال دير كلوني منزلة الحصانة تحت الحماية المباشرة للبابا في روما ، والحق المطلق في أن ينشئ أديرة أخرى تابعة لهُ ، وخلال القرنين التاليين من تأسيسه نال دير كلوني تأثيراً كبيراً وثروة ضخمة ، وأصبح في الواقع عاصمة للامبراطورية الديرية حيث يتبعه أكثر من ستمائة دير ، وعشرات الآلاف من الرهبان في كل مكان من العالم الغربي النصراني . وأصبح رهبان ديركلوني بابوات وكرادلة وكثير من رؤسائه كانوا مستشارين للاباطرة والملوك . ومن أشهر رهبان دير كلوني الذين وصلوا إلى منصب البابوية ، البابا جريجوري السابع ، وتلميذه البابا أوربان الثاني الذي أطلق الحروب الصليبية ضد المسلمين .

    وفي سنة 516 هـ / 1122هـ تم اختيار رئيس جديد لدير كلوني هو الراهب بيير موريس دي مونتبوسيير ، الذي أطلق عليه معاصروه لقب بطرس المكّرم . وقد أمضى سنواته الأولى في تدعيم سلطة الدير ومكانته . وفي سنة 536 هـ / 1142 م قام برحلة إلى شمال الأندلس لزيارة الأديرة الكلونية في تلك البلاد . وهناك علم من بعض المترجمين بوجود رسالة لنصراني شرقي تدافع عن النصرانية وتهاجم الإسلام مكتوبة باللغة العربية ، وعرف منهم مضمونها ، فقرر القيام بمشروع ترجمتها وترجمة القرآن الكريم وبعض المصنفات الأخرى إلى اللاتينية بهدف دحض الإسلام والرد عليه .

    عاد بطرس المكّرم إلى دير كلوني في فرنسا بعد أن اتفق مع خمسة مترجمين للقيام بالعمل لديه وبيّن لهم أهدافه من المشروع وأجزل لهم العطاء لتنفيذه .ونقدم الآن لمحة مختصرة جداً عن أخطر ترجمتين في المشروع والأثر الذي أحدثته في صياغة تلك العقيدة الغربية عن الإسلام ونبي الإسلام عليه الصلاة والسلام .

