فصل 8: نبوات من سفر المزامير، و من هو المسيح المنتظر؟

سفر المزامير له مكانته الخاصة عند كلٍّ من اليهود والمسيحيّين منذ القدم، وعلي الرغم من أنَّه سفر صلوات وتسابيح إلاَّ أنَّه يحوي في داخله على حوالي 50 نبوّة عن المسيح الآتي والمنتظر، ابن داود، يتنبّأ في معظمها عن آلامه وصلبه وقيامته من الأموات ووجوده الأزلي السابق للخليقة وكونه الملك، ولكن ليس مُجرّد ملك أرضي بل ملك أسمى من الملاكة والبشر، ابن الله. وقد أشار الرب يسوع المسيح إليها وطبّقها على نفسه وشرحها تلاميذه بعد ذلك في كرازتهم للعالم كله.
كما رأى فيه اليهود المسيح الآتي، ابن داود، ، الملك الأزلي المتوّج، الذي ليس من لحم ودم بل الرب الأسمى من البشر لأنَّه القدّوس ابن الله الذي قال له " أنت ابني أنا اليوم ولدتك"، و " أجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك".
ولكن بعض الكتاب من الأخوة المسلمين، نتيجة لعدم درايتهم الكافية بالكتاب المقدّس وطرق تفسيره ومفهوم كلٍّ من اليهود والرب يسوع المسيح وتلاميذه ورسله له، وكذلك عدم معرفتهم الكافية بكتب التقليد اليهودي والمسيحي، راحوا يقتطفون بعض الآيات من بعض هذه المزامير وحاولوا تصويرها على أنَّها نبوّات عن نبي المسلمين لوجود كلمات فيها مثل السيف والملك، بل وقال بعضهم أنَّه هو الرب المقصود في قوله " قال الرب لربي أجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك"؟!! وفيما يلي أهم ما قالوه والتعليق عليه:

1- من هو المسيح المنتظر؟
قال بعض الكتاب من الأخوة المسلمين وعلى رأسهم د. أحمد حجازي السقا في أكثر من كتاب له، متأثرًا بما جاء في الكتاب المزّيف والمدعو زورًا بإنجيل برنابا والذي أكّد زيفه كلّ العلماء المسيحيبن وبعض الكتاب من الأخوة المسلمبن وتجاهلته الغالبية العظمى من العلماء المسلمبن إمّا لثقتهم بأنَّه كناب مزيّف أو على الأقل لشكهم في صحّته (1)، أن المسيح يسوع ليس هو المسيح المنتظر إنّما المسيح المنتظر هو نبيّ المسلمين(2)!! وقال الأستاذ على الجوهري متأثرًا أيضًا بما جاء في نفس الكتاب المزيّف " وكل نبوءات التوراة عن محمد (صلعم) مذكورة في كتب اليهود، في دائرة المعارف تحت كلمة المسيا أو كلمة المسيح"!! ويُضيف " وإنْ كان (الكاتب) يهوديًا يقول والمسيا لم يأتِ بعد وإن كان نصرانيًا يقول: والمسيا هو يسوع. أما المسلمون من قبل ظهور إنجيل برنابا فإنهم كانوا يعرفون آيات من النبوءات، ويفسّرونها على محمد (صلعم) تحت لقب " النيي " لا المسيح ولا المسيا" (3)!!

والغريب أنّهم نسوا أنَّ القرآن ذكر المسيح ا ا مرة، معرّفًا بالألف واللام، وقال أنَّه عيسي ابن مريم(4). والأغرب هو ما قاله د. النجار تعليقًا على ذلك حيث إختار آيتين من هذه الآيات وفسّرهما لغويًا هكذا " جاء في القرآن الكريم : (اِسْمُهُه اَلْمَسِيحُ عِيسَي اِبْنُ مَرْيَمَ) فاسمه مبتدأ واسم عيسى ابن مريم؛ خبر المبتدأ. ولو كان المسيح هو عيسى ابن مريم لكان المسيح مبتدأ وعيسى ابن مريم هو خبره. هو لا يُعْرَّف إلا بمجموع الثلاثة فلذلك كان الثلاثة كلّهم خبر عن الاسم. وأيضًا: " إِنَّمَا عِيسَي ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ الله " المسيح عيسى مبتدأ. وخبره رسول الله" (5)!! ويبدو أنه أراد أنْ يُوحي للقارئ بقوله " وخبره رسول الله " بأنَّ رسول الله في هذه الآية غير المسيح!!

(1) أنظر كتابنا " إنجيل برنابا هل هو إنجيل صحيح؟ " و " خمسون دليل على أن إنجيل برنابا خرافي ومزيف".
(2) الكنز المرصود في قواعد التلمود، ص 81و 82، ومعركة هرمجدون؛ ص 36و37.
(3) حقيقة النصرانية من الكتب المقدّسة؛ ص 23و24ز
(4) (أنظر آل عمران 45؛ النساء 157 و 171 و 172؛ المائدة 17(مرتين) و 72(مرتين) و75؛ التوبة 30 و31).
(5) الكنز المرصود؛ هامش ص81.
وبالرغم من أنَّ ذلك مجرّد تلاعب بقواعد اللغة وأنَّ حديث القرآن واضح وضوح الشمس أنَّ المسيح هو عيسي ابن مريم، إلا أننا نسأله لماذا لم تكمّل الآية الثانية والتي تقول " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ" (النساء171)، والتي تؤكّد أنَّ " المسيح عيسى مبتدأ. وخبره رسول الله وكلمته " التي ألقاها إلي مريم، وبالتالي وحسب منطق سيادته يكون ابن مريم هو المسيح وليس مجرّد مسيح!!

فما معني المسيح ومن هو هذا المسيح المنتظر؟
(1) كلمة مسيح ومعناها(6):
كلمة " مسيح " في اللغة العبرية هي " ماشيح – משׁיח – mâshîyach " من الفعل العبريّ " مشح " أو " مسح " وتُنطق بالآراميّة " ماشيحا " ويقابلها بالعربية " مسيح " ومعناها في العهد القديم، الممسوح " بالدهن المقدّس"، ونقلت كلمة " ماشيح " إلي اللغة اليونانية كما هي ولكن بحروف يونانية " ميسياس – Messias – Μεσσίας " وعن اليونانية نقلت إلي اللغات الأوروبيّة " ماسيّا - Messiah".

وكان المسح يتم " بالدهن المقدس " الذي كان يُصنع من أفخر الأطياب و أفخز أصناف العطارة وزيت الزيتون النقي (خروج30/22-31) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا). وكان الكهنة والملوك والأنبياء يُدهنون بهذا " الدهن المقدّس " ليكونوا " وَتَمْسَحُ هَارُونَ وَبَنِيهِ وَتُقَدِّسُهُمْ لِيَكْهَنُوا لِي" (خروج30/30)، "وَمَسَحُوا هُنَاكَ دَاوُدَ مَلِكًا عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا" (2صموئيل2/4)،وقال الربّ لإيليّا " وَامْسَحْ يَاهُوَ بْنَ نِمْشِي مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَامْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبل محولة نَبِيًّا عِوَضًا عَنْكَ" (1ملوك19/16)،

(6) انظر كتابنا " من هو المسيح وكيف مُسح بالروح القدس".
وكان المسح يتمّ بصبّ الدهن المقدّس علي رأس الممسوح " فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قَرْنَ الدُّهْنِ وَمَسَحَهُ (داود) فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. وَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِدًا. ثُمَّ قَامَ صَمُوئِيلُ وَذَهَبَ إِلَى الرَّامَةِ" (1صموئيل16/13)، وهكذا دعي الكهنة والأنبياء والملوك ب " مُسَحَاء اَلْرَبّ" (مزمور105/15)، ومفردها " مَسِيحُ اَلْرَبّ" (2صموئيل23/1).

(2) المسيح الرب الرئيس:
ويؤكّد لنا الكاتب من خلال نبوّات جميع الأنبياء أنَّ هؤلاء " المُسَحَاء " جميعًا، سواء الكهنة أو الأنبياء أو الملوك، كانوا ظلًا ورمزًا " للمسيح الأتي " والذي دعي منذ عصر داود فصاعدًا ب " المسيح " معرًفًا بالألف واللام، وكانوا جميعًا متعلّقين بهذا المسيح الآتي والذي وصفه الروح القدس في سفر دانيال النبي ب " اَلْمَسِيحُ اَلْرَئِيسُ" (دانيال9/25)، و " اَلّمَسِيح " و " قدُّوس القدّيسِين" (دانيال9/24)، والذي سوف يكون له وظائف الكاهن الكامل والنبي الكامل والملك الكامل.

فمن هو هذا المسيح الربّ الرئيس حسب ما جاء في النبوّات؟ يقول لنا الكتاب:
1- أنه الذي قالت عنه النبوّة أنّه " كوكب يعقوب" (عدد24/17)، ووارث عرش داود النبي والملك حسب عهد الله الذي قطعه مع داود النبي والملك قائلًا: " قَطَعْتُ عَهْدًا مَعَ مُخْتَارِي. حَلَفْتُ لِدَاوُدَ عَبْدِي. إِلَى الدَّهْرِ أُثَبِّتُ نَسْلَكَ وَأَبْنِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ كُرْسِيَّكَ.... وَجَدْتُ دَاوُدَ عَبْدِي. بِدُهْنِ قُدْسِي مَسَحْتُهُ. إِلَى الدَّهْرِ أَحْفَظُ لَهُ رَحْمَتِي. وَعَهْدِي يُثَبَّتُ لَهُ. وَأَجْعَلُ إِلَى الأَبَدِ نَسْلَهُ وَكُرْسِيَّهُ مِثْلَ أَيَّامِ السَّمَاوَاتِ. مَرَّةً حَلَفْتُ بِقُدْسِي أَنِّي لاَ أَكْذِبُ لِدَاوُدَ. نَسْلُهُ إِلَى الدَّهْرِ يَكُونُ وَكُرْسِيُّهُ كَالشَّمْسِ أَمَامِي. مِثْلَ الْقَمَرِ يُثَبَّتُ إِلَى الدَّهْرِ. وَالشَّاهِدُ فِي السَّمَاءِ أَمِينٌ" (مزمور89/30-37).
وأيضًا " مَتَى كَمِلَتْ أَيَّامُكَ وَاضْطَجَعْتَ مَعَ آبَائِكَ أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاِسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى الأَبَدِ. أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا" (2صموئيل7/12-14).
هذا الابن أو النسل الآتي ليس مجرّد بشر بل يقول عنه الروح القدس لداود " يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ. وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ" (مزمور72/17).
2- ولكن هذا المسيح المنتصر ووارث عرش داود ليس مجرّد بشر إنّما هو الإله القدير كما تنبأ عنه إشعياء النبي بالروح قائلًا " لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ. لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا" (أشعيا9/6-7).
كما تنبأ عنه أيضًا قائلًا:" فَيُثَبَّتُ الْكُرْسِيُّ بِالرَّحْمَةِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ بِالأَمَانَةِ فِي خَيْمَةِ دَاوُدَ قَاضٍ وَيَطْلُبُ الْحَقَّ وَيُبَادِرُ بِالْعَدْلِ" (أشعيا16/5)، وأيضًا:" وَأَجْعَلُ مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى كَتِفِهِ فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ" (أشعيا22/22) وأيضًا:" أَمِيلُوا آذَانَكُمْ وَهَلُمُّوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا فَتَحْيَا أَنْفُسُكُمْ. وَأَقْطَعَ لَكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا مَرَاحِمَ دَاوُدَ الصَّادِقَةَ" (أشعيا55/3). كما تنبّأ عنه أيضًا كابن يسّى والد داود " وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ. وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَةَ مَتْنَيْهِ وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقَوَيْهِ..... وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا" (أشعيا11/1-10).


3- وهو أيضًا الرب، الرب برّنا، كما تنبّأ ارميا النبي قائلًا بالروح " هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرٍّ فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ. فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا وَهَذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا... فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أُنْبِتُ لِدَاوُدَ غُصْنَ الْبِرِّ فَيُجْرِي عَدْلًا وَبِرًّا فِي الأَرْضِ. فِي تِلْكَ الأَيَّامِ يَخْلُصُ يَهُوذَا وَتَسْكُنُ أُورُشَلِيمُ آمِنَةً وَهَذَا مَا تَتَسَمَّى بِهِ الرَّبُّ بِرُّنَا" (أرميا23/5-6؛ 33/15-16).
4- والراعي الذي يرعي رعيّة الله كما تنبّأ حزقيال النبي قائلًا: " وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رَاعِيًا وَاحِدًا فَيَرْعَاهَا عَبْدِي دَاوُدُ. هُوَ يَرْعَاهَا وَهُوَ يَكُونُ لَهَا رَاعِيًا" (حزقيال34/23)، " وَأَنَا الرَّبُّ أَكُونُ لَهُمْ إِلَهًا, وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيسًا فِي وَسَطِهِمْ. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ" (حزقيال34/24)، " وَدَاوُدُ عَبْدِي يَكُونُ مَلِكًا عَلَيْهِمْ, وَيَكُونُ لِجَمِيعِهِمْ رَاعٍ وَاحِدٌ, فَيَسْلُكُونَ فِي أَحْكَامِي وَيَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَيَعْمَلُونَ بِهَا. وَيَسْكُنُونَ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُ عَبْدِي يَعْقُوبَ إِيَّاهَا, الَّتِي سَكَنَهَا آبَاؤُكُمْ, وَيَسْكُنُونَ فِيهَا هُمْ وَبَنُوهُمْ وَبَنُو بَنِيهِمْ إِلَى الأَبَدِ, وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيسٌ عَلَيْهِمْ إِلَى الأَبَدِ" (حزقيال 37/34-35). كما تنبأ هوشع النبي قائلًا بالروح القدس:" بَعْدَ ذَلِكَ يَعُودُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَطْلُبُونَ الرَّبَّ إِلَهَهُمْ وَدَاوُدَ مَلِكَهُمْ وَيَفْزَعُونَ إِلَى الرَّبِّ وَإِلَى جُودِهِ فِي آخِرِ الأَيَّامِ" (هوشع3/5).

5- الذي يولد من عذراء ولكنه هو أيضًا عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا: كما تنبأ إشعياء النبي قائلًا بالروح " وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ" (أشعياء7/14).

6- والذي سيولد في لحم كما تنبّأ ميخا النبي ولكنه الأزلي الذي لا بداية له " أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ" (ميخا5/2).


[TR]

[/TR]


St-Takla.org Image: Jesus enters Jerusalem, and it shows a donkey and a colt, by Giotto di Bondone
صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يدخل أورشليم، ويظهر في اللوحة كل من الأتان و الجحش بحجم أصغر، رسم الفنان جيوتو دي بوندوني

7- والذي سيسبقه رسول يُعدّ له الطريق "صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: " أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلًا لإِلَهِنَا. كُلُّ وَطَاءٍ يَرْتَفِعُ وَكُلُّ جَبَلٍ وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ وَيَصِيرُ الْمُعَوَّجُ مُسْتَقِيمًا وَالْعَرَاقِيبُ سَهْلا.ً فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ" (أشعياء40/3-5)، "هَئَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ" (ملاخي3/1؛ متي3/1-3؛ لوقا1/17).
8- والملك الوديع الذي سيدخل أورشليم منتصرًا " اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ" (زكريا9/9؛ يوحنا12/13و14؛ متي21/1).

9- والذي سيصعد إلى السموات ويجلس عن يمين الله: " صَعِدْتَ إِلَى الْعَلاَءِ. سَبَيْتَ سَبْيًا. قَبِلْتَ عَطَايَا بَيْنَ النَّاسِ وَأَيْضًا الْمُتَمَرِّدِينَ لِلسَّكَنِ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ" (مزمور68/18؛ لوقا24/50و51)، " قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ" (مزمور110/1).

10- ومسيح الرب الذي هو ابنه " أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي. إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ. قَالَ لِي: أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (مزمور2/6-7).

(3) المسيح المنتظر هو الرب يسوع المسيح:
وقد تمّت جميع هذه النبوّات، وغيرها، حرفيًا في شخص الرب يسوع المسيح، فعند مبلاده ظهر الملاك للرعاة وبشرهم قائلًا " أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهَذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ " (لوقا2/11-12)، فهو " المسيح الربّ"، " المسيح الرئيس"، وليس " مسيح الربّ". وأكّد هو نفسه ذلك في مناسبات كثيرة؛ فعندما قالت المرأة السامرية "" (يوحنا4/25)، ولما تبعه أندراوس بناء على شهادة يوحنا المعمدان عنه قال لبطرس أخيه " قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا، الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ. " أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ" (يوحنا1/41). عندما سأله رئيس الكهنة عند محاكمته " هل أنت المسيح ابن الله؟ قال له يسوع أنت قلت". ثمّ أكّد كلامه هذا بقوله " مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ" (متّي26/64).
ولمّا أرسل يوحنا المعمدان إثنين من تلاميذه إلى السيّد المسيح ليسألاه السؤال الذي انتظرت الإجابة عليه أجيال كثيرة: " أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟، فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ: اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ "" (متي11/3-6). وهو بهذا يُشير إلي ما سبق أنْ تنبّأ به عنه أشعياء النبي بالروح قائلًا :" حِينَئِذٍ تَتَفَتَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ. حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ" (أشعيا35/5-6). " وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ وَنُورًا لِلأُمَمِ، لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ" (أشعياء 42/6-7).

وفي مجمع الناصرة أعلن أمام الجموع إنّه هو " المسيح الآتي والمنتظر" الذي تنبّأ عنه الأنبياء مستشهدًا بما جاء عنه في سفر إشعياء النبي " فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوبًا فِيهِ: رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ. ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ. فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ" (لوقا4/17-21).

وعندما أراد أن يعلن عن هذه الحقيقة لتلاميذه سألهم قائلًا " مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟. فَقَالُوا: " قَوْمٌ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ". قَالَ لَهُمْ: " وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟" فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: " أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ". فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: " طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متي16/13-17)، مؤكدًا أنّ هذا الإعلان عن كونه المسيح ابن الله الحي تم بإعلان من الله وليس من بشر.
وفي مناسبة أخري كرّر القدّيس بطرس إعلان هذه الحقيقة قائلًا: " وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ" (يوحنا 6/69). وقالت له مرثا أخت لعازر " أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ" (يوحنا11/27). مصدر البحث: موقع كنيسة الأنبا تكلا.

بل وقد كتب الإنجيل أساسًا لإعلان هذه الحقيقة أنَّ يسوع الناصري هو المسيح ابن الله، يقول الكتاب:" وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ" (يوحنا20/31). فهل يُمكن هذا أن يكون المسيح ليس هو المسيح؟!!

2- ما معنى قوله لليهود أن كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟
وبرغم ذلك فقد أعترض بعض الكتاب من الإخوة المسلمين على أنَّ المسيح المنتظر من نسل داود وزعموا نتيجة لفهمهم الخاطئ للسؤال الذي سأله الرب يسوع المسيح للفرّيسيّين قائلًا: " مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟"؛ قَالُوا لَهُ: " ابْنُ دَاوُدَ". قَالَ لَهُمْ: " فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا قَائِلًا:" قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ؟ فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟" (متي22/42-45). وقالوا أنه ليس ابن داود بل هو سيد داود وربه وبالتالي لا يكون هو المسيح ابن مريم بلّ يكون هو نبيّ المسلمين!! فقالت د. مها محمد " إمّا أنَّ السيد المسيح ليس ابن داود (فإنْ كان داود يدعوه ربًا، فكيف يكون ابنه) وهذا غير ممكن لأنَّ السيد المسيح من نسل داود من جهة أمّه... إمّا أنَّ السيد المسيح أراد أنْ يذكر أنَّ السيد " النبي " الذي يتحدث عنه داود - عليه السلام - ليس من نسل داود"، وتُضيف ملحوظة أنَّ نبي المسلمين ليس من نسل داود" (7)!! وكتب عبد الأحد داود فصلًا في إثبات أنَّ الذي دعاه داود " ربّي " والتي حاول جهده أنْ يحوّلها إلى مُجرّد " سيّد " هو نبي المسلمين وذلك اعتمادًا على قول الربّ يسوع المسيح المذكور أعلاه(8)!!

(7) د. مها ص 135-138.
(8) محمد في الكتاب المقدّس؛ ص106-108.


[TR]

[/TR]


St-Takla.org Image: Jesus son of God by Del Parson
صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح ضابط الكل رسم الفنان ديل بارسون

وللرد عليهم نقول لهم:
1- أنَّ الكلمة " ربّي " المستخدمة في قول داود النبي في المزمور110/1:
" قَالَ الرَّبُّ (יהוה - yehôvâh – يَهْوَه - yeh-ho-vaw) لِرَبِّي (אדן אדון - âdôn âdôn, - لأدوناي - Adonai): اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ ".
" לדוד מזמור נאם יהוה (yehôvâh – يَهْوَه - yeh-ho-vaw) לאדני (âdôn, âdôn - أدوناي) שׁב לימיני עד־אשׁית איביך הדם לרגליך"
“ The LORD (יהוה - yehôvâh – يَهْوَه - yeh-ho-vaw) said: unto my Lord ( - אדן אדון âdôn, âdôn أدوناي - ), Sit thou at my right hand, until I make thine enemies thy footstool.”

هي (אדן אדון - âdôn âdôn, - لأدوناي - Adonai)، من لقب (آدون – אדן – Adon) في العبرية، وتعني (رب – سيّد - Lord)، وجمعها (آدونيم – Adonim – أرباب - Lords)، وتستخدم كجمع تعظيم للمفرد(9).

وقد استخدم هذا اللقب " آدون " بكل هذه المعاني في مخاطبة الله، بالمعنى الأسمى، معنى الكرامة والسيادة(10)، فهو الرب والسيد صاحب السلطان والسيادة على جميع المخلوقات، مخلوقاته هو، كالخالق للكون وما فيه، السماء والأرض، من فيها ومن عليها، كما يُستخدم أيضًا للتعبير عن قوة الله وقدرته الكليّة. ويُستخدم أيضًا عن الله بصيغة الجمع، جمع التعظيم للتعبير عن لاهوت الله وربوبيته وسيادته " قدرته السرمدية ولاهوته" (رومية1/20)، " لأَنَّ الرَّبَّ (יהוה - yehôvâh – يَهْوَه - yeh-ho-vaw) إِلهَكُمْ (אלהים - ĕlôhîym - el-o-heem) هُوَ إِلهُ الآلِهَةِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ (אדן אדון - âdôn âdôn, - أدوناي - Adonai) الإِلهُ العَظِيمُ الجَبَّارُ المَهِيبُ الذِي لا يَأْخُذُ بِالوُجُوهِ وَلا يَقْبَلُ رَشْوَةً " (تثنية10/17).

ويعني لقب (آدوني- Adonai)، (ربّي، سيّدي - my Lord) لأنَّ حرف (اليود – י)، (الياء – ي) هو ياء الملكية.

أمّا (أدوناي - Adonai) فيُستخدم عادة للاحترام والتوقير، كبديل ل " أنت " و " هو" (11) ويُستخدم في أغلب الأحيان عن الله ويرتبط دائمًا بالاسم الإلهي " يَهْوَه " ويظهر هذا اللقب في العهد القديم 449 مرّة، منها 315 مرّة مع " يَهْوَه "؛ 310 منها " أدوناي يَهْوَه"، و 5 مرّات " يَهْوَه أدوناي"، و134 مرّة "أدوناي" وحده (12).

(9) Theological. Dictionary. aT Vol. 1 P.61.
(10) Interpreters. Die. Vol. 2 P. 414.
(11) Thea. Die. aT Vol. 1 P,62
(12) Thea. Die. OT Vol. 1 P. 62, 63.
وقد تكرر اللقب في سفر أشعياء وحزقيال وحده 200 مرّة(13)، منها حوالي 182 مرّة(14). " أدوناي يَهْوَه " و الباقي " أدوناي " وحده. وفي الأصحاح 9 من سفر دانيال 11 مرّة.

وقد استعملت لأول مرّة في " فَقَالَ ابْرَامُ: " ايُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ (אדני יהוה- yeh-ho-vee ad-o-noy - yehôvih ădônây ) مَاذَا تُعْطِينِي وَانَا مَاضٍ عَقِيما وَمَالِكُ بَيْتِي هُوَ الِيعَازَرُ الدِّمَشْقِيُّ؟"" (تكوين15/2) وقد تُرجم هذا اللقب المُركّب " أدوناي يَهْوَه " و " يَهْوَه أدوناي- אדני יהוה " ب " السيّد الربّ – Lord God" (15)، ويُعبّر عن سلطة الله، يَهْوَه، وسيادته على الكون كله، الخليقة كلها. وفى الغالبية العظمى من الفقرات التي يتكرّر فيها " أدوناي " تسبقه عبارة " هكذا يقول " كمقدمة له، خاصّة في سفري حزقيال وإشعياء" لذلك هكذا يقول السيد الرب.." (16)."هكذا يقول السيد رب الجنود.." (إشعياء10/24)(17).

وكان اليهود قد امتنعوا عن نطق اسم الله يَهْوَه منذ فترة ما بعد السبي، حوالي 400ق م(18)، خوفًا من النطق به باطلًا كقول الكتاب " لا تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ الَهِكَ بَاطِلا لانَّ الرَّبَّ لا يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلا" (خروج20/7). وأستخدموا اللقب " أدوناي " بديلًا له ومرادف لاسم يَهْوَه ومساوٍ تفسيري له، يُعَبّر عن مغزاه وماهيّته(19)، كما حلّ محلّه، كبديل له، في الأحاديث الشفوية(20). وهذا جعل اليهود يحرصون على حماية الاستخدام الديني ل " آدون " حتى لا يخاطب الناس به كما يخاطبون السادة من البشر، فكانوا يكتبونه، عند الاستخدام مع " يَهْوَه " أو كبديل له، بطريقة مميزة وينطقونه أيضًا بطريقة مميّزة (فقد اعتبروا حرف الياء (ي) الأخير في الكلمة والدال على الملكية جزء من الكلمة " آدون ى"، ثم طوّلوا نطق هذه الياء، الأخيرة من الكلمة) فأصبحت " آدون اى". وكان هذا الفارق الخفيف كافٍ لتمييز " أدوناي " كنصٍ دينىٍّ).

(13) Ibid 63.
(14) All Divine names.p. 35.
(15) International Standard. Bible. Encyclopedia. Vol. 2 P. 508.
(16) أنظر حزقيال 8/13و16و20.
(17) أنظر كتابنا " هل المسيح هو الله أم ابن الله أم هو بشر؟"؛ ص 28و29.
(18) المرجع السابق؛ ص20.
(19)Kittle Thea. Die. NT Vol. 3 P. '058.
(20) Int. St. Bib. Ene. Vol. 2 P. 508.
2- وفى هذه النبوّة يتكلّم عن الرب " يَهْوَه " الذي يخاطب الرب " آدون أي "ويجلسه عن يمين العظمة. فمن المقصود هنا ب " آدون اي " المساوي ليَهْوَه؟. والإجابة نجدها في الآية نفسها وفي قول داود في مزمور آخر؛ فهنا في هذه الآية يقول يهوه لآدون اي " اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ"، وفي المزمور الثاني يتنبأ عن المسيح قائلًا " أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (مزمور2/7).
ونسأل مرّة أخرى؛ من هو الذي قال له يَهْوَه " أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ"؟.
والإجابة هي، يقول الكتاب المقدس أنّه الرب يسوع المسيح " إِذْ أَقَامَ يَسُوعَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَيْضًا فِي الْمَزْمُورِ الثَّانِي: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (أعمال13/33)، وفي مقارنة مع الملائكة يقول " لأَنَّهُ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (عبرانيين1/5)، " كَذَلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، بَلِ الَّذِي قَالَ لَهُ: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (عبرانيين5/5).

والسؤاك الثاني؛ من هو الجالس عن يمين الله، يَهْوَه؟.
والإجابة هي الرب يسوع المسيح حيث يقول لنا الكتاب أنَّه لم يصعد إلى السماء ويجلس عن يمين الآب سوي شخص واحد هو الرب يسوع المسيح!! فقد أكّد الربّ يسوع المسيح أنّه هو الربّ " آدون اي " وآدون اي هو " يَهْوَه"، وأنّه هو الجالس في يمين العظمة، على عرش الله في السماء. كما قال لتلاميذه " مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ" (متي26/64 ؛ مرقس14/62). وعن صعوده يقول " ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللَّهِ" (مرقس16/19)، "ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ" (أعمال الرسل2/33؛ 5/31)، " مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ الْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا!" (رومية8/34)، " الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ" (كولوسي3/1)، " الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي" (عبرانيين1/3)، " جَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ الْعَظَمَةِ فِي السَّمَاوَاتِ" (عبرانيين8/1). " فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ" (عبرانيين12/2)، " وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ" (أفسس1/20)، "الَّذِي هُوَ فِي يَمِينِ اللهِ، إِذْ قَدْ مَضَى إِلَى السَّمَاءِ، وَمَلاَئِكَةٌ وَسَلاَطِينُ وَقُوَّاتٌ مُخْضَعَةٌ لَهُ" (1بطرس3/22). فالمسيح، إذًا، هو الرب " أدوناي – يَهْوه"، ربّ داود الجالس في يمين عرش العظمة، عرش الله في السماء.

