ما معنى قول عائشة" وأيكم يملك إربه"؟

حاولوا الطعنَ في النَّبِيِّ r من خلالِ زوجتِه الطاهرة العفيفة عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، فقالوا: كيف عرفت عائشةُ أن رسول الإسلام كان أكثر الرجال يَمْلِكُ إِرْبَهُ...؟ فهل كانت على خلقٍ غير مستقيم ؟!

وتعلقوا بما جاء في صحيح البخاري كتاب ( الحيض) باب (مباشرة الحائض ) برقم 291 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِr أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا قَالَتْ : وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَاكَانَ النَّبِيُّ r يَمْلِكُ إِرْبَهُ .
الرد على الشبهة

أولًا: إن معنى قولِ عائشةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الذي ُأشكل فهمه عند المعترضين لما سُئلت عن مباشرة النبيِّ r لنسائِه في المحيض فأجابت قائلة: " وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ r يَمْلِكُ إِرْبَهُ ؟ "

يُفهم بجملةٍ واحدةٍ فقط هي: إذا كان أحدُكم يملك إربه كما كان النبيُّ r فليفعل كما فعل النبيُّ r.

بهذه الجملة تنتهي الشبهة التي هي أوهن من بيتِ العكنبوت لو كانوا يعلمون - بفضل الله I - .

والإرب أي : الحاجة وهي من قولِ اللهِ I على لسان موسى u لما سأله ربُّه I عن عصاه : ]قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى [ (طه18 ) .

مأرب أخرى أي: حاجات أخرى.
ومعنى يملك إربَه في الحديثِ أي: كَانَ النبيُّ r يَضْبِط نَفْسه عِنْد الْمُبَاشَرَة عَنْ الْفَرْج وَيَثِق مِنْهَا بِاجْتِنَابِهِ، أضف إلى ذلك أنه عُلم بالضرورةٍ أن النبيَّ r أوتى تمامَ الخلقِ ، ومعالي الهمم فمعرفة أنه أملك الناس لشهوته لا تحتاج إلى سؤالٍ أو استفتاءٍ؛ ثبت في صحيح البخاري برقم 260 قال أنسt : كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ .

قلتُ: إن قولَ أنسٍ t في الحديثِ كان على سبيلِ المبالغةِ في القوةِ لا أكثر.
إذًا: كان هذا أمرًا مفروغًا منه، ومعلومًا عند الجميع ....
ثم إننا لم نسمع أن واحدً من الصحابةy أو المنافقين أو المشركين أنكر على عائشةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ما قالته، وفهم كما فهم المعترضون بقولهم....- قبحهم الله- .

ثانيًا: إن مما يُدعم ما سبق هو: ما قاله ابنُ حجرٍ في الفتحِ في قولِها: ( يَمْلِك إِرْبه ) بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَسُكُون الرَّاء ثُمَّ مُوَحَّدَة، قِيلَ الْمُرَاد عُضْوه الَّذِي يَسْتَمْتِع بِهِ ، وَقِيلَ حَاجَته ، وَالْحَاجَة تُسَمَّى إِرْبًا بِالْكَسْرِ ثُمَّ السُّكُون وَأَرَبًا بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالرَّاء ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِي شَرْحه أَنَّهُ رُوِيَ هُنَا بِالْوَجْهَيْنِ، وَأَنْكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَر كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيّ وَغَيْره عَنْهُ رِوَايَة الْكَسْر، وَكَذَا أَنْكَرَهَا النَّحَّاس . وَقَدْ ثَبَتَتْ رِوَايَة الْكَسْر، وَتَوْجِيههَا ظَاهِر فَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِهَا، وَالْمُرَاد أَنَّهُ r كَانَ أَمْلَك النَّاس لِأَمْرِهِ، فَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ مَا يُخْشَى عَلَى غَيْره مِنْ أَنْ يَحُوم حَوْل الْحِمَى، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يُبَاشِر فَوْق الْإِزَار تَشْرِيعًا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ. وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَر الْعُلَمَاء، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَة الْمَالِكِيَّة فِي بَاب سَدّ الذَّرَائِع. وَذَهَبَ كَثِير مِنْ السَّلَف وَالثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق إِلَى أَنَّ الَّذِي يُمْتَنَع فِي الِاسْتِمْتَاع بِالْحَائِضِ الْفَرْج فَقَطْ ، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّد بْن الْحَسَن مِنْ الْحَنَفِيَّة وَرَجَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ ، وَهُوَ اِخْتِيَار أَصَبْغ مِنْ الْمَالِكِيَّة ، وَأَحَد الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَاخْتَارَهُ اِبْن الْمُنْذِر . وَقَالَ النَّوَوِيّ : هُوَ الْأَرْجَح دَلِيلًا لِحَدِيثِ أَنَس فِي مُسْلِم " اِصْنَعُوا كُلّ شَيْء إِلَّا الْجِمَاع " وَحَمَلُوا حَدِيث الْبَاب وَشَبَهه عَلَى الِاسْتِحْبَاب جَمْعًا بَيْن الْأَدِلَّة . وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : لَيْسَ فِي حَدِيث الْبَاب مَا يَقْتَضِي مَنْع مَا تَحْت الْإِزَار؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُجَرَّدٌ . اِنْتَهَى . وَيَدُلّ عَلَى الْجَوَاز أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ قَوِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ بَعْض أَزْوَاج النَّبِيّ r أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنْ الْحَائِض شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجهَا ثَوْبًا ، وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ عَلَى الْجَوَاز بِأَنَّ الْمُبَاشَرَة تَحْت الْإِزَار دُون الْفَرْج لَا تُوجِب حَدًّا وَلَا غُسْلًا فَأَشْبَهَتْ الْمُبَاشَرَة فَوْق الْإِزَار . وَفَصَّلَ بَعْض الشَّافِعِيَّة فَقَالَ : إِنْ كَانَ يَضْبِط نَفْسه عِنْد الْمُبَاشَرَة عَنْ الْفَرْج وَيَثِق مِنْهَا بِاجْتِنَابِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا ، وَاسْتَحْسَنَهُ النَّوَوِيّ . وَلَا يَبْعُد تَخْرِيج وَجْه مُفَرِّق بَيْن اِبْتِدَاء الْحَيْض وَمَا بَعْده لِظَاهِرِ التَّقْيِيد بِقَوْلِهَا " فَوْر حَيْضَتهَا " ، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ أُمّ سَلَمَة أَيْضًا أَنَّ النَّبِيّ r كَانَ يَتَّقِي سَوْرَة الدَّم ثَلَاثًا ثُمَّ يُبَاشِر بَعْد ذَلِكَ ، وَيُجْمَع بَيْنه وَبَيْن الْأَحَادِيث الدَّالَّة عَلَى الْمُبَادَرَة إِلَى الْمُبَاشَرَة عَلَى اِخْتِلَاف هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ . اهـ
كتبه/ أكرم حسن مرسي

