المرأة والحضارة
كثر الجدل والطعن حول تعدد الزوجات في الإسلام وزيجات النبي صلى الله عليه وسلم
وقد قرأت كثيرا ردود العلماء من مسلمين وغير مسلمين مثل الدكتور نظمي لوقا
ولكن لي وجهة نظر أحب عرضها لأنها تختلف من حيث المنطلق حيث لا أحب منطق التبرير أو الا عتذار
بداية النظرة الدونية للمرأة واحتقار شأنها واعتبارها مسئولة عن خطيئة آدم ومرادف للشيطان واعتبار الرهبنة السبيل الموصل لعلاقة جيدة مع الله نشأت مع تعاليم بولس الذي كان يقول للمرأة إنها لا بد أن ترضى بدونيتها عن الرجل لأن الله خلق آدم قبلها
(مكانة المرأة المهينة في الأناجيل).

فقد جاء في سفر الخروج " و إذا باع رجل ابنته أمةً لا تخرج كما يخرج العبيد" (الخروج 21/7) ، و في أيام القضاة اشترى بوعز جميع أملاك أليمالك و مالكليون و محلون ،و من ضمن ما اشتراه راعوث المؤابية امرأة محلون (انظر راعوث 4/9-10) ، وتقول التوراة أيضاً " فوجدت أمرّ من الموت : المرأة التي هي شباك ، و قلبها أشراك ، و يداها قيود ، الصالح قدام الله ينجو منها. أما الخاطئ فيؤخذ بها…رجلاً واحداً بين ألف وجدت ، أما امرأة فبين كل أولئك لم أجد " ( الجامعة 7/26-28 ).

و يقرن سفر اللاويين المطلقة و الأرملة بالزانية ، فيعتبرهن دناياً يحرم على الكاهن الزواج منهن (انظر اللاويين 21/10-15) كما يفرض السفر أحكاماً غاية في القسوة على المرأة حال حيضتها حتى أن مجرد مسها ينجس الماس إلى المساء كما ينجس كل من مس فراشها أو شيئاً من متاعها ( انظر اللاويين 15/19-32 ).

و في النصرانية يحمل بولس المرأة خطيئة آدم ، ثم يحتقر المرأة تبعاً لذلك فيقول :" لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع ، و لكن لست آذن للمرأة أن تعلّم ، و لا تتسلط على الرجل، بل تكون في سكوت، لأن المرأة أغويت ، فحصلت في التعدي " (تيموثاوس(1) 2/11-14) ، و يقول مؤكداً ما يكنه من ازدراء للمرأة "الرجل ليس من المرأة ، بل المرأة من الرجل ، ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة ، بل المرأة أجل الرجل " (كورنثوس(1) 11/8-9)

و منذ ألبس بولس المرأة خطيئة الأبوين ، والفكر النصراني يضطهد المرأة و يعتبرها باباً للشيطان ، و يراها مسئولة عن انحلال الأخلاق و تردي المجتمعات البشرية ، و من ذلك يقول القديس ترتليان (ق3) : " إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة لصورة الله (الرجل) "، و يقول أيضاً بعد حديثه عن دور حواء في الخطيئة الأولى:" ألستن تعلمن أن كل واحدة منكن هي حواء ؟!…أنتن المدخل الذي يلجه الشيطان..لقد دمرتن بمثل هذه السهولة الرجل صورةَ الله " . و قد أشار بولس: " يا أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب ، لأن الرجل هو رأس المرأة في كل شيء " (أفسس 5/22-24) ، و لم يبين بولس سبب هذا الامتياز للرجال. و يقول: " أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح ، و أما رأس المرأة فهو الرجل " ( كورنثوس(1) 11/3 ) .

و يقول القديس سوستام عن المرأة : " إنها شر لا بد منه ، و آفة مرغوب فيها ، و خطر على الأسرة و البيت ، و محبوبة فتاكة ، و مصيبة مطلية مموهة "، و يقول القديس جيروم (ق5) في نصيحته لامرأة طلبت منه النصح : " المرأة إذن هي ألد أعداء الرجل ، فهي المومس التي تغوي الرجل إلى هلاكه الأبدي ، لأنها حواء ، لأنها مثيرة جنسياً ".

و يتساءل القديس أوغسطين (ق 5) لماذا خلق الله النساء ؟. ثم يقول " إذا كان ما احتاجه آدم هو العشرة الطبية، فلقد كان من الأفضل كثيراً أن يتم تدبير ذلك برجلين يعيشان كصديقين بدلاً من رجل و امرأة "، ثم تبين له أن العلة من خلقها هي فقط إنجاب الأولاد ، و منه استوحى لوثر فقال: " إذا تعبت النساء أو حتى ماتت فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن في عملية الولادة ، فلقد خلقن من أجل ذلك ".

و عقدت الكنيسة مؤتمرات غريبة لبحث أمر هذا الكائن ( المرأة ) ، ففي القرن الخامس عقد مؤتمر ماكون للنظر هل للمرأة روح أم لا ؟ و قرر المؤتمر خلو المرأة عن الروح الناجية . و قال القديس جيروم: " المرأة عندما تكون صالحة تكون رجلاً ".أي شذت عن مثيلاتها الإناث فكانت مثل الرجال .

و في عام 586م عقد مؤتمر لبحث إنسانية المرأة ، ثم قرر المؤتمر بأغلبية صوت واحد بأن المرأة إنسان خلق لخدمة الرجل . و بعد ظهور البروتستانت في القرن السادس عشر عقد اللوثريون مؤتمراً في وتنبرج لبحث إنسانية المرأة .

