قسطنطين الذي قال عنه القمص مرقس داود [1] :

( في تاريخ المسيحية برزت شخصيات كثيرة لعبت أدواراً رئيسية في الكنيسة . وهذه هي سيرة أحد هؤلاء الأشخاص . ويكفي القول هنا أن الكاتب هو نفس يوسابيوس مؤلف كتاب تاريخ الكنيسة والذي يعتبر في نظر جميع المؤرخين أنه هو أبو التاريخ الكنسي .. )

بل وإن الكنيسة المصرية الأرثوذكسية تتشفع به وتصلي له ,

قسطنطين قد ادعي أنه رأي المسيح في رؤيا ممسكا ًبصليب فيقول يوسابيوس القيصري [2] :

( كيف ظهر له في نومه مسيح الله وأمره بان يستعمل في حروبه علماً مصنوعاً على شكل صليب ,, وعلاوة على هذا قال خامرته الشكوك في داخله في معني هذه الرؤيا وبينما هو يتأمل ويفكر في فحواها أقبل الليل فجأة , ثم ظهر له في نومه مسيح الله بنفس العلامة التي رآها في السماء .)

ويوسابيوس أيضاً ينقل لنا تاريخ هذا الرجل وفتوحاته وامتلاكه للعالم بإسم الصليب فيقول[3] :

( على ان امبراطورنا بدأ ملكه في السن التي مات فيها المقدوني , ومع ذلك عاش ضعف عمره وملك ثلاثة أضعاف مدة ملكه وإذ أعطي جيشه التعليمات ليكونوا لطفاء ورحماء في حدود التقوي سار بجنوده حتى البريطانيين والأمم التي تسكن على حدود المحيط الغربي . وأخضع كذلك كل مملكة السكيثيين , وبالرغم من أنها في أقصي الشمال , وبالرغم أنها كانت مقسمة إلى قبائل متوحشة لا عدد لها وامتدت فتوحاته حتى إلى البليميين والإثيوبيين في أقصي حدود الجنوب ولم يخطر بباله أن امتلاك الممالك الشرقية أمر لا يستحق عنايته , وبالإيجاز ان ضياء نوره المقدس ذاع على أقصاء كل العالم حتى إلى حدود الهند البعيدة , والشعوب القيمة في أبعد أطراف المسكونة.. )

هذا قسطنطين الذي تبع أوامر الكتاب المقدس وإعتبر أن كل مخالف لفكره يستحق القتل ويكون ضده , وهذا بناءاَ على قول يسوع ( من ليس معي فهو علي .. )
إنجيل لوقا 9 : 50.

هكذا كان قسطنطين يحارب بل إن قسطنطين هذا الملك التي تصلي له الكنيسة الأرثوذكسية وتعتبره من العظماء مثل موسي كان يغصب الناس على الصلاة للمسيح مع إنهم وثنيين فيقول يوسابيوس القيصري[4] :

**كيف أمر حتى جنوده الوثنيين ليصلوا في يوم الرب :

أما عن الذين كانوا لا يزالون وقتئذ بعيدين عن الإيمان الإلهي فقد أصدر أمراً ثانياً متضمناً بانهم يجب أن يظهروا يوم الرب في ساحة قرب المدينة وإذا ما أعطيت اشارة معينة قدموا لله بنفس واحدة صلاة تعلموها من قبل . وقد نصحهم بانهم يجب أن لا يتكلوا على رماحهم أو اسلحتهم أو قواتهم البدنية , بل يجب أن يعترفوا بالله العلي كمانح لكل خير , .... وكانت نص الصلاة هي :
ينعترف بأنك الإله الواحد ونعترف بأنك انت ملكنا , ونلتمس معونتك , بنعمتك أنتصرنا , وبك نحن أقوي من أعدائنا . نقدم لك الشكر من أجل نعمك الماضية , ونتكل عليك من أجل البركات المستقبلية . نتضرع إليك ونتوسل طويلاً أن تحفظ لنا إمبراطورنا قسطنطين وأنجاله الأتقياء سالمين منتصرين ..)

بل وأيضاً قد غصب على أعدائه أن يحفروا علامة الصليب على دروعهم [5] :

**وأمر بحفر علامة صليب المخلص على دروع جنوده :

وليس ذلك فقط لكنه أمر أيضاً بحفر علامة الإنتصار المباركة على نفس دروع جنوده , وأمر بأن تتقدم راية الصليب فقط قواته المحاربة في مسيرها , لا التماثيل الذهبية كما كان متبعاً من قبل ...)

حتى أن هذا الرجل كان هو الحاكم وله السلطة في إصدار القرارات في المجامع مهما كان عدد المعارضين فيعلق المؤرخ المسيحي جون لوريمر عن أحداث مجمع نيقية فيقول[6] :

(ومن ثم فقد أراد أن يتحكم في سياسة الكنيسة فيما يختص بصحة المعتقد والهرطقة . ومع أنه نفسه لم يدعي أنه على دراية متميزة وفريدة في الأمور اللاهوتية , وأذعن لحكم الأساقفة إلا أن نفوذ قسطنطين هو الذي حسم القرار الأخير .. )

هذا فقط مجرد مثال عن كيفية إنتشار المسيحية في هذه القرون وليس فقط هذه القرون بل إستمرت المسيحية تنتشر بفرض الرأي وحتى ولو وصل الأمر إلى السيف والحرمان والتهديد وغيرها من الأساليب التي تفرض العقيدة على أناس يرفضون الإعتقاد بها ..

فمثلاً ثيئودوريت القورشي الذي رفض أن يوافق على قرار حرمان نسطور ولكن بالإكراه والضغط عليه وافق على هذا فيقول القمص تادرس يعقوب ملطي [7]:

( حُب ثيئودوريت وإخلاصه لنسطور قاده لأن يعتبر أن ما يعنيه نسطور هو بذاته ما يعنيه هو نفسه .... أثارت آراء ثيئودوريت الكريستولوجية كثيراً من الجدل . ويُجمع كثير من الدارسين على أنه تبني آراء نسطور حتى 435 – 436 م , ومن المحتمل حتى مجمع خلقيدونية . وتخلي عن تلك الأفكار على الأقل بعد 451

في مجمع خلقيدونية في عام 451م . قوبل في البداية بمعارضة شديدة .

