ليه يابن آدم ? !!


سبحان الله وبحمده ، وسبحان الله العظيم ، ليس شيءٍ إلا وهو أضرع لله من بني آدم ، الكون كله بكائناته يسجد لله ويخضع ويذل وتبقى فئة من الناس صادةٌ نادةٌ نشازٌ في هذا الكون لا تستحق الحياة ، فانظر إلى تلك الحشود كما يقول [سَيِّدْ] رحمه الله :حشد من الخلائق مما يدرك الإنسان ومما لا يدرك ، وحشد من الأفلاك مما يعلم الإنسان ومما لا يعلم ، حشد من الملائكة ، حشد من الجبال والشجر والدواب ، حشد من خلق الله كلها في موكب خاشع ذليل تسجد لله وتتجه إليه لا إلى سواه في تناسق ونظام عجيب إلا هذا الإنسان يتفرق فجزء منه يتنكب الموكب نشاز لا يستحق الحياة ، ألم ترى أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ، وكثير حق عليه العذاب (ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء) ، فانظر إلى قهره وانظر إلى ذل خلقه ، كل ما في الكون يأتي خاضعاً ذليلاً ساجداً لله يدين له النجم في أفقه ، يدين له الفلك الدائر ، يدين له الفرخ في عشه ، ونسر السما الجارح الكاسر ، تدين البحار وحيتانها وماء سحاباتها القاطر، تدين له الأُسْدُ في غابها وظبي الفلا الشارد النافر ، يدين له *** في سعيه ، يدين له الزاحف والناشر ، تدين النجاد ، تدين الوهاد ، يدين له البَرُّ والفاجر ، يدين الجلي ، يدين الخفي ، يدين له الجهر والخاطر ، تدين الحياة ، يدين الوجود ، يدين المقدر والحاضر ، وكل العباد إليه رجوع وفوق العباد هو القاهر ، الشجر والحجر والمدر ، يلبي ويوحد الله مع الحاج الملبي ، ثبت في الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما من ملبٍ يلبي إلا لبى مع عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر ، حتى تنقطع الأرض منها هنا ومنها هنا ، تفاعل الكون كله مع توحيد الله عز وجل، كل كنى عن شوقه بلغاته ، ولربما أبكى الفصيح الأعجم ، بل إن الشجر ليشهد ألا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى الدارمي بإسنادٍ صحيح كما قال صاحب المشكاة ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فأقبل أعرابيٌ فلما دنا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، قال ومن يشهد على ما تقول ، قال هذه السلمة ـ حِجرة السلمة ـ فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في شاطئ الوادي فأقبلت تهز الأرض حتى قامت بين يديه ، فاستشهدها صلى الله عليه وسلم فشهدت ثلاثاً ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، ثم رجعت إلى منبتها ، إن في ذلك لآية ، وروى الترمذي أيضاً كما في الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد بما أعرف أنك نبي ، بما أعرف أنك نبي ، قال صلى الله عليه وسلم إن دعوت هذا العذق شهد أني رسول الله ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينزل العذق من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم شهد ثم قال صلى الله عليه وسلم له ارجع ، فرجع إلى مكانه ، فقال الأعرابي وأنا أشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله ، ودخل في دين الله "، ألم يمر بذهنك وأنت تعلم عبودية الشجر لله ما روى البخاري عن[ سهل بن سعد] ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها ، فاشتاقت نفسك لظل هذه الشجرة فأحسنت التعامل مع الله لتكون من أهلها بإذن الله ، وأرجو الله أن نكون جميعاً من أهلها ، الجبال والحجارة تخشى الله ، فأين الخشية والخوف من الله ، وإن منها لما يهبط من خشية الله (لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ) ، يا عجباً من مضغة لحمٍ أقسى من هذه الجبال ، تسمع آيات الله تتلى فلا تلين ولا تخشع ، من حكمة الله أن جعل لها ناراً إذا لم تلن بذكره ومواعظه فبها تلين ، فمن لم يلن قلبه في هذه الدار ولم يتب إلى الله ويخشه فليتمتع قليلاً ، فإن المرد إلى عالم الغيب والشهادة ، فنشكو إلى الله القلوب التي قست وران عليها كسب تلك المآثمِ ، من خشية المولى هوى الجبل الذي في الطور ، لانت قسوة الأحجار ، أو لم يئن وقت الخشوع فلا تغرن الحياة سوى مغرار ، الطير تصلي صلاةً لا ركوع فيها ولا سجود ، الله يعلمها ونحن لا نعلمها (والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ، ما ميزان الصلاة عند الإنسان ، إنها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ختم بها حياته ، ومع ذلك فرط فيها من فرط ، وضاع فيها من ضاع ، وذل بتركها من ذل بعد العز ، فاسمع إلى ما يقول صاحب وحي الواقع ، بعد مجزرة الأقصى في رمضان المشهود التي راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى ، تقابل مسلم ويهودي ، فقال المسلم: مهما طال بكم الزمن يا أحفاد القردة والخنازير لنخرجنكم منها أذلة وأنتم صاغرون ، وسيكون معنا الشجر والحجر في حربكم ، قال اليهودي نعم وهذا صحيح نقرأه في كتبنا ويعلمه عالمنا وجاهلنا ولكن لستم أنتم ، قال المسلم فمن هم قال هم الذين يكون عدد مصليهم في الفجر بقرد عدد المصلين في صلاة الظهر ، وصدق فإنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة وضيعها ، إن الصلاة لتدعو الله لحافظها حفظك الله كما حفظتني ، وعلى مضيعها ضيعك الله كما ضيعتني ، فلا إله إلا الله كم من ضائع ساقط لا قيمة له في تضييع الصلاة ودعاءها عليه ، إن الديك ليوقظ للصلاة ويدعو لها ويؤذن ، بل أمرنا إذا سمعنا صوته أن نسأل الله من فضله لأنه رأى ملكا ، فلا إله إلا الله ، كم من ديك هو خير من إنسان عند الله ، وهو يأكله ، فكم من مأكول هو خير من آكله ، وأنت تعلم هذا ، أقبل ببصيرتك لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح الجامع يوم قال : إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه مثنية تحت العرش وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ، سبحانك ما أعظمك ، فهل عظمت الله وقدرته حق قدره فانقدت واستسلمت وأخلصت وأنبت وانسجمت مع هذا الكون صغير وكبيره فكان حالك ومقالك : سبحانك ما أعظمك ، سبحان من لو سجدنا بالعيون له على شبا الشوك والمحمى من الإبر ، لم نبلغ العشر من معشار نعمته ولا العشير ولا عشراً من العشر ، أحبتي في الله ، الأدلة على وحدانية الله ،وأنه المستحق للعبادة لا شريك له كثيرة لا تعد ولا تحصى ولعل فيما تقدم ما يكفي لأولي الأحلام والنهى ، حمداً لك اللهم أقولها في البؤس والإيسار والإعسار، وعلى الرسول الهاشمي وآله ليلي أصلي دائباً ونهاري ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلامٌ على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

فضيلة الشيخ / علي عبد الخالق القرني


سالم