ماريا خوسيه تومي

ترجمة: الزهراء مصطفى الشامي



وفقًا للقرآن الكريم "نولَد كُلنا مسلمين"، ولا يولَد أحد على أيِّ ديانة أخرى؛ ولذلك فعندما يتحوَّل الفرد للإسلام، فالكلمة الأدق هي أنه عاد للإسلام، وليس تحوَّل إليه!

فعلى سبيل المثال "خوسيه لويس" و"ألفريدو" و"أمالور"، وهم رجلان وامرأة من "البايس باسكو"، استوعبوا جيِّدًا طريق العودة، والآن هم يَتَّبعون تعاليم القرآن بهُويَّتهم الجديدة: "يوسف" و"عثمان" و"خايلة".

وعلى الرغم من كونهم مولودين في "سان سباستيان"، أو في "بلباو"، فإنهم قد نَطقوا بالشهادة: "أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله" أمام اثنين من الإخوة في الله، وقاطَعوا لحم الخنزير وشُرب الخمور، وأصبَحوا يواظبون على الصلوات الخمس، ويصومون شهر رمضان.

لا يوجد أيُّ تَعداد لعدد الذين اعتَنَقوا الدين الإسلامي من "البايس باسكو"، ولكن من الممكن أن يكونوا قد وصلوا إلى 700 فرد؛ أي: نسبة 2,5 % من الثلاثين ألف مسلم المستقرِّين في "إوسكادي"، وغالبيَّتهم من المغرب والجزائر.

وصرَّح "يوسف" و"عثمان" و"خايلة" قائلين: "نحن من "البايس باسكو" مثل الكثيرين، ولكننا أيضًا مسلمون"، كما أنهم يشكِّلون جزءًا من جالية متزايدة، ويطالبون ببناء مساجد كحقٍّ للكثيرين، ولكنَّهم شَعروا بألَمٍ وعجزٍ كبيرَيْن عندما وجَدوا الرفض القوي الذي أثارَه بناء مراكز العبادة الجديدة في "بلباو" و"بيتوريا".

وُلِد "خوسيه لويس أوروثا" قبل 34 عامًا في "سان سباستيان"، وكان يَدين بالمسيحية الكاثوليكية، ولكنَّه الآن اسمه "يوسف"، ويعمل مديرًا فنيًّا لجمعية "ثنتروا حلال"، والهدف الأساس وراء هذه الهيئة هو ترويج الأطعمة الحلال والمنتجات، التي يُمكن للمسلمين أن يتناولوها دون مخالفة تعاليم القرآن الكريم، ودفَعه حدَث فضولي إلى "العودة إلى الإسلام"، ابتداءً من إحساسٍ بالرفض، وصرَّح قائلاً: "لقد كنتُ ممارسًا للديانة الكاثوليكيَّة، وكنت أنظر للإسلام على أنه عدوٌّ، ويجب مُحاربته، فبدأْتُ أفكِّر وأدرس، وشيئًا فشيئًا استوعَبْتُ أنه عكس ذلك تمامًا، ثم تقدَّمت فيه للأمام واعْتَنَقته".

وفى ذلك الوقت كان "يوسف" يَبلغ من العمر 20 عامًا، وكان مستقرًّا في "ملجا" - حيث انتقلَتْ عائلته - وبدأ مرحلة التحوُّل الرُّوحي التي جعَلته "شخصًا أفضلَ"، ولَم يكن "تغيُّرًا مفاجئًا" في حياته، ومن بين العادات التي قام بتغييرها أنه ترَك عِدَّة صداقات واستبدَلها بـ"الأخوَّة في الإسلام"، وهو مفهوم يتجاوز معنى الصديق، كما أنه أقلَع عن شُرب الخمور وتناوُل لحم الخنزير.

أمَّا بالنسبة لرَدِّ فِعْل أُسرته، فكان شيئًا آخَرَ، فلم يَعُد يَحضُر قُدَّاس أيام الأحد، وامتَنَع عن حضور مواكب الأسبوع المقدَّس واحتفالات أعياد رأس السنة، "هذه العادات متأصِّلة جدًّا في "ملجا"، ولكنَّ أُسرتي لَم تكن تَتَفهَّم ذلك".

ويَقطن "خوسيه" حاليًّا في "إيبار" مع زوجته "هيار"، وهي مسلمة من أصل مغربي، تعمل في مشروع استيرادٍ للحوم، وكان "خوسيه" قد أحبَّها عندما قابَلها صدفةً في مؤتمرات إسلاميَّة.

اعتنَق "عثمان" "ألفريدو جوميث" خرِّيج علم الاجتماع جامعة "ديوستو"، وكان مثله مثل "يوسف"، يُمارس الكاثوليكية، ولكنه كان يرى "متناقضات"، تعمَّق في جذور وأصول المسيحيَّة؛ حتى اكتشَف الإسلام، ولمدة عامين عاش هُويَّته الجديدة سرًّا، حتى قرَّر الاقتراب من مسجد "السلام" بشارع "فيكا"، وكان ذلك اليوم هو يوم جمعة، وعظيمٌ هذا الانطباع الذي وجَده عقب الصلاة.

نطَق الشهادة في بيت أحد الإخوة في الله، وشَكَر والِدَيه لتَفَهُّمهم له؛ "لقد احترموني مثل الكثيرين من حولي، ولكنني أعلم أنني بالنسبة لكثيرين آخرين سبب للفضيحة".

كما اعترَف "عثمان" بأنه ليس لَدَيه أيُّ حَرَجٍ في إظهار إسلامه، على الرغم من رَفْضه الحياة بـ"طقوس معيَّنة"، ولكن الصدمة الاجتماعية الثقافية لا مَفرَّ منها، فمثلاً عند ضَبْط الأعياد الإسلاميَّة على أوقات ومواقيت عمله التي يَنظمها التقويم الكاثوليكي، قال: "أحتاج إلى عيدين في السنة، وإن لَم يَتَصادفوا مع إجازة نهاية الأسبوع، سآخذ هذه الأيام كإجازة".

وجدير بالذِّكر أنه تفهَّم جيدًا نظرة البعض له على أنه شخص غريب، ومَيْلهم إلى سؤاله عن أسباب "عودته للإسلام".

أما بالنسبة لـ"خايلة جارثيا"، فهي مثلها مثل العديد من شباب العشرينيَّات، ولكن على الرغم من صِغَر سِنِّها، فإنَّ معتقداتها كانتْ كافية للغاية؛ لجَعْلها ترتدي الحجاب، وتَقف في وجه من يسألونها: "إن كنتِ أصبحتِ مسلمة، فأقول لهم: لا، إنني من "بلباو" طيلة حياتي، ولكنني أيضًا مسلمة"، وقد غيَّرت اسمها إلى "خايلة" (كريمة)؛ تكريمًا لوالدة زوجها.

تبلغ "خايلة" من العمر 27 عامًا، ولَدَيها طفلان "فايزة" و"طارق"، منذ عام عندما توفِّي والدها، قرَّرت اعتناق الإسلام، ووجَدت فيه السلام الذي كانت تبحث عنه بعد العديد من التجارب الصعبة التي مرَّت بها.

ومنذ شهر واحد فقط، ارتدَت "خايلة" الحجاب، ولكنها لَم تَجِد في فَرْض الحجاب نوعًا من الخضوع لزوجها، وقالت: "لا يوجد أيُّ ضررٍ للمرأة في ديننا؛ فالإسلام ليس متحيِّزًا للذكور بل الثقافات".