    1- ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية . وهي احدى الترجمات الخمس التي أصبحت تُعرف في أوربا بإسم المجموعة الطليطلية . وقام بهذه الترجمة مترجم انجليزي يسمى روبرت أوف كيتون كان قد استقر في برشلونة في الأندلس منذ سنة 530 هـ / 1136 م وأتقن العربية واهتم بالمؤلفات العربية في علم الفلك والهندسة وقد عَلِمَ روبرت أوف كيتون من بطرس المكرم أن هدفه تعريف الغرب النصراني بالإسلام الذي يعتبره هرطقة من الهرطقات الكبرى التي هددت النصرانية ، وأن بطرس المكرم ينوي الرد على الإسلام ، لذلك قام روبرت أوف كيتون بترجمة خاطئة مغرضة لمعاني القرآن الكريم، كان لها تأثير سئ في صياغة تلك العقيدة الغربية الحاقدة تجاه الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام .
    وتتضح أهداف روبرت أوف كيتون المبنية على أهداف بطرس المكرم من ما جاء في مقدمته لتلك الترجمة ، حيث صدَّرها بمقدمة طنّانه سمّاها ( تمهيد عن الخرافة الإسلامية المسماة بالقرآن ) ومما قاله في مقدمته :" .... أنا كشفت عن شريعة محمد بيديّ وجلبتها إلى خزينة اللغة الرومانية ، الأمر الذي سوف يساعد رسالة المسيح المخلّص على الانتشار وتخليص الجنس البشري من هذا الإثم ـ الإسلام ـ ... ذلك أن دكاترة الكنيسة أهملوا تلك الهرطقه الكبرى ـ يقصد الإسلام ـ لتصل وتصعد إلى شئ ضخم جداً ومفرط لمدة خمسمائة وسبع وثلاثين سنة ، لأنها مهلكة وضارة ، بسبب أن الزهرة من تلك العقيدة المتعصبة الفاسدة ، مجرد غطاء فوق عقرب ، تحول دون أن تلفت الأنتباه إليه ، وتُحطِّم بالخداع قانون الدين المسيحي .... " إلى أن يقول مخاطباً بطرس المكرَّم :" ولذلك قمت بالعمل معك لما علمت أن نفسك مجتهدة في سبيل كل شيء صالح ، وأنك تتوق إلى ردم المستتنقع غير الخصب للعقيدة الإسلامية .. لذلك أنا كشفت عن السُّبل والوسائل ـ بكل جهدي ـ للوصول إلى ذلك .... وهكذا أنا أحضرت الخشب والحجارة اللازمة لعمارتك الجميلة التي يجب أن تنتصب فوق الجميع خالدة . أنا كشفت الغطاء عن دخّان محمد الذي يجب أن يُخمد بواسطة منفاخك " .
    وقام روبرت أوف كيتون في ترجمته لمعاني القرآن الكريم بإعادة ترتيب السور وعمد إلى الاختصار والتشويه المتعمَّد والحذف والإضافة، وإضفاء الطابع اللاتيني على المعاني، مما أعطى صورة بشعة لمعاني القرآن الكريم .
    ومن أمثلة الفساد والتشويه في تلك الترجمة مايلي :
    ?أ- أعطى معنىً غامضاً لخطاب يا أهل الكتاب وجعله يبدو في معظم الأحيان وكأنه موجه إلى المسلمين .
    ?ب- أضفى على كل الآيات المتعلقة بأحكام الزواج والطلاق معاني جنسية داعرة بحيث تبدو للقارئ الغربي لاسيما الرهبان مثيرة للاشمئزاز والنفور . مثل :
    ?ج- الآية 230 من سورة البقرة ; فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ; ترجمها " فلا تحل له حتى يطأها رجل غيره " .
    ?د- الآية 220 من سورة البقرة ; .... ويسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم في الدين ترجم تخالطوهم بمعنى تمارسوا معهم اللواط .
    ?ه- الآية 223 من سورة البقرة ; نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ; ترجمها بمعنى " فأتوهن في أدبارهن " .
    ?و- الآية 50 من سورة الأحزاب ; يا أيها النبي إنا احللنا لك أزواجك .. الآية ; ترجمها هكذا " نحن نجيز لك أزواجك اللائي أتيتهن مهورهن ، وجميع إيمائك اللائي أعطاكهن الله ، وبنات عمك ، وبنات عماتك ، وبنات خالك وبنات خالاتك ، اللائي اتبعنك ، وكل امرأة مؤمنة إذا هي ترغب أن تقدّم جسدها أو نفسها للرسول ، وإذا الرسول يرغب أن يضطجع معها فليفعل ، وهذا خاص لك وليس للمؤمنين الآخرين " .
    وهذا قليل من كثير مما في تلك الترجمة من تشويه متعمَّد .
    هذه الترجمة المشوهة لمعاني القرآن الكريم التي قام بها روبرت أوف كيتون لحساب بطرس المكرم سنة 537 هـ / 1143 م هي أول ترجمة عرفتها أوربا وأحدثت تأثيراً واسعاً على الفهم الأوربي المشوه للإسلام حتى القرن الثامن عشر ، فقد ظلت تنتشر مخطوطاتها حتى قام عالمان سويسريان بطباعتها في بازل سنة 949هـ / 1543م . وعن هذه الترجمة اللاتينية قام أريفابيني الإيطالي بترجمتها إلى الإيطالية سنة 953هـ/1547م . وعن هذه الترجمة الإيطالية قام سالمون اشفجر بترجمتها إلى الألمانية سنة 1025هـ/1616م وعن هذه الترجمة الألمانية تُرجمت إلى الهولندية سنة 1051هـ / 1641م .
    2- رسالة النصراني الشرقي : وهي الأخيرة في المجموعة الطليطلية ، وتُعرف باسم: الرسالة الإسلامية والجواب المسيحي . وهي التي أحدثت المشروع الكلوني برمته . وهي عبارة عن رسالة وجواب على الرسالة . الرسالة مرسلة من رجل مسلم يُدعى عبدالله بن إسماعيل الهاشمي إلى صديق له نصراني يدعى عبد المسيح بن إسحاق الكندي ، وقد صيغت رسالة الهاشمي المزعومة بحيث يبدو قريباً للخليفة المأمون ، بينما صيغ الجواب وكأن الكندي المزعوم يعمل في بلاط الخليفة نفسه . ومن الواضح أن كلا الاأسمين مستعاران وأن كاتب النصين عالم عربي نصراني عاش في العراق في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي ، والراجح أنه الطبيب والفيلسوف النصراني يحيى بن عدي المتوفي سنة 364هـ / 975م. ولا نجد لهذه المصنفة ذكراً في المصادر الإسلامية إلا عند البيروني المتوفي سنة 440هـ / 1048م الذي اقتبس منها نصاً في حديثه عن الصابئة .
    وقد كلّف بطرس المكرم اثنين من المترجمين بترجمة هذا النص هما بطرس الطليطلي ، وبطرس أوف بواتييه . وقد صاغ يحيى بن عدي رسالة الهاشمي المزعوم في نحو عشرين صفحة ، بحيث بدأ بالسلام والرحمة على صديقه النصراني ، زاعماً أن ذلك سنة النبي عليه الصلاة والسلام في مخاطبته للناس بما فيهم النصارى ثم يبدي الهاشمي المزعوم تعبيرات مختلفة من الاحترام لصديقه والإشارة إلى النسب الأصيل للكندي ، والإشاده بتقواه وثقافته ومعرفته ، ويدعوه إلى اعتناق الإسلام الذي هو دين الحنيفية ، دين أبيهما الأول ابراهيم عليه السلام ، وهو التوحيد الخالص لله تعالى ، ثم يعرض أركان الإسلام الخمسة ، والجهاد ، ويسهب في ذكر نعيم الجنة لاغراء صديقه النصراني باعتناق الإسلام. وأنه إذا اعتنق الإسلام يمكنه الزواج بأربع زوجات ويطلق متى يشاء ويملك من الجواري ما يشاء ، ويحصل على ترقية في بلاط الخليفة وفي النهاية يعرض على صديقه أن يجيبه بكل صراحة على عرضه وأن يقول ما يحلو له في الدفاع عن دينه ويحثه على التخلي عن عبادة الثالوث .
    وقد أجاب يحى بن عدي على رسالته التي جعلها على لسان الهاشمي ، بجوابه الذي جعله على لسان الكندي في 140 صفحة ، أي أكبر بسبع مرات من رسالة الهاشمي ، بحيث يترك جوابه الانطباع لدى القارئ النصراني أنه نال الغلبة والقهر بالحجة والبرهان . ومن الواضح أن يحيى بن عدي كتب هذا الكتاب حين ازداد دخول النصارى في الإسلام في القرن الرابع الهجري ، وكان هدفه منه تحصين أهل الذمة من النصارى لمنعهم من اعتناق الإسلام وإقناعهم بان دينهم هو الدين الصحيح .
    ويبدأ يحيى بن عدي جوابه على لسان الكندي المزعوم بالعرفان بالجميل لصديقه الهاشمي والدعاء للخليفة المأمون . ثم يدافع عن عقيدة الثالوث ، ويزعم أن عقيدة الحنيفية التي يدعو إليها الهاشمي التي كان عليها إبراهيم عليه السلام إنما هي عبادة الأصنام ، حيث يزعم أن إبراهيم ظل يعبدها لمدة سبعين سنة في حرّان مع آبائه .