ثم نوقشت قضيته في جلسة خاصة وأصر الآباء المجتمعون على أن ينطق بالحرمان ضد نسطور .. فإضطر أخيراً وعلى مضض أن ينصاع لأمرهم وأعلن :

محروم نسطور وكل من لا يعترف أن العذراء القديسة مريم هي والدة الإله , وكل من يقسم الإبن الوحيد المولود الوحيد إلى اثنين . وبناء على ذلك فقد أعُيد رسمياً إلى كرسيه الأسقفي ....)

فكان هكذا يتم فرض الرأي على المخالفين لفكرهم ويكرهونهم على إعتناق فكر أو مذهب أو الموافقة على مذهب مخالف لهم , وهذا مخالف تماماً لصريح القرآن الكريم وموافق تماماً لما في الكتاب المقدس !!

والتاريخ لا ينسي أبداً القديس آريوس الذي صرح بإيمانه بأن المسيح نبي ورسول ومخلوق وليس إله وبالطبع تم حرق كتبه بل وقتل أتباعه فيقول المؤرخ المسيحي جون لوريمر [8]:

( مع ان قسطنطين الذي لم تكن المسائل اللاهوتية واضحة أمامه مطلقاً قد إقتنع برأي يوسابيوس أسقف ###وميديا حول إعادة النظر في أفكار أريوس إلا أنه لم يهتم بأريوس مطلقاً حتى سنة 332م كان يكتب هكذا " إذا اكتشفت رسالة كاتبها أريوس فليكن مصيرها النار .. حتى لا يترك أي ذكري له مهما كانت .. وإذا قُبض على أي شخص يخفي كتاباً لأريوس ولا يظهره ويحرقه على الفور , فعقابه الموت , وتنفذ فيه العقوبة فور ثبوت الجريمة " . )

وإستمر المسيحيين في قتل وإرهاب كل مخالف لهم في الرأي , ولا أحد ينسي ما فعله الكاثوليك في أخوانهم البروتستانت حتى أنهم كانوا يعتبروهم مهرطقين فكانت الكنيسة تعتقد أن كل إصلاحي لابد من قتله فيقول أندرو ملِر [9]:

( وفي عام 1400م اصبح حرق الهراطقة قانوناً دستورياً في إنجلترا جاء فيه " في مكان عام مرتفع أمام عيون الشعب يحرق الهرطوقي العديم الإصلاح حياً " وسرعان ما أخذ الأساقفة والإكليروس يبدأون عملهم ... )

[1] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود , مقدمة الكتاب .

[2] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود – ك 1 ف 29 , صفحة 33 .

[3] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود – ك 1 ف 8 , صفحة 13,14 .

[4] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود – ك 4 ف 19.20 , صفحة 199 , 200

[5] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود – ك 4 ف 21 , صفحة 200 .

[6] كتاب تاريخ الكنيسة – المؤرخ المسيحي جون لوريمر – صفحة 46 .

[7] نظرة شاملة لعلم الباترولوجي – القمص تادرس يعقوب ملطي – صفحة 152 , 153 .

[8] كتاب تاريخ الكنيسة –المؤرخ المسيحي جون لوريمر – الجزء الثالث , صفحة 50 .

[9] كتاب مختصر تاريخ الكنيسة – للؤرخ المسيحي أندرو ملِر صفحة 395 .

هكذا إنتشرت المسيحية !!
مما لا شك فيه أن صلبان النصارى هى رمز مؤلم يذكرنا بتاريخ دموى إقترن بها منذ إتخذها النصارى رمزا لديانتهم و إعلم أخى القارىء أن الصليب لم يعتمد كرمز رسمى للنصرانية و لم يوضع على الكنائس و الحوائط و الصدوربهذا الشكل المشين إلا فى عهد قسطنطين ذلك الإمبراطور الوثنى الظالم عندما كان يقاتل مكسنتيوس فى صراع دنىء من أجل السيطرة على الشق الشرقى و الغربى من الإمبراطورية الرومانية و إدعى قسطنطين أنه رأى بعد غروب الشمس هالة من النور فى السماء على شكل صليب و تحته عبارة "بهذا تنتصر"

فلما نام نام رأى فى منامه صورة المسيح و معه الصليب نفسه و أمره بإتخاذ الصليب شعارا له و الزحف على عدوه فورا فكانت الظاهرة و ما تبعها من تاييده للنصرانية و طبعا هذه القصة المذرية لا حجة بها على أحد و الناس ليسوا مطالبين بتصديق هذا السفاح و حتى الجنود فى المعركة لم يقاتلوا من أجل المسيح و لا المسيحية و إنما من أجل السلطان و النفوذ و لكن هذه القصة حجة على النصارى فهى دليل صريح على أن الصليب رمز الحرب و القتل و الدماء فهذا القسطنطين لم ير صليبا يأمره بالتقوى و بحقن الدماء بل رأى صليبا يقول له" بهذا تغلب"

أى بهذا تسفك دماء أعداءك و تذبحهم , بهذا تزيد من نفوذ الدولة الرومانية الغاشمة و تحافظ على ملكك الدنيوى الحقير –فأى دليل بعد هذا على أن الصليب رمز السيف و نقول للنصارى إن قلتم أن قسطنطين ليس بحجة فقد قلنا نحن ذلك قبلكم و تالله أنى يؤمن لشخص إستعمل الدين فى الحروب لتحصيل السلطان حتى أنه قتل زوجته و إبنه بعد ذلك و ظل على الوثنية فى الوقت الذى كان يرسم فيه النصرانية مع عصابة مجمع نيقية أصحاب قانون" الخيانة الحقيرة"

و لم يتعمد قسطنطين إلا على فراش الموت مع أن العماد شرط لدخول النصرانية عندهم لذا قال عنه المؤرخون الغربيون أمثال ول ديورانت أنه كان وثنيا مع الوثنيين و أريوسيا مع الأريوسيين و إسناثيوسيا مع الإسناثيوسيين لتحقيق أغراضه السياسية و رؤيته الصليب هذه لا تعدو أن تكون رؤيا شيطانية كما حدث مع بولس من قبل و من يطالع سيرة كليهما يرى بوضوح مدى ضلالهما ,

و حينها يجب عليكم أن تتخلو عن الصلبان لأنه هو الذى أدخلها أما إن قلتم أن رؤيا قسطنطين حق فهذا إعتراف منكم بحقيقة دلالة الصليب و قد ظلت النصرانية قبل ذلك و لمدة 300 عام دعوى مغمورة لا يتبعها سوى 10% من سكان الإمبراطورية الرومانية حتى عهد قسطنطين و أبنائه الذين ساموا أتباع الديانات الأخرى { الوثنيين} فى الإمبراطورية سوء العذاب .