3- أمّا بخصوص ما قاله هؤلاء الكتّاب أنَّ المسيح " رفض الفكرة القائلة أنَّ المسيح الذي كانت تنتظره إسرائيل كان أحد أبناء داود "؟!! فالمسيح لم ينفِ مطلقًا أنّه هو المسيح الذي كانت تنتظره إسرائيل ولا أنّه، هو، أحد أبناء داود بلّ كان الجموع يُنادونه بلقب " ابن داود " ويقولون له " يا ابن داود" (21)، بل ويبدأ الإنجيل للقديس متّي بقوله " كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ" (متي1/1)، وقال عنه الكاتب أيضًا " الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ" (رومية1/3)، ووصفه الكتاب ب " الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ" (رؤيا5/5)، ووصف هو نفسه بقوله " أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ" (رؤيا22/16). أمّا الآيات التي استشهد بها الكاتب والتي سأل فيها الرب يسوع المسيح اليهود قائلًا " مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟"؛ قَالُوا لَهُ: " ابْنُ دَاوُدَ". قَالَ لَهُمْ: " فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا قَائِلًا:" قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ؟ فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟" (متي22/42-45). لا تنفي كون المسيح ابن داود بل تؤكّد على كونه ابن داود بالجسد ورب داود بلاهوته. وهذا ما أراد الرب يسوع المسيح أنْ يؤكّده لليهود، كما قال عن نفسه " أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ" (رؤيا22/16)، أصل داود كربه وذرية داود بالجسد كما يقول الكتاب " الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ" (رومية1/3).


(21) أنظر (متي 9/7؛12؛23؛15/22؛20/30و31؛مرقس10/47و48؛ لوقا18/38و39).
وهنا يؤكّد الرب يسوع المسيح في سؤاله لهم أنّه رب داود الجالس عن يمين العظمة في السموات. فمن هو رب داود؟ والإجابه هي: رب داود هو الله. فالكتاب يقول: " إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ" (تثنية6/4)، وأيضًا " الرَّبَّ إِلهَكَ تَسْجُد وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ" (تثنية6/13؛ متي4/10). وقد أكّد ذلك أيضًا السيد المسيح نفسه في قوله " إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ" (مرقس12/29). والكتاب يقول أيضًا أنَّ الرب يسوع المسيح نفسه هو هذا الرب الواحد " لَكِنْ لَنَا إِلَهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ بِهِ" (1كورونثوس8/6). ويقول القديس بطرس عنه بالروح " هَذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ" (أعمال10/36).

3- من هو المقصود في قوله أنت ابني أنا اليوم ولدتك؟
قال الإمام القرافي أن ما جاء في المزمور الثاني هو نبوة عن نبي المسلمين لأنه هو الذي ورث وبلغ سلطانه أقصى الأرض وحاط الأمم وسامهم بسيفه(22)!! وقال الأستاذ على الجوهري " إنَّ المزمور كله نبوءة عن النبي المنتظر. وهو محمد (صلعم)... وقد رأيت في كتب أهل الكتاب: أنَّ جميع علمائهم متفقون على أنَّ المزمور الثاني كله نبوءة عن النبي المنتظر الذي يلقبونه بلقب مسيّا أو المسيح على عاداتهم مع أنبيائهم وعلمائهم وملوكهم. فالمسيح بلغتهم يكون هو محمد رسول الله.." (23)!! ويقول المزمور " لِمَاذَا إِرْتَجَّتِ اَلأُمَمُ وَتَفَكَّرَ اَلشُّعُوبُ فِي اَلْبَاطِلِ؟. قَامَ مُلُوكُ اَلأَرْضِ وَتَآمَرَ اَلرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى اَلرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ قَائِلِينَ: لِنَقْطَعْ قُيُودَهُمَا وَلْنَطْرَحْ عَنَّا رُبُطَهُمَا. اَلسَّاكِنُ فِي اَلسَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. اَلرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ. حِينَئِذٍ يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ بِغَضَبِهِ وَيَرْجُفُهُمْ بِغَيْظِهِ. أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي. إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ اَلرَّبِّ.

(22) الجواب الصحيح لمنز بدل دين المسيح؛ ص 248.
(23) حقيقة النصرانية من الكتب المقدسة؛ ص21.
قَالَ لِي: أَنْتَ اِبْنِي0 أَنَا اَلْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. اِسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ اَلأُمَمَ مِيرَاثًا لَكَ وَأَقَاصِيَ اَلأَرْضِ مُلْكًا لَكَ. تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ. فَالآنَ يَا أَيُّهَا اَلْمُلُوكُ تَعَقَّلُوا. تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ اَلأَرْضِ. اُعْبُدُوا اَلرَّبَّ بِخَوْفٍ وَاِهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ. قَبِّلُوا اَلاِبْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ اَلطَّرِيقِ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيلٍ يَتَّقِدُ غَضَبُهُ. طُوبَى لِجَمِيعِ اَلْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ."

ونقول لهما أنَّ المرموز لا يمكن أن ينطبق علي غير الرب يسوع المسيح لأسباب كثيرة أهمّها:
1- أنه يتكلم عن مسيح الرب وكما بيّنا في الصفحات السابقة أنَّ مسيح الرب هو الرب يسوع المسيح. كما أن نبي المسلمين لم يكن مسيحًا ولم يُدْعَ مسيحًا في أي كتاب إسلامي قبل القرن العشرين، كما أنه لم يُمسح بأيّ نوع من المسحة.