    ويحاول بأسلوب فلسفي تفنيد عقيدة التوحيد ، ثم يوجه هجومه على النبي عليه الصلاة والسلام، ويتهمه بأنه تطلّع إلى المُلك ، ولما كان يعرف أن نفوس قريش تأبى أن يصبح ملكاً عليها ادّعى النبوة للوصول إلى هدفه . ولا يتحدث جواب الكندي المزعوم عن دعوة النبي عليه الصلاة والسلام في مكة ، وإنما ينتقل فجأة إلى المدينة حيث يزعم أن النبي عليه الصلاة والسلام اغتصب مربد غلاميين يتيمين وبنى عليه مسجده ، وأنه اصطحب قوماً فراغاً لاعمل لهم وبدأ في شن الغارات وممارسة النهب والسلب وقطع الطريق وإخافة السبيل ، ويتهم النبي عليه الصلاة والسلام أنه أمر باغتيال بعض الآمنين في بيوتهم ، ثم يشير إلى جروح النبي عليه الصلاة والسلام يوم أحد ، ويرى أنه لو كان رسولاً لمنعه الله من الضرر ، ثم يزعم أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن له هم إلا امرأة جميلة يتزوجها ، ويتهمه بالاستخفاف بالله في محاباة زوجاته ويكرر حديث الإفك عن عائشة رضي الله عنها .
    وبعد ذلك يثير جواب الكندي المزعوم موضوع النبوة وعلاماتها ويزعم أن شروط النبوة لا تتوافر في محمد عليه الصلاة والسلام. ويزعم أن أهم علامات النبوة هي المعجزات ، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يأت بشيء منها ، وأنه أنكر أنه يستطيع أن يأت بآية كما جاء في القرآن ، وأنه لا دليل لدى محمد عليه الصلاة والسلام على رسالة الاهية ويزعم أن الإسلام انتشر بحد السيف ، وأن نجاح الفتوح الإسلامية ليس دليلاً على إعجاز إلاهي ، لأنها يمكن أن تكون وسيلة من الله لمعاقبة الناس المذنبين ، ويزعم أن النصرانية انتشرت بالتبشير واستشهاد الحواريين بينما الإسلام انتشر بالقهر والسيف ، ويزعم أن لغة القرآن ليست معجزة ، ويعتبر لغة الشاعر امرئ القيس أقوى من لغة القرآن . ويزعم جواب الكندي أن الإغراء المادي والوعد بالملذات الحسية في جنة شهوانية هو الذي أغرى العرب المحرومين أن ينضموا إلى الإسلام وجيوشه ، وأن جيوش المسلمين كانت مليئة بالمنافقين الذين انضموا إليها طلباً للغنائم .
    ثم يهاجم شعائر الإسلام ، ويعتبر الحج عملاً من أعمال الوثنية ، ويرى أن الجهاد في سبيل الله إنما هو عمل الشيطان . ويزعم أن محمدا ًعليه الصلاة والسلام لم يكن يهدف مثلما هدف المسيح عليه السلام إلى أن يخلّص ويهذب الإنسان ، وإنما هدف إلى ما هدف إليه الفاتحون الآخرون وهو أن يوسع مملكته . ويزعم أن النصرانية هي الصراط المستقيم المذكور في سورة الفاتحة . ويزعم أن الشرائع ثلاث : شريعة الكمال الإلهي وهي التي جاء بها المسيح عليه السلام ، وشريعة العدل وهي التي جاء بها موسى عليه السلام ، وشريعة الشيطان وهي التي جاء بها ـ بزعمه الكاذب ـ محمد عليه الصلاة والسلام .
    ويزعم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتلقى من راهب طُرد من الكنيسة وذهب إلى إلى تهامة واسمه سرجيوس ، وتسمى عند محمد عليه الصلاة والسلام بإسم نسطوريوس وأنه هو الذي كان يسميه النبي عليه الصلاة والسلام جبريل أو الروح القدس .
    وقال هذا النصراني في جوابه عن النبي عليه الصلاة والسلام ما نصه : ( فإنا لم نره دعا الناس إلا بالسيف وبالسلب والسبي والإخراج من الديار ولم نسمع برجل غيره جاء فقال من لم يقر بنبوتي وإني رسول رب العالمين ضربته بالسيف وسلبت بيته وسبيت ذريته من غير حجة ولا برهان ) وزعم ـ زوراً وبهتاناً ـ أن النبي عليه الصلاة والسلام أجبر الناس على قبول القرآن : ( وقال من لا يقبل كتابي هذا ويقول إنه مُنزَّل من عند الله وأني نبي مرسل قتلته وسلبته ماله وسبيت ذريته واستبحت حريمه ) .
    وزعم النصراني أن عبد الله بن سلاّم وكعب الأحبار عمدا إلى ما في يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه من القرآن بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وأدخلا فيه أخبار التوراة وأحكامها وزادا وأنقصَّا منه وسخر من عملية جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه ، وزعم أنه وقع فيه التحريف والتبديل ، وأن الحجاج بن يوسف الثقفي جمع المصاحف وأسقط منها أشياء كثيرة عن بني أمية ، وذكر كلاماً كثيراً ملفقاً في هذا الموضوع وختم جوابه بدعوة الهاشمي المزعوم لاعتناق النصرانية.

    هذه الترجمة الرئيسة في المشروع الكلوني نالت في الغرب شعبية هائلة وأصبحت بمثابة انجيل المنصرين والمستشرقين منذ ترجمتها وإلى اليوم حيث اعتبروها أفضل دفاع عن النصرانية وأقوى هجوم على الإسلام .

    وهناك ثلاث مصنفات أخرى تُرجمت في المشروع الكلوني هي ( نشؤ محمد ) و ( عقيدة محمد ) و ( الأحاديث الإسلامية ) ولكن لم يكن لها تأثير يضاهي تأثير رسالة الكندي المزعوم والترجمة الخاطئة والمغرضة لمعاني القرآن الكريم من جانب روبرت أوف كيتون .
    وبعد أن انتهى بطرس المكرم من ترجمة مشروعه الآنف الذكر قام بتأليف ردين على الإسلام هما :

    (1) المجمل الكامل عن الهرطقة الإسلامية
    (2) الدحض وقسمه إلى كتابين كل كتاب مكون من فصلين وكلاهما كتبه باللاتينية .

    وكان هدف بطرس المكرم من تأليف رديه أن يغرس في قلوب النصارى موقفاً معادياً للإسلام .وسوف أعرض هنا مقتطفات مختصرة من مجمل بطرس المكرم للتدليل على هدفه هذا . بعد أن عرض بتهكم مشاهد يوم القيامة التي انفرد بها القرآن ولا توجد عندهم في كتبهم المقدسة قال :" إلى هذا الحد الفعلي Mahumet (محمد) القذر الشرير علّم أتباعه إنكار جميع أسرار الدين المسيحي ، وحكم تقريباً على ثلث الجنس البشري بعدم معرفة يوم الدينونة للرب ، بواسطة حكايات مجنونه يهذي بما لم يُسمع بمثلها استجابة لأبليس والهلاك السرمدي ". ثم يقدِّم في مجمله مختصراً مشوهاً لسيرة النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يقول :"هكذا كان Mahumet (محمد) ناشطاً جداً في الشؤون العالمية ، وذكي إلى أبعد حد ، هو انبثق من الأصل الوضيع والفقر إلى الغنى والشهرة ، ونهض بنفسه إلى أعلى شيئاً فشيئاً ، وتكراراً هاجم كل أولئك الذين كانوا بجواره، وكان بشكل بارز يضم إليه الأقرباء بالخداع ، والسلب ، والغزوات ، قاتلاً أي شخص غيلة إن استطاع ، هو ازداد رعباً بواسطة اسمه ، وفي الوقت المناسب وصل إلى القمة بالنزاعات . ثم بدأ يطمح إلى منصب الملك على شعبه ، ولما كان يدرك أنه لا يستطيع أن يحقق هذه الرغبة بسبب أصله الوضيع . قرَّر أن يصبح ملكاً عن طريق السيف ، وتحت قناع الدين وبواسطة الإسم رسول الله". ثم يتناول في مجمله القرآن ويرفض بشدة نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ويزعم أن القرآن له مصادر هي : إبليس ، وسرجيوس ( نسطوريوس ) وبحيرا ... الخ ) إلى أن يقول ما نصه :" هكذا عُلِّم محمد من جانب أحسن علماء اللاهوت البارزين ، والمتهرطقين ، فانتجوا قرآنه ، ونسجوا معاً ، في ذلك الشكل غير الفصيح ، له كتاباً مقدساً شيطانياً ، صُنِّف على حد سواء من الخرافات اليهودية والأغاني العابثة للهراطقة ، كاذباً أن هذه المجموعة جُلبت إليه سورة وراء سورة بواسطة جبريل ، الذي اسمه هو عرفه من الكتاب المقدس في ذلك الوقت ، هو أفسد بسم مهلك ذلك الشعب الذي لم يعرف الرب ، وفي سلوك هذا المفُسد أن جعل في حواف القدح المملوء بالعسل السم المهلك الذي يتسرب معه ، هو ( محمد ) حطَّم ، واحسرتاه ، الأرواح والأجساد لذلك الشعب البائس ، ذلك الرجل ، أثنى على الشريعة المسيحية واليهودية ، والشرير مع ذلك يقتبس منها ويرفضها في الوقت نفسه" .
    وبعد ذلك يتناول بطرس المكرَّم ، الجنة والنار ، والتعاليم الأخلاقية ويهاجم التصوير القراني للجنة والنار فيقول:"محمد يصف عذاب جهنم كأنها تسرهُ حتى يصفها ، وكأنه كان ملائماً لرسول زائف كبير أن يخترع تلك الأوصاف . وهو يصور جنة ليست من مجتمع ملائكي ، ولا من تجلى الرب ، ولا من ذلك الخير الأعلى ، الذي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ... بل في هذه الطريقة هو وصفها مثلما هو رغبها أن تكون معدَّة لنفسه ، هو يعد أتباعه هناك بالأكل من اللحم ، وكل أنواع الثمرات ، هناك أنهار من اللبن والعسل والمياه المتدفقة . هناك العناق والإشباع الشهواني من النساء العذارى الأجمل ، فيها أشياء كثيرة ، جنته كلها حسية". ثم يتناول بطرس المكرم تعدد الزوجات في الإسلام باعتباره عملاً من أعمال الزنى وفق المنظور الرهباني دون أن يعلم أن المجتمع الغربي من بعده ، في العصور الحديثه ، سيصل إلى ممارسة الزنى علناً في الشوارع وعلى الأرصفه بسبب تلك الرهبانية المصادمة للفطرة البشرية التي فرضها رجال الدين على المجتمع الغربي طوال العصور الوسطى .
    ثم يعود بطرس المبجل للهجوم البذئ على النبي عليه الصلاة والسلام فيقول :" وبالإضافة إلى كل هذه الأشياء ، هو استطاع أن يجتذب إليه الرغبات الشهوانية للرجال ، حيث أطلق لهم الأعنة للنهم والتلوث هو نفسه كان له في ذات الوقت ستة عشر زوجة ... مقترفاً الزنى كأنه شرط بواسطة الأمر الإلهي ، وبذلك أضاف إلى نفسه عدداً ضخماً من الناس المحكوم عليهم بالهلاك السرمدي".
    وبالمقارنة اتضح أن مجمل بطرس المكرم ودحضه قد اعتمد فيهما على رسالة الكندي المزعوم حيث نسج على منوالها . وأصبح هذان الردان ضمن المشروع الكلوني الذي غدا في متناول الرهبان المتعصبين للاعتماد عليه في كتاباتهم العدائية ضد الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام .
    فهذا وليم الصوري أسقف صور الذي عاصر الحروب الصليبية حتى عصر صلاح الدين الأيوبي وأرّخ للمملكة الصليبية في بلاد الشام وعلاقتها بالمسلمين بدأ حديثه في تاريخه عن النبي عليه الصلاة والسلام فقال ما نصه :" في زمن الامبراطور هرقل ، وطبقاً للروايات والتواريخ الشرقية حققت معتقدات محمد الضارة ـ بزعمه الباطل ـ موطئ قدم راسخ لها في الشرق ، وهذا هو أول أبناء الشيطان المعُلِن بالكذب أنه رسول مرسل من الله ، وبذلك أضل بلدان الشرق خصوصاً بلاد العرب . والبذرة السَّامة التي زرعها اخترقت إلى حد بعيد المناطق التي استخدم فيها خلفاؤه السيف والعنف بدلاً من التبشير والنصح ، لاجبار الناس ، مهما كانوا خاضعين ، ليعتنقوا المعتقدات الخاطئة للرسول ".

    أما جاكيوس دي فتري اسقف عكا الذي شارك في الحملة الصليبية الخامسة 614-618هـ / 1217-1221م فقال ما نصه :" إن محمداً أخذ جيرانه الذين كان يحسدهم في الخفاء ، وذبحهم بغدر ".

    أما سان بدرو باسكوال وهو راهب أسباني عاش في القرن السابع الهجري /13م والمتوفى سنة 700هـ/1300م فقد كتب عدة كتب ضد المسلين ومنها كتاب أطلق عليه الفرقة المحمدية فقال فيه مانصه :" ما الذي جاء به محمد غير الفسوق والسلب ، القرآن على حد سواء وبتناقض أمر بالسبب والحرب ، والحديث أكدّ هذا ، حيث وُعِدَ المسلمون بمكافأة ضخمة من أجل الموت في الحرب ، وأن جروحهم سوف تكون جميلة يوم البعث ، ذلك أن محمداً أمر بأن الناس من غير المسلمين يجب أن يُقتلوا بواسطة الجهاد ، وتُغتصب نساؤهم ويؤخذن سبايا مع الأطفال ، وخيراتهم تُنهب وبلادهم تُحتل ". وقد زعم سان بدرو باسكوال هذا أن محمداً عليه الصلاة والسلام ، أثنى ذات مرة على آلهة الوثنيين في آيات زعم أن المسلمين يسمونها الآيات الشيطانية . ومن عجب أن قول سان بدرو باسكوال هذا ، كان هو الذي أوحي للمرتد البريطاني سلمان رشدي بعنوان روايته [ الآيات الشيطانية ] ، كما أن باسكوال وفندينزو وريكولدو وغيرهم من كتّاب العصور الوسطى كانوا المصدر الرئيس لرواية سلمان رشدي ، بل هي مسروقة بالكامل من تلك الكتابات الوسيطة .

