مَنِ التي الْتقطَتْ موسى مِنَ اليَمِّ ابنةُ فرعونَ أم زوجتُه؟



وردَت شبهةٌ من المعترضين مفادها: جاء في القرآنِ أنّ امرأةَ فرعونَ هي التي التقطَتْ موسى ، وهذا بعكس التوراة فقد ذكرَت أنّ المُلتقِطةَ له هي ابنةُ فرعونَ وليست زوجتَه...

ثم قالوا: أليس هذا تناقضًا من وحي الله ، أم احدهما مُحرف...؟!
الردُّ على الشبهةِ



إنّ القرآنَ الكريمَ هو القاضي على الكتبِ السابقةِ؛ ثبتَ صحتُه على مرِّ الأزمانِ فهو المُهَيْمنُ عليها؛ لم يُترجمْ، ولم يُحرَّفْ، وذلك بخلاف ما يقول كلُّ مُخرف...


يقولُ :" وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَما جاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إلى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(48) "(المائدة).


ثم إنّ القرآنَ هو الفاصلُ في الأمورِ المتنازعِ عليْها بشأنِ بَني إسرائيلَ؛ يقولُ : " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(76) "(النمل).


ويبقى السؤالُ الذي يطرحُ نفسَه هو: هل قال القرآنُ: إنّ امرأةَ فرعونَ الْتقطَتْه أم قالت لا تقتلوه فقط؟!


الجوابُ: إنّ القرآنَ لم يُخبرْ أنّ امرأةَ فرعونَ التقطَتْه بل أخبرَ أنّها قالت: لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أنْ ينْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا؛ يقولُ : " وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أنْ ينْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(9) "(القصص).


يبقى سؤالٌ هامٌ: مَنِ التي التقطَت نبيَّ اللهِ موسى مِنَ اليَّمِ وهو رضيعٌ؛ زوجةُ فرعونَ أم ابنتُه؟
الجوابُ: إنّ القرآنَ الكريمَ قال "آلُ فرعونَ(أهله)" ولم يُحدّدْ شخصًا بعينِه...


يقولُ : " فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ(8) "(القصص).
إذًا مِنْ خلالِ ما سبقَ اتّضحَ لنا: كذبُ وتدليسُ المُعترضين...لما قالوا: إن القرآن قال إن الملتقطة لموسى من اليَّم زوجة فرعون، وذلك بعكس التوارة أن الملتقطة لموسى أخت فرعون...


والحق أن القرآن الكريم ذكر أن واحدةً من أهلة التقطه من اليَّم قد تكون أخته كما ذكر العهدُ القديم ، وقد تكون زوجتُه أو كلاهما معًا...هذا ليس هامًا لنا، ولو كان في ذكره خيره ومنفعة لسماها اللهُ لنا ، وأخبرنا عنها ، فقد بيّن أن الملتقطة من أهل فرعون لا يهم ذكرها بل المهم هو قول زوجة فرعون :" قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أنْ ينْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا". فقال الله :" وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ".

أي :
لا يدرون ما سيحدث لهم حين يكبر موسى... فكان لهم عَدُوًّا وَحَزَنًا كما قال اللهُ :" فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8)"(القصص) كفر فرعونُ به وذاق من العذاب ألوانًا ، وأمنت زوجةُ فرعون به وكانت أكثرهم إيمانًا...


كتبه / أكرمُ حسن مرسي
نقلًا عن كتابي : ردّ السهام عن الأنبياءِ الأعلام، بعد المراجعة.