ظهور النجوم عند ولادة الآلهة :

تحدث متى عن ولادة المسيح فقال:
" ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين : أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له .. فلما سمعوا من الملك ذهبوا وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف حيث كان الصبي .. وأتوا إلى البيت ، ورأوا الصبي مع مريم أمه ، فخروا وسجدوا له ، ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومُراً " ( متى 2/1 - 11 ) .

تتشابه قصة متى مع ما يقوله البوذيون في بوذا . يقول بنصون في كتابه " الملاك المسيح " : " لقد جاء في كتب البوذيين المقدسة عندهم أنه قد بشرت السماوات بولادة بوذا بنجم ظهر مشرقاً في الأفق، ويدعونه في هذه الكتب المذكورة " نجم المسيح " ومثل هذا نقله المؤرخ بيال .
وأما المؤرخ ثورنتن في كتابه " تاريخ الصينيين " فينقل أنه عند ولادة " يو " المولود من عذراء ظهر نجم في السماء دل عليه ، ومثله حصل عند ولادة الحكيم الصيني لاوتز .
يقول القس جيكس في كتابه " حياة المسيح " : " وعم الاعتقاد في الحوادث الخارقة للعادة ، وخصوصاً حين ولادة أو موت أحد الرجال العظام ، وكان يشار إلى ذلك بظهور نجم أو مذنب أو اتصالات بين الأجرام السماوية".

موت الآلهة على الصليب :

ويصف الهنود أشكالاً متعددة لموت كرشنا أهمها أنه مات معلقاً بشجرة سُمر بها بحربة وتصوره كتبهم مصلوباً وعلى رأسه إكليل من الذهب ويقول العلامة دوان: " إن تصور الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة ذبيحة فداء عن الخطيئة قديم العهد جداً عند الهنود والوثنيين .

وكذلك اعتقد أهل النيبال بمعبودهم أندرا ، ويصورونه وقد سفك دمه بالصلب ، وثقب بالمسامير كي يخلص البشر من ذنوبهم كما وصف ذلك المؤرخ هيجين في كتابه : " الانكلوسكسنس" .
وقد نقل عن العلامة التنير عدد من أصحاب الردود وثنية عقيدة الإله المتجسد والفادي للخطايا.


دماء الآلهة المسفوحة :

وليست مسألة المخلص فقط هي التي نقلها بولس عن الوثنيات، فقد تحدث أيضاً عن دم المسيح المسفوح فقال:
" يسوع الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه " ( رومية 3/25 )، ويقول: " ونحن الآن متبررون بدمه " ( رومية 5/9)، " أليست هي شركة دم المسيح " (كورنثوس (1) 10/16 ).

ويقول: " أنعم بها علينا في المحبوب الذي فيه لنا الفداء ، بدمه غفران الخطايا " ( أفسس 1/7 ) .
وفي موضع آخر يتحدث عن ذبح المسيح: " لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا " (كورنثوس (1) 5/7)، ومثل هذه النصوص تكثر في رسائل بولس وغيرها من الرسائل.
لكن النصارى يتغافلون عن مسألة هامة هي أن المسيح لم يذبح ، فالأناجيل تتحدث عن موت المسيح صلباً لا ذبحاً ، الموت صلباً لا يريق الدماء ، ولم يرد في الأناجيل أن المسيح نزلت منه الدماء سوى ما قاله يوحنا ، وجعله بعد وفاة المسيح حيث قال: " .. وأما يسوع فلما جاؤوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات ، لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة ، وللوقت خرج دم وماء " ( يوحنا 19/23 - 24 ) وهو ليس ذبحاً بكل حال.
يقول ولز: " إنه لزام علينا أن نتذكر أن الموت صلباً لا يكاد يهرق من الدم أكثر مما يريقه الشنق، فتصوير يسوع في صورة المراق دمه من أجل البشرية إنما هو في الحقيقة من أشد العبارات بعداً عن الدقة " .
ولكن هذه النظرة إلى الله، بأنه لا يرضى إلا بأن يسيل الدم نظرة قديمة موجودة عند اليهود وعند الوثنيين قبلهم ، ففي التوراة تجد ذلك واضحاً في مثل قولها: " بنى نوح مذبحاً لله .. وأصعد محرقات على المذبح ، فتنسم الرب رائحة الرضا ، وقال الرب في قلبه : لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان " ( تكوين 8/20 - 21 ).
وثله في محبة المحرقة وذبائحها والتنسم برائحتها قول العهد القديم: " وبنى داود هناك مذبحاً للرب، وأصعد محرقات وذبائح سلامة، ودعا الرب ، فأجابه بنار من السماء على مذبحة المحرقة " (الأيام (1) 21/26).
وهكذا فإن التصور اليهودي للإله مشبع برائحة الدم يقول ارثر ويجال: " نحن لا نقدر أطول من ذلك قبول المبدأ اللاهوتي المفزع الذي من أجل بعض البواعث الغامضة وجوب تضحية استرضائية، إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة ، وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة ".
ويرى المحققون أن ادعاء إهراق دم المسيح مأخوذ من الديانة المثراسية حيث كانوا يذبحون العجل ويأخذون دمه ، فيتلطخ به الآثم ، ليولد من جديد بعد أن سال عليه دم العجل الفدية .


