يقول السائل ..ما الذي يلزم على القول بخلق القران حتى عده السلف كفرا ؟ وهل قول الاشاعرة بالكلام النفسي شبيه به ؟

الجواب :

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وآله وصحبه أجمعين :

أولا : القول بخلق القرآن ، ووجه كونه كفرا :

1 ـ ممهدات :

1 - لما كان كلام المتكلم وصفا قائما به ؛ فإنه يكون تابعا للمتكلم فيما يليق به وما يتنزه عنه ، وهذه قاعدة عقلية كلية ، فإن كلام الرجل غير كلام المرأة ، وكلام الحكيم غير كلام المجنون ، فكذلك يكون كلام المخلوق مخلوقا ، وكلام غير المخلوق غيرَ مخلوق .

وقد استدل أئمة السنة بهذا المعنى على كون القرآن غير مخلوق .

قال مالك وأحمد : كلام الله من الله ، ولا يكون من الله شيء مخلوق " [1] .

وقال الحسن بن حماد: سأل رجل محمد بن الحسن عن القرآن ، مخلوق هو؟ ، فقال : " القرآن كلام الله ، وليس من الله شيء مخلوق " [2] .

وروي عن وكيع بن الجراح أنه قال: " من زعم أن القرآن مخلوق ؛ فقد زعم أشياء من الله مخلوقة ، فقلت: يا أبا سفيان ، من أين قلت هذا؟ ، قال: لأن الله تبارك وتعالى يقول: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} ، ولا يكون من الله شيء مخلوق " [3] .

2 – ولذلك ففي بحث الاعتقاد ، يقرر أهل العلم قاعدة أن ( الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات ) [4] .

3 - فكما يقال في ذات الله : إنها تليق بالله ، ولا يلزم من إثباتها مماثلة ذوات المخلوقين ؛ فكذلك يقال في الوجه واليد والاستواء والضحك ، وكذا الكلام .

4 - وكما أنه لا يسع مسلما أن يقول إن وجه الله مخلوق ، أو رحمته مخلوقة ؛ فإنه يلزمه أن يقول إن كلامه غير مخلوق .

ـ فالقول إن القرآن كلام الله ، غير مخلوق ، عليه إجماع السلف ، لا مخالف بينهم فيه ، وتتبع مقالاتهم لا يدخل تحت الحصر إلا بالجهد الجهيد .

قال شيخ الإسلام : " والصواب الذي عليه سلف الأمة - كالإمام أحمد ، والبخاري صاحب الصحيح ، وغيره وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم - ؛ اتباع النصوص الثابتة وإجماع سلف الأمة وهو : أن القرآن جميعه ؛ كلام الله : حروفه ، ومعانيه ، ليس شيء من ذلك كلاما لغيره؛ ولكن أنزله على رسوله ، وليس القرآن اسما لمجرد المعنى ، ولا لمجرد الحرف ؛ بل لمجموعهما ، وكذلك سائر الكلام ليس هو الحروف فقط ؛ ولا المعاني فقط. كما أن الإنسان المتكلم الناطق ليس هو مجرد الروح ولا مجرد الجسد؛ بل مجموعهما. وأن الله تعالى يتكلم بصوت ، كما جاءت به الأحاديث الصحاح ، وليس ذلك كأصوات العباد ، لا صوت القارئ ، ولا غيره. وأن الله ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله. فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته ؛ فكذلك لا يشبه كلامه كلام المخلوق ، ولا معانيه تشبه معانيه ، ولا حروفه تشبه حروفه ، ولا صوت الرب يشبه صوت العبد .

فمن شبه الله بخلقه ؛ فقد ألحد في أسمائه وآياته ، ومن جحد ما وصف به نفسه ؛ فقد ألحد في أسمائه وآياته " [5] .

2 ـ كفر من قال : القرآن مخلوق :

بناء على ما سبق فقد استفاض عن السلف القول بإكفار من قال بخلق القرآن ، وهو إجماع السلف قاطبة

وعدَّ اللالكائي أسماء كثيرة من طبقات شتى ، ثم قال : " قالوا كلهم: القرآن كلام الله غير مخلوق ، ومن قال مخلوق فهو كافر.

فهؤلاء خمس مائة وخمسون نفسا ، أو أكثر ، من التابعين ، وأتباع التابعين ، والأئمة المرضيين ، سوى الصحابة الخيرين ، على اختلاف الأعصار ، ومضي السنين والأعوام. وفيهم نحو من مائة إمام ، ممن أخذ الناس بقولهم ، وتدينوا بمذاهبهم ، ولو اشتغلت بنقل قول المحدثين ؛ لبلغت أسماؤهم ألوفا كثيرة ، لكني اختصرت ، وحذفت الأسانيد للاختصار ، ونقلت عن هؤلاء عصرا بعد عصر ، لا ينكر عليهم منكر ، ومن أنكر قولهم استتابوه أو أمروا بقتله أو نفيه أو صلبه " [6] .