أما الحروب الصليبية فإسمها و ما حدث فيها كفيلان بكشف بشاعة النصرانية حتى أن مقولة "الدماء و صلت الركاب " المشهورة فى مصر يرجع أصلها إلى ما حدث فى القدس حين ذبح الصليبيون سبعين ألفا من الأطفال و النساء و الشيوخ عند المسجد الأقصى فى ليالٍ معدودةٍ بلا رحمة

و مذابح الصرب ضد المسلميين فى البوسنة ليست عنا ببعيدةٍ ففى أربعة أعوام ذبح النصارى 200,000 مسلم و مسلمة و إغتصبوا النساء و شقو بطون الحوامل و دفنو الناس أحياء

و قصة سربينيتشا تلك القرية الصغيرة التى أعانتها الأمم المتحدة منطقة أمنة إلا أن الصرب الصليبيين تعاونوا مع إخوانهم الهولنديين و غدرو بالقرية الأمنة و قتلوا عشرة ألاف مسلم فى ليلةٍ واحدة, فإذا تشدق النصارى كعادتهم و قالو أن الحرب كلنت عرقية لا دينية قلنا و ماذا كانت عرقية المسلمين ؟!

فأن العالم كله كان يعلم أن الحرب بين الصرب و الكروات و المسلميين فكان ذنب المسلميين أنهم مسلمون ثم أى تعاليم هذه التى تمنع من القتل بسبب الدين و تسمح به بسبب السلطان و الإحتلال إن كنتم صادقين أو أى دين هذا الذى فشل أتباعه فى فهم تعليمه على مدار أكثر من 1700 عام من لدن قسطنطين مرورا بالسفاح أوربان بابا الفاتيكان الذى قال أن الحروب الصليبية إرادة الرب

و ختاما ببوش الذى يتحدث عن crossedeur war وما كان للنصرانية أن تظهر لولا هذا الفكر الحربى
كما أوضحنا أنفا فإن النصرانية ظلت طوال ثلاثة قرون ديانة مغمورة لا يعتنقها إلا عدد قليل جدا من سكان الإمبراطورية الرومانية و لم تكن تجمعهم كلمة واحدة أو مذهب واحد بل كانت مذاهب متباينة فى العقيدة تباين شاسع حتى جاء قسطنطين و أيد النصرانية و حاول أن يوفق بين هذه الملل النصرانية

و لكن ظل الخلاف بين الموحدين أتباع الأسقف أريوس الذين قالوا ببشرية المسيح و أنه ليس مساويا لله تعالى فى الجوهر و بين الأسناثيوسيين أتباع المشرك المجرم إسناثيوس الذى إعتنق الفكر البولسى و قال أن المسيح مساو لله و أن لهما جوهر واحد عليه لعنة الله و من وقتها بدأ الإضطهاد و تم إحراق كتب أريوس وشاع القتل و التنكيل فى عباد الله الموحدين

أما بالنسبة لإنتشار النصرانية فى أرجاءالعالم فقد بدأ السيف الصليبى يسل منذ عهد قسطنطين نفسه فأغدق على الكنيسة و النصارى بالإمتيازات و العطايا على حساب الوثنيين الذين أخذ نفوذهم فى التضاؤل قهرا و بدأ التطرف فى إستعمال العنف و القوة ضد الوثنيين فى عهد الإمبراطور ثيودثيوس الأول الذى إستخدم كل أشكال الإضطهاد ضدهم بعد أن نجح فى توحيد العالم الرومانى تحت حكمه سنة394م ,

و إستمرت الحرب التى شنها ثيودثيوس ضد الوثنيين مدة ثلاثين عاما بعد وفاته هو نفسه و أقفلت المعابد و أعدمت الكتب و منع الوثنيين من مباشرة طقوسهم حتى داخل منازلهم!! بل أن الإمبراطور أركاديوس أصدر مرسوما بتنظيم معابد الوثنية لا إغلاقها فحسب بل قام بإستخدام أحجارها و مواردها فى إقامة منشأت عامة و عندئذ أدركت الوثنية أن مصيرها المحتوم هو الموت أو الإستبدال بصورة وثنية جديدة تسمى النصرانية
فلم تجد الوثنية بدا من الفرار و الإتجاء إلى مناطق العزلة الثانية فى إيطاليا و غالي او ظل الحال هكذا حتى القرن السادس حين أقام النجيس بندكت ديره الشهير سنة 529 م على أنقاض أخر ما تبقى من معابد أبولو فى مونت كاسبنو و من أوزريس إلى أبلو إلى بوذا ألى المسيح نرى هذه السلسة المظلمة من الألهة البشرية تعبد من دون الله العظيم.

كما تطلب ثمانى رحلات حسوما متتابعة حتى هزم الأفاريين الذين قيل عن أسلاب كنوزهم ******ة أنها رفعت شالالمان من أعالى الغنى و الثروة إلى شاهق الفيض و الوفرة و كان فرض النصرانية على ال***ونيين على اليد النجيس ليودجر و ويليهاد.

و فى الدنمارك كان للملك كونت دورا خطيرا فى نشر النصرانية فى ممتلكاته بالقوة و الإرهاب و من ثم أخضع الأمم المغلوبة على أمرها للقانون المسيحى بعد أن إشتبك مع الممالك المتبربرة فى حروب طاحنة مدفوعا بما كان يضطرم فى نفسه من الشوق إلى نشر العقيدة و فى روسيا إنتشرت المسيحية على يد جماعة
إسمها (( إخوان السيف ))

أما كيف دخلت النصرانية إلى روسيا فيبدو أولا على يد فلاديمير دوق كييف (985-1015) و هو سليل رورك و يضرب به المثل فى الوحشية و الشهوانية إذ جاء إلى الدوقية فوق جثة أخر إخوته و إقتنى من النسوة ثلاثة ألاف و خمسما ئة على أن ذلك كله لم يمنع من تسجيله قديسا فى عداد قديسى الكنيسة الأرثوذوكسية !!
لأنه الرجل الذى جعل كييف نصرانية و قد أمر فلاديمير بتعميد أهل دوقية روسية كلهم كرها فى مياة نهر الدنيبرو قد سمل باسيليوس الثانى و هو من أكبر ناشرى النصرانية فى روسيا أعين 15 ألف من الأسرى البلغار إلا مئة و خمسين منهم أبقى لكل منهم عينا واحدة ليقودوا إخوانهم فى عودتهم لبلادهم أما فى النرويج فقد قام الملك أولاف ترايفيسون بذبح الذين أبو الدخول فى الكسيحية أو بتقطيع أيديهم و أرجلهم أو نفيهم و تشريدهم و بهذه الوسائل( السمحة ) نشر النصرانية فى ( فيكن ) القسم الجنوبى من النرويج بأسرها.

