هل رُفعَ إدريسُ مكانةً أم مكانًا؟


أُثيرَ إشكالٌ مِنَ المعترضين حول قولِ اللهِ : وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا(57) (مريم).
فهل الرفع كان رفعَ مكانةٍ، أم مكانًا كما ذكرَ سفرُ التكوينِ.


الردُّ على الشبهةُ


أولًا: إنّ مسألةَ رفعِ إدريسَ مكانًا لا تعنينا نحن - المسلمين - فهذه مسألةٌ لا تَؤثّرُ على عقيدةِ المسلمِ...



ثانيًا: إنّ رفعَ إدريسَ مكانةً محلُّ اتفاقٍ بين العلماءِ، فإن كل الأنبياء أصحاب مكانة عُليا.... وأمّا مكانًا فقد اختلفَ العلماءُ في ذلك، والسببُ هو عدمُ وجودِ دليلٍ صحيحٍ يحْزِمُ المسألةَ مِنَ القرآنِ أو السنّةِ الصحيحةِ ، وجُلُّها أخبارٌ منقولةٌ عن أهلِ الكتابِ تناقلَها المفسّرون وبيّنوا نكارتَها بعد ذلك كما فعلَ ابنُ كثيرٍ وغيرُه...
قال ابنُ كثيرٍ - رحمَه اللهُ- في تفسيرِه بعدَ عرضِه لبعضِ الرواياتِ: هذا مِن أخبارِ كعبِ الأحبارِ؛ الإسرائيليات، وفي بعضِه نكارةٌ، والله أعلمُ. اهـ
وأمّا ما جاءَ في الحديثِ الصحيحِ في صحيحِ البخاريِّ كِتَاب المَنَاقِبِ باب(المعراج) برقمِ 3598: أنّ رسولَ اللهِ r مرَّ به في ليلةِ الإسراءِ وهو في السماءِ الرابعةِ.
فلا عِلاقةٌ بينه وبين الآيةِ الكريمةِ قطّ، فقد التقى النبيُّ محمد مع أنبياء آخر في السموات عند عروجه بحسب الروايات....



ثالثًا: إنّ الكتابَ المقدّسِ لم يذكرْ لنا صراحةً مسألةَ كيف رُفِعَ إدريس ؟!



النصُّ يقولُ: " لَمْ يُوجَدْ لأنّ اللهَ أَخَذَهُ "، وذلك في سفرِ التكوينِ إصحاح 5 عدد 24 " وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأنّ اللهَ أَخَذَهُ".
قلتُ: إن النصُّ يحملُ أوْجهًا عديدةً للاجتهادِ:
1- قد يُحملُ على الموتِ؛ أخذَ اللهُ روحَه بعد موتِه.
2- قد يُحملُ على رفعِه روحًا وجسدًا، فأسكنَه اللهُ في السماواتِ أو في جنّتِه...
وأرى أن المرادَ من رفعِه هو: إسكانه في أعالي الجنّةِ بعد موتِه، فمن الشرف أن روحًا تصعد إلى أعالي الجنان، بعد رضا الرحمن، وليس الرفع بالجسد إلا ببرهان ولا يخالف سنن الله في الأكوان....


كتبه / أكرمُ حسن مرسي
نقلًا عن كتابي : ردّ السهام عن الأنبياءِ الأعلام، بعد المراجعة