وقال الحافظ الذهبي : " أما تَكْفِير من قَالَ بِخلق الْقُرْآن ؛ فقد ورد عَن سَائِر أَئِمَّة السّلف ، فِي عصر مَالك وَالثَّوْري ، ثمَّ عصر ابْن الْمُبَارك ووكيع ، ثمَّ عصر الشَّافِعِي وَعَفَّان والقعنبي ، ثمَّ عصر أَحْمد ابْن حَنْبَل وَعلي بن الْمَدِينِيّ ، ثمَّ عصر البُخَارِيّ وَأبي زرْعَة الرَّازِيّ، ثمَّ عصر مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وَالنَّسَائِيّ وَمُحَمّد بن جرير وَابْن خُزَيْمَة " [7] .

وهو سبب محنة الإمام أحمد المعروفة .

3 وجه كفر من قال بخلق القرآن :

أطلق السلف القول بتكفير من قال بخلق القرآن لأوجه شتى ، من أهمها :

أظهرها أن القول إن القرآن مخلوق ، وهو كلام الله ، هو من تشبيه الله بخلقه ، وهذا كفر ، قال الطحاوي : " َمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي الْبَشَرِ ؛ فقد كفر " [8] ، وقد تقدم الكلام في أن ما كان من المخلوق مخلوق ، وما كان من غير المخلوق غير مخلوق ، وكيف أن السلف تواردوا على تلك العبارة .

ولأن الصفة إذا قيل إنها مخلوقة ؛ لم يخل أن يقال : إن الله خلقها أو لم يخلقها ؛ فإن قيل لم يخلقها ؛ كان مربوبا مخلوقا ، وكان خالقها أولى منه بالربوبية ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وهذا كفر عظيم .

وإن قيل هو خلقها ؛ لزم أن تكون ذاته منتفية عن الاتصاف بها قبل خلقها ، ولا تخلو تلك الصفات أن تكون كمالا أو نقصا ، فإن كانت نقصا ؛ فهذا مناف لكمال الله المطلق ، ولا يقوله مسلم ، وإن كانت كمالا ؛ لزم أن ذاته لم تكن متصفة بكل كمال فيما كان ، وما يكون ، وهذا مناف لكماله المطلق ؛ فوجب أن تكون كل صفات الله غير مخلوقة .

لا يقال ؛ هذه حجة الرازي في نفي قيام الأفعال الاختيارية ؛ لأن محل البحث في نفس الاتصاف بالكلام ، لا في آحاده ، ولا يخالف أحد في أن الله لو لم يكن متصفا بجنس الصفة ثم اتصف بها لكان مستفيدا كمالا لم يكن متصفا به ، بخلاف عدم قيام الفعل الحادث به مع اتصافه بجنس الفعل .

فإن الساكت مع قدرته على الكلام لا يكون ناقصا ، بخلاف الأبكم الذي لا يقدر على الكلام ، وهذا قريب من التالي .

أن هذا يلزم منه أن الله لم يكن متصفا بكونه متكلما في الأزل ، بل خلق الكلام بعد أن لم يكن متكلما ، وفي هذا وصفه بالبكم والخرس ، وهذا نقص ، إثباته لله كفر .

قال أبو الحسن الأشعري : " واعلموا - رحمكم الله - أن قول الجهمية: " إن كلام الله مخلوق "، يلزمهم به أن يكون الله تعالى لم يزل كالأصنام ، التي لا تنطق ولا تتكلم، لو كان لم يزل غير متكلم؛ لأن الله تعالى يخبر عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه لما قالوا له: { أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} ، { قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون} ، فاحتج عليهم بأن الأصنام إذا لم تكن ناطقة متكلمة ؛ لم تكن آلهة، وأن الإله لا يكون غير ناطق ولا متكلم " [9] .

وهذه الحجة ذائعة في كلام أهل السنة ، من قولهم : الحي لا يخلو من كونه متكلما أو أبكم ، فإن لم يكن متكلما كان أبكم .

أن القول بخلق القرآن ؛ لا يخلو إما أن يكون خلقه في ذاته ، أو في غيره ، أو لا في محل ، والثالث قول المعتزلة ، وهو باطل غير معقول ، لامتناع قيام العرض في غير محل .

وأما القول بأنه خلقه في نفسه ؛ فقد تقدم التعليق عليه .

أما الجهمية ؛ فقالوا : إنه خلقه في غيره ، ومن ذلك الشجرة ، التي كلم الله موسى عندها ، وإذا كانت الصفة راجعة لمن قامت به ؛ كان الكلام ثابتا للمتكلم ، فتكون الشجرة قائلة : أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ، وهذا كفر .

قال الآجري : " فإن قال قائل: إن الله تعالى خلق كلاماً في الشجرة، فكلم به موسى قيل: هذا هو الكفر، لأنه يزعم أن الكلام مخلوق، تعالى الله عز وجل عن ذلك ويزعم أن مخلوقاً يدعي الربوبية، وهذا من أقبح القول وأسمجه. وقيل له: يا ملحد، هل يجوز لغير الله أن يقول: إنني أنا الله؟ نعوذ بالله أن يكون قائل هذا مسلما، هذا كافر يستتاب، فإن تاب ورجع عن مذهبه السوء وإلا قتله الإمام، فإن لم يقتله الإمام ولم يستتبه وعلم منه أن هذا مذهبه هجر ولم يكلم، ولم يسلم عليه. ولم يصل خلفه، ولم تقبل شهادته. ولم يزوجه المسلم كريمته " [10] .

وقال الأشعري : " ويقال لهم: كما لا يجوز أن يخلق