و قد انعكست هذه الصورة القاتمة للمرأة على القوانين المدنية و التي كانت تفرض غير بعيد عن رأي القسس و الأساقفة ، فقد بقيت المرأة في القانون الإنجليزي تباع من زوجها لآخر بست بنسات ، و استمر هذا القانون سارياً حتى عام 1805م ، فيما اعتبر قانون الثورة الفرنسية المرأة قاصراً كالصبي و المجنون ، و استمر ذلك حتى عام 1938م .

و كان قمة الاضطهاد الذي تعرضت له المرأة في ظل سيطرة الكنيسة في القرن السادس عشر و السابع عشر حيث انعكست الصورة السوداوية التي تنظر بها الكنيسة إلى المرأة بظهور فكرة اجتاحت أوربا و هي وجود نساء متشيطنات أي تلبسهن روح شيطانية، فهن يعادين الله ، و يعادين المجتمع ، تقول كارن ارمسترنج في كتابها " إنجيل المرأة " : " لقد كان تعقب المتشيطنات بدعة مسيحية ، و كان ينظر إليها على أنها واحدة من أخطر أنواع الهرطقات…و من الصعب الآن معرفة عدد النساء اللائي قتلن خلال الجنون الذي استمر مائتي عام ، و إن كان بعض العلماء يؤكد أنه مات في موجات تعقب المتشيطنات بقدر ما مات في جميع الحروب الأوربية حتى عام 1914م…يبدو أن الأعداد كانت كبيرة بدرجة مفزعة " .




بالرجوع إلى أصل الخلق فإن أول علاقة إنسانية على وجه الأرض كانت علاقة زوجية ( ليست أخوية أو أبوية أو صداقة)
أول لبنة لتحقيق الخلافة في الأرض كانت أسرة(أعظم ما يقوم به الشيطان التفريق بين الزوج وزوجه)
لذا فإن الزواج أمر مهم جدي ليس هزلا
إن أي متزوج يعلم جيدا كيف أن الزواج وتكوين أسرة أبعد مايكون عن التمتع اللامسئول.
فسيولوجيا الزواج تختلف عن فسيولوجيا الشهوة (كما قال د. أحمد عكاشة الطبيب النفسي العالمي)
الاقتران بالمرأة إذا أمر فيه قربى لله أمر فيه تحقيق للغاية من خلق الإنسان وكان أول علاقة إنسانية على الأرض.
الفطرة إذا و دين الفطرة يشجع ويحث ويسعى لتذليل العقبات أمام الزواج ويعتبر أن هذا إكمال لنصف الدين، فالمرأة هنا معين للدين .
الدين الذي اعنيه هو الدين الذي يعطي طريقة للحياة في الدنيا والآخرة
الزواج وتكوين أسرة أمر يأخذ عليه المرء ثوابا كبيرا(ملاحظة : في ظل انتشار فلسفة الرهبنة في أوروبا تناقص عددهم الى النصف في القرون الوسطى ،وفي ظل أنانية الفرد وإباحة العلاقة بالمرأة خارج نطاق الزواج تشيخ اوروبا ويقل عدد المواليد الرجاء الرجوع للمراجع العلمية والتاريخية)
لذا لم يكن عجيبا أن يتزوج الأنبياء والرسل
وتزوج الأنبياء بالزوجات وعددوا
وذلك لعلمهم بأن هذا أمر مهم لعمارة الأرض ونشرالعبودية لله وحماية المرأة من الظلم.
وذلك لأن هناك دائما قابيل يقتل هابيل
لأن هناك نساء أرامل ويتامى ولا معيل لهم
الحكومة الألمانية أرسلت للأزهر تسأل عن تعدد الزوجات بعد الحرب العالمية الثانية (ارجع للمصادر التاريخية)
أما ما تلوكه الألسن عن زيجات النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم
فانهم لاينكرون زنا لوط بابنتيه كما ورد لديهم
وليس منهجي أن أقول كن أرامل ومطلقات وكبيرات ولم يكن منهن بكرا سوى واحدة ولكن منهجي هو أن الإسلام يحب المرأة ولا يعتبرها شرا بل معينة للدين ومتعلمةومعلمة للدين ومجاهدة ومستشارة وصاحبة فضل على أهلها ومربية للأطفال والأجيال وراعية لأحوال المسلمين والمسلمات
أما ما يقال عن الشهوة وغيرها فإن الزواج ليس السبيل للرجل الشهواني والمتزوجون يعلمون ذلك.


(( لقد خلقت المرأة في نظر القرآن من الجوهر الذي خلق منه الرجل ., بل (نصفه الشقيق )كما يقول الحديث النبوي ]النساء شقائق الرجال [المطابق كل المطابقة للتعاليم القرآنية التي تنص على أن الله قد خلق من كل شي زوجين. ولا يذكر التنزيل أن المرأة دفعت الرجل إلى ارتكاب الخطيئة الأصلية ,كما يقول سفر التكوين . وهكذا فان العقيدة الإسلامية لم تستخدم ألفاظا للتقليل من احترامها , كما فعل آباء الكنيسة الذين طالما اعتبروها (عميلة الشيطان) . بل إن القرآن يضفي آيات الكمال على امرأتين :امرأة فرعون ومر يم ابنة عمران أم المسيح ]عليه السلام مارسيل بوازار ... M.Poizer
مفكر , وقانوني فرنسي معاصر . أولى اهتماما كبيرا لمسألة العلاقات الدولية وحقوق الإنسان وكتب عددا من الأبحاث للمؤتمرات والدوريات المعنية بهاتين المسألتين . يعتبر كتابه (إنسانية الإسلام) , الذي انبثق عن اهتمام نفسه , علامة مضيئة في مجال الدراسات الغربية للإسلام , بما تميز به من موضوعية , وعمق , وحرص على اعتماد المراجع التي لا يأسرها التحيز والهوى . فضلا عن الكتابات الإسلامية نفسها . [