معجزات استجابة الأدعية النبوية

451- إجابة الدعاء النبوي في الثلاثة الذين آذوه

452- إجابة الدعاء النبوي في الثلاثة الذين نصروه

عن عبد الرحمن العامري عن أشياخ من قومه قالوا : أتانا رسول الله ونحن بسوق عكاظ ، فقال : (( ممن القوم ؟ )) قلنا : من بني عامر بن صعصعة ، قال : (( من أي بني عامر ؟ )) قلنا : بنو كعب بن ربيعة ، قال : (( كيف المنعة فيكم ؟ )) قلنا : لا يرام ما قبلنا ولا يصطلى بنارنا ، قال : فقال لهم : (( إني رسول الله ، فإن أتيتكم تمنعوني حتى أبلغ رسالة ربي ولم أكره أحداً منكم على شيء ؟ )) قالوا : ومن أي قريش أنت ؟ قال : (( من بني عبد المطلب )) قالوا : فأين أنت من بني عبد مناف ؟ قال : (( هم أول من كذبني وطردني )) قالوا : ولكنا لا نطردك ولا نؤمن بك ، ونمنعك حتى تبلغ رسالة ربك ، قال : فنزل إليهم والقوم يتسوقون ، إذ أتاهم بجرة بن قيس القشيري . فقال : من هذا الذي أراه عندكم أنكره ؟ قالوا : محمد بن عبد الله القرشي ، قال : مالكم وله ؟ قالوا : زعم لنا أنه رسول الله يطلب إلينا أن نمنعه حتى يبلغ رسالة ربه ، قال : فماذا رددتم عليه ؟ قالوا : قلنا في الرحب والسعة نخرجك إلى بلادنا ونمنعك مما نمنع به أنفسنا ، قال بجرة : ما أعلم أحداً من أهل هذه السوق يرجع بشيء أشر من شيء ترجعون به ، بدأتم لتنابذ الناس وترميكم العرب عن قوس واحدة . قومه أعلم به لو آنسوا منه خيراً لكانوا أسعد الناس به تعمدون إلى رهيق قوم قد طرده قومه وكذبوه فتؤونه وتنصرونه ، فبئس الرأي رأيتم ، ثم أقبل على رسول الله فقال : قم فالحق بقومك ، فو الله لو لا أنك عند قومك لضربت عنقك ! قـال : فقام رسول الله إلى ناقته فركبها فغمز الخبيث بجرة شاكلتها فقمصت برسول الله فألقته .

وعند بني عامر يومئذ ضباعة بنت عامر بن قرط كانت من النسوة اللاتي أسلمت مع رسول الله بمكة ، جاءت زائرة إلى بني عمها ، فقالت : يا آل عامر! ولا عامر لي أيصنع هذا برسول الله بين أظهركم لا يمنعه أحد منكم ؟ فقام ثلاثة نفر من بني عمها إلى بجرة واثنان أعاناه ، فأخذ كل رجل منهم رجلاً فجلد به الأرض ثم جلس على صدره ، ثم علوا وجوههم لطماً ، فقال رسول الله: (( اللهم بارك على هؤلاء والعن هؤلاء )) .

قال الراوي : فأسلم الثلاثة الذين نصروه فقتلوا شهداء وهلك الآخرون لعناً ، واسم الثلاثة الكفار الذين بجرة بن فراس ، وحزن بن عبدالله ، ومعاوية بن عبادة . وأما الثلاثة الذين نصروا رسول الله فغطريف وغطفان ابنا سهل وعروة بن عبد الله .

]الحديث أخرجه أبو نعيم في الدلائل ( ص 245،243) [.

453- دعا عليه فسقط شعره

عن أنس قال : رأى النبي رجلاً ساجداً وهو يقول بشعره هكذا يكفه عن التراب ، فقال : (( اللهم قبح شعره )) ! قال : فسقط .

]الحديث رواه أبو نعيم في الدلائل ( ص 386) [.

454- طال شقاؤه وبقاؤه بالدعاء النبوي إنه أبو ثروان التميمي

عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده قال : كان أبو ثروان راعياً لبني عمرو وبني تيم في إبلهم فخاف رسول الله قريشاً فخرج فنظر إلى سواد الإبل فقصده ، فإذا هي إبل فدخل بين الأراك فجلس فنفرت الإبل ، فقام أبو ثروان فطاف بالإبل فلم ير شيئاً ثم تخللها فإذا هو برسول الله جالس ، فقال له أبو ثروان : من أنت ؟ فقد أنفرت الإبل عليّ ؟ فقال له رسول الله : (( لم ترع أردت أن استأنس إلى إبلك )) فقال له أبو ثروان : من أنت ؟ فقال له رسول الله: (( لا تسأل يارجل أردت أن أستأنس إلى إبلك )) ، فقال له أبو ثروان : إني أراك الرجل الذي يزعمون أنه خرج نبياً ، فقال رسول الله : (( أجل ، فأدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله )) ، فقال له أبو ثروان : اخرج فلا تصلح إبل أنت فيها ، وأبى أن يدعه ، فدعا عليه رسول الله فقال : (( اللهم أطل شقاه ، وبقاه )) . قال عبد الملك : قال أبي : فأدركته شيخاً كبيراً يتمنى الموت ، فقال له القـوم : ما نراك إلا قد هلكت بما دعا عليك رسول الله قال : كلا قد أتيته بعد حين ظهر الإسلام فأسلمت معه ، فدعا له واستغفر ولكن الأولى قد سبقت .

]حديث ضعيف : أخرجه أبو نعيم في الدلائل ( ص 388،387) . [

455- إجابة دعــائه r

قيل : يا رسول الله ادع على ثقيف ، فقال : (( اللهم اهد ثقيفاً وأتِ بهم )) .

وقد استجاب الله – تعالى – دعاء نبيه وجاءت ثقيف وأسلمت .

]حديث حسن : أخرجه أحمد (3/343) ، والترمذي (5/3942) عن جابر .[

456- دعا على عقبة بن أبي معيط فقتل صبراً

عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : كان عقبة بن أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً فدعا عليه الناس جيرانه ، وأهل مكة كلهم ، وكان يكثر مجالسة النبي ويعجبه حديثه ويغلب عليه الشقاء ، فقدم ذات يوم من سفره فصنع طعاماً ثم دعا رسول الله إلى طعامه ، فقال : (( ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله )) ، فقال : اطعم يا ابن أخي ، قال : (( ما أنا بالذي أفعل حتى تقول )) ، فتشهّد بذلك فطعم من طعامه ، فبلغ ذلك أبي بن خلف فأتاه ، فقال : صبوت يا عقبـة ! وكان خليله ، فقال : لا والله ! ما صبوت ولكن دخل علي رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له ، فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم فشهدت له فطعم ، فقــال : ما أنا بالذي أرضى عنك أبداً حتى تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ على عنقه ، قال : ففعل به ذلك وأخذ رحم دابة فألقاه بين كتفيه ، فقال له رسول الله : (( لا ألقاك خارجاً من مكة إلا علوت رأسك بالسيف )) فأسر عقبة يوم بدر فقتل صبراً ولم يقتل من الأسارى غيره ، قتله عاصم بن ثابت بن الأقلح .

]أخرجه أبو نعيم في الدلائل ( ص 405،404) قال السيوطي في الخصائص أخرجه أبو نعيم بسند صحيح [.

457- الدعاء النبوي على ا لمشركين يوم بدر

عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : أقبلت عير أهل مكة من الشام ، فبلغ أهل المدينة فخرجوا ومعهم رسول الله يريدون العير ، فبلغ أهل مكة ذلك فأسرعوا السير إليها لكيلا يغلبها عليها النبي وأصحابة فسبقت العير رسول الله وكان الله – عز وجل – وعدهم إحدى الطائفتين وكانوا أن يلقوا العير أحب إليهم وأيسر شوكة وأحضر مغنماً ، فلما سبقت العير ، وفاتت رسول الله سار رسول الله بالمسلمين يريد القوم ، فكره القوم مسيرهم لشوكة القوم ، فنزل المسلمون وبينهم وبين الماء رملة دعصة ( أي قور من الرمل مجتمع ) فأصاب المسلمين ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوسهم : تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون مجنبين ، فأمطر الله – عز وجـل – مطراً شديداً فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عنهم رجز الشيطان ، وانتسف الرمل حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم وأمد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة ، فكان جبرئيل عليه السلام في خمسمائة من الملائكة مجنبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنبة ، قال : فلما اختلط القوم قال أبو جهل : اللهم أولانا بالحق فانصره ! فرفع رسول الله يده فقال : (( يارب ! إن تهلك هذه العصابة لم تعبد في الأرض أبداً )) ، فقال له جبرئيل عليه السلام : خذ قبضة من تراب ! فأخذ قبضة من التراب فرمى بها في وجوههم ، فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه فولوا مدبرين .

]أخرجه أبو نعيم في الدلائل ( ص 404،403) .[

458- دعا الله فأمده بالملائكة

عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : لما كان يوم بدر نظر نبي الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابة ثلاثمائة وسبعة عشر رجلاً ، فاستقبل نبي الله القبلة حتى سقط رداؤه ثم مد يديه ، فجعل يهتف بربه – عز وجل - : (( اللهم انجز لي ما وعدتني ! اللهم أين ما وعدتني ! اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض أبداً )) فما زال يهتف ماداً يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه ، فقال : يا نبي الله ! كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله – عز وجل – { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مُردفين } ]الأنفال : 9[ فأمده الله بالملائكة .

]أخرجه أبو نعيم في الدلائل ( ص 409،408) وبعضه في الصحيح .[

459- حبب الله المدينة إلى الصحابة ببركة الدعاء النبوي

460- البركة في صاع المدينة ومدها بالدعاء النبوي

461- ذهاب حمى المدينة إلى الجحفة

عن عائشة قالت : قدمنا المدينة – وهي وبية ( إي بها وباء ) فاشتكى أبو بكر واشتكى بلال فلما رأى رسول الله شكوى أصحابه ، قال : (( اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت مكة أو أشد ، وصححها ، وبارك لنا في صاعها ومدها وحول حماها إلى الجحفــة ))

]الحديث أخرجه مسلم [

وفي رواية : فكان المولود يولد بالجحفة ، فلا يبلغ الحلم حتى تصرعة الحمى .

]أخرجها البيهقي في الدلائل ( 2/285) [

462- اسود شعره بعد ما ابيض

عن أنس – رضي الله عنه – أن يهودياً أخذ من لحية النبي. قال : فقال النبي: (( اللهم جمله )) فاسودت لحيته بعدما كانت بيضاء . وفي رواية : أن يهودياً جاء إلى النبي فقال النبي : (( اللهم جمله )) ، قال : فاسود شعره ، حتى صار أشد سواداً من كذا وكذا ، قال معمر : وسمعت غير قتادة يذكر أنه عاش أكثر نحواً من تسعين سنة فلم يشب .

]أخرجه البيهقي في الدلائل ( 6/210) وقال : له شاهد مرسل[.

463- أطيب ريحاً من نسائه بدعاء النبي r

عن أما عاصم امرأة عتبة بن فرقد : أن عتبة بن فرقد كان لا يزيد على أن يدهن رأسه ولحيته وكان أطيبنا ريحاً ، فسألته فذكر عتبة أن النبي فيما شكا إليه أخذ إزار عتبة فوضعه على فرجه ، ثم بسط يديه ، ونفث فيهما ومسح إحداهما على ظهره ، والأخرى على بطنه ، قال : فهذه الريح من ذلك . يظهر من هذه المعجزة أن النبي مسح على ظهره وبطنه فعلق به الطيب ولم يدعه من يومئذ وكن نساؤه يجتهدن في الطيب وما كان هو يمس الطيب وإنه لأطيب ريحاً منهن .

]أخرجه الطبراني ، والبيهقي في الدلائل (6/216) .[

464- عمرت ما عمرت طويلاً بدعاء رسول الله

عن أم قيس رضي الله عنها قالت : توفي ابني فجزعت ، فقلت : للذي يغسله لا تغسل ابني بالماء البارد فيقتله ، فانطلق عكاشة بن محصن إلى رسول الله أخبره بقولها فتبسم ، ثم قال : (( عمّرها )) فلا يُعلم امرأة عمرت ما عمرت .

]أخرجه البخاري في الأدب والنسائي [

465- إجابة دعاءه لأبي أمامة

عن أبي أمامة – رضي الله عنه – قال : أنشأ رسول الله غزواً فأتيته فقلت : يا رسول الله ! ادع لي بالشهادة فقال : (( اللهم سلمهم وغنمهم )) قال : فغزونا فسلمنا وغنمنا ثم أنشأ رسول الله غزواً فأتيته فقلت : يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة ، فقال : (( اللهم سلمهم وغنمهم )) . قال : فغزونا فسلمنا وغنمنا ثم أنشأ رسول الله غزواً فأتيته ، فقلت : يا رسول الله إني أتيتك مرتين أسألك أن تدعو لي بالشهادة ، فقال : (( اللهم سلمهم وغنمهم )) . قال : فغزونا فسلمنا وغنمنا .

ثم أتيته بعد ذلك فقلت : يا رسول الله مرني بعمل آخذه عنك ينفعني الله به قال : (( عليك بالصوم ، فإنه لا مثل له )) قال : فكان أبو أمامة وامرأته وخادمه لا يلقون إلا صياماً ، فإذا رأوا ناراً ، أو دخاناً في منزلهم عرفوا أنهم قد اعتراهم ضيف . قال : ثم أتيته بعذ ذلك فقلت : يا رسول الله قد أمرتني بأمر أرجو أن يكون قد نفعني الله به مرني بأمر آخر ينفعني الله به

466- ذهاب الجوع عن فاطمة بدعاء النبي

ولم يكن ذهاب الجوع عن السيدة فاطمة – رضي الله عنها – مرة ولا مرات ، وإنما ذهب عنها طوال حياتها .

عن عمران بن حصين – رضي الله عنه – قال : إني لجالس عند النبي : إذ أقبلت فاطمة – رضي الله عنها - ، فقامت بحذاء النبي مقابله ، فقال : (( ادني يا فاطمة )) فدنت دنوة ، ثم قال : (( ادني يا فاطمة )) فدنت دنوة حتى قامت بين يديه ، قال عمران : فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها وذهب الدم ، فبسط رسول الله بين أصابعة ، ثم وضع كفه بين ترائبها ، فرفع رأسه وقال : (( اللهم مشبع الجوعة وقاضي الحاجة ، ورافع الوضعة ، لا تُجع فاطمة بنت محمد )) فرأيت صفرة الجوع قد ذهبت عن وجهها وظهر الدم ، ثم سألتها بعد ذلك فقالت : ما جعت بعد ذلك يا عمران .

]أخرجه البيهقي في الدلائل (6/108) باب : ماجاء في دعائه لا بنته فاطمة ، وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (390) (462) وقال الهيثمي في المجمع (9/204) : فيه عتبة ابن حميد وثقه ابن حبان وغيره وصححه جماعة وبقية رجاله وثقوا [

467- شفي المصروع بدعاء النبي

468- ذهاب البرد عن الصحابة بدعاء النبي

عن بلال – رضي الله عنه – قال : أذنت الصبح في ليلة باردة ، فلم يأت أحد ثم أذنت فلم يأت أحد ، فقال النبي: (( ما شأنهم يا بلال ؟ )) قال : قلت : كبدهم البرد بأبي أنت وأمي ، فقال : (( اللهم اكسر عنهم البرد )) قال بلال : فلقد رأيتهم يتروحون في السبحة ( أي يستعملون المروحة من شدة الحر بدل شدة البرد ) أو الصبح يعني بالسبحة صلاة الضحى وهكذا بدل الله تعالى البرد الشديد بالحر الشديد بدعاء النبي.

]أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (6/224) باب : ماروي في دعائه بإذهاب البرد عن أهل مسجده ، وأخرجه أبو نعيم في الدلائل (ص464) وانظر البداية والنهاية (6/166) .[

469- نزل المطر في اليوم والساعة التي دعا فيها

قدم على رسول الله وفد سلامان سبعة نفر ، فيهم حبيب بن عمرو ، فأسلموا ، قال حبيب : فقلت : أي رسول الله ! ما أفضل الأعمال ؟ قال : (( الصلاة في وقتـها )) .. ثم ذكر حديثاً طويلاً ، وصلوا معه يومئذ الظهر والعصر ، قال : فكانت صلاة العصر أخف من القيام في الظهر ثم شكوا إليه جدب بلادهم ، فقال رسول الله بيده : (( اللهم اسقهم الغيث في دارهم )) ، فقلت : يا رسول الله ! ارفع يديك ، فأنه أكثر وأطيب ، فتبسم رسول الله، ورفع يديه حتى رأيت بياض أبطيه .

ثم قام وقمنا عنه ، فأقمنا ثلاثاً ، وضيافته تجري علينا ، ثم ودعناه ، وأمر لنا بجوائز ، فأعطينا خمس أواق لكل رجل منا ، واعتذر إلينا بلال ، وقال : ليس عندنا اليوم مال ، فقلنا : ما أكثر هذا وأطيبه ، ثم رحلنا إلى بلادنا ، فوجدناها قد مطرت في اليوم الذي دعا فيه رسول الله في تلك الساعة .

470- دعاء للغلام فصار سيد قومه زهداً وعلماً وإيماناً

قدم على النبي وقد تجيب ، وهم من السكون ثلاثة عشر رجلاً ، قد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله عليهم ، فسر رسول الله بهم وأكرم منزلهم ، وقالوا : يا رسول الله ! سقنا إليك حق الله في أموالنا ، فقال رسول الله: (( ردوها فاقسموها على فقرائكم )) ، قالوا : يا رسول الله ! ما وفد من العرب بمثل ما وفد به هذا الحي من تجيب . فقال رسول الله : (( إن الهدى بيد الله عز وجل فمن أراد خيراً شرح صدره للإيمان )) ، وسألوا رسول الله أشياء فكتب لهم بها ، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن ، فازداد رسول الله بهم رغبة ، وأمر بلالاً أن يحسن ضيافتهم ، فأقاموا أياماً ، ولم يطيلوا اللبث ، فقيل لهم : ما يعجبكم ، فقالوا : نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله وكلامنا إياه . وما رد علينا ، ثم جاؤوا إلى رسول الله يودعونه ، فأرسل إليهم بلالاً ، فأجازهم بأرفع ما كان يجيز به الوفود .

قال : (( هل بقي منكم أحد ؟ )) قالوا نعم ، غلام خلفناه على رحالنا هو أحدثناً سناً ، قال : أرسلوه إلينا فلما رجعوا إلى رحالهم ، قالوا للغلام : انطلق إلى رسول الله فاقض حاجتك منه ، فإنا قد قضينا حوائجنا منه وودعناه ، فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله فقال : يا رسول الله : إني امرؤ من بني أبذى ، يقول : من الرهط الذين أتوك آنفاً ، فقضيت حوائجهم ، فاقض حاجتي يا رسول الله ، قال : (( وما حاجتك ؟ )) قال : إن حاجتي ليست كحاجة أصحابي وإن كانوا قدموا راغبين في الإسلام ، وساقوا من صدقاتهم ، وإني والله ما أعلمني من بلادي إلا أن تسأل الله – عز وجل – أن يغفر لي ويرحمني ، وأن يجعل غناي في قلبي .

فقال رسول الله ، وأقبل إلى الغلام : (( اللهم اغفر له ، وارحمه ، واجعل غناه في قلبه )) ، ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه ، فانطلقوا راجعين إلى أهليهم ثم وافوا رسول الله في الموسم بمنى سنة عشر ، فقالوا : نحن بنو أبذى فقال رسول الله : (( ما فعل الغلام الذي أتاني معكم ؟ )) قالوا : يا رسول الله ! ما رأينا مثله قط ، ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله .لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها .

فقال رسول الله: (( الحمد لله إني لأرجو أن يموت جميعاً )) فقال رجل منهم : أو ليس يموت الرجل جميعاً يا رسول الله ، فقال رسول الله: (( تشعب أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا ، فلعل أجله أن يدركه في بعض تلك الأودية ، فلا يبالي الله – عز وجل – في أيها هلك )) .

قالوا : فعاش ذلك الغلام فينا على أفضل حال ، وأزهده في الدنيا ، وأقنعه بما رُزق . فلما توفي رسول الله ورجع من رجع من أهل اليمن عن الإسلام قام في قومه فذكرهم الله والإسلام ، فلم يرجع منهم أحد ، وجعل أبو بكر الصديق يذكره ويسأل عنه ، حتى بلغه حاله ، وما قام به ، فكتب إلى زياد بن لبيد يوصيه به خيراً .

]زاد المعاد (3/650-652).[

471- جاءهم المطر يوم أن دعا لهم

قدم على رسول الله وفد ذي مرة ثلاثة عشر رجلاً رأسهم الحارث بن عوف ، فقالوا : يا رسول الله ! إنا قومك وعشيرتك ، نحن قوم من بني لؤي ابن غالب ، فتبسم رسول الله وقال للحارث : (( أين تركت أهلك ؟ )) قال : بسلاح وما والاها . قال : (( وكيف البلاد؟ )) قال : والله إنا لمسنتون ( أي مجدبون ) ما في المال مخ فادع الله لنا . فقال رسول الله: (( اللهم اسقهم الغيث )) فأقاموا أياماً ثم أرادوا الانصراف إلى بلادهم ، فجاؤوا رسول الله مودعين له ، فأمر بلالاً أن يجيزهم ، فأجازهم بعشر . أواق فضة وفضل الحارث بن عوف أعطاه اثنتي عشرة أوقية ، ورجعوا إلى بلادهم فوجدوا البلاد مطيرة ، فسألوا : متى مطرتم ؟ فإذا هو ذلك اليوم الذي دعا رسول الله فيه ، وأخصبت بعد ذلك بلادهم .

]أخرجه ابن سعد (1/297-298) .

472- دعا له فما نسي شيئاً حفظه من القرآن

عن عثمان بن أبي العاص – رضي الله عنه – قال : استعملني رسول الله وأنا أصغر الستة الذين وفدوا عليه من ثقيف ، وذلك أني كنت قرأت سورة البقرة ، فقلت : يا رسول الله ! إن القرآن يتفلت مني ، فوضع يده على صدري وقال : (( يا شيطان اخرج من صدر عثمان )) فما نسيت شيئاً بعده أريد حفظه .

]ضعيف : عزاه في زاد المعاد (3/600) لمعتمر بن سليمان في المغازي وساق سنده ، وفيه عبد الله بن عبد الرحمن وهو صدوق يخطئ ويهم كما في التقريب .[

473- دعا لأُبي فذهب عنه الشك في القراءة

عن سليمان بن صرد أن أُبي بن كعب أتى النبي برجلين قد اختلفا في القراءة كل واحد منهما يقول : أقرأني رسول الله فاستقرأهما ، فقال لهما : أحسنتما ، قال : أُبي : فدخل في قلبي من الشك أشد ما كنت عليه في الجاهلية فضرب رسول الله في صدري ، وقال : (( اللهم أذهب عنه الشيطان )) قال : فارفضضت عرقاً وأني أنظر إلى الله فرقاً ( أي خوفا) ثم قال : (( إن جبريل أتاني ، فقال : اقرءوا القرآن على سبعة أحرف ، كل شاف كاف ))

]أخرجه البيهقي في الدلائل (6/188) ، ونقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2/168) معناه في مسلم كتاب صلاة المسافرين باب فضل سورة الكهف ، وأحمد (5/142) .[

بهذا الدعاء ذهب الشك عن أُبي – رضي الله عنه – في القراءة ، وثبت القرآن والعلم في صدره ، وأتقن حفظ القرآن ، وصار إماماً من أئمة القرآن ، حملاً ، وأداءً .

474- ذهاب أثر الحريق من يد محمد بن حاطب

عن محمد بن حاطب – رضي الله عنه – يقول : وقعت على يدي القدر ، فاحترقت ، فانطلقت بي أمي إلى النبي فجعل يتفل عليها ويقول : (( أذهب الباس ، رب الناس واشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت )) .

]رواه النسائي والحاكم ، والبيهقي في الدلائل (6/174) .[

475- أسلم اليهودي بدعاء النبي

عن أنس بن مالك قال : كان يهودي بين يدي النبي جالساً ، فعطس النبي فقال له اليهودي : يرحمك الله ، فقال النبي (( هداك الله )) ، فأسلم . بدعاء النبي.

]أخرجه البيهقي في الدلائل (6/207) ، وقال : هذا إسناد مجهول ، ونقله السيوطي في الخصائص (2/167) .[

476- دعا عليه فاختلج لسانه

عن عبد الرحمن بن أبي بكر – رضي الله عنهما – قال : كان فلان يجلس إلى النبي فإذا تكلم النبي بشيء اختلج ( أي ردد الكلام على هيئة المستهتر ) بوجهه فقال له النبي: (( كن كذلك )) فلم يزل يختلج حتى مات .

]أخرجه البيهقي في الدلائل (6/239) .[

...... وأين فرار الناس إلا إلى الرســـل

قال : فقام رسول الله وهو يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم رفع يديه نحو السماء ، وقال : (( اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً سريعاً غدقاً طبقاً عاجلاً غير رائث ، نافعاً غير ضار تملأ به الضرع ، وتنبت به الزرع ، وتحيي به الأرض بعد موتها . وكذلك تخرجون )) . قال : فو الله ما رد يده إلى نحره حتى ألقت السماء بأوراقهـا .

وجاء أهل البطانة يصيحون : يا رسول الله الغرق ، الغرق ، فرفع يديه إلى السماء ، وقــال : (( اللهم حوالينا ولا علينا )) ، فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ثم قال : (( لله در أبي طالب لو كان حياً قرت عيناه من ينشد قوله ؟ )) فقام علي بن أبي طالب فقال : يا رسول الله كأنك أردت قــوله :

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ...... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الهلاك من آل هاشم ...... فهم عنده في نعمة وفواضـل

كذبتم وبيت الله يبزى محمد ...... ولما نقاتل دونه ونناضــل

ونسلمه حتى نصرع حوله ...... ونذهل عن أبنائنا والحلائــل



لك الحمد والحمد ممكن شكر ...... سقينا بوجه النبي المطر

دعا الله خالقه دعوة ...... إليه وأشخـص مــنه الـبصر

فلم يك كلف الـــرداء ...... وأسـرع حتى رأينا الدرر

رقاق العوالي عم البقاع ...... أغاث به الله عينا مضـــر

وكان كما قاله عمه ...... أبو طالب أبيض ذو غــــرر

به الله يسقي بصوب الغمام ...... وهذا العيان كذاك الخـبر

فمن يشكر الله يلقى المزيد ...... ومن يكفر الله يلقى الغيـر

قال : فقال رسول الله: (( إن يك شاعر يحسن فقد أحسنت )) .

477- البركة في اللبن بدعاء النبي

عن المقداد بن الأسود قال : قدمت المدينة أنا وصاحبان فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد فأتينا النبي فذكرنا له ، فذهب بنا إلى منزله وعنده أربعة أعنز ، فقال : احلبهن يا مقداد ، وجزئهن أربعة أجزاء ، وأعط كل إنسان جزءاً ، فكنت أفعل ذلك فرفعت للنبي ذات ليلة : فاحتبس واضجعت على فراشي فقالت لي نفسي : إن النبي قد أتى أهل بيت من الأنصار ، فلو قمت فشربت هذه الشربة فلم تزل حتى قمت فشربت جزأه ، فلما دخل في بطني وأمعائي أخذني ما قدم وما حدث .

فقلت : يجئء الآن النبي جائعاً ظمآناً فلا يرى في القدح شيئاً ، فسجيت ثوباً على وجهي ، وجاء النبي فسلم تسليمة تسمع اليقظان ولا توقظ النائم فكشفت عنه فلم ير شيئاً ، فرفع رأسه إلى السماء ، فقال : (( اللهم اسق من سقاني ، وأطعم من أطعمني )) . فاغتنمت دعوته وقمت فأخذت الشفرة فدنوت إلى الأعنز فجعلت أجسهن أيتهن أسمن لأذبحها فوقعت يدي على ضرع إحداهن فإذا هي حافل ونظرت إلى الأخرى فإذا هي حافل ، فنظرت فإذا هن كلهن حفل ، ( الحفال : اللبن في ضرع الناقة وما سواها ) ، فحلبت في الإناء ، فأتيته به فقلت : اشرب ، فقال : ما الخبر يا مقداد ؟ فقلت : اشرب ثم الخبر فقال : بعض سوآتك يا مقداد ، فشرب ثم قال : اشرب ، فقلت : اشرب يانبي الله ، فشرب حتى تضلع ثم أخذته فشربته ، ثم أخبرته الخبر .

فقال النبي: (( هيه )) ، كان كذا وكذا ، فقال النبي: (( هذه بركة منزلة من السماء ، أفلا أخبرتني حتى أسقي صاحبيك ؟ )) فقلت : إذا شربت البركة أنا وأنت فلا أبالي من أخطأت .

478- شفي ضرسه بدعاء النبي

مرض عبد الله بن رواحة – رضي الله عنه – فوضع النبي يده على الخد الذي فيه وجعه ودعا له فشفاه الله – جل ثناؤه - .

عن يزيد بن نوح بن ذكوان أن عبد الله بن رواحة – رضي الله عنه – قال : يا رسول الله ، إني أشتكي ضرسي ، آذاني واشتد عليّ ، فوضع رسول الله يده على الخد الذي فيه الوجع ، وقال : (( اللهم أذهب عنه سوء ما يجد وفحشه بدعوة نبيك المبارك المكين عندك )) سبع مرات فشفاه قبل أن يبرح .

479- أكله الأسد بدعاء الرسول

عن هبار بن الأسود قال : كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام ، وتجهزت معهما ، فقال ابن أبي لهب : والله لأنطلقن إلى محمد فلأوذينه في ربه ، فانطلق حتى أتى محمداً فقال : يا محمد هو – أي بمعنى أنا – الذي يكفر بالذي دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فقال رسول الله (( اللهم ابعث عليه كلباً من كلابك )) ثم انصرف فقال له أبوه : أي بني ما قلت له وما قال لك ؟ فأخبره ، قال : أي بني ، والله ما آمن عليك دعوة محمد ، فسرنا حتى نزلنا الشراة وهي مأسدة – أي بها أسود – فقال لنا أبو لهب : إنكم قد عرفتم سني وحقي ، وإن محمداً قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه ، فأجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة ، ثم افرشوا لا بني عليه ، ثم افرشوا حوله ، ففعلنا ، وبات هو فوق المتاع ونحن حوله ، فجاء الأسد ، فشم وجوهنا ، فلما لم يجد ما يريد تقبض ثم وثب . فإذا هو فوق المتاع فشم وجهه ثم هزمه هزمة ، ففضح رأسه وانطلق ، فقال أبو لهب : قد والله عرفت ما كان ليفلت من دعوة محمد .

- أخبرهم بمصيبة في قومهم ، ودعا لهم فرفعها الله

قال ابن إسحاق : وقدم على رسول الله صرد بن عبد الله الأزدي ، فأسلم وحسن إسلامه في وفد من الأزد ، فأمره رسول الله على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن ، فخرج صرد يسير بأمر رسول الله حتى نزل بجرش وهي يومئذ مدينة مغلقة وبها قبائل من قبائل اليمن ، وقد ضوت إليهم خثعم فدخلوها معهم حين سمعوا بمسير المسلمين إلهيم . فحاصروهم فيها قريباً من شهر ، وامتنعوا فيها ، فرجع عنهم قافلاً ، حتى إذا كان في جبل لهم يقال له : شكر ، ظن أهل جرش أنه إنما ولى عنهم منهزماً ، فخرجوا في طلبه حتى إذا أدركوه ، عطف – أي مال – عليهم فقاتلهم ، فقتلهم قتالاً شديداً ، وقد كان أهل جرش بعثوا إلى رسول الله رجلين منهم يرتادان وينظران فبينا هما عند رسول الله عشية بعد العصر. إذ قال رسول الله: (( بأي بلاد الله شكر ؟ )) فقام الجرشيان ، فقالا : يا رسول الله ! ببلادنا جبل يقال له : كشر ، وكذلك تسميه أهل جرش ، فقال : (( إنه ليس بكشر ، ولكنه شكر )) ، فما شأنه يا رسول الله ؟ قال : فقال : (( إن بدن الله لتنحر عنده الآن )) . قال : فجلس الرجلان إلى أبي بكر ، وإلى عثمان ، فقالا لهما : ويحكما : إن رسول الله لينعي لكما قومكما فقوما إليه ، فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكا فقاما إليه ، فسألاه ذلك ، فقال : (( اللهم ارفع عنهم )) ، فخرجنا من عند رسول الله راجعين إلى قومهما .

فوجدا قومهما أصيبوا في اليوم الذي قال فيه رسول الله ما قال ، وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر . فخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله فأسلموا ، وحمى لهم حمى حول قريتهم .

]انظر ابن هشام (2/587-588) ، وشرح المواهب (4/32-33) ، وابن سعد (1/337) وزاد المعاد (3/620-621) . [

480- دعا لدوس فاستجاب الله وآمنوا

كان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث أنه قدم مكة ، ورسول الله بها فمشى إليه رجال من قريش ، وكان الطفيل رجلاً شريفاً شاعراً لبيباً . قالوا له : إنك قدمت بلادنا وإن هذا الرجل ، وهو الذي بين أظهرنا فرق جماعتنا وشتت أمرنا ، وإنما قوله كالسحر يفرق بين المرء وابنه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجه ، وإنما نخشى عليك وعلى قومك ما قد حل علينا ، فلا تكلمه ولا تسمع منه .

قال : فو الله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئاً ، ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفاً _ أي قطناً _ فرقاً ( أي خوفاً ) من أن يبلغني شيء . قال : فغدوت إلى المسجد ، فإذا رسول الله قائم يصلي عند الكعبة ، فقمت قريباً منه ، فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله ، فسمعت كلاماً حسناً ، فقلت في نفسي : واثكل أمياه ، والله إني لرجل لبيب شاعر ، ما يخفى عليّ الحسن من القبيح ، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول ؟ فإن كان ما يقول حسناً ، قبلت ، وإن كان قبيحاً تركت .

قال : فمكثت حتى انصرف رسول الله إلى بيته ، فتبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه ، فقلت : يا محمد ، إن قومك قد قالوا لي : كذا وكذا ، فو الله ما برحوا يخوني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك ، ثم أبى الله إلا أن يسمعنيه ، فسمعت قولاً حسناً فاعرض عليّ أمرك ، فعرض عليّ رسول الله الإسلام وتلى عليه القرآن ، فو الله ما سمعت قولاً قط أحسن منه ، ولا أمراً أعدل منه ، فأسلمت ، وشهدت شهادة الحق .

وقلت : يا نبي الله : إني امرؤ مطاع في قومي ، وإني راجع إليهم فداعيهم إلى الإسلام ، فادع الله أن يجعل لي آية تكون عوناً لي عليهم ، فيما أدعوهم إليه ، فقال : (( اللهم اجعل له آية )) قال : فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر ، وقع نور بين عيني مثل المصباح ، قلت : اللهم في غير وجهي إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراقي دينهم ، قال : فتحول ، فوقع في رأس سوطي كالقنديل المعلق ، وأنا أنهبط إليهم من الثنية حتى جئتهم ، وأصبحت فيهم ، فلما نزلت ، أتاني أبي ، وكان شيخاً كبيراً ، فقلت : إليك عني يا أبت ، فلست منك ، قال : لم يا بني ؟ قلت : قد أسلمت ، وتابعت دين محمد ، قال : يا بني فديني دينك .

قال : فقلت : اذهب فاغتسل ، وطهر ثيابك ، ثم تعالى حتى أعلمك ما علمت . قال : فذهب فاغتسل ، وطهر ثيابه ، ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم ، ثم أتتني صاحبتي – أي زوجتي – فقلت لها : إليك عني ، فلست منك ، ولست مني ، قالت : لم بأبي أنت وأمي ؟! قلت : فرق الإسلام بيني وبينك ، أسلمت وتابعت دين محمد ، قالت : فديني دينك . قال : قلـت : فاذهبي فاغتسلي ، ففعلت ، ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت ، ثم دعوت دوساً إلى الإسلام ، فأبطؤوا عليّ فجئت رسول الله فقلت : يا رسول الله إنه قد غلبني على دوس الزنا ، فادع الله عليهم ، فقال : (( اللهم اهد دوساً )) . ثم قال : (( ارجع إلى قومك فادعهم إلى الله ، وارفق بهم )) ، فرجعت إليهم فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الله ، ثم قدمت على رسول الله ورسول الله بخيبر ، فنزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتاً من دوس ، ثم لحقنا برسول الله بخيبر . فأسهم لنا مع المسلمين .

]انظر شرح المواهب (4/37-41) ، والبخاري (8/78) ، وابن سعد (1/353) . [

وفي هذه القصة معجزة أخرى للنبي فإن كرامة الولي معجزة لنبيه كما مر .

481- دعا عليها فقٌتلت وقُتل أولادها

قالت عائشة – رضي الله عنها – بلغ رسول الله أن امرأة من بني فزارة يقال لها : أم قرفة قد جهزت ثلاثين راكباً من ولدها وولد ولدها ، قالت : اقدموا المدينة فاقتلوا محمداً ! فقال النبي: (( اللهم أثكلها بولدها ؟ )) وبعث إليهم زيد بن حارثة ، فالتقوا بالوادي . وقتل أصحاب زيد فارتث جريحاً ، وقدم المدينة ، فعاهد الله أن لا يمس رأسه ماء حتى يرجع إليهم ، فبعث معه رسول الله بعثاً فالتقوا فقُتل بني فزارة ، وقتل ولد أم قرفة وقتل أم قرفة ، وبعث بدرعها إلى رسول الله فنصبه بين رمحين وأقبل زيد حتى قدم المدينة .

قالت عائشة – رضي الله عنها - : ورسول الله تلك الليلة في بيتي فقرع الباب ، فخرج إليه يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبله رسول الله.

]أخرجه أبو نعيم (ص 468) .[

482- دعا لعكاشة أن يكون من الذين يدخلون الجنة بلا حساب فكان

عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول : (( يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر )) قال أبو هريرة . فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه فقال : يا رسول الله ! ادع الله أن يجعلني منهم . فقال رسول الله : (( اللهم اجعله منهم )) ، ثم قام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله ! ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : (( سبقك بها عكاشة )) .

]أخرجه البخاري في 81 كتاب الرقاق (50) باب بدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب الحديث (6541) ، وفتح الباري (405:11) وأخرجه مسلم في : ا – كتاب الإيمان ، (94) باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب ، الحديـــث (367) ص ( 197:1) .[