تم إجراء دراسات على عينة بول إبل جنوب محافظة جدة، وشملت:
1. تأثير بول الإبل على نسبة إنبات جراثيم فطر A.niger
.
الوزن الجافلفطر (Aspergillus niger) بعد المعاملة بتركيزات مختلفة من بول الإبل والمضادين للفطرين (Pevary & Nizoral) (الوزن الجاف بالملجم / 50 مل من المنبت الغذائي).
2. حفظ البول تحت الظروف المعملية الطبيعية بالإضافة إلى درجات حرارة مرتفعة والتي بلغت 60 - 80، 100؛ للتعرف على تأثير تلك العوامل على فعاليته المضادة للفطريات، والتي تنعكس على الوزن الجاف لفطري (A.niger,F.oxysporum) وخميرة (C.albicans)، واتضح من نتائج هذه الدراسة أن بول الإبل لم يفقد فعاليته كمضاد فطري بالرغم من تعرضه لعوامل غير مناسبة لحفظ المضادات الحيوية المعروفة، وخاصة المتواجدة في صورة سائلة، وقد كان لبول الإبل تأثير تثبيطي على نمو فطري (A.niger,F.oxysporum) وخميرة (C.albicans)، حتى بعد تعرضه لدرجات حرارة مرتفعة بلغت 100.

كمية الأحماضالأمينية المتكونة بفطر (A.niger) بعد المعاملة بتركيزات مختلفة من بول الإبل لمدة 6 أيام من النمو (كمية الأحماض الأمينية بالملجم / 50 مل من المنبت الغذائي).
3. تأثير بول الإبل على النمو وبعض الأنشطة الأيضية لفطر A.niger، وذلك بعد معاملة المنابت الغذائية بتركيزات مختلفة من بول الإبل؛ ومن ثم تم تقدير الوزن الجاف وقياس بعض الأنشطة الأيضية للفطر الاختباري، أظهرت النتائج أن تأثر بعض الأنشطة الأيضية لفطر (A.niger) اعتمد على تركيز بول الإبل المستخدم وعمر الفطر، واتضح ذلك من الآتي:
· امتصاص الجلوكوز: دلت النتائج أن التركيز المنخفض من بول الإبل كان له تأثير تنشيطي لاستهلاك الجلوكوز، ثم انخفض هذا التأثير بتقدم عمر المزرعة الفطرية، واستمر إلى نهاية فترة التحضين، بينما كان للتركيزات 4، 6% تأثير تثبيطي على استهلاكه.

كمية النتيروجينفي النترات والمستهلكة بفطر (A.niger) بعد المعاملة بتركيزات مختلفة من بول الإبل
لمدة 6 أيام من النمو (كمية النيتروجين في النترات بالملجم / 50 مل من المنبت الغذائي).

· امتصاص النترات: دلت النتائج أن التركيز المنخفض من بول الإبل أدى إلى تثبيط شديد في استهلاك النترات بواسطة الفطر، ولكن انخفض هذا التأثير إلى أن أصبح تأثيرًا تنشيطيًّا؛ وذلك بتقدم عمر المزرعة الفطرية حتى اليوم السادس.