غرائب ترافق موت الآلهة :

وتتشابه كثير من تفاصيل قصة الصلب مع تفاصيل واردة في قصص وثنية مشابهة .فقد ذكر متى أحداثاً غريبة عدة، صاحبت موت المسيح حيث يقول:
" وفي الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض، إلى الساعة التاسعة ...، وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت ، والصخور تشققت، والقبور تفتحت ... " ( متى 27/45 - 53 ) .

وهذا نقله النصارى من الوثنيات القديمة، فقد نقل العلامة التنير في كتابه الرائع "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية" عن عدد من المؤرخين الغربيين إجماعهم على انتشار هذه الغرائب حال موت المخلصين لهذه الأمم .
من ذلك: أن الهنود يقولون: " لما مات "كرشنا" مخلصهم على الصليب ، حدثت في الكون مصائب جمة، وعلامات متنوعة، وأحاطت بالقمر دائرة سوداء ، وأظلمت الشمس عند منتصف النهار ، وأمطرت السماء ناراً ورماداً ..... "
ويقول عباد بروسيوس: " إنه لما صلب على جبل قوقاس، اهتزت الكائنات ، وزلزلت الأرض و.... " .
والاعتقاد بحدوث أحداث سماوية عظيمة عند موت أحد العظماء أو ولادته، معروف عند الرومان واليونان.
كما ينقل المؤرخ " كنون فرار" في كتابه "حياة المسيح" وينقل جيبون في تاريخه أن عدداً من الشعراء والمؤرخين الوثنيين كان يقول: " لما قتل المخلص اسكولابيوس ، أظلمت الشمس ، واختبأت الطيور في أوكارها ... لأن شافي أمراضهم وأوجاعهم فارق هذه الدنيا ".
والقول بظلمة الشمس عند موت أحد المخلصين قيل عند مقتل هيركلوس وبيوس وكوتز لكوتل وكيبير ينوس إله الرومان ، وعليه، فهو أسطورة قديمة تداولتها الأمم، ونقلها أصحاب الأناجيل من تلك الوثنيات .
وقد كان عباد الشمس يقدمون الضحايا لها، خاصة عند حلول الكسوف ، فإذا زال الكسوف اعتقدوا أنه بسبب فداء أحد زعمائهم ، حيث خلصهم وحمل عنهم العذاب ، ومنه أخذ متى قوله " ومن الساعة السادسة، كانت ظلمة على الأرض إلى الساعة التاسعة " ( متى 27/45 ).


قيام الآلهة من الأموات :

ومن أوجه الشبه بين الوثنيات القديمة والنصرانية القول بقيامة الآلهة من الأموات، فقد أجمعت الأناجيل على قيامة عيسى من الموت ، ولكن هذا قد سبقهم إليه الهنود، حيث قالوا في كرشنا: " هوذا كرشنا صاعد إلى وطنه في السماوات " وكذا يقول عُبّاد بوذا بأنه حزن عليه بعد موته أهل السماوات والأرض " حتى إن مهاويو ( الإله العظيم ) حزن ونادى : قم أيها المحب المقدس فقام كام ( أي بوذا ) حياً ، وبُدلت الأحزان والأتراح بالأفراح ، وهاجت السماء ، ونادت فرِحة : عاد الإله الذي ظُن أنه مات وفُقد ... " ومثله يعتقده الصينيون في إلههم (لأوكيون) ، والمجوس في (زورستر) .

ويقول عابدو (سكولابيوس) في القصيدة التي حكت عن حياته " أيها الطفل القادر على شفاء الأمم في السنين القادمة حينما يهب مَن في القبور .... وأنت من المسكن المظلم ستقوم ظافراً وتصير إلهاً " وعن تموز يقول البابليون: "ثقوا أيها القديسون برجوع إلهكم، واتكلوا على ربكم الذي قام من الأموات ".
ومثل هذا الاعتقاد، سرى في كثير من الوثنيات قبل المسيحية فقد قيل بقيام أوزوريس، وحورس، "ومتراس" وباخوس، وهرقل، وكوتز لكوتل، ويلدور، وغيرهم، فكل هؤلاء قال عُبّادهم بقيامتهم من الموت. ولعل أهم هؤلاء أوزوريس معبود المصريين القريب من مهد المسيحية ، وقد انتشرت أسطورته في القرن الثالث قبل الميلاد. ويقول المؤرخ (مهامي): " إن محور التعليم الديني عند الوثنيين في مصر في القرون الخالية هو الإيمان بقيام الإله " .


قيامة وعودة الآلهة من الموت للحساب والجزاء :

يتحدث النصارى عن دينونة المسيح للبشر يقول يوحنا عن المسيح: " وقد أعطاه السلطان لأن يدين لأنه ابن إنسان " ( يوحنا 5/27 ) .

وهو أيضاً معتقد وثني ، فقد تحدث المؤرخون عن قول المصريين بقيامة مخلصهم بعد الموت، وأنه سيكون ديان الأموات يوم القيامة.
ويذكر هؤلاء في أساطيرهم أن أوزوريس حكم بالعدل فاحتال عليه أخوه وقتله ، ووزع أجزاء جسمه على محافظات مصر ، فذهبت أرملته أيزيس فجمعت أوصاله من هنا وهناك، وهي تملأ الدنيا نحيباً وبكاءً فانبعث نور إلى السماء ، والتحمت أوصال الجسد الميت ، وقام إلى السماء يمسك بميزان العدل والرحمة .
وكذلك اعتقد الهنود في معبودهم كرشنا أنه مخلص وفادي . يقول القس جورج كوكس: " يصفون كرشنا بالبطل الوديع المملوء لاهوتاً ،لأنه قدم شخصه ذبيحة .. ويعتقدون أن عمله لا يقدر عليه أحد" .
ويقول المؤرخ دوان: " يعتقد الهنود بأن كرشنا المولود البكر الذي هو نفس الإله فشنو ، والذي لا ابتداء ولا انتهاء له - على رأيهم - تحرك حنواً كي يخلص الأرض من ثقل حملها، فأتاها وخلص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه " ومثله يقوله العلامة هوك .


هدايا للآلهة المولودة :

ويتحدث متى في سياق قصة المجوس السابقة عن هدايا المجوس للمولود
" وأتوا إلى البيت ، ورأوا الصبي مع مريم أمه ، فخروا وسجدوا له ، ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومُراً " ( متى 2/10 - 11 ) .

وهو أمر معهود أيضاً في الوثنيات ، فها هو كرشنا لما ولد ، وعرف الرعاة أمر ولادته أعطوه هدايا من خشب وصندل وطيب ، ومثله فعل الرجال الحكماء عند ولادة بوذا ، وأما مسرا مخلص العجم فقد أعطاه حكماء المجوس هدايا من الذهب والطيب والحنظل ، وهو ما فعله المجوس أيضاً عند ولادة سقراط 469 ق . م ، فقد أتي ثلاثة منهم من المشرق وأهدوه ذهباً وطيباً ومأكولاً مُراً .


الفرح السماوي بولادة الإله :

ويذكر لوقا في حديثه عن ميلاد المسيح
" وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم ، وإذا ملاك الرب وقف بهم ، ومجد الرب أضاء حولهم ، فخافوا خوفاً عظيماً ، فقال لهم الملاك : لا تخافوا . فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب ... وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين : المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة ". ( لوقا 2/8 - 14 ) .

وهذا الذي ذكره لوقا سبقت إليه الوثنيات القديمة ، فقد جاء في كتاب " فشنو بورانا " : " كانت العذراء ديفاكي حبلى بحامي العالم ، مجدها الآلهة ، ويوم ولادتها عمت المسرّات ، وأضاء الكون بالأنوار ، وترنمت آلهة السماء ، ورتلت الأرواح لما ولد عون الجميع … ، شرعت الغيوم ترتل بألحان مطربة ، وأمطرت أزهاراً " .
ويقول البوذيون مثل ذلك كما نقل المؤرخ " فو نبهنك " : " وصارت الأرواح التي أحاطت بالعذراء مايا وابنها المخلص تسبح وتبارك وتنشد : لك المجد أيتها الملكة ، فافرحي وتهللي ، لأن الولد الذي وضعتيه قدوس ".
وقريباً من هذا يقول المصريون في ولادة " أوزوريس " ، والصينيون في " كونفوشيوس " كما نقل ذلك السرجون فرنسيس دافس وبونويك في كتابه " اعتقاد المصريين " ، ونقل مثله عن عدد من الأمم .


مكان ولادة الآلهة :

ويذكر لوقا أن المسيح ولد في مذود
( انظر لوقا 2/16 ) ، ومثله تذكر الوثنيات ، فكرشنا كما ذكروا ولد في غار ، ووضع بعد ولادته في حظيرة غنم رباه فيها أحد الرعاة الأمناء ، وهو قس ابن السماء عند الصينيين ، تركته أمه وهو صغير فأحاطت به البقر والغنم ، وحمته من كل سوء .


ثانياً: تشابه قصة الصلب مع الوثنيات القديمة

وبولس عندما ادعى صلب المسيح فداء للخطيئة فإنه إنما يكرر عقيدة قديمة، تناقلتها الوثنيات قبل المسيح بزمن طويل ، وقد نسج الإنجيليون أحداث صلب المسيح، على نحو ما قرره بولس ، وعلى صورة ما ورد عن الأمم الوثنية القديمة ، حتى أضحت قصة الصلب في الأناجيل قصة منحولة من عقائد الأمم الوثنية ، ولعل أوضحها شبهاً بقصة المسيح أسطورة إله بابل " بعل.