    لقد اخترع سان بدور باسكوال قصصاً وأساطير عجيبة تناول فيها جوانب من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ونزول الوحي عليه وموقف خديجة رضي الله عنها فمثلاً غزوة بدر يقدمها بهذا الشكل الملفق :" اصطحب محمد عصابة من اللصوص ، وبعد ذلك سمع أن تجاراً كثيرين من مكة كانوا يقتربون من تلك المدينة من مناطق أخرى في طابور عظيم من البهائم المحملة بالأثقال ، هو أختبأ في مكمن مع أصحابه وقتل سبعين من التجار وسائقي البغال من أهل مكة ، وأخذ أكثر من سبعين أسيراً ، ونهبوا القافلة بالكامل ".
    وعن قصة نزول الوحي على النبي عليه الصلاة والسلام يورد رواية مشوهة ويزعم أن النبي عليه الصلاة والسلام تلبسَّه الشيطان ، ويسب خديجة رضي الله عنها التي صدقته ويقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام ما نصه :" في الواقع أنا أقول لك يا محمد إن هذا الذي فعلته ليس نبوة ، بل إنك قلت أشياء معينة مثلما تعوَّد العّرافون اليوم أن يقولونها عن طريق استحضار العفاريت بأي أسلوب ، فهذا لن يكون مدهشاً لأنه سيوجد عرَّافون كثيرون في العالم يقولون حقائق قليلة وكذب كثير " وكتابات سان بدرو باسكوال عن الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام تتصف بالاختلاق والسفه فمثلاً عند حديثه عن وفاة النبي عليه الصلاة والسلام قال ما نصه :" إن محمداً عندما أوشك أن يموت حاول أن يعمِّد نفسه ـ أي يتنصَّر ـ لكن الشياطين منعته ".

    أما الراهب الإيطالي فيدينزو أوف بافيا الذي جاء إلى بلاد الشام في النصف الثاني من القرن السابع الهجري / النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي فقد كتب وصفاً مختصراً مختلقاً لتشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام عند القراء الغربيين ومما قاله :" إن محمداً جمع حوله عبيداً آبقين ، ورجالاً مؤذين مرتشين ومضطهدين للاخرين ، من أصناف مختلفة ، وعندما أطاعوه وأصبح أميرهم ، أرسلهم إلى غابة ذات طرق فرعية وإلى قمم الجبال ، وأخذوا يغيرون على الطرق التي يتردد عليها المسافرون ، فيسلبون الناس ، وينهبون بضائعهم ويقتلون كل من يُبدي مقاومة . وحل الخوف من محمد وأصحابه بجميع الناس الذين يقطنون بتلك البلاد ". وهذا الراهب فيدينزو أحد الكتّاب الغربيين الذين تلقّفوا القصة المختلقة على النبي عليه الصلاة والسلام وزينب بنت جحش رضي الله عنها ، التي اخترعها يوحنا الدمشقي وصاغوها بشكل داعر ، ومما قاله فيدينزوما نصه :" كان هناك رجل معروف يُدعى سايدوس ـ زيد ـ وكان له زوجة تُدعى سيبيب ـ زينب ـ كانت من أجمل النساء الجميلات اللائي عشن على الأرض في أيامها ، فسمع محمد بشهرة جمالها ، واشتعل بالرغبة فيها ، وأراد أن يراها ، فجاء إلى منزل المرأة في غياب زوجها ، وسأل عن زوجها . هي قالت : يارسول الله ، ما ذا تريد ، لماذا أنت هنا ؟ زوجي ذهب إلى الخارج في العمل . هذا لم يكن مخفياً عن زوجها ، هو عندما عاد إلى بيته ، قال لزوجته : هل كان رسول الله هنا ؟ هي أجابت : هو كان هنا ، هو قال هل رأى وجهك ؟ هي أجابت : نعم هو رآه ، وهو أيضاً سهّرني وقتاً طويلاً ، هو قال لها : أنا لا أستطيع أن أعيش معك وقتاً أطول من هذا ... ".