أما فى الأمريكيتيين فكانت المأساة الكبرى فإبادة عشرات الملايين من الهنود الحمر

و كذلك حضارة الأنتيل و حضارة الماياو حضارة الأزتيك و حضارة الأنكا فى بيرو و قد نشرت الصحف صورة لما رافق إكتشاف جزيرة هايتى على يد الأسبان و كانت المادة العلمية تحتها ما يلى:-

( و إنشغل ضباط أسبان ( خلفاء المستكشف صاحب الحملة ) بإكتشاف جزيرة هاييتى و إحتلالها و كانت ما تزال أرض مجهولة و قد تولى هذه المهمة كل من دينغو فلاسكيز و بانفليو دونارفيز فأبديا من ضروب الوحشية ما لم يسبق له مثيل متفنيين فى تعذيب سكان الجزيرة بقطع أناملهم و فقء عيونهم و صب الزيت المغلى و الرصاص المذاب فى جراحهم أو بإحراقهم أحياء على مرأى و مسمع من الأسرى ليعترفوا بمخابىء الذهب و ليهتدو إلى دين المحبة!!

و قد حاول أحد الرهبان إقناع الزعيم (هايتهاى) بإعتناق الدين و كان مربوطا إلى المحرقة فقال له إنه إذا تعمد يذهب إلى الجنة,فسأله الزعيم الهندى قائلا:- و هل فى الجنة أسبان؟

فأجابه:- نعم ماداموا يعبدون إله الحق!, فما كان من الزعيم الهندى إلا قال:- أنا لا أريد أن أذهب إلى مكان أصادف فيه أبناء هذه الأمة المتوحشة!! و من أمثلة ما فعله النصارى فى أطفال الإنكا و المايا و الأزتيك أن فابل مسيحيون هندية و كانت تحمل بين ذراعيها طفلا تقوم بإرضاعه و بم أن الكلب الذى كان يرافقهم كان جائعا فقد إنتزعوا الطفل من بين ذراعى أمه

و رموه لكلب الذى أخذ ينهشه على مرأى من أمه و عندما كان بين السجناء بضع نساء وضعن حديثا فإنهم ما إن كان الاطفال الذين ولدوا حديثا يأخذون فى الصراخ يمسكونهم من سيقانهم و يصرعونهم فى الصخور

وكذلك ورد أنه عند وصول الجنود إلى القرية بعد الإفطار على العشب راودت الأسبان فكرة جديدة و هى التحقق مما إذا كانت سيوفهم قاطعة بالدرجة التى تبدو بها فجأة يستل الأسبانى سيفه و سرعان ما يحذو المائة الأخرون حذوه و يشرعون فى تمزيق أحشاء و ذبح هذه الشياة من الرجال و النساء و الأطفال و الشيوخ الين كانو جالسين مطمئنين يتفرجون فى عجب على الجياد و الأسبان

و فى ثوان معدودة لا يبقى أحد من هؤلاء الأبرياء على قيد الحياة حتى سال الدم فى كل مكان كما لو أنه قد جرى ذبح قطيع كامل من الأبقار و لا يجد ( لاس كاساس ) أى تفسير لهذه الوحشية لقد كان مشهد الجراح التى تغطى أجساد الموتى مشهد رعب و ذعر على حد قوله و لم تنطق الكنيسة ( صاحبة السلطة الدينية و الزمنية ) ببنس شفه تجاه كل ما كان يحدث من مذابح بمباركتها!!
و قد وصل الحد فى أمريكا فى عهد هجرة الأيرلانديون البرتستانت أن صدر قانون يجيز إبادة الهنود الحمر فى كل مكان يتواجدوا فيه

وقد عانى اليهود صنوفا من الاضطهاد والازدارء بناء على هذا التصور الذي ترسخ في العقل المسيحي وصمد على مر القرون، مدعوما بنصوص كثيرة من الإنجيل، وظروف اجتماعية وسياسية خاصة لكن القرن الخامس عشر الميلادي أظهر تحولات عميقة في النفس المسيحية -الغربية على الأقل- مع بزوغ ما عرف بحركة الإصلاح، وما استتبعه ذلك من انشقاق سياسي وعقائدي داخل الديانة المسيحية بشكل عام، والكاثولوكية الغربية بشكل خاص كان من نتائج هذه التحولات أن أصبحت المسيحية الجديدة التي عرفت باسم البروتستانتية ربيبة لليهودية:

فقد أصبحت للتوراة -أو العهد القديم- أهمية أكبر في نظر البروتستانت من الإنجيل أو العهد الجديد، وبدأت صورة الأمة اليهودية تتغير تبعا لذلك في أذهان المسيحيين الجدد وقد ظهر هذا التحول في النظرة المسيحية إلى اليهود في كتابات رائد الإصلاح البروتستانتي، القس الفيلسوف (مارتن لوثر). فقد كتب لوثر عام 1523 كتابا عنوانه: "المسيح ولد يهوديا"

قدم فيه رؤية تأصيلية للعلاقات اليهودية المسيحية من منظور مغاير تماما لما اعتاده المسيحيون من قبل، فكان مما قال في كتابه: "إن الروح القدس شاءت أن تنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم. إن اليهود هم أبناء الرب، ونحن الضيوف الغرباء،
و كذلك الحال من إبادة شاملة كاملة مارسها الإنجليز فى حق سكان الأصليين لأستراليا و كذلك فعل الأسبان و البرتغاليون فى حق سكان أمريكا الجنوبية

يقول القس فرانزغريس: ( إن االأمم النصرانية و أكثر من ذلك تاريخ الكنيسة بالذات مضرج بالدماء ة ملطخ و لربما أكثر تضرخا و وحشة من أى شعب وثنى أخر فى الغالم القديم, إن أمما ذوات حضارات زاهية باهرة قد أزيلت و أبيدت و محيت ببساطة و سهولة من الوجود و كل ذلك بإسم النصرانية)

_و حتى فى علاقة النصارى بعضهم ببعض كان السيف هو الوسيلة لنشر المذاهب كما فعل الكاثوليك فى مصر مع الأرثوذكس كما حدث و مازال يحدث من مجازر بين الكاثوليك و البروتستانت فى أوروبا و نذكر هنا مثال صغير جدا و هو ما يعرف ب(ملحمة سان بارتلمى)

و هى مذبحة أملر بها سنة572م شارلا التاسع و كاترينا دوميديسيس حينما قتلت كاترينا خمسة ألاف من زعماء البروتستانت فى باريس و ظنت أنهم يتأمرون بها و بالملك و لم يكد ينتشر الخبر فى باريس حتى شاع أنه شرع فى قتل البروتستانت فانقض أشراف الكاثوليك و الحرس الملكى و النبالة و الجمهور على البروتستانت

و قتلوا عشرة ألاف نسمة فى مختلف المدن بعد باريس و قد باركت الكنيسة الكاثوليكية هذه المجزرة و ما بدذ السرور على أحد كما بدذ على على البابا غريغوار الثالث عشر و قد أكر بضرب أوسمة خاصة تخليدا لذكرى هذه المذبحة!! و رسمت على هذه الأوسمة صورة غريغوار و بجانبه ملك يضرب بالسيف أعناق البروتستانت و قد ذكر (رينو)فى كتابه (مختصر تاريخ الحقوق الفرنسية)

أن فرنسا أصدرت عام 1685م أمرا بتحريم الديانة البروتستانتية و هدم كنائسها و نفى رؤسائها و فى عام 1715م عدت كل زواج لا يعقد على الطريقة الكاثوليكية غير مشروع و فى عام 1724 حرم البروتستانت من تولى الوظائف و أمرت فرنسا بأخذ الأطفال البروتستانت عنوة من أمهاتهم ليربوا تربية كاثوليكية و لا يزال هذا الأسلوب حيا إلى يومنا هذا و قد حرم شاب مصرى تزوج من بولندية من الحصول على أطفاله الأربعة بعد موت أمهم ليعود بهم إلى مصر و تمكن من إختطاف ثلاثة منهم(على حد تعبير الكنيسة )

و لا تزال طفلته فى الكنيسة تهان و تجبر على عبادة المسيح من دون الله و تؤهل لتكون من (خدم) الكنيسة و هذه القضية مشهورة الأن و تناولتها الصحف المصرية !!

محاكم التفتيش :

بدأت هذه المحاكم فى القرن الثالث عشر لإرهاب (الهراطقة) الخارجين عن الكنيسة لكن أشنع فصولها بدأ بسقوط

الآسينيون

استغل العديد من كهان المعبد موقعهم كوسيلة للحصول على الثروة و السمعة, لكن عدم شعبيتهم بين الناس أقلقتهم لتهديدها امتيازاتهم. أما الرومان, حُكّام يهودا, فقد اعتبروا بزوغ نجم هذا ”الزعيم الجديد” خطرا عليهم, فقد يدفع لثورة أخرى لليهود , و يكفيهم ما سببه لهم الآسينيون -سكان الكهوف بضواحي البحر الميت- من مشاكل. هذه الطائفة من اليهود رفضت قبول العادات و القوانين الرومانية لمّا تعارضت مع تعاليم موسى عليه السلام؛ لقد عقدوا العزم على الحفاظ على صفاء طريقة عيشهم و تحرير يهودا من الاعتداء الأجنبي. إلى جانب صلواتهم اليومية و دراساتهم للكتابات ”المقدسة”, زاول العديد منهم فنون الحرب. و أُطلق على أعضاء هذه ”القوات المقاتلة”Zelotes (المدافعون). من المحتمل أن المسيح عليه السلام قضى فترة مهمة من طفولته بين الآسينيين, ليس فقط في البحر الميت, لكن أيضا بمعقلهم الآخر بالقرب من الإسكندرية. لقد اتبعه فيما بعد العديد من أبناء هذه الطائفة.

رفع المسيح و صلب شبيهه

هكذا إذن التقت مصلحة الحكام الرومان و الطغمة الفاسدة من كُهّان المعبد في معاداة المسيح عليه السلام و أتباعه. و في هذه الظروف وقعت المؤامرة ضده فصُلِب رجل آخر مكانه, ربّما هو يهوذا الأسخريوطي:

" و لما دنت الجنود مع يهوذا من المحل الذي كان فيه يسوع , سمع يسوع دنو جم غفير , فلذلك انسحب إلى البيت خائفا , و كان الأحد عشر نياما , فلما رأى الله الخطر على عبده أمر جبريل و ميخائيل و رفائيل و أوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم , فجاء الملائكة الأطهار و أخذوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب , فحملوه و وضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح الله إلى الأبد , و دخل يهوذا بعنف إلى الغرفة التي أصعد منها يسوع , و كان التلاميذ كلهم نياما , فأتى الله العجيب بأمر عجيب , فتغير يهوذا في النطق و في الوجه فصار شبيها بيسوع , حتى أننا اعتقدنا أنه يسوع , أما هو فبعد أن أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم , لذلك تعجبنا و أجبنا : أنت سيدنا هو معلمنا أنسيتنا الآن ؟ , أما هو فقال مبتسما : هل انتم أغبياء حتى لا تعرفون يهوذا الإسخريوطي , و بينما كان يقول هذا دخلت الجنود و ألقوا أيديهم على يهوذا لأنه كان شبيها بيسوع من كل وجه " إنجيل برنابا ص 308 "

" و أُسْلِمَ يهوذا للكتبة و الفريسيين كأنه مجرم يستحق الموت , و حكموا عليه بالصلب و على لصين معه , فقادوه إلى جبل الجمجمة حيث اعتادوا شنق المجرمين , و هناك صلبوه عريانا مبالغة في تحقيره " إنجيل برنابا ص 314 "

”حتى يذوق العذاب لوشايته برجل آخر” (2)

شكّل الاعتقاد الخاطئ بأن المصلوب هو المسيح – و هي الفكرة التي دافع عنها بحماس شديد شاؤول الطرسوسي- أول أسباب الانشقاق داخل الكنيسة في أولى أيامها:

