في كتاب الفرج بعد الشدة أكثر من ثلاثين كتاباً، كلها تخبرنا أن في ذروة المدلهمات انفراجاً، وفي قمة الأزمات انبلاجاً، وأن أكثر ما تكون مكبوتاً حزيناً غارقاً في النكبة، أقرب ما تكون إلى الفتح والسهولة والخروج من هذا الضنك، وساق لنا التنوخي في كتابه الطويل الشائق، أكثر من مائتي قصة لمن نكبوا، أو حبسوا أو عزلوا، أو شردوا وطردوا، أو عذبوا وجلدوا، أو افتقروا وأملقوا، فما هي إلا أيام، فإذا طلائع الإمداد وكتائب الإسعاد وافتهم على حين يأس، وباشرتهم على حين غفلة، ساقها لهم السميع المجيب.
إن التنوخي يقول للمصابين والمنكوبين: اطمئنوا، فلقد سبقكم قوم في هذا الطريق وتقدمكم أناس:


صحب الناس قبلنا ذا الزمانا * وعناهم من شأنه ما عنانا


إذن فهذه سنة ماضية ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ))، ((وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)).
إنها قضية عادلة أن يمحص الله عباده، وأن يتعبدهم بالشدة كما تعبدهم بالرخاء، وأن يغاير عليهم الأطوار كما غاير عليهم الليل والنهار، فلم إذن التسخط والاعتراض والتذمر ((وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)).


ولو قلت لي طأ في اللظى قلت مرحباً * فجمر اللظى من أجل عينيك عسجد

****
نقلاً عن شبكة الإسلام