    ومن الرهبان المنصرين الذين كتبوا عن الإسلام ، ريكولدو أوف مونت كروس المتوفي سنة 720هـ / 1320 م وقد جاء إلى عكا سنة 688 هـ / 1289م وانتقل منها إلى آسيا الصغرى ومنها إلى الشرق حيث وصل إلى مراغة في رحلة تنصيرية ثم جاء إلى الموصل وإلى بغداد . ثم عاد إلى دير مونت كروس وصنّف عدة كتب يهاجم فيها الإسلام منها كتاب سماه [ دحض القرآن ] ومما قاله :" إن الإسلام مجرد خدعة شيطانية ابتدعها الشيطان كي يمهد الطريق لمجئ المسيح الدجّال ، وذلك حين شعر الشيطان بعدم قدرته على إيقاف انتشار النصرانية ، وأن الوثنيات بدأت تتهاوى أمام النصرانية ، وأنه ليس في مقدوره دحض شريعة موسى وانجيل عيسى ، فابتدع الشيطان ذلك الدين ليكون وسطاً بين النصرانية واليهودية ... والقرآن ليس قانون الله ، نظراً لأن أسلوبه لا يطابق الأسلوب الإلهي ، الذي لا يوجد فيه سجع ولا عبارات موزونة كتلك التي جاءت في الكتب المقدسة ".
    والحق أن القرنين السابع والثامن الهجريين / الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين ، قد شهدا حملة فكرية عدوانية شرسة ضد الإسلام ونبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام من جانب مئات الكتّاب الغربيين من الرهبان والمنصرين والحجاج الذين زاروا الديار المقدسة في بلاد الشام ، وهي حملة عدائية تضاهي في ضخامتها العدوان الفكري الحالي الذي نشهده في وسائل الإعلام الغربية . ويتضح أحد أهداف تلك الحملة السابقة مما كتبه أحد أعضائها وهو روبرت هالكوت الذي كتب سنة 741هـ / 1340 م يقول :" إنه لن يكون سهلاً أن ننشر تعاليم المسيح بين المسلمين إلا عن طريق تحطيم وشجب شريعة محمد ".

    ويتضح توطُّد وترسُّخ تلك العقيدة الغربية الباطلة تجاه الإسلام والمسلمين في الغرب ، وأنه لم يعد بمقدور أحد هناك اعتقاد سواها ما حدث سنة 762هـ / 1361 م عند ما كتب راهب بندكتي يعمل في جامعة أكسفورد ، اسمه أوثرد أوف بولدون ، مُقترحاً قال فيه :" إنه عند لحظة الموت لكل إنسان سواء كان نصرانياً ، أو مسلماً ، أو من أي دين ، فإنه ينعم بالرؤية المباشرة للرب ، ويتلقى حكمه الأبدي في ضوء استجابته لهذه التجربة" فقامت ضد الراهب أوثرد احتجاجات عنيفة من زملائه الرهبان مفادها : كيف يمكن لمسلمِ أن ينجومن الهلاك والعذاب السرمدي ؟؟؟ فاضطر الراهب أوثرد إلى سحب اقتراحه !!!

    وفي ضوء هذا العرض المختصر للعقيدة الغربية المركوزة في الفكر الغربي تجاه الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام يمكن أن نخرج بالملاحظات والحقائق التالية .

    أولاً : لانجد نظيراً لهذه العقيدة تجاه نبي من الأنبياء وأمة من الأمم إلا في عقيدة التلمود عند اليهود تجاه المسيح عليه السلام ووالدته الطاهرة مريم عليها السلام وتجاه المسيحيين . فالتلمود الذي يقدسه اليهود إلى أقصى حد " يرى بأن المسيح عيسى بن مريم موجود في لجات الجحيم بين الزفت والقطران والنار ، وأن أمه مريم أتت به من العسكري الروماني [ باندارا ] بمباشرة الزنا . ويرى التلمود أن المسيح ارتد عن اليهودية وعبد الأوثان ، وأن أتباعه النصارى وثنيون . ويذهب التلمود إلى أن المسيح كان ساحراً وثنياً ومن يتبعه من الأمم إنما هم وثنيون مثله ، وان المسيح كان مجنوناً وكافراً لا يعرف الله وان الطقوس الدينية عند النصارى إنما هي نوع من عبادة الأصنام . ويقرِّر التلمود أن الأناجيل ـ كتب النصارى المقدسة ـ إنما هي كتب الظلم والخطايا وأنه يجب على اليهود إحراقها ولو كان فيها اسم الله . وأن الكنائس النصرانية بمثابة قاذورات ، وأن الواعظين فيها أشبه بالكلاب النابحة ، وأن قتل النصارى من الأفعال التي يكافئ الله عليها ، وإذا لم يتمكن اليهودي من قتل النصارى ، فالواجب عليه أن يلعن النصارى ثلاث مرات في اليوم ، ويطلب من الله أن يبيدهم ويفنى ملوكهم وحكامهم وعلى اليهود أن يعاملوا النصارى كحيوانات دنيئة غير عاقلة .... " (1).

    ثانياً : إذ تأملنا أسباب نشأة هذه العقيدة الغربية الضالة تجاه الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام يمكن أن نستخلص بعض الأسباب الرئيسة وأهمها وهي :

    ?أ- إن اعتراف النصارى بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام وصحة القرآن وأنه الكتاب الحق المنزَّل من الله ينسف العقيدة النصرانية بكاملها من الأساس وهي التي تقوم على أساس أن المسيح هو الرّب وأنه ظل يرسل الرسل والأنبياء للدعوة إليه ، وأخيراً تجسَّد الرب بنفسه ليبلِّغ البشر برسالته الأخيرة ، وأنه قُتل وصلب ليكفرِّ عن خطايا البشر ويخلصهم الخلاص النهائي .