”أولئك التلاميذ الذين لا يخشون الرب سرقوا في الليل جسد يهوذا و أخفوه, ثم أشاعوا أن يسوع انبعث, فنجم عن ذلك بلبلة عظيمة. كبير الكهان منع الكلام حول يسوع الناصري مهددا بعقوبة اللعنة. هكذا انطلقت حملة عظيمة من الاضطهاد؛ البعض رُجموا, الآخرون جُلدوا و غادر الكثيرون البلاد لعدم استطاعتهم العيش في سلام في هذه الوضعية” (3).
شاؤول اليهودي أو بولس ,, العنصري الذي يقدسه النصارى اليوم

لم يكن اضطهاد أتباع المسيح عليه السلام احتكارا رومانيا فقد ساعدهم في ذلك اليهود الذين رفضوا الإيمان به, و شكل هذا سببا آخر للانقسام الذي عرفته الكنيسة في أيامها الأولى. أحد كبار المُضطهِدين, هو ”حبر الأحبار” شاؤول الطرسوسي, الذي سيشتهر فيما بعد باسم بولس. لقد لعب بولس دورا حاسما و فعالا في الاضطهاد, كما شهد على نفسه بذلك:

”سمعتم بسيرتي الماضية في ديانة اليهود و كيف كنت أضطهد كنيسة الله بلا رحمة و أحاول تدميرها, و أفوق أكثر أبناء جيلي من بني قومي في ديانة اليهود و في الغيرة الشديدة على تقاليد آبائي.” (رسالة بولس إلى غلاطية 1-13/14)

اضطهاد النصارى و الرومان زاد البعض صلابة, لكنه أوهن عزيمة البعض الآخر. فالأتباع الأكثر ضعفا تبنوا عقائدهم و أفعالهم ليتجنبوا بطشهم, فأدى ذلك إلى ظهور تناقضات و خصومات في صفوف أتباع المسيح عليه السلام.
شاؤول اليهودي يدعي اعتناق النصرانية و يتسمى ببولس

هنا تدخّل بولس, مرّة أخرى, و لعب دورا مهما في التوصل إلى تسوية لطخت صفاء نمط الحياة الذي دعا إليه المسيح. لقد أعلن بولس بشكل مفاجئ أنه رأى المسيح في رؤية فقرر أن يُصبح من أتباعه. رغم ذلك, انتظر 3 سنوات في جزيرة العرب و في دمشق قبل العودة إلى أورشليم (القدس) و يخبر الحواريين – الذين كانوا يُعرفون في تلك الفترة ب”الناصريين”- بمعجزته. كان الحواريون أقرب الناس إلى المسيح قبل أن يُرفع فلم يقتنعوا بصحة تحوّل بولس. شكوكهم ازدادت عندما شرع بولس –الذي لم يسبق له أن التقى بالمسيح أو جالسه- بممارسة عقيدة مخالفة بل و مناقضة لما سمعوه بآذانهم من المسيح نفسه. لكن بولس شرح هذا التناقض فيما بعد قائلا:

”فاعلموا, أيها الإخوة, أن البشارة التي بشّرتكم بها غير صادرة عن البشر. فأنا ما تلقيتها و لا أخدنها عن إنسان, بل عن وحي من يسوع المسيح”. (رسالة بولس إلى غلاطية 1-11/12)

الحواري يعقوب –سانتياغو- و موقف الحواريين من بولس

لم يستطع الناصريون تصديق أن المسيح لما كان على الأرض علّم حواريه ألاثني عشر ليدافعوا عن تعاليمه, ثم سحب هذا الاعتماد و بدّل تعاليمه الأصلية دون أن يُخبرهم, بل ما زاد الطين بلة و الطنبور غنة هو تكليفه لرجل لا يعرفونه. لم يٌقِم القديس يعقوب Santiago زعيم الناصريين بالقدس وزنا لأدلة بولس. ليس معروفا رابطة القرابة بين القديس يعقوب و المسيح عليه السلام, المعلوم أنه كان مقرّبا جدا منه, و حسب العهد الجديد, كان أحد أكثر الحواريين نشاطا و ممن يتكلمون دون مواربة أو خوف. لهذا سماه المسيح هو و يوحنا ”أبناء الرعد” Boanerges.

حسب أوزيبيوEusebio , ظل يعقوب يتضرّع لأجل قومه فترة طويلة حتى تورّمت ركبتاه و صارتا كركبتي الجمل. عٌرف لإخلاصه و استقامته باسم القديس يعقوب البار, و هو أوّل أسقف للقدس, و إن كان هذا اللقب لم يٌستعمل بعد في تلك الفترة. كان إحدى الشخصيات الأكثر احتراما في القدس, و طُلِب منه في مرات عديدة إيقاف لسان بولس عند حده و إخراس عقيدته الجديدة حول المسيح. كان باختصار الواجهة الرئيسية للحواريين في صراعهم مع بولس. (4)

توسط برنابي لدى الحواريين لقبول بولس

من الممكن أن الناصريين كانوا لايزالون يتذكرون الاضطهاد الذي عانوا منه على يد بولس فنبذوه. لكن بفضل تأثير برنانبي تمّ قبوله أخيرا داخل الطائفة. ربّما اعتقد برنابي أن بولس سينتهي به المطاف بقبوله مذهبهم في العيش إذا رافق أولئك الذين تلقوا مباشرة من المسيح. لكن بولس الذي عَرف أن قبوله داخل المجموعة كان بسبب دعم برنابي و ليس عن جدارة و استحقاق, غادر الجماعة و عاد إلى بلدته طرسوس متذمرا.

خروج الحواريين من القدس.

رحل العديد من الأتباع المقربين للمسيح إلى أنطاكية فارّين من الاضطهاد اليهودي و الروماني. و قد انضمّ إليهم برنابي و أصبح زعيم هذه الطائفة المتنامية من الناصريين خارج القدس, فعضوا بالنواجذ على نمط عيش المسيح و بدؤوا يقبلون بينهم أناسا لم يكونوا يهودا. في هذه الفترة شرع استعمال كلمة ”نصراني”’’cristiano’’, و كانت تستعمل كمسبة و احتقار أكثر منها وصفا.

بعد فترة قرر برنابي إيصال رسالة المسيح إلى مناطق أبعد. و بما أنه كان في طرسوس فقد اصطحب معه بولس إلى أنطاكية. مرّة أخرى وجد بولس نفسه وجها لوجه مع أولئك الذين اضطهدهم بالأمس. استقبلوه في أنطاكية بنفس البرودة التي لقوه بها في القدس. ودار بينهم جدال مرير ليس فقط حول تعاليم المسيح, بل حتى حول الأشخاص الذين ستُنشر بينهم الدعوة. لكن مرّة أخرى, بفضل برنابي تمّ قبول بولس في المجموعة. في النهاية, سار برنابي و بولس صحبة مرقس ابن أخت برنابي إلى اليونان في أول رحلة تبشيرية لهم.

