يقول الحبيب المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ــ عن رب العزة في حديث قدسي" لو يعلم المدبرون عني كيف شوقي لهم وانتظاري لغفران ذنوبهم لتقطعت أوصالهم من محبتي ولماتوا شوقا إلي..إذا كان هذا حالي بالمدبرين عني فكيف يكون بالمقبلين علي..."
إنه الحب...حب الله لعبده..حب الخالق للمخلوق..نعم..حب الله لعبده...مذ خلقه...وقبل أن يصوره...لقد خلقه بحب...وما نفخ فيه من روحه إلا لأنه يحبه...وما أسجد الملائكة له إلا لأنه يحبه...وما سخر الأراضي والسموات له...إلا لأنه يحبه...وما أرسل النبيين لهدايته إليه بعد ضلال..إلا لأنه يحبه....وما أنعم عليه بكثير من النعم ظاهرة وباطنة ...إلا لأنه يحبه....هو من خيرُه لعبده نازل...رغم صعود الشر من عبده....هو من يتحبب إليه بالنعم...رغم تبغض عبده إليه بالمعاصي...هو الذي يغفر ويتوب...وعبده عنه لاهٍ عاصٍ....أيُّ حبٍ هذا ياربااااه...هو الذي قال للأرض والبحر والسموات حين استأذنوه ليبتلعوا ويغرقوا ويطبقوا على عبده فقال لهم الحبيب"دعوهم لو خلقتموهم لرحمتموهم.."
يا ألله...ما أعظمك...ما أحلمك...وتزيد ...وتزيد...على كل ما أعطيت..وتقدم "رمضان" هدية كل سنة لعبدك...وأيُّ هدية...تصفد فيه الشياطين..وتفتح أبواب الرحمات...وتعتق فيه الرقاب من النيران...فيه ليلة هي خير من ألف شهر..تم فيها تواصل السماء بالأرض..بنزول الوحي على خير خلق الله "محمد"بن عبد الله ـ عليه أزكى الصلاة والتسليم ـ الرحمة المهداة...للناس أجمعين...ومن أدركها فقد نال الرضى وغشيته الرحمة..لك في كل ليلة من ليالي رمضان عتقاء من النار...القلوب لك مفضية...والأرواح مشرئبة...لمن يُنادى عليه باسمه" أن قد ربح البيع" قد ربح البيع....وتعطي ...وتعطي..بغير حسااااب...وقد أتممت لعبدك السنة بشعبان...رُفِعَت فيه الأعمال...وعُرضت النتائج...وتأبى إلا أن تمنحه فرصة..تأبى إلا أن تقول له:" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا.." سبحانك سبحانك...تأبى إلا أن تفتح أبوابك ليلج عبدك إلى رحماتك..." إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة" إنه "رمضان"... الزائر المحبوب مرة كل سنة...مطهر الروح ومشعها ...فتسمو إلى مصاف الملائكة،وتنال الغرفة بما صبرت واحتسبت..وبما اجتهدت في القرب....وما سبب ذلك إلا "الحب"
إنه الحب...الذي تتقطع منه الأوصال لو علم به المُعْرِض...إنه الحب الذي تزداد به دقات القلب ويتحرك اللسان لهجا بالدعاء...إنه الحب الذي يقول فيه رب العزة: "من عادى لي ولياً، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته" وقد اعلنها رب العزة لمن يبحث عن الحب فدله عليه:" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" إنها وصفة بسيطة....سهلة..لاتتطلب جهدا..ولا مالا...ولا سفرا...ولا متاعا...بل مشاعر تتحرك في القلب...وتتقد لتنير الدرب..وتسهل الوصال...وتحقق القرب....وتفوز بالرضى من رب السماء...وقد قدمها ذلك الرجل الذي سأل الحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الساعة،فرد الحبيب المصطفى"وماذا أعددت لها؟"فأجاب الرجل بكل بساطة وتواضع" ما أعددت كثير صلاة ولا كثير صوم..لكنني أحب الله ورسوله" فرد الحبيب الذي لا ينطق عن الهوى"أنت مع من أحببت" نعم...أنت مع من أحببت...فالتنهنأ أيها المحب ..فالحبيب يبشرك أنك مع الله...أنك مع الحبيب...ما نبض فؤادك وتنفس حبا للواحد الأحد...وأعلنها للأنام كما أعلنتها رابعة : أحبـك حبين ،حب الهوى .... وحبا لأنك أهــل لـذاكـــــا
فأما الذي هو حب الهوى .... فذكر شغلت به عن سواكــا
وأما الذي أنت أهــل لــه ..... فكشفك الحجب حتى أراكـــا
فما الحمد في ذا ولا ذاك لي... ولكن لك الحمد في ذا وذاكا