الوزن الجاف لفطر (Aspergillus niger) بعد المعاملة بتركيزات مختلفة من بول الإبل.
· الأحماض الأمينية المفرزة: دلت النتائج أن كمية الأحماض الأمينية المتكونة قد ارتفعت في المنبت الغذائي في جميع التركيزات المستخدمة، وكانت تلك الزيادة مطردة مع التركيز، وانخفض هذا التأثير التنشيطي إلى تثبيطي بتقدم عمر المزرعة الفطرية.
· تــأثير بعـض المضادات الفطـرية على نمـو فطــرA.niger وخميرة (C.albicans)، ومقارنتها ببـــول الإبل، واستخدمت المضـادات الفطرية (mycostation)، و(pevary1) وشامبو (nizoral)، وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة الآتي:
· فطر A.niger: أظهر التركيز المنخفض من بول الإبل 4% وتركيزي 12,8% من المضاد الفطري (pevary1) ـ تأثيرًا تنشيطيًّا لنمو الفطر، بينما أظهرت جميع التركيزات الأخرى المستخدمة من بول الإبل ومضاد (pevary1) وشامبو (nizoral) تثبيطًا لنمو الفطر.
· خميرة C.albicans: أظهـرت التركـيزات المنخفضة من المضادات الفطرية (mycostation) و (pevary1) وبول الإبل- تأثيرًا مثبطًا لنمو الخميرة، وقد أظهر بول الإبل تأثيرًا فعالاً على الخميرة بدرجة أكبر من المضادين الآخرين، وذلك من بداية التركيز المثبط للنمو؛ حيث اتضحت فعاليته على الخلايا، فأدت التركيزات المرتفعة إلى تحلل خلايا الخميرة الشاملة للمبادئ.
4. التعرف على بعض العوامل التي تسبغ على بول الإبل النشاط المضاد للميكروبات، وشملت:
· قياس النشاط المضاد للفطريات على الأعضاء المختلفة للنباتات البرية التي تتغذى عليها الإبل، على فطرA.niger وخميرة (C.albicans)، وقد ظهر من نتائج هذه الدراسة انتشار المادة الفعالة ضد فطر (A.niger) وخميرة (C.albicans) في معظم أعضاء النباتات المختبرة، وقد كانت بدرجات متفاوتة.
· تأثير بول الإبل على بلزمة Plasmolysisخلايا فطر (A.niger)وخميرة (C.albicans)، وذلك بالفحص المجهري للخلايا؛ حيث ظهر أن بول الإبل له تأثير فعال على خلايا الكائنات المختبرة؛ مما أدى إلى انتقال الماء من داخل الخلايا إلى الوسط الخارجي، وبالتالي انكماش السيتوبلازم وحدوث ظاهرة البلزمة التي دفعت أغزال فطر (A.niger) وخلايا خميرة (C.albicans) إلى التحلل الذاتي الذي ظهر في التركيزات المرتفعة بوضوح.
.
المضادان للفطرين (Pevary & Nizoral) مقارنة بالعينة الضابطة
· عزل سلالات بكتيرية من بول الإبل واختبار قدرتها على المكافحة الحيوية لبعض الأحياء المجهرية الممرضة، وتم – بالفعل- عزل عدد من السلالات البكتيرية في هذه الدراسة من بول الإبل، وسُجِّلت لأول مرة في المملكة العربية السعودية، وتتميز تلك السلالات بصفات خاصة، منها تحمل الملوحة العالية والحركة السريعة حتى بعد حفظها لفترات طويلة تحت 5م، وبهذا قد تتميز عن بعض السلالات البكتيرية المعروفة، خاصة من ناحية الحركة، كما أظهرت النتائج أن معظم السلالات البكتيرية المعزولة من بول الإبل لها مجال واسع لمكافحة الأنواع المختلفة من الأحياء المجهرية المستخدمة في هذه الدراسة، والتي شملت فطريات، خميرة وبكتيريا([9]).
وهكذا أثبتت الدراسات العلمية الدقيقة مدى فعالية بول الإبل في علاج كثير من أمراض الإنسان، بل الأمراض المستعصية لديه، ودخولها في كثير من المركبات النافعة والمضادة للفطريات والفيروسات التي تصيب الإنسان وتؤثر على حياته.
2) التطابق بين الحقائق العلمية وما جاء بالحديث الشريف:
تتمثل قدرة الله تعالى جلية في عجائب خلقه وعظيم تقديره، فهو عز وجل خالق الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، ومن كل مرض شفاء، وهو بقدرته المطلقة يجعل ذلك فيما شاء وكيف شاء، لا يعجزه خلق، ولا يعظم عليه تقدير، ومن عجيب تقديرات الله تعالى وغريب خلقه أنه جعل من ألبان الإبل وأبوالها دواء فعالاً لعلاج كثير من أمراض الإنسان وآلامه المستعصية، ذلك تمامًا كما أخرج من بطون النحل شرابًا مختلفًا ألوانه فيه شفاء للناس، وكما جعل الداء والدواء في جناحي الذبابة، وكما أخرج من بين دم الحيوانات وفرثها لبنًا خالصًا سائغًا للشاربين، هو القادر أيضًا على وضع الدواء لكثير من الأمراض في أبوال الإبل وألبانها، وما ذلك على الله بعزيز.
