يقول السائل : لقد قال القرآن فى أكثر من موضع أن خلق السماوات والارض قد تم فى ستة أيام ، بينما يقول القرآن فى سورة “فصلت” أن الارض خلقها الله فى يومين ثم يقول أن الله بارك الارض وقدر فيها الاقوات فى أربعة أيام ثم يقول أنه تم خلق السماوات السبع فى يومين ، وبالتالى مجموعهم ثمانية أيام ، فما ردكم على هذا التناقض ؟

وقد قال القرآن أن خلق الارض فى اربعة أيام بينما قال الكتاب المقدس أن خلق الارض قد تم فى يوم واحد ، فأيهما نصدق ، القرآن أم الكتاب المقدس ؟
_
الرد : بسم الله الرحمن الرحيم ، إن الحمد لله أحمده سبحانه وتعالى وأستعين به وأستهديه وأستغفره وأعوذ به من شرور نفسى وسيئات أعمالى وبعد ..
قبل الرد على ما يظنه السائل تناقض فى القرآن بين عدد أيام خلق السماوات والارض ، سوف اتكلم عن ما ورد فى الكتاب المقدس من نفس القصه ردا على سؤاله أيهما نصدق ما قاله الله فى القرآن أم ما قاله الرب فى الكتاب المقدس من أنه خلق الارض فى يوم واحد ..؟!
وأنا أقول أولا : نصدق بالطبع وبلا شك ما قاله القرآن عن خلق الله للسماوات والارض للاسباب التاليه :
يقول الكتاب المقدس فى سفر التكوين 2 : 2 وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل.
فحين يقول الكتاب أن الرب استراح من جميع عمله الذى عمل يعنى أنه كان متعبا بعد هذا العمل فلا يطلب الرحة إلا من أصابه التعب ، بينما يقول القرآن فى نفس الموضع :
(ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب 38) سورة ق
فحينما يقول الكتاب المقدس أن الله يتعب من العمل ويحتاج الى الرحه ويقول القرآن أن الله يعمل ما يريد ولا يصيبه لذلك تعب ولا ارهاق فأنا طبعا وبلا شك أصدق القرآن لأنى لا اصدق ان الله يصبه التعب .
وأيضا يقول الكتاب المقدس عن الله بعد قصة خلق السماوات والارض والانسان وفى سفر التكوين الاصحاح 6 : 6 فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه.
فيخبرنا أن الرب يحزن ويتأسف ويندم على ما فعله وخلقه للانسان ولهذا قرر اله المحبه كما ورد فى الفقره التاليه : 7 فقال الرب: «أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته، الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء، لأني حزنت أني عملتهم».
أن يمحو الانسان الذى خلقه ومعه سائر الحيوانات والطيور لأنه نادم ومتأسف على ما فعله وخلقه لهم ، مع أن كتاب التكوين نفسه أخبرنا أن الله عندما خلقهم رأى أن ذلك حسن سفر التكوين 1 : 31 (ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدا. وكان مساء وكان صباح يوما سادسا.) !!
بينما يقول القرآن فى وصف الله بعد خلقه للسماوات والارض (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)) الأعراف ، (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(12)) فصلت وهذا الوصف أجده أحق وأصدق فى وصف الله وليس الندم والتأسف على ما فعل ولهذا أصدقه .
كما يقول الكتاب المقدس عن الرب : (مزمور 78: 65): فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ، كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.” يقول القرآن عن الله : (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) 255 سورة البقره . وأنا أصدق أن الله سبحانه وتعالى لا ينام ولا تأخذه سنه وإلا هلك الكون بمن فيه فلا مدبر للكون وحافظ له من دون الله .
كما يؤمن النصارى أن الله تجسد فى صورة انسان ومات مقتولا على الصليب ، ويخبرنا القرآن أن الله ليس كمثله شيء وأنه الحي الذى لا يموت ، فأنا أصدق القرآن .
ثانيا : فيما يخص خلق الارض فى الكتاب المقدس يقول السائل أن الكتاب يذكر أنه حدث فى يوم واحد (وهو اليوم الثالث) بينما لا ينتبه أن الكتاب يتكلم عن خلق الزحافات والطير فوق الارض والتنانين العظام (وهى كائنات خرافيه اسطوريه) فى اليوم الخامس ، كما أمر لتُخرج الارض ذوات انفس حيه كجنسها من دبابات ووحوش الارض فى اليوم السادس ، فيكون تمام خلق الارض وما عليها قد تم فى ثلاثة أيام وليس فى يوم واحد .