2- أنَّ هذا المسيح هو من صهيون هو ملك صهيون الذي سيُمْسَح على جبل صهيون " أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي."، ونبي المسلمين لم يكن ولا يمكن أنْ يكون من صهيون والأسباب معروفة، وقد جاء المسيح من بني إسرائيل " وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهًا مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ" (رومية9/5).

3- أمّا قوله " أَنْتَ اِبْنِي0 أَنَا اَلْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. " فلا يمكن أن ينطبق على غير المسيح فقد أكّد الكتاب المقدس أن هذه الآية وبقية المزمور يخصّه هو وطبّقه عليه ففي العماد جاءه صوت الله من السماء قائلًا "أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" (مرقس1/11). وقالن القديس بولس بالروح في مجمع اليهود " إِنَّ اللهَ قَدْ أَكْمَلَ هَذَا لَنَا نَحْنُ أَوْلاَدَهُمْ إِذْ أَقَامَ يَسُوعَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَيْضًا فِي الْمَزْمُورِ الثَّانِي: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (أعمال13/33). وفي المقارنة بين المسيح والملائكة يقول" لأَنَّهُ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (عبرانيين1/5)، وأيضًا " كَذَلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، بَلِ الَّذِي قَالَ لَهُ: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (عبرانيين5/5).

4 - تقلّد سيفك على فخذك أيّها الجبّار:
قال المرنم " أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالًا مِنْ بَنِي اَلْبَشَرِ. اِنْسَكَبَتِ اَلنِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ لِذَلِكَ بَارَكَكَ اَللهُ إِلَى اَلأَبَدِ. تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا اَلْجَبَّارُ جَلاَلَكَ وَبَهَاءَكَ. وَبِجَلاَلِكَ اِقْتَحِمِ. اِرْكَبْ. مِنْ أَجْلِ اَلْحَقِّ وَاَلدَّعَةِ وَاَلْبِرِّ فَتُرِيَكَ يَمِينُكَ مَخَاوِفَ. نَبْلُكَ اَلْمَسْنُونَةُ فِي قَلْبِ أَعْدَاءِ اَلْمَلِكِ. شُعُوبٌ تَحْتَكَ يَسْقُطُونَ" (مزمور45/2-5).
وقال هؤلاء الكتاب " إنَّ النبيّ الجبّار " نبي السيف والبيان، هو نبي المسلمين، فهو المقصود بهذه البشارة التي لا تنطبق علي غيره. وقال الشيخ رحمة الله الهندي " وهذا الأمر مسلّم عند أهل الكتاب أنَّ داود يُبشر في هذا الزبور بنبي يكون ظهوره بعد زمانه، ولم يظهر إلى هذا الحين نبي عند اليهود يكون موصوفًا بالصفات المذكورة في هذا الزبور"، ثم يقول أن المقصود به هو نبي المسلمين ويقدّم 17صفة له منها قوله "... أنا رسول الله بالسيف" (24)!!

فهل ما يقولونه صحيح؟!! وما هي صفات هذا الملك المذكور؟ وهل هو مجرّد نبي أم أهم من ذلك؟
(1) والكتاب المقدس يقول لنا أن الملك المذكور في هذا المزمور أسمى من الإنسان في أعماله وجمال روحه " اِنْسَكَبَتِ اَلنِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ". وهذا ما قيل عن الرب يسوع المسيح " لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا" (يوحنا1/17)، " وَكَانَ الْجَمِيعُ يَشْهَدُونَ لَهُ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ وَيَقُولُونَ: أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ يُوسُفَ؟" (لو4/22)، " وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ لِهَذَا هَذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟" (متي13/54)، " فَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ بُهِتُوا جِدًّا قَائِلِينَ: «إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟»" (متي19/25)،"فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ" (متي22/33)، " وَلَمَّا كَانَ السَّبْتُ ابْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ. وَكَثِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا بُهِتُوا قَائِلِينَ: «مِنْ أَيْنَ لِهَذَا هَذِهِ؟ وَمَا هَذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هَذِهِ؟" (مرقس6/2).

(2) بل وأسمى من الإنسان العادي لأن المزمور يصفه بالله:
" كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ (إيلوهيم- אלהים - ĕlôhîym) إِلَى دَهْرِ اَلدُّهُورِ. قَضِيبُ اِسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ "= "כסאך אלהים עולם ועד שׁבט מישׁר שׁבט מלכותך" (الآية 6). وهذا الوصف لا ينطبق على غير شخص إلهي.

(3) وهو ممسوح بدهن الابتهاج " أَحْبَبْتَ اَلْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ اَلإِثْمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اَللهُ إِلَهُكَ بِدُهْنِ اَلاِبْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ" (الآية7).

(24) إظهار الحق؛ ج2 ص214-219.
وهذه المسحة كان يُمسح بها الكهنة والملوك، وقد مُسح الرب يسوع بالروح القدس، وطبق عليه الوحي الإلهيّ هذه النبوّة إذ يقول الكتاب "" (عبرانيين1/8و-9).

(4) و " كُلُّ ثِيَابِكَ (معطرة بال) مُرٌّ وَعُودٌ وَسَلِيخَةٌ(وهي عبارة عن مواد عطرية). مِنْ قُصُورِ اَلْعَاجِ سَرَّتْكَ (صدحت موسيقى الآلات الوترية) اَلأَوْتَارُ. بَنَاتُ مُلُوكٍ بَيْنَ حَظِيَّاتِكَ. جُعِلَتِ اَلْمَلِكَةُ عَنْ يَمِينِكَ (مزينة) بِذَهَبِ أُوفِير" (الآية8)...

(5) ويصف العروس الملكية في هذا المزمور بأنَّ ملابسها منسوجة من الذهب (الآية9). وهذا الوصف ينطبق على سليمان الحكيم الذي يقول عنه الكتاب "" (1ملوك10).
والعروس هنا ترمز للكنيسة عروس المسيح " لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ، لأَنَّ عُرْسَ الْحَمَلِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا. وَأُعْطِيَتْ أَنْ تَلْبَسَ بَزًّا نَقِيًّا بَهِيًّا، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ»" (رؤيا19/7-8). وإلى أورشليم السمائية مسكن المسيح مع قديسيه " ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا" (رؤيا21/1-2).