    ?ب- اعتقادهم بأن النصرانية هي الحق والهدى وأن ما سواها هو الكفر والضلال ، ومن هنا رفضوا الإسلام ، وحاولوا بكل ما يستطيعون إثبات أن الإسلام دين مختلق وليس وحياً من الله تعالى . ولإثبات هذا الزعم الباطل عمدوا إلى سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام ـ المرسل بهذا الدين ـ وشوهوها ، هذا فضلاً عن تعمُّد الكتاب النصارى طمس كل معالم سيرته الصحيحة وشمائله وأخلاقه وفضائله وهديه وعدم ذكر أي شيء منها، حتى لا ينجذب إليها القارئ النصراني وتجعله يفتتن بها ومن ثم يعتنق الإسلام .

    ?ج- افتراضهم المسبق أن الإسلام هرطقة ومن ثمة البحث في المصادر النصرانية والأحاديث والسِّير الموضوعة ما يثبت ويبرهن على هذا الافتراض الزائف .

    ?د- اعتقاد الرهبان ورجال الدين في العصور الوسطى أن الإسلام شكَّل خطراً داهماً على أوربا وأن عقيدته تهدد النصرانية في عقر دارها وأن جماهير النصارى قد تُقبل على اعتناقه مثلما حدث في سائر البلدان التي فتحها المسلمون لاسيما الأندلس ، ولذلك عمدوا إلى رسم صورة مشوهة ملفقة عن الإسلام كنوع من التحصين للمجتمع الغربي النصراني والحيلولة بين عامة النصارى وبين اعتناق الإسلام .

    ثالثاً :
    إن هذه العقيدة الضالة التي اكتمل بناؤها وصياغتها خلال العصور الوسطى عبرت كاملة متماسكة إلى العصور الحديثة وتبناها الكثير من الكتَّاب والرهبان والمنصرين والمستشرقين المتعصبين في العصور الحديثة لا يتسع المجال هنا لذكرهم ويكفي ما أوردناه في بداية الحديث عما تقوله وتنشره وسائل الإعلام الغربية في هذه الأيام .

    وصفوة القول : إن هذا العدوان الفكري الإعلامي على الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام من جانب رجال الدين الإنجيليين ووسائل الإعلام الغربية – الذي يُعبِّر عن عقيدة موروثة - ليس إلا وسيلة ضمن وسائل كثيرة يشملها هذا العدوان الشامل على الإسلام والمسلمين والذي يهدف إلى هدف استراتيجي رئيس ،مسخ هوية الأمة الإسلامية وتحويلها عن دينها وتدمير عقيدتها
    د . علي بن محمد عوده

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    المشاركات
    14,298
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-06-2019
    على الساعة
    07:45 PM

    افتراضي

    كل هذه الحرب لرجل جاء يقول أعبدوا الله ولا تعبدوا بشر مساوي لكم !.... عندما تصفحو السيرة النبوية ... ألم يجدو أن الرسول الكريم عرض عليه المال والجاه وحاصروه هو وقومه ومنعوا عنهم الطعام لكي يتنازل على الدين الحق فرفض .... ألم يكن لهم عقول تسأل ... لماذا رفض رسول المسلمين الجاه والمال وترك هذا الدين ؟ ها هو سيد المرسلين قد مات منذ أكثر من 13 قرن وقد بدأ هذا الدين برجل واحد والآن أصبحوا أكثر من 2000 مليون مسلم ... كيف ؟ هل هؤلاء آمنوا بحد السيف ؟ ... كيف ؟
    كذب وتدليس ... محاولين أن تتساوا الرؤوس ... فالفضيلة والشرف والكرم والطهارة وعبادة الله الواحد أمر يزلزل عروش هؤلاء الجبناء .
    فالمفروض أن رجال الدين هم الذين ينادو بالعفة والأخلاق ويرفضوا الأعتداء على الغير بالقول والفعل ... وطالما أن رجال الدين هم الذي يتطاولون على غيرهم فهذا يعني أنهم ليسو على شيء بل هم اتباع إبليس وأعوانه ..... والسبب لذلك : أين هي الفضيلة التي تنادي بها عقيدتهم ومنهجهم ؟
    فلو كان لهم منهج سليم ما أعتدوا بالقول على أي شخص مهما كان هو .

    أشكرك أخي paco لأعطائنا الفرصة لنقول كلمة حق في حق شفيعنا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. فيلم محمد خاتم الانبياء عليه الصلاة والسلام
    بواسطة eL-Farooq في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 13-11-2010, 11:23 PM
  2. يريدون محمد عليه الصلاة والسلام إلها يعبد
    بواسطة *فتاة الإسلام* في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-01-2008, 04:15 PM
  3. سيد الخلق والمرسلين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام
    بواسطة muad في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-10-2006, 07:18 AM
  4. بركليتوس القادم أو محمد عليه الصلاة والسلام ..(منقول للفائدة)
    بواسطة احمد العربى في المنتدى البشارات بالرسول صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 52
    آخر مشاركة: 11-08-2006, 06:08 PM
  5. العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام
    بواسطة paco في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-01-1970, 03:00 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام

العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام