المـقدمـة
أن الحركة الكارزماتية لهى واحدة من الحركات الحديثة و التى نشأت فى الغرب فى منتصف القرن الماضى والتى أثرت بشده على العديد من الكنائس اليوم فى جميع أنحاء العالم تباعا, و لعل تأثير ذلك يمكن ملاحظته فى عدة جوانب متعددة مثل النظرة العامة للحياة و الملائكة والشياطين, بل أمتد الى عقائد أساسية مثل الاختبار المسيحى و معمودية الروح القدس و ممارسات الكنيسة , فى هذا البحث سيتناول الباحث تأثير تلك الحركة على أحد أهم هذه الممارسات الكنسية و هى العبادة, فما هى سمات العبادة الكارزماتية ؟ و ما هو تأثيرها على العبادة فى الكنائس اليوم؟ و ماهى الجوانب الايجابية التى يمكن أستثمارها و السلبية التى يجب الاحتياط لها لذلك التأثيرالكارزماتى؟
الفصل الاول : العبادة فى الكنائس الكارزماتية
فى البداية يجب التنويه هنا أن الكنائس التى توصف على أنها كارزماتية ليست بالضرورة تتبع طائفة واحدة لو حتى من الطوائف الخمسينة أو الرسولية المعروفة, فالكارزماتية هى حركة روحية و نهضوية أنتشرت بين العديد من الكنائس ذات التوجهات العقائدية المختلفة. و حتى من جهة العبادة التى هى نقطة الدراسة فأن العبادة الكارزماتية تختلف بمقادير طفيفة من كنيسة لأخرى, و لكن لتلك الحركة عدة ملامح عامة مشتركة فى العبادة .السمات العامة للعبادة الكارزماتيةالحركة: تعتبر الحركة مثل التصفيق, رفع الايدى و فى بعض الكنائس الرقص فى العبادة أحد أهم السمات الرئيسية فى العبادة الكارزماتية, و يعزى البعض مثل هذه الممارسات الى الكنائس الخمسينية و حركة الروح القدس التى تأثر بها الكارزماتيون, و يستند الكارزماتيون على بعض النصوص التى يدعمون بها الحركة فى العبادة مثل رقص داود أمام تابوت عهد الرب (2 صم 6 : 14-16). الموسيقى الصاخبة: يرجع الى الحركة الكارزماتية أدخال مثل هذا النوع من الموسيقى الصاخبة مثل “الروك اند رول” فى العبادة الكنسية و ما تبع ذلك من أستخدام الجيتار الصاخب و الات الطبل “الدرامز” بصوت مرتفع فى بعض التسابيح. الحرية و الأطالة: الحرية فى العبادة هى كلمة السر فى الكنائس الكارزماتية و هى عنصر الجذب للكثيرين, فيمكنك فى فترة العبادة أن تقف أو تجلس, أن ترفع يدك أو تسجد أو تقفز حسب ما يحلو لك , أما الاطالة فهى سمة فى بعض هذه الكنائس حيث تطول فترات التسبيح و الترنيم و ربما يظل الحاضرون يكررون مقطع واحد فى ترنيمة لربع ساعة, و فى بعض الاحيان لا يجد الواعظ وقتا كافيا لخدمة الكلمة. المشاعر و أختبار حضور الرب : العبادة الكارزماتية بها مجال كبير للمشاعرمثل الفرح و البكاء و الانفعال , أما أختبار حضور الرب فهذا هو مرادها و مركزها, فعندما يذهب الناس الى كنيسة كارزماتية فهم يتوقعون أن يتقابلوا مع الرب و يشعروا بحضوره بالروح. المواهب: فى العبادة الكارزماتية هناك تركيز كبير على أستعلان مواهب الروح القدس مثل التكلم بألسنة و التنبوء, و فى بعض الكنائس تحدث حالات شفاء أثناء فترات العبادة.