فالمزمور إذًا له معني حرفي، وآخر روحي مجازي، فمن حيث التاريخ، هو نشيد زفاف لأحد ملوك إسرائيل. وهو سليمان في كل مجده. ولكن إتمامه النبوي المقصود فى النبوّة يتكلم عن الملك الآتى ذو الصفات الإلهة، ابن داود، المسيا، ومن ثم يقصد بالسيف هنا لا سيف الحرب بل سيف الروح والحق. يقول الكتاب "حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ" (أفسس6/16-17). " لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ" (عبرانيين4/12). هذا هو سيف المسيح وهذه هي أسلحة المؤمنين به وهذا ما تشير إليه النبوة " لأَنَّنَا وَإِنْ كُنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللَّهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ، هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ" (2كورونثوس10/3-5). " اُصْحُوا وَاسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. فَقَاوِمُوهُ رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هَذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ" (1بطرس5/8-9).

ومن ثم لا يمكن أن يكون هذا المزمور نبوّة عن نبي المسلمين فالمزمور يطلق عليه لقب " الله"، أو بالحري لقب " إله " وبالعبرية إيلوهيم (אלהים - ĕlôhîym) وهذا ما لم يقله أحد من المسلمين بل ويعتبرون ذلك كفرًا!! كما تذكر النبوة " مسحة بدهن المسحة " كملك ونبي وكاهن وهذا ما لم يعرفه العرب ولم يحدث مع نبي المسلمين ولا يذكر القرآن أو الحديث أو السيرة مثل هذه المسحة!! وقد مُسح المسيح بالروح القدس.

5- ترنيمة جديدة وتسبيحه في جماعة القديسين:
يقول المرنم بالروح " هَلِّلُويَا. غَنُّوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً تَسْبِيحَتَهُ فِي جَمَاعَةِ الأَتْقِيَاءِ. لِيَفْرَحْ إِسْرَائِيلُ بِخَالِقِهِ. لِيَبْتَهِجْ بَنُو صِهْيَوْنَ بِمَلِكِهِمْ. لِيُسَبِّحُوا اسْمَهُ بِرَقْصٍ. بِدُفٍّ وَعُودٍ لِيُرَنِّمُوا لَهُ. لأَنَّ الرَّبَّ رَاضٍ عَنْ شَعْبِهِ. يُجَمِّلُ الْوُدَعَاءَ بِالْخَلاَصِ. لِيَبْتَهِجِ الأَتْقِيَاءُ بِمَجْدٍ. لِيُرَنِّمُوا عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. تَنْوِيهَاتُ اللهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَسَيْفٌ ذُو حَدَّيْنِ فِي يَدِهِمْ. لِيَصْنَعُوا نَقْمَةً فِي الأُمَمِ وَتَأْدِيبَاتٍ فِي الشُّعُوبِ. لأَسْرِ مُلُوكِهِمْ بِقُيُودٍ وَشُرَفَائِهِمْ بِكُبُولٍ مِنْ حَدِيدٍ. لِيُجْرُوا بِهِمُِ الْحُكْمَ الْمَكْتُوبَ. كَرَامَةٌ هَذَا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ. هَلِّلُويَا" (مزمور149)
قال الشيخ رحمة الله الهندي أنَّ هذا الزبور (المزمور) ينطبق علي نبي المسلمين للأسباب الآتية: أنَّ نبي المسلمين هو الملك وأنَّ أتباعه هم الأبرار وأنهم افتخروا بالمجد وترفيع الله لهم، وفي أيديهم سيوف ذو حدين(25). وقال ابن تيمية " فلس متقلد السيف من الأنبياء بعد داود سوى محمد... وهو الذي خرت الأمم تحته، وقرنت شرائعه بالهيبة، كما قال (صلعم) عن نفسه : " نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر" (26).

(1) ونقول لهم أنه لا يمكن أن ينطبق ما جاء في المزمور هكذا لأن المزمور بتحدّث عن بني إسرائبل وملكهم " لِيَفْرَحْ إِسْرَائِيلُ بِخَالِقِهِ. لِيَبْتَهِجْ بَنُو صِهْيَوْنَ بِمَلِكِهِمْ."، فالملك المقصود هنا هو ملك إسرائبل وملوك إسرائيل لا يمكن أن يكونوا من الأمم كما بينّا في الفصل الرابع، كما أنَّه لا يُمكن أنْ يكون هو نبي المسلمين ولايُمكن أن يُقال هذا الكلام عن نبي المسلمين لأنّه لم يكن ابدًا ملكًا لإسرائيل ولافرح إسرائيبل به لأنّه كان بينه وبينهم عداوة لم تتوفف إلا بانتهاء وجودهم من الجزبرة العربية!!

(2) كما أن الترنيم باستخدام الرقص والدفّ والعود غير مستعمل في العبادة الإسلامية وكذلك السيف ذو الحدين ليس سيف نبي المسلمين ولا علي بدليل أن الآية تصرح بأنه ليس في يدي الملك الذي يقولون أنه نبي المسلمين بل فالإسرائيليين ينتقمون به من أعدائهم. والأمة المذكورة هنا هي بنو صهيون ولا علاقة لها بالأمة الأمية. والملك في (الآية2) قيل عنه في صدر الآية بأنه الخالق.

(25) المصدر السابق؛ ص220.
(26) " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " ج3ص319: وأضاف المستشار الطهطاوي " فلقد كان السيف والنبل في زمنه أسلحة الجيش الإسلامي القائم علي نشر الدين الحنيف... ومن ناحية أخري فإنَّ انسكاب النعمة علي شفتيه تشير إلي الفصاحة والإعجاز البياني الذي جاء به في القرآن الكريم المُنزل عليه من ربّ العباد"، محمد نبي الإسلام ص18.