يا أيها الآخر ،،،،
يذكر التاريخ الموثق أن نبينا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن جهر بدعوته بأمر من الله تعالى وعادته قريش ، جاءه وافد منها .
هذا الوافد عرض عليه عروضا متعددة متنوعة ،
لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل منها شيئا ، لجاز القول ــ عند البعض ــ بأن دعوته إلى الله تعالى محل نظر ،
ولتحول القول له ــ عندهم ــ إلى القول عليه .

هل تدري ماذا كانت تلك العروض ؟
1 ــ لو كان هذا الذي يأتيك رئيٌ ، أتينا لك بأعظم الأطباء لتشفى ،
2 ــ لو كنت تريد من النساء شيئا ، زوجناك من تختار من أحسن فتياتنا وبناتنا ، بما في ذلك من جمال وشرف ونسب .
3 ــ لو كنت تريد مالا ، جمعنا لك من أموالنا ما تصير به أغنى رجل في مكة .

فإذا تركنا النظر في تلك العروض السابقة ، فعلينا الاهتمام بهذا العرض الآتى :
،،، إذ هوالأعظم فى العروض جميعها ،،،
قال وافد قريش : لو كنت تريد ملكا ،،،، ملكناك علينا .

يا الله . . .
هل هناك أسخى أو أعظم من هذا العرض ؟
بالطبع لا .

علما بأن قريش في مكة آنذاك لها السيادة على العرب جميعا ، بحكم خدمتهم لبيت الله تعالى ، الذي يقدسه العرب من كل القبائل ،
وبحكم تجاراتهم الواسعة فى مختلف الجهات ، إلى الشمال والجنوب ، لاسيما رحلتي الشتاء والصيف ،
وبحكم علاقاتهم المتعددة والمتنوعة مع كل جيرانهم من أفراد وقبائل وشعوب ودول وحكام .
ومع ذلك ،،،
لو كنت تريد ملكا ،، ملكناك علينا .

هي مساومة ، ما أغلاها وما أثمنها لو قبلها نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
هي مساومة ، ما أغلاها وما أثمنها لو ترك ما يدعو إليه وملك قريشا .
لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير .

إن نبينا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم جهر بدعوته بأمر ربه ، لا ليملك أو ليترأس كما ظن أبو الوليد ( وافد قريش ) ، أو كما يظن من هو على شاكلته .
وهل هناك أكثر أو أعظم أو أسخى مما عُرض عليه ؟
نعم .
إنها الرسالة . . . رسالة الإسلام .

لذا . . . . لم يقاطعه نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى من مقالته ،،،
فسأله : أوقد فرغت ؟
فلما قال الرجل : نعم ،
قال له نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : إذن فاسمع ،،،،، وتلا قرآن ربه .

لا يفوتنا أن نركز النظر فى أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم يومئذ ( أى في هذا اليوم ) كان في الأربعينيات من عمره الشريف ، فإذا تجاوز متجاوز وعدّه في الخمسينيات ، فلا ضير أيضا ، باعتبارها سناً ، قصارى الآمال فيها أن يكون أخا لملك ، أو صهرا له ، أو حتى نديما له ،،،

أما وقد عرض عليه الملك ذاته ، فهذا شيء لا يجدر إغفاله أو تركه أو عدم النظر فيه .

رفض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الملك على قريش ( سادة العرب جميعا ) ، ليكون عبدا لله ورسوله الخاتم .

هذا هو نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذى بر بقسمه لعمه :
" والله ، لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري ، على أن أترك هذا الأمر ، ما تركته حتى يظهره الله ، أو أهلك دونه " .

وما قيمة الشمس والقمر بجانب الرسالة ؟
بل وما قيمة السموات والأرض بما فيهن بجانب الرسالة ؟
إنها الحقيقة التي هي أعمق من ذلك بكثير .
إنها الرسالة . . . رسالة الإسلام .


يا أيها الآخر . . . .
لو طالعت التاريخ الإسلامى الصادق ، غير المحرف أو المزعوم ، لتأكدت أن نبينا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الوحيد من بين البشر الذي دونت سيرته كلها بكل تفاصيلها ، دونما تحريف أو تغيير أو سهو أو إغفال ،،،،

ومع ذلك ، لم توجد في كل هذا العمر المبارك ــ الذي امتد ثلاثة وستين عاما ــ أية غلطة أو سقطة أو مثلبة أو نقيصة ،،،
بل على العكس والنقيض ، تماما بتمام ،،،
فكلها صدق وأمانة وعفة ونبل وشهامة وقوة وشجاعة ومروءة وفتوة ووفاء ورحمة وإحسان وفصاحة وبلاغة وبركة ، وكل ما يندرج تحت عنوان مكارم الأخلاق .

حقائق موثقة سجلها التاريخ الصادق ،،،
عليك بمطالعتها بفكر سليم عاقل ، خال من الشوائب والأغاليط ،
ثم احكم .

أتدري لماذا كان هكذا ؟
لأنه صفوة الخالق ، ورسوله الخاتم ، ورحمته المهداة للعالمين .