الفصل الثاني: تأثير الحركة على العبادة المسيحية
لقد أثرت الحركة الكارزماتية على العبادة فى كنائس من مختلف الطوائف المسيحية الانجيليةمثل اللوثارية و الاسقفية و المشيخية و الميثودست, و المعمدانية, و حتى على بعض الكنائس و الاديرة الكاثوليكية , حتى أن البابا يوحنا البابا السابق للكاثوليك عين أسقفا للكارزماتك الكاثوليك الذى تزايد بشكل كبير عددهم و بخاصة فى أفريقيا. و عندما نناقش تأثير العبادة الكارزماتية هنا التى دخلت بالفعل الى العديد من الكنائس اليوم , فأنه من المتوقع أن نذكر نقط الايجاب التى أضافت و أثرت العبادة فى الكنائس المسيحية والتى يمكن العمل على أستغلالها و أستثمارها , و أيضا نقط السلب التى أثرت بالسلب على العبادة فى الكنيسة المسيحية و التى يجب الاحتياط منها و العمل على تلافى نتائجها. من الفصل السابق رأينا السمات العامة للعبادة الكارزماتية , و من هذا المنطلق دعنا نرى التأثير الايجابى لهذا النوع من العبادة فى كنيسة اليوم:التأثير الايجابىلعل التأثير الايجابى الابرز للعبادة الكارزماتية هو أستعادة الحياة مره أخرى للعبادة فى الكنيسة , فالعبادة المسيحية تأرجحت بين تياريين رئيسيين التيار الاول ركز على العبادة التقليدية المتمثلة فى القداسات و ما بها من قراءات لتروجية كانت تسير بصورة جامدة تقليدية محفوظة بلا روح فى معظم الاحيان, أما التيار الاخر فركز على مركزية الكلمة و المنبر حتى ان الترانيم و العبادة الكنسية صارت خادمة للمنبر فقط فتهمشت المشاركة الكنسية فى هذا التيار و تعظم دور المنبر و الوعظ. فعندما جاءت الحركة الكارزماتية أعادت المشاعر و الاحاسيس الى العبادة المسيحية, فأصبح الحاضرون مشاركون و ليس فقط مستقبلون فى العبادة كما كان فى السابق, كما أن التركيز على الحضور الالهى و الاختبار فى العبادة أضفى اليها بعدا حيا كانت الكنيسة قد فقدته بخاصة الكنائس التى تبعت التيار الثانى سابق الذكر. التأثير الايجابى الثانى هو أسترداد مواهب الروح القدس مثل الالسنه و الشفاء الالهى و التى تحدث أثناء العبادة, و قد أصبح يحدث الان فى الكثير من الكنائس المسيحية من مختلف الطوائف التى تاثرت بهذه الحركة, وعلى الرغم من أن البعض يدعى فى بعض الاحيان أمورا لم تحدث حقا ألا أن البعض يُشفى فعلا ( بعضهم من غير المؤمنين و غير المسيحيين) أثناء هذه الاجتماعات مما يقوى شهادة الكنيسة للمسيح و حق الانجيل و يسترد روح الكنيسة الاولى التى كان الروح يشهد معها بالعجائب و المعجزات (عبر 2: 4).التأثير السلبىالموسيقى الصاخبة فى رأيى هى واحدة من أهم السلبيات التى دخلت الكنائس من خلال تاثير الكارزماتية و بخاصة موسيقى “الروك اند رول” فهى تحمل روحا تمردية من روح العالم و ليس من الروح القدس فى كثير من الاحيان, مما يزكى روحا عالمية داخل الكنيسة. كذلك حملت الكثير من تلك التسابيح الكارزماتية كلمات تتناقض مع بعض الحقائق الكتابية الهامة مثل التركيز على دور الشياطين بطريقة زائده, و الترويج لأفكار مثل الملكوت و المواعيد كلها نمتلكها الان و ليس فى الابدية, و أنجيل الرخاء و غيرها من الافكار الغير كتابية التى تحتاج الى المراجعة من قبل قادة الكنائس الكتابية. الحرية الزائدة التى تصل أحيانا الى الفوضى فى العبادة والتى يجب تفاديها, فالعبادة بالروح لا تعنى أن لا يكون هناك أى نظام بل أن الله هو اله نظام و الحرية يجب أن تخضع لنوع من الترتيب و التنظيم.
الخاتمة
أن الحركة الكارزماتية هى حركة روحية قوية و مؤثرة تجاوز تأثيرها حدود الطوائف لتؤثر فى طوائف و كنائس مختلفة, و قد رأينا من خلال البحث هذا التاثير فى أحد اهم جوانب الحركة و هى العبادة , و تناول الفصل الاول من البحث سمات هذا الجانب من العبادة الكارزماتية , ثم الفصل الثانى تناول الباحث بتفصيل أكثر الايجابيات و السلبيات المترتبة على هذا التأثير الكارزماتى فى الكنائس و كيفية الأستفادة من الايجابيات منها و التعامل مع السلبيات.
قائمة المراجع
مارتن ب. رالف. ترجمة نكلس نسيم. العبادة تأملات لاهوتية و رعوية و علمية. القاهرة: دار الثقافة, 1998.
Towns Elmer. Putting an End to Worship Wars. Broadman & Holman publishers, 1996. PDF, http://www.ntslibrary.com.Charismatic Worship, Article on: http://www.apibs.org/topical/char14.htm.