وقد جاء الحديث النبوي الصحيح بهذا البيان المعجز؛ ليدل دلالة واضحة على أن ألبان الإبل وأبوالها تمثل علاجًا شافيًا واقيًا لأمراض الإنسان، خاصة مرض الاستسقاء والبطن؛ حيث جاء الأمر النبوي والحث منه صلى الله عليه وسلم وإرشاده لمرضى المدينة أن يخرجوا فيشربوا من ألبان الإبل وأبوالها، وكان بهذا شفاؤهم فعُوفوا وصَحّوا، مما يؤكد فعالية العلاج بألبان الإبل وأبوالها.
فقد جاء في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه قال: «قدِم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا، فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا النعم...»([10]).
وفيه أيضًا عن أنس رضي الله عنه قال: «قدِم على النبي صلى الله عليه وسلم نفر من عكل فأسلموا، فاجتووا المدينة، فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحوا...»([11]).
وفيه أيضًا عن أنس رضي الله عنه قال: «... فأتوها فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صحوا وسمنوا...»([12]).
وجاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه: «أن نفرًا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا الأرض، وسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تخرجون مع راعينا في إبله، فتصيبون من أبوالها وألبانها؟ فقالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها، فصحوا...»([13]).
وجاء في مسند الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضى الله عنه: «أن رهطًا من عرينة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا قد اجتوينا المدينة فعظُمت بطوننا وانتُهشت أعضاؤنا، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا براعي الإبل فيشربوا من ألبانها وأبوالها، قال: فلحقوا براعي الإبل فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت بطونهم وألوانهم...»([14]).
وهكذا جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم واضحة في أمره وإرشاده للمرضى بأن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها، ففعلوا ما أمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم، فصحوا وعوفوا، وعادت إليهم قوتهم وصلحت بطونهم؛ وهذا يدل بوضوح على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وإعجاز قوله في فعالية أبوال الإبل وألبانها في علاج أمراض الإنسان.
ثم يأتي الطاعنون في عصرنا الحديث لينكروا هذه الحقيقة العلمية البينة التي جاءت واضحة في الحديث النبوي، وهذا البيان المعجز، وينفون صلاحية بول الإبل وألبانها لعلاج أمراض الإنسان، ويجعلون هذا القول ضربًا من الشعوذة والخزعبلات الجاهلية، وأن هذه الطريقة من العلاج غير صالحة بحال إلا للبدوي المتخلف ولا تقوى لدرجة النظرية العلمية، رافضين بهذا أي دراسة جادة حاولت الوصول إلى مركبات أبوال الإبل وألبانها، وصلاحيتها لعلاج كثير من أمراض الإنسان في البطن والكبد وغيرها.
إلا أن الطاعنين غاب عنهم كثير من توافق المنهج العلمي ودلالات الحديث وحقائقه، فليس لأحد له قدر من العقل والفهم أن يرفض بحثًا علميًّا، أو ينكر حقيقة ثابتة، أو شيئًا تجريبيًّا إلا بعد أن يجري عليه التجارب العلمية الدقيقة، وأن يصل من تجاربه بإنصاف إلى إثبات صحة ذلك القول أو عدمه، أما أن يرفضها دون أي دراسة أو بحث لمجرد هوى في نفسه فإن ذلك لا يقره أي منهج علمي للدراسة والبحث.
ونبين هنا قول شراح الحديث في هذا المعنى، وموقف العرب قديمًا من التداوي بأبوال الإبل وألبانها:
ذكر الإمام ابن حجر في شرح هذا الحديث المرض الذي أصابهم ومعنى الاجتواء، فقال: "فأما السقم الذي كان بهم فهو الهزال الشديد والجهد من الجوع، فعند أبي عوانة من رواية غيلان عن أنس: «كان بهم هزال شديد»، وعنده من رواية أبي سعد عنه: «مصفرة ألوانهم»، وأما الوخم الذي شكوا منه بعد أن صحت أجسامهم فهو من حمى المدينة... ووقع عند مسلم من رواية معاوية بن قرة عن أنس: «وقع بالمدينة الموم»؛ أي بضم الميم وسكون الواو، قال: وهو البرسام؛ أي بكسر الموحدة سرياني معرب أُطلق على اختلال العقل وعلى ورم الرأس وعلى ورم الصدر، والمراد هنا الأخير، فعند أبي عوانة من رواية همام عن قتادة عن أنس في هذه القصة: «فعظمت بطونهم»"([15]).
وذكر الإمام ابن القيم موقفه وموقف العلماء من التداوي بألبان الإبل وأبوالها فقال: "والجوى: داء من أدواء الجوف، والاستسقاء: مرض مادي سببه مادة غريبة باردة تتخلل الأعضاء، فتربو لها إما الأعضاء الظاهرة كلها، وإما المواضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء والأخلاط، وأقسامه ثلاثة: لحمي- وهو أصعبها- وزقي وطبلي.
ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في علاجه هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاق معتدل، وإدرار بحسب الحاجة- وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها- أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها، فإن في لبن اللقاح جلاء وتليينًا وإدرارًا وتلطيفًا وتفتيحًا للسدد؛ إذ كان أكثر رعيها الشيح والقيصوم والبابونج والأقحوان والإذخر، وغير ذلك من الأدوية النافعة للاستسقاء، وهذا المرض لا يكون إلا مع آفة في الكبد خاصة أو مع مشاركة، وأكثرها عن السدد فيها، ولبن اللقاح العربية نافع من السدد؛ لما فيه من التفتيح والمنافع المذكورة.
وقال الرازي: لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد وفساد المزاج.
وقال الإسرائيلي: لبن اللقاح أرق الألبان، وأكثرها مائية وحدة، وأقلها غذاء؛ فلذلك صار أقواها على تلطيف الفضول، وإطلاق البطن وتفتيح السدد، ويدل على ذلك ملوحته اليسيرة التي فيه لإفراط حرارة حيوانية بالطبع؛ ولذلك صار أخص الألبان بتطرية الكبد، وتفتيح سددها، وتحليل صلابة الطحال إذا كان حديثًا، والنفع من الاستسقاء خاصة إذا استُعمل لحرارته التي يخرج بها من الضرع مع بول الفصيل، وهو حار كما يخرج من الحيوان، فإن ذلك مما يزيد في ملوحته وتقطيعه الفضول وإطلاق البطن، فإن تعذَّر انحداره وإطلاقه البطن وجب أن يُطلق بدواء مسهِّل.
قال ابن سينا صاحب "القانون": ولا يُلتفت إلى ما يقال من أن طبيعة اللبن مضادة لعلاج الاستسقاء، قال: واعلم أن لبن النوق دواء نافع؛ لـما فيه من الجلاء برفق، وما فيه من خاصية، وأن هذا اللبن شديد المنفعة، فلو أن إنسانا أقام عليه بدل الماء والطعام شُفي به، وقد جُرِّب ذلك في قوم دُفعوا إلى بلاد العرب، فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعوفوا، وأنفع الأبوال بول الجمل الأعرابي وهو النجيب"([16]).
وهكذا فقد كانت عادة العرب في التداوي أن يستخدموا ألبان الإبل وأبوالها، وعلموا ما فيها من فوائد ومنافع، واستخدموها في علاج كثير من أمراضهم، ووجدوها شفاء نافعًا لأسقامهم، ومقويًا عامًّا لأبدانهم، فكان حرصهم واضحًا على الانتفاع بها والاعتماد عليها.
والجمل هو الحيوان العجيب في خلقه وعطائه، هو من شرفه الله عز وجل بالذكر في مواضع كثيرة من كتابه العزيز، من خلال تعظيم خلق الإبل وتميزها عن سائر الأنعام الأخرى؛ فيقول تعالى: )أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت (17)( (الغاشية)، كما احتلت الإبل مكانة في الأحاديث النبوية؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «الإبل عز لأهلها»([17])، وأصبحت مصدرًا من المصادر العلاجية المهمة في الطب النبوي، وأصبحت مصدرًا للقوة والثروة والفخر في شبه الجزيرة العربية.
ومع تقدم العصر وتعدد أبحاثه وتنوع دراساته أصبحت ألبان الإبل وأبوالها مصدرًا للغذاء، ورافدًا للدواء لكثير من الأمراض؛ لاتفاق الآراء على أن خواص حليب الإبل عجيبة، ومفيدة كغذاء مهم، ودواء فعال للكثير من الأمراض، فحليب النوق يحتوي على مواد تقاوم السموم والبكتيريا، ونسبة كبيرة من الأجسام المناعية المقاومة للأمراض، خاصة المولودين حديثًا، إضافة إلى ضرورته وأهميته كدواء لمرض الربو والسكري والدرن والتهابات الكبد الوبائي وقروح الجهاز الهضمي والسرطان.
كما أظهرت دراسات لبحوث الأعشاب والطب التقليدي في أبو ظبي إمكانية تطوير مضاد حيوي من حليب النوق يقضي على حـمى الوادي والإيدز وداء الكبد الوبائي والسل وغيرها.
وحليب النوق كما يقول الدكتور عبد الوهاب الجبوري- استشاري أمراض الحيوان ببلدية أبو ظبي- يحتوي على نسبة كبيرة من الفيتامينات والبروتينات، ويقوم بمعالجة العديد من الأمراض؛ ليعيد الصحة والحيوية والبنية القوية وقوة العظام والأسنان.
والنوق تبدأ في إدرار الحليب بعد الولادة مباشرة، لتستمر فترة من 9: 18 شهرًا، وبمتوسط إنتاج ما بين 1: 8 ليترات يوميًّا، ومن غرائبه أنه لا يُحلب إلا بعد استدعاء الحوار للرضاعة أولاً، ثم يتم حلبها في أوعية معدنية ويُشرب ساخنًا، وإذا تُرك لاحقًا وجب غليه.
أما بول الإبل فيسميه أهل البادية "الوزر"، وطريقة استخدامه تختلف باختلاف طبيعة المرض، وإن كان في معظم الحالات يُخلط بنسب متفاوتة مع حليب الإبل، ويُشرب على الريق.
وبول الإبل يحتوي على كمية كبيرة من البوتاسيوم وزلال الماغنسيوم، فالإبل لا تشرب في فصل الصيف سوى 4 مرات فقط، وهذا يجعلها تحتفظ بالماء في جسمها؛ لاحتفاظها بمادة الصوديوم، وقد تعددت وظائفه وفوائده الصحية، فهو علاج لمرض الاستسقاء الناتج عن نقص في الزلال والبوتاسيوم، وهو مادة مطهِّرة لغسل الجروح والقروح، وعلاج لمرض القرع والقشرة، وينفع من ورم الكبد، إضافة إلى استعمال هذا البول في المستحضرات الطبية، وأيضًا كعلاج للشعر وتحسينه؛ مما أدى إلى اتجاه بعض الشركات العالمية لاستخدام بول الإبل في صناعة أنواع متميزة من شامبو الشعر([18]).
وهكذا أثبتت الأبحاث العلمية المتتابعة مدى أهمية ألبان الإبل وأبوالها في كثير من العلاجات والفوائد للإنسان، وصلاحيتها في استخداماته المتعددة، وفاعليتها في علاج كثير من أمراضه، والخطيرة منها أيضًا؛ لتثبت مدى دقة الإعجاز النبوي في إرشاده لتناول أبوال الإبل وألبانها للعلاج من أمراض البطن والاستسقاء.
"وقد عقدت جامعة الجزيرة ندوة تحدث فيها الدكتور أحمداني، أوضح فيها أن التجربة بدأت بإعطاء كل مريض من مرضى الاستسقاء وأمراض الكبد يوميًّا جرعة محسوبة من بول الإبل مخلوطًا بلبنها؛ حتى يكون مستساغًا، وبعد خمسة عشر يومًا من بداية التجربة كانت النتيجة مذهلة للغاية؛ حيث انخفضت البطون لوضعها الطبيعي وشُفوا تمامًا من الاستسقاء؛ لأن مرض الاستسقاء ينتج عن نقص في الزلال والبوتاسيوم، وبول الإبل غني بالاثنين معًا، و قد شُفوا من تليف الكبد بعد أن استمروا في شرب البول شهرين آخرين.
ولا شك أن كثيرًا من قبائل البدو يشهدون بهذه النتائج من واقع حياتهم وأسلوب معيشتهم الذي لا يخلو من العلاج بحليب الإبل وأبوالها، والتي استمدوها من الهدي النبوي المصحوب مع الفتوحات الإسلامية لهذه البلاد، ولا يسعنا إلا أن نقول: إنه ما زال الطب النبوي بشتى عناصره ينفرد بالصدارة والقمة لجميع ما وصل إليه الإنسان من دواء، ولا شك أن هذا من معجزات النبوة وإقامة الحجة على العالمين.
وكل هذا يبين عظمة هذا الدين، وما جاء به النبي الأمين صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان في قضية جاء العلم الحديث فأثبت صحتها وفاعليتها ونفعها على كثير من الأدوية، التي تستغرق وقتًا طويلاً وكلفة مادية أكثر، وكما يقول أهل الاختصاص: إن علاج الفيروس (سي) يحتاج إلى 50 مليار جنيه بلا فائدة، فعقار مثل الإنتروفيون طويل المفعول عقار مكلف جدًّا، فقد يتكلف علاج المريض 25000: 50000 جنيه، فإذا كان في مصر مليون مريض على أقل تقدير، فإنهم يحتاجون إلى العلاج بالإنترفيرون بتكلفة ما بين 25: 50 مليار جنيه"([19]).
وهكذا تثبت الدراسات العلمية التجريبية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في كل زمان ومكان، وأن نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، وأن كلامه وحي منزل، وإعجاز محكم.
3) وجه الإعجاز:
الإبل خلق من مخلوقات الله تعالى، جعل فيها المنافع الكثيرة للإنسان، وكيَّفها بما يلائم حاجاته ويلبي متطلباته، وفوق ذلك جعل من ألبانها وأبوالها علاجًا وشفاء لكثير من أمراضه، ومقويًا عامًّا لبدنه، وجاء الحديث النبوي الصحيح بذلك صريحًا؛ حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم المرضى الذين اجتووا المدينة بأن يذهبوا فيشربوا من أبوال الإبل وألبانها، وكانت النتيجة صادقة بأنهم صحوا وعوفوا.
وجاء العلم الحديث وجاءت الدراسات العلمية المحكمة لتبين الفوائد العديدة في ألبان الإبل وأبوالها، وأثبتت ما فيها من عناصر ومكونات تساعد على شفاء الإنسان من أمراض كثيرة، وخاصة أمراض البطن والكبد والاستسقاء، كما أثبتت الدراسات أيضًا فعالية أبوال الإبل وألبانها في استعمالها كمضاد قوي للسموم والميكروبات، وزيادة القوى المناعية ضد الأمراض، بل ودخولها أيضًا في عمل مستحضرات التجميل وكريمات الشعر؛ لتؤكد هذه الدراسات مجتمعة حقيقة الفائدة العلاجية في بول الإبل وألبانها، وتثبت الإعجاز الطبي في السنة النبوية، فتوافق تمامًا قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى.


(*) وهم الإعجاز العلمي، د. خالد منتصر، مرجع سابق.

[1]. الرَّسْل: اللبن.

[2]. رحيق العلم والإيمان، د. أحمد فؤاد باشا، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1422هـ/ 2002م، ص165: 167.

[3]. أحدث اكتشاف في ألبان الإبل: الأجسام المضادة النانوية، د. عبد الجواد الصاوي، بحث منشور بمجلة الإعجاز العلمي، مرجع سابق، العدد (24)، جمادى الأولى 1427هـ، ص12: 15.

[4]. الأبحاث العلمية عن التداوي بألبان الإبل، محمد محمود عبد المجيد عساف، بحث منشور بالمنتدى الطبي بموقع: الدي في دي العربي www.dvd4arab.maktoob.com.

[5]. موسوعة الإعجاز العلمي في الحديث النبوي، د. أحمد شوقي إبراهيم، مرجع سابق، ج7، ص20.

[6]. المرجع السابق، ص21، 22.

[7]. تحليلات كيميائية مقارنة وتجارب سريرية لعلاج الاستسقاء بأبوال الإبل، د. محمد أوهاج محمد، بحث منشور بموقع: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.eajaz.org.

[8]. الأبحاث العلمية عن التداوي بألبان الإبل، محمد محمود عبد المجيد عساف، بحث منشور بالمنتدى الطبي بموقع: الدي في دي العربي www.dvd4arab.maktoob.com.

[9]. المضادات الفطرية في بول الإبل، عواطف بنت عابد الجديبي، بحث منشور بموقع: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة www.eajaz.org.

[10]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الوضوء، باب: أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، (1/ 400)، رقم (233).

[11]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: المحاربين من أهل الكفر والردة، (12/ 111)، رقم (6802).

[12]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا، (12/ 113)، رقم (6804).

[13]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب: حكم المحاربين والمرتدين، (6/ 2598)، رقم (4275).

[14]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضى الله عنه، رقم (14118). وقال عنه شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

[15]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، مرجع سابق، ج1، ص403.

[16]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، مرجع سابق، ج4، ص42.

[17]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: التجارات، باب: اتخاذ الماشية، رقم (2305). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (2305).

[18]. معجزات التداوي بألبان وأبوال الإبل، دار الحضارة، الرياض، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص606 بتصرف.

[19]. مملكة الحيوان، يوسف نوفل، مكتبة الإيمان، المنصورة، ط1، ص550، 551.