ثالثًا: إن الناظرَ في الكتابِ المقدس يجد فيه أن بعضَ زوجاتِ الأنبياءِ زناة، ويجد كذلك أن بعضَ أبناء الأنبياء يزنون زنا محارم مع زوجاتِ آبائهم الأنبياء....فالناظر فيه يجد الآتي :

1- أن رَأُوبَيْنَ بن يعقوب زنا بزوجة أبيه وسريته (بلهة)، وذلك في سفر التكوين اصحاح35 عدد 22وَحَدَثَ إِذْ كَانَ إِسْرَائِيلُ سَاكِنًا فِي تِلْكَ الأَرْضِ، أَنَّ رَأُوبَيْنَ ذَهَبَ وَاضْطَجَعَ مَعَ بِلْهَةَ سُرِّيَّةِ أَبِيهِ، وَسَمِعَ إِسْرَائِيلُ.,

وفي نفس السفر يخاطبه يعقوب قائلًا له: رَأُوبَيْنُ، أَنْتَ بِكْرِي، قُوَّتِي وَأَوَّلُ قُدْرَتِي، فَضْلُ الرِّفْعَةِ وَفَضْلُ الْعِزِّ. فَائِرًا كَالْمَاءِ لاَ تَتَفَضَّلُ، لأَنَّكَ صَعِدْتَ عَلَى مَضْجَعِ أَبِيكَ. حِينَئِذٍ دَنَّسْتَهُ. عَلَى فِرَاشِي صَعِدَ.. (الإصحاح 49عدد 3-4).

2- أن يهوذا بن يعقوب زنا بزوجة ابنه وسمع يعقوب ما صدر عن ابنه، وما أقام عليهما الحد غير أنه دعا على الأكبر وقت موته؛ لأجل هذا الموقف الشنيع ولم يلعن الآخر بل لم يغضب منه, بل إنه دعا له بالبركة التامة عند الموت وهذا واضح من خلال الرجوع إلي القصة في سفر التكوين 38 عدد12-30

3- أن أمنون بن داود زنا بأخته ثامار، وما أقام داودُ عليهما الحد بالرغم أن داودَ كان زانيًا من قبلهما مستحقا للحد، فكيف يقيم الحد عليهما وهو مُستحق الحد ؟! القصة واردة في سفر صموئيل الثاني 13 عدد1 -40.


ثم إن إنجيل يوحنا نسب إلى مريم أم المسيح أنها سيئة السمعة فهي متهمة بالزنا عند اليهود ، وذلك في الإصحاح 8 عدد41 وفيه قال يسوع لليهود: « أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ:«إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ».
قلتُ: إن ما سبق نحن - المسلمين- نبرأ إلى اللهِ منه، و لا نصدقه، وننزه أصحابَه عن تلكُمُ التهم...