بولس يحرف دين المسيح استجابة لنزوات اليونان و خلافه مع برنابي.

كان قبول دعوة المسيح مسألة سهلة ليهودي منفتح القلب, فتعاليم المسيح ليست سوى دليل ينير نمط عيش اعتاد عليه. أمّا غير العبراني, الذي رأى التقليد اليهودي تقليدا غريبا و حقيرا, فقد استصعب تعاليم المسيح. فاليونانيون, عُبّاد الحشود الهائلة من الآلهة, لم يعيروا اهتماما لرفع عدد آلهتهم, لكنهم غالبا ما تصدوا بحزم لعقيدة توحيد الله و نفي العبادة لغيره. هنا ظهر بولس كالرجل المناسب لتهيئ تعاليم المسيح لتُصبح موافقة لأهواء هؤلاء. لم يتقبل برنابي ذلك. فأدى توتر العلاقات بينهما إلى انفصالهما عن بعضهما. فاصطحب برنابي مرقس و سارا معا إلى قبرص.

بولس ينشر النصرانية المحرفة غربا

أمّا بولس فقد اتخذ سبيله في اتجاه الغرب رفقة بطرس. و في غياب استقامة برنابي و نصائح أتباع المسيح لردعه, لم يجد بولس معارضة للعقائد الجديدة و للسلوكيات و التعاملات التي تبناها. بل و ازداد مروق بولس عن تعاليم المسيح, واضعا انحرافه هذا على لسان المسيح الذي –كما زعم- كان يتجلى له في الرؤى. لقد اعتمدت تعاليمه كلها على الجانب الغيبي الخيالي, و ليس على شهادات تاريخية خلفها المسيح. حجته ضد أولئك الذين اتهموه بتحريف رسالة المسيح اعتمدت على ادعائه أن دعوته مستمدّة من وحي مباشر من المسيح, و أن سلطته إذن سلطة ربانية. هكذا إذن, و حسب هذه ”السلطة” التي ادّعاها, بَرَكَات رسالة المسيح لا تقتصر على اليهود بل هي مهداة لكل من آمن بها. بعد ذلك, ادّعى أن تعاليم الشريعة الموسوية (نسبة لموسى عليه السلام) ليس فقط غير ضرورية, و إنما معارضة لما أوحى به الرب. لقد كانت تلك التعاليم ”لعنة” بل و المسيح نفسه ”لعنة”

”و المسيح حرّرنا من لعنة الشريعة بأن صار لعنة من أجلنا, فالكتاب يقول: (ملعون كل من مات مُعلّقا على خشبة)…”(رسالة بولس إلى غلاطية 3-13).

هكذا أثار بولس غضب أتباع المسيح و اليهود على حد سواء فقد وجدوا أنفسهم أمام رجل يلعن دينهم ودين آبائهم الأولين. لكن المسألة كانت بسيطة, فبولس كان يُدافع عن أفكاره في وسط يبغض اليهود و لم يسبق له أن سمِع تعاليم المسيح من قبل. و قد برر أفعاله مؤكدا أن الغاية تبرر الوسيلة. كما لم تكن له فكرة واضحة عن تصوراته:

”و إن كان لا بد لي من الافتخار – مع أنه لا نفع منه – فأنتقل إلى الكلام على رُؤى الرب و ما كشفه لي. أعرف رجلا مؤمنا بالمسيح خُطِف قبل 14 سنة إلى السماء الثالثة. أبجسده؟ لا أعلم. أم بغير جسده؟ لا أعلم. الله يعلم. و إنما اعلم أن هذا الرجل خُطِف إلى الفردوس: أبجسده أم بغير جسده؟ لا أعلم. الله يعلم. أعلم أنه خُطف إلى الفردوس و هٌناك سمِع كلاما لا يقدر بشر أن ينطق به و لا يجوز له أن يذكره…” (رسالة كورنثوس الثانية 12-1/5)

هكذا نرى أن بولس لا يعلم إن كان الرجل الذي لقيه في ”جسده” أو ”خارج جسده”. رجل ينطق ”بكلام لا يقدر بشر أن ينطق به”. لقد طلب بولس من أتباعه أن يقلدوه بطريقة عمياء و كان يغضب من أولئك الذين يتّبعون الحواريين أتباع المسيح. لقد اتهمهم بتحريف إنجيله:

”عجيب أمرك ! أبمثل هذه السرعة تتركون الذي دعاكم بنعمة المسيح و تتبعون بشارة أخرى؟ و ما هناك ”بشارة أخرى” بل جماعة تُثير البلبلة بينكم و تُحاول تغيير بشارة المسيح. فلو بشرناكم نحن أو بشّركم ملاك من السماء ببشارة غير التي بشرناكم بها, فليكن ملعونا. قُلنا لكم قبلا و أقول الآن: إذا بشّركم أحد ببشارة غير التي قبلتموها منّا, فاللعنة عليه.”(رسالة بولس إلى غلاطية 1-6/9).

هذه الآيات تدل بما لا يدع مجالا للشك وجود ”إنجيل آخر” أو ”بشارة أخرى”. ليس هناك ما يدل على أن الإنجيل –الوحي الذي نزل على عيسى من الله عز وجل – قد جُمِع و كٌتِب تماما على الشكل الذي أوحي إليه. من المحتمل أن بولس كان يقصد تلك الروايات و الشهادات التي وصفت حياة المسيح, كإنجيل برنابي الذي أُتلف ثلاثة قرون بعد ذلك, على إثر مجمع نيقية. قد يكون بولس صادقا و متحمسا في أفعاله, لكن حميته الضالة كانت وبالا على النصرانية و أكثر تدميرا على الناصريين من اضطهاده لهم أيام كان ”حبر الأحبار اليهود”. لقد كان لتعاليم بولس بعد وفاته أثر لم يكن يتوقعه هو نفسه. فكتابه الذي سمّاه ”إنجيل المسيح” أدى إلى تحريف كبير لتعاليم عيسى عليه السلام و هيّأ بذلك الطريق لتغيير فكرة الناس عن ”من هو المسيح”. لقد تحوّل في أذهان الناس من رجل إلى ”مفهوم”. فصورة المسيح عند بولس ليست صورة رجل عادي, يحي ثم يموت, بل هي صورة اختلطت فيها صفات الله عز وجل بالمسيح, خاصة - كما رأينا أعلاه – و أنه كان بإمكانه نسخ ما جاء به المسيح. هكذا تحولت هذه الصورة الخيالية للمسيح إلى محط عبادة و أصبح من الصعب التمييز بين الرب و يسوع. هذا الاعتقاد الفاسد وضع مريم الصديقة في وضعية مستحيلة: فمريم عليها السلام هي أم الرب.
اعتناق فلاسفة اليونان للنصرانية المحرفة لموافقتها أهواءهم.

هذا التحول الخطير من يسوع النبي إلى يسوع ذي الخصوصيات الإلهية, جعل فلاسفة اليونان و روما يفكرون في إمكانية الجمع بين فلسفتهم الخاصة و دعوة بولس و أتباعه. كانوا يعتقدون أن الوجود هو ثلاثي التكوين, و قد جمعوا إلى حد الآن ”الرب الأب”و ”ابن الرب” و لم يعد يعوزهم غير ”الروح القدس” للحصول على تثليث يوافق ما هم عليه. لم يكن القديس أوغستين راضيا بالمرّة و أنكر على الفلاسفة الحرية الزائدة:

”الفلاسفة ينطقون كلماتهم بكل حرية…رغم ذلك نحن لا نقول إن كان هناك اثنان أو ثلاث مبادئ, اثنان أو ثلاثة آلهة”(De Civitate Dei 0/23) (5)

تأثير الفكر الأفلاطوني على النصرانية

اعتمدت فلسفة أفلاطون على تركيب ثلاثي الأبعاد: العلة الأولى, العقل أو اللوغوس logosو النفس أو روح الكون. كتب العلامة البريطاني جيبون (1737-1794)عن أفلاطونأنخيال هذا الأخير الشعري جسّد و أنعش هذه التجريديات المتافيزقية, فكل مبدأ من المبادئ الأصلية الثلاثة اتحد مع الأخرى بصورة غامضة لا يمكن وصفها. لقد وُضع اللوغوس –العقل- تحت المفهوم الواسع لابن الأب الأبدي, الخالق و مدبر الكون. (6)

مع مرور الوقت, اختلطت الأفكار الغامضة و الاعتباطية عن المسيح مع لوغوسات- )جمعlogos) – أفلاطون فاستحالا إلى صورة واحدة. هكذا وُلدت عقيدة التثليث التي ستُعتبر فيما بعد ”النصرانية الأرثودوكسية المُحافظة”.
اضطهاد الناصريين في القدس

كان الرومان و الأمميون لا يميزون بين الناصريين و اليهود. و تزامن ذلك مع حملة اضطهاد عام ضد اليهود تُوِّجت بتدمير معبد سليمان سنة 70 ميلادية. لقد قُتِل أغلب السكان اليهود ببيت المقدس و شاطرهم العديد من الناصريين نفس المصير. أما الذين نجوا فقد استقروا في بلدة بيلا (طبقة فحل) شمال غرب الأردن.

لما تقلد أدريانو منصب الإمبراطور, أنشأ مدينة جديدة على جبل صهيون سمّيت إلياء كابيتولينا. و قد حُددت عقوبات صارمة للغاية و توعد بالعذاب الأليم أي يهودي يتجرأ على الاقتراب منها. يقول جيبون:

"لم يجد الناصريون إلا سبيلا واحدا للتحرر من هذا المنع. فاختاروا مرقس ليكون مطرانهم, و هو أسقف من العنصر الأممي, أغلب الظن أنه ينحدر من إيطاليا أو من إحدى الأقاليم اللاتينية. بإشارة منه تخلى الجزء الأكبر من الجماعة عن شريعة موسى التي احتفظوا بتعاليمها لأكثر من قرن. بواسطة هذه التضحية بالأعراف و الامتيازات استطاعوا الحصول على الإذن بالدخول إلى مستوطنة أدريانو و وطدوا بصورة قوية اتحادهم مع الكنيسة الكاثوليكية". (18).

أما الناصريون الذين رفضوا هذا التوافق فقد اتًّهموا بالضلال و الشقاق. فبقي بعضهم في بيلا (طبقة فحل) و انتقل آخرون إلى القرى المحيطة بدمشق, أما الأكثرية فقد استقرت في حلب السورية:

” و اعتبر اسم "الناصري" أسمى و أشرف من أن يطلق على هذه الشرذمة من اليهود المسيحيين, و سرعان ما أُطلق عليهم ما افترض فيهم من ضيق الأفق و ضآلة الإدراك, بالإضافة إلى حالتهم – الاسم الحقير المزري "الأبيونيون". (19).

اضطهاد الناصريين في روما

كان نفس الأسلوب من الاضطهاد في روما. حيث كانت جماعة تعرف باسم "الجليليون"Galileos, مكونة من الناصريين و الزيلوتيين الذين اتهمهم نيرون بالمسؤولية عن حرق روما و عذبهم عقابا لهم. و طُلب من الناصريين دفع الضرائب الباهظة التي كانت مفروضة خصيصا على يهود روما:

"ولما جاوز مأمور الدخل الحد و طالبوا بغير حق كثيرا من الأشخاص الغرباء على الدم اليهودي و الديانة اليهودية, كان من المستحيل على المسيحيين, و هم الذين كثيرا ما استظلوا بظل الكنيس, أن ينجوا بأنفسهم من الاضطهاد الوحشي الجشع. و كان حرصهم شديدا على اجتناب أية شبهة وثنية, فأبت عليهم ضمائرهم أن يسهموا في تكريم ذلك الشيطان الذي تقمص شخصية جوبتير في الكابيتولينا. و لما كانت فئة كبيرة, و لو أنها في طريق الاضمحلال, بين المسيحيين, ظلت ملتزمة بشريعة موسى, فإن جهودهم في ستر منبتهم اليهودي قد فضحها الاختبار الحاسم, ألا وهو الختان." (20).

عندما نقرأ ما تعرّض له الناصريون, و الذين اتبعوهم من بعد ذلك, من اضطهاد نتذكر الآيات التالية من إنجيل يوحنا:

"سيخرجونكم من المجامع, بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله". (انجيل يوحنا, الإصحاح 16. 2)