السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال مكي القيسي رحمه الله:
فإن سأل سائل فقال:
ما العلة التي من أجلها اشتهر هؤلاء السبعة بالقراءة دون من هو فوقهم، فنسبت إليه السبعة الأحرف مجازاً، وصاروا في وقتنا أشهر من غيرهم ممن هو أعلى درجة منهم وأجل قدراً؟
فالجواب:

أن الرواة عن الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيراً في العدد، كثيراً في الاختلاف، فأرد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه، وتنضبط القراءةُ به، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة وحسن الدين، وكمال العلم، قد طال عمرُه، واشتهر أمرُه، وأجمع أهلُ مصره على عدالته فيما نَقَل، وثقته فيما قرأ وروى، وعلمه بما يقرأ، فلم تخرج قراءته عن خطِّ مصحفهم المنسوب إليهم، فأفردوا من كل مصر وجَّه إليه عثمان مصحفاً إماماً هذه صفتُه وقراءته على مصحف ذلك المصر.
فكان أبو عمرو من أهل البصرة.
وحمزة وعاصم من أهل الكوفة وسوادها.
والكسائي من أهل العراق.
وابن كثير: من أهل مكة.
وابن عامر: من أهل الشام.
ونافع: من أهل المدينة.
كلهم ممن اشتهرت إمامته، وطال عمره في الإقراء، وارتحال الناس إليه من البلدان.
ولم يترك الناس مع هذا نقل ما كان عليه أئمة هؤلاء من الاختلاف، ولا القراءة بذلك...
(الإبانة عن معاني القراءات، ص 86 وما بعدها)