بسم الله الرحمن الرحيم

يُعدّ شهر رمضان [ ] المبارك مناسبة ذات أهمية كبيرة في العالم الإسلامي وخصوصًا في العالم العربيº حيث يرتبط قدوم الشهر الكريم بمجموعة من العادات والتقاليد التي توارثها المسلمون والعرب منذ مئات السنين. ولكن هذا الأمر يختلف في بعض دول العالم الإسلامي خصوصاً الدول التي حصلت على استقلالها حديثًا مما كان يُعرف بالاتحاد السوفيتي السابق..وفي السطور التالية نتناول أيام وليالي رمضان [ ] في جمهورية أذربيجانº هذه الجمهورية القوقازية التي يقطنها حوالي (8) ملايين مسلم يشكل المسلمون 90 % من عدد سكانها.
ولأول وهلة تشعر أن هذا الشهر الكريم لا يحظى بما يحظى به في بلاد مسلمة أخرىº حيث لا تعتد الدولة بهذه المناسبةº فهي علمانية بحسب نصوص الدستور، ويرجع ذلك لخضوع البلاد للحكم الشيوعي لمدة (70) عامًا وهو ما أضعف الوعي الديني لدى أغلبية أفراد الشعب.خصوصًا أن الدولة لم تهتم بزيادة هذا الوعي، ولا تقدم دعمًا لدار الإفتاء ـ الهيئة الدينية الوحيدة في البلاد ـ للاهتمام بالدعاة وتدريبهم وتأهيلهم ليعيدوا مجد الإسلام إلى هذه الجمهورية السوفيتية السابقة.
وينتظر الشعب الإعلان عن قدوم الشهر من الدول المجاورة أو دول العالم الإسلامي خصوصًا تركيا والسعودية، ولا تبدي وسائل الإعلام أي اهتمام بشهر رمضان [ ] باسثناء بعض المسلسلات الدينية التي يتم شراء حقوق إذاعتها من مصر [ ] وإيران وتركيا.

بلح ورطب
تكتفي بعض المتاجر والمحلات بعرض علب كرتون صغيرة مملوءة بالبلح والرطب القادمة من تركيا كمظهر تقليدي أثناء الشهر المبارك.. ورغم تزايد الاهتمام النسبي بشهر رمضان [ ] في أذر يبجان في الأعوام الأخيرة إلا أن أغلبية الشعب الأذريّ لا يُقبلون على صيام رمضان [ ] حيث يرى شهود العيان المطاعم مملوءة بالرّواد في نهار رمضان.. كذلك تدخين السجائر يتم بشكل علني، ولا تشهد مواعيد العمل الرسمية أو الدراسة أي تغيير خلال الشهر الكريم حيث يستمر العمل حتى السادسة مساء رغم أن مواعيد الإفطار تحل في الخامسة والنصف باستثناء بعض المدارس الإسلامية والكلياتº حيث يسمح للطلاب بمغادرة قاعات الدراسة في الرابعة والنصف للحاق بالإفطار وأداء صلاة العصر حيث لا توجد في أغلب مؤسسات البلاد أماكن لأداء الصلاة وهذا ما يفرض على الطلاب أداء الشعائر في منازلهم.

إفطار جماعي
وتقتصر صلاة التراويح في العاصمة باكو على المسجد التركي الذي تم إنشاؤه في أوائل التسعينيات حيث يقبل عشرات المواطنين الآذريين، وقد يصلون إلى المئات على أداء هذه الصلاة.. أضف إلى ذلك المواطنين الأتراك وأعضاء الجاليات الإسلامية الذين يقومون بتنظيم إفطار جماعي يشبه موائد الرحمن في دول العالم الإسلامي منذ أذان المغرب حتى السحور قبل أذان الفجر. كما تقوم بعض سفارات الدول الإسلامية بتوزيع بعض الكتيبات والإمساكيات الإسلامية على مواطني أذربيجان توضح لهم فضل الشهر الكريم وتوقيت الإفطار والسحور.
وتقوم المراكز الثقافية التابعة لسفارات الدول الإسلامية - وعلى رأسها السعودية والتركية ومصر [ ] بتخصيص زوايا لإقامة الصلوات عمومًا، وصلاة العشاء والتراويح.. تعقبها ندوات دينية.. يتحدث فيها دعاة من الأزهر الشريف ورابطة العالم الإسلامي، وتحظى هذه الندوات بإقبال متنامٍ,، خصوصًا في العامين الماضيين، علاوةً على قيام أساتذة في الدراسات الإسلامية في الجامعات الحكومية بإلقاء خطبٍ, ومحاضراتٍ, خلال هذه الندوات، ولا تكتفي السفارات العربية والإسلامية بذلكº بل تنظم حفلات إفطار سنوية تدعو فيها مواطنين أذريين ومسؤولين حكوميين لتوطيد العلاقة بين الطرفين، والعمل على زيادة اهتمام المواطنين الأذريين بهذه المناسبة.

تزايد الإقبال على صيام رمضان
ويرى السفير الأذريّ في القاهرة إسرافيل فيكيلون أن الإقبال على صوم شهر رمضان [ ] تزايد في الأعوام الماضية بصورةٍ, مطّردة، وكذلك تدعم الدولة - رغم توجهها العلماني - مساعي زيادة الوعي الديني لمواطني البلاد، وتخصص أوقاتًا في التلفزيون الحكومي لتقديم برامجَ ومسلسلاتٍ, دينية عن هذه المناسبة المباركة.
وأضاف أن الدولة لا تمارس أي قيودٍ, على إقامة الصلوات في المساجد والأماكن المفتوحة فأذربيجان تعد الدولة الأولى في العالم في التسامح مع الأديان.. مشيرًا إلى أن دستور الدولة العلماني يحظر الاحتفال بمناسباتٍ, دينيةٍ,، ومنها شهر رمضان [ ] لكنَّها لا تفرض قيودًا ضد أي احتفالاتٍ, بقدومه.. منبهًا إلى أن الوعي الديني لمواطني أذربيجان يزداد سنويًّا، ولا ننسى أن السوفييت مارسوا طوال (70 عامًا) أبشع أنواع الاضطهاد ضد الأديان عمومًا، والدين الإسلامي خصوصًا، والمحنة تحتاج إلى تدرجٍ, لتعويض ما فاتنا طوال هذه السنوات.