ثالثا : يقول الدكتور موريس بوكاي ان التوراة (بحالتها القائمة) تتحدث عن خلق العالم بالأصحاح الأول من سفر التكوين والجمل الأولى من الأصحاح الثاني، “إنها نموذج للتناقضات مع مقتضيات الدقة من وجهة النظر العلمية” (راجع الكتاب صفحة 65)
يقول الأصحاح الأول الجملة 1 والجملة 2: “في البدئ خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خربة وخالية والظلمات تغطي اللجة وروح الله يرف على وجه الماء”
يمكن للعقل تقبل فكرة أن الأرض كانت غارقة في الظلمات ولكن فكرة إنشاء الماء قبل بدئ خلق الأرض ليس له مايسوغه في العلم وهذا ما كان شائعا في بعض الأساطير والفلسفات القديمة إذ ان العلم يقرر سبق المرحلة الغازية لمرحلة المواد المواد الصلبة في خلق العالم.
والجمل من 3 إلى 5 تقول “وقال الله ليكن النور فكان النور. وراى الله النور أنه أحسن. وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارا والظلمة ليلا وكان مساء وكان صباح يوما واحدا” بمقياس العلم فان النور الذي يحيط بالعالم انما هوا نتيجة انعكاسات ضوء النجوم على الأجرام غير المضيئه، وفي هذه المرحلة من خلق العالم لم تكن النجوم قد خلقت بعد وحسب قول التوراة لم يتم خلق النجوم الا في اليوم الرابع كما تشير إلى ذلك الجملة الرابعة عشر، إذا فمن غير المنطقي أن يتم ذكر نتيجة ماسيحدث في اليوم الرابع في غضون ذكر أحداث اليوم الأول. ويضاف إلى ذلك خلق الليل والنهار ليس له مكان في خلق اليوم الأول الا بعد خلق الأرض والشمس ودوران الأرض حول الشمس وهوا ما تم بعد اليوم الأول !
يقول الأصحاح الأول من سفر التكوين بالجملة السادسة حتى الجملة الثامنة مانصه “وقال الله ليكن جلد في وسط المياة وليكن فاصلا بين مياه ومياه فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد. وكان كذلك ودعا الله الجلد سماء. وكان مساء وكان صباح يوما ثانيا”
إن خرافة المياة يستمر استخدامها هاهنا أيضا مع افتراض انفصال هذه المياه الخرافية إلى طبقتين تصبح احداهما ببساطة أرضا وتصبح الأخرى سماء. إن انقسام المياه إلى طبقتين أرض وسماء إنما هي صورة غير مقبولة علميا.
تقول الجمل من 9 إلى 13 مانصه “وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة. وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضا. ومجتمع المياه دعاه بحارا ورأى الله أن ذلك حسن. وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبرز برزا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه على الأرض وكان كذلك، فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبرز بزرا كجنسه وشجرا يعمل ثمرا بزره كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان ماسء وكان صباح يوما ثالثا”
من المقبول علميا أن القارات قد ظهرت في مرحلة من تاريخ الأرض عندما كانت الأرض مغطاة بالمياة. ولكن افتراض وجود عالم نباتي منظم تنظيما وراثيا من خلال البذور التي لا تظهر الا بعد نضج الثمار يستحيل أن يتحقق إلا بوجود الشمس التي لم تخلق إلا في اليوم الرابع بحسب نص سفر التكوين الأصحاح الأول ذاته. وذلك ينطبق أيضا على خلق الليل والنهار إذ يستحيل تصور إمكانية التمييز بينهما قبل خلق الشمس التي لم تخلق إلا في اليوم الرابع كما اشرنا.
وهناك رواية ثانية بقصة الخلق في سفر التكوين تتبع الرواية الأولى مباشرة بدون أي تعليق أو أي مقدمة تمهيدية للربط بين القصتين. والوصف الثاني لقصة الخلق مقتضب وبالتالي لا يفجر كثير من أوجة التناقض كما يفجرها النص الأول لأن النص الأول أكثر تفصيلا. ويرجع تاريخ كتابة النص الثاني لقصة الخلق بكل حسم إلى ثلاثة قرون قبل النص الأول وهو مقتضب جدا.
ومن الناقضات بين القصه الاولى للخلق فى الاصحاح الاول والقصه الثانيه الموجوده فى الاصحاح الثانى : أن القصه الاولى تقول أن الرب خلق الارض وأنبت عليها العشب والشجر فى اليوم الثالث (وقال الله: «لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا، وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه، بزره فيه على الأرض». وكان كذلك. فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا كجنسه، وشجرا يعمل ثمرا بزره فيه كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوما ثالثا.) التكوين 1 : 11 – 13
ثم يذكر أنه خلق الانسان فى اليوم السادس التكوين 1 : 26 – 31
بينما يذكر الكتاب المقدس ما يناقض ذلك فى التكوين 2 : 5 (كل شجر البرية لم يكن بعد في الأرض، وكل عشب البرية لم ينبت بعد، لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر على الأرض، ولا كان إنسان ليعمل الأرض.) فذكر أن الشجر والعشب لم ينبت لأنه لم يوجد إنسان ليعمل الأرض فعلق انبات الشجر على عمل الانسان مع أن الانسان تم خلقه بعد انبات الشجر والعشب ، وفى هذا دليل على ان الله خلق الانسان ليعمل فى الارض ويحرثها ولم يخلقه لينعن الى جواره فى الملكوت كما يعتقد النصارى ..!
أيضا فى سفر التكوين كثير من التناقضات التى تثبت أن هذا الكتاب ليس وحى من الرب الخالق مثل قصة الطوفان فى الاصحاح السادس والسابع ولهذا لا نصدق ما يقوله الكتاب المقدس : (تختلف الاحداث في رواية قصة الطوفان في تحديد الكائنات الحية الأخرى. هناك مقطع من الرواي تشير أن نوح قد أخذ معه في السفينة زوجا من كل نوع. ثم يخبرنا مقطع آخر من الرواية أن الله قد أمر نوح أن يأخذ معه سبعه من كل نوع ذكورا واناثا وذلك من الحيوانات المسماة بالحيوانات الطاهرة وأن يأخذ معه زوجا واحدا فقط من الحيوانات المساه بالحيوانات غير الطاهرة. وبعد ذلك يخبرنا نص آخر بأن نوح قد أخذ معه زوج واحد من كل نوع )
أريد أن أقول أن من تتبع وقرأ ما ورد فى سفر التكوين خاصة أو اسفار الكتاب المقدس عامة فسوف يعلم يقينا وبلا شك أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون وحى من الله ولا يصف الله بما يستحق ويليق به ولا تجد فيه ما يدعيه أتباعه من عقائد بل تجد ما يناقضها تماما ، ولهذا لا نصدقه .
وأما ما ورد فى القرآن من إخبار عن قصة خلق السماوات والارض فهو يبلغ من الدقة والاعجاز ما يحتاج أن نفرد له مقالات طويله ولكن اكتفى بالرد على ما ظنه السائل تناقض فى عدد ايام الخلق .
تقول الايات : { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ(9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ(10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(12) } فصلت .
ليس هناك تناقض ولا تفاوت بين المدة الزمنية التي جاءت في هذه الآيات وبين الآيات الأخرى التي ورد فيها تحديد المدة بأنها ستة أيام .
ففي هذه الآيات ـ من سورة فصلت ـ نجد أن الله سبحانه وتعالى يخبرنا بأنه : ( خلق الأرض في يومين ) و (جعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها ) في تمام أربعة أيام .
أي في يومين آخرين يضافان إلى اليومين اللذين خلق فيهما الأرض ، فيكون المجموع أربعة أيام
وليس المراد أن خلق الرواسي وتقدير الأقوات قد استغرق أربعة أيام .
ف
من معانى كلمة (سواء)
—————————
شَبِيه , شَقِيق , شِبْه , كِفْء , مَثِيل , مُتساوٍ , مُسَاوٍ , مُمَاثِل , مِثْل , نَحْو , نَظِير , سِيّان ، لا فَرْق ، متساوٍ عندي ، دون أي فرق ، بالتَّساوي ، لاَ فَرْقَ بَيْنَهُمْ ، مَثِيلاَنِ ، شَبيهانِ ،
equilibrium ، evenness ، It is same ، equality
قال الله تعالى فى سورة فصلت : ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ . وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ )
فقوله (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء) أى أن الاربعة ايام مقسمه بالتساوي الى (يومين الخلق ويومين التقدير) فمدة الخلق ومدة التقدير مثيلان ذكر أن الخلق فى يومين فيكون التقدير فى يومين سيان ولا فرق بينهما فهما متماثلان وقد جمع الله بينهما بـ (واو) المعيه وليس (ثم للتعقيب) كما فعل فى تعقيبه فى تسوية السماء سبع سماوات فى الايه التاليه .
( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)
وليس كما يظن من لا يفهم اللغه العربيه أن الخلق فى يومين والتقدير فى أربعه فيكون المجموع ستة ايام بالاضافه الى يومين خلق السماوات فيصبح المجموع ثمانية أيام ويعد هذاا تناقض مع آيات خلق السماوات والارض فى ستة ايام .
فهذا القرآن المعجز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يوضع فيه كلمه ولا حرف بلا فائده أو زائده.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .