في الأونة الأخيرة صدرت مؤلفات كثيرة و انتجت برامج تليفزيونية لا حصر لها في مجال العلمون المختلفة من طب و فلك و علوم البحار و غير ذلك تحمل معنى ( الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ) .. بعضها واضح و مقنع و الأخر فيه تعسف في فهم و تفسير النصوص الشرعية و ربطها بالنظريات العلمية التي قد يثبت خطأها مما يعرض القرآن الكريم للإتهام بعدم المصداقية ..! لذلك نتساءل عن معنى الإعجاز و شروطه ؟.. و هل القرآن الكريم كتاب هداية فقط و يجب أن نبعد به عن العلوم الحديثة و النظريات المتغيرة ؟..
يرى الدكتور / عبد الجواد الصاوي المستشار العلمي للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن و السنة أن معظم ما يكتب الآن يعد تفسيرا علميا لمعنى الآيات الكريمة أو الأحاديث الشريفة ، و هناك خلط كبير يقع فيه الكتاب و الباحثون بل و الناقدون أيضا ، و هو المزج بين الإعجاز العلمي و الإعجاز في الخلق ، و الذي يعد تدبرا لأيات القرآن الكريم في خلق الله .
أما الإعجاز العلمي فيعني إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم الحديث التجريبي و ثبت عدم امكانية ادراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول الكريم ، صلى الله عليه و سلم ، مما يظهر لنا صدقه فيما بلغ به عن ربه سبحانه و تعالى .. و يتكون الإعجاز من أركان ثلاثة :-
1. وجود دلالة صريحة أو واضحة في النص الشرعي على ظاهرة كونية .
2. إن هذه الظاهرة الكونية حقيقة علمية مستقرة و ليست نظرية أو افتراض .
3. إن هذه الحقيقة لم تكن معلومة بكيفياتها و يستحيل ادراكها في زمن نزول الوحي على النبي ، صلى الله عليه و سلم ، و قد اكتشفت في القرون المتعاقبة بعده ، مما يدل يقينا على أنه نبي مرسل من عند الله .
.... و هذا هو الإعجاز العلمي .
و يشير د. الصاوي إلى أن هناك عدة أطر يجب أن تحكم الكتابة في الإعجاز العلمي حتى لا تخرج عن هدفها .. منها تحديد الظاهرة الكونية و تحريرها كحقيقة علمية من مصدرها الأصلي و تأريخ هذه المعرفة الإنسانية عن الظاهرة الكونية و تحديد زمن اكتشافها و القدرة على الربط بين الدلالة في النص و بين الحقيقة العلمية فيما يعرف بوجه الإعجاز العلمي .
و ينبه د . الصاوي إلى أن المؤهلين للبحث و الكتابة في هذا المجال لابد و أن يكونوا من أهل الإختصاص و أن يحيطوا علما بقواعد اللغة العربية و أصول الفقه و تفسير القرآن الكريم ، و أن يراجعوا العلماء المتخصصين في هذه المجالات .
و عن رأيه فيما يقال من أن القرآن الكريم كتاب هداية فقط و ليس كتاب طب أو فلك أو فيزياء قال د. الصاوي : إن هذه المقولة صحيحة لكن الذي يفهمها على أنها نفي للإشارات العلمية الموجودة بالقرآن الكريم إما غير قاريء و متدبر للأيات أو أنه حاقد أو جاحد !.. و إلا فما هو معنى وجود أكثر من ألف آية كريمة تتكلم عن ظواهر كونية ؟!.. و يتساءل : أوليس الإعجاز العلمي و النظر في أيات الله و التدبر في ملكوته بابا عظيما في هداية الناس إلى الله ؟!.. و كذلك اقامة الحجة على المنكرين بأن محمدا ، صلى الله عليه و سلم ، رسولا من عند الله ؛ ليهتدي الناس اليه باتباعهم هذا الدين ؟!
إن المعجزة العلمية للقرآن الكريم و السنة النبوية تعد اسلوبا جديدا و بابا فريدا للولوج إلى القلوب من خلال القناعات العقلية بالمسلمات العلمية خاصة لغير المسلمين الذين يؤمنون بلغة العصر .. العلم .. و العلم فقط !
كتبه الأخ / طارق
نقلا عن : جريدة الأهرام القاهرية 22/3/2005 ، ص 37 بتصرف بسيط .