( أوثق عرى الإيمان : الموالاة في الله والمعاداة في الله ، والحب في الله والبغض في الله عز وجل ) ( صحيح الجامع 2539)
والمراد بالحب في الله أي لأجله وبسببه ، لا لغرض آخر كمَيل أو إحسان ، ففي بمعنى اللام المعبر به في رواية أخرى . لكن [في] هنا أبلغ ، أي الحب في جهته ووجهه كقوله تعالى { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } العنكبوت69 أي في حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصاً

* ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار ) رواه البخاري 6941
قال القاضي : المحبة ميل النفس إلى الشيء لكمال فيه ، والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا لله وأن كل ما يراه كمالاً في نفسه أو غيره فهو من الله وإلى الله وبالله لم يكن حبه إلا لله وفي الله ، وذلك يقتضي إرادة طاعته ، فلذا فسرت المحبة بإرادة الطاعة واستلزمت إتباع رسوله صلى الله عليه وسلم

* ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ...... ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ... ) رواه البخاري1423 ومسلم
وما دين الإسلام إلا الحب في الله والبغض في الله ، لأن القلب لا بد له من التعلق بمحبوب ، ومن لم يكن اللّه وحده له محبوبه ومعبوده فلا بد أن يتعبد قلبه لغيره ، وذلك هو الشرك المبين ، فمن ثم كان الحب في اللّه هو الدين ، ألا ترى أن امرأة العزيز لما كانت مشركة كان منها ما كان مع كونها ذات زوج ، ويوسف لما أخلص الحب في اللّه وللّه نجا من ذلك مع كونه شاباً عزباً مملوكاً قال اللّه تعالى { قل إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه } آل عمران 31

* ( من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله ) ( حسن ) صحيح الجامع 5958
قال في الكشاف : الحب في الله والبغض في الله باب عظيم ، وأصل من أصول الإيمان ، ومن لازم الحب في الله حب أنبيائه وأصفيائه ، ومن شرط محبتهم اقتفاء آثارهم وطاعة أمرهم.

* ( من سَرّه أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله ) رواه أحمد ( حسن ) صحيح الجامع 6288
فمن أفضل الأعمال أن يحب الرجل الرجل للإيمان والعرفان لا لحظ نفسي كإحسان ، وأن يكرهه للكفر والعصيان لا لإيذائه له ، والحاصل أن لا يكون معاملته مع الخلق إلا للّه ، ومن البغض في اللّه بغض النفس الأمارة بالسوء وأعداء الدين ، وبغضهما مخالفة أمرهما والمجاهدة مع النفس بحبسها في طاعة اللّه بما أمر ونهى ، ومع أعدائه تعالى بالمصابرة معهم والمرابطة

* ( من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ) رواه أبو داود (صحيح الجامع 5965)
أي أحب لأجله تعالى ولوجهه عز وجل مخلصاً ، لا لميل قلبه وهوى نفسه ، وأبغض لله لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه ، قال ابن معاذ : وعلامة الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء

* ( زار رجل أخا له في قرية ، فأرصد الله له ملكا على مدرجته ، فقال : أين تريد ؟ قال : أخا لي في هذه القرية ، فقال : هل له عليك من نعمة ترُبُّها ؟ قال : لا إلا أني أحبه في الله ، قال : فإني رسول الله إليك أن الله أحبك كما أحببته ) رواه مسلم 2576
عن ابن عمر قال : فإنك لا تنال الولاية إلا بذلك ولا تجد طعم الإيمان حتى تكون كذلك.

* (إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه ، فإنه أبقى في الألفة ، وأثبت في المودة ) (حسن ) صحيح الجامع280
أي أحبه في الله لا لغيره من إحسان أو غيره ، (فليعلمه ) لأنه أبقى للألفة وأثبت للمودة وبه يتزايد الحب ويتضاعف وتجتمع الكلمة وينتظم الشمل بين المسلمين وتزول المفاسد والضغائن وهذا من محاسن الشريعة ، وجاء في حديث أن المقول له يقول له :" أحبك الذي أحببتني من أجله".

* ( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله ) رواه أحمد (صحيح الجامع 281)
لأنه إذا أخبره به فقد استمال قلبه واجتلب وده ، فإنه إذا علم أنه يحبه قبل نصحه ، ولم يرد عليه قوله في عيب فيه أخبره به ليتركه فتحصل البركة.

* ( إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه ، فإنه يجد له مثل الذي عنده ) السلسلة الصحيحة للألباني 1/ 947

* ( من أحب الأنصار أحبه الله ومن أبغض الأنصار أبغضه الله ) صحيح الجامع 5953

* ( لا يحب الأنصار إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله ) رواه الترمذي (صحيح الجامع 7629)

* ( والذي نفسي بيده لا يحب الأنصار رجل حتى يلقى الله ، إلا لقي الله وهو يحبه ، ولا يبغض الأنصار رجل حتى يلقى الله إلا لقي الله وهو يبغضه )
رواه أحمد ( حسن ) صحيح الجامع 1979
.............................

قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله :
" الحب في الله أن تحب من أجل الله-تبارك وتعالى-؛ لأنك رأيته ذا تقوى وإيمان فتحبه في الله، وتبغض في الله لأنك رأيته كافراً عاصياً لله فتبغضه في الله، أو عاصياً وإن مسلماً فتبغضه بقدر ما عنده من المعاصي، هكذا المؤمن يتسع قلبه لهذا أو هذا يحب في الله أهل الإيمان والتقوى، ويبغض في الله أهل الكفر والشرور والمعاصي، ويكون قلبه متسعاً لهذا وهذا، وإذا كان الرجل في خير وشر كالمسلم العاصي أحبه من أجل إسلامه وأبغضه من أجل ما عنده من المعاصي, فيكون فيه الأمران الشعبتان شعبة الحب والبغض, فأهل الإيمان وأهل الاستقامة يحبهم حباً كاملاً، وأهل الكفر يبغضهم بغضاً كاملاً، وصاحب الشائبتين صاحب المعاصي يحبه على قدر ما عنده من الإيمان والإسلام، ويبغضه على قدر ما عنده من المعاصي والمخالفات. "

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف حفظه الله :
الحبّ في الله والبغض في الله له لوازم ومقتضيات، فلازم الحب في الله: الولاء، ولازم البغض في الله: البراء، فالحب والبغض أمر باطن في القلب، والولاء والبراء أمر ظاهر كالنصح للمسلمين ونصرتهم والذب عنهم ومواساتهم، والهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وترك التشبه بالكفار، ومخالفتهم، وعدم الركون والثقة بهم، فإذا انتفى اللازم -الولاء والبراء- انتفى الملزوم -الحب والبغض- هذا التلازم بين الحب والبغض، وبين الولاء والبراء يتسق مع التلازم بين الظاهر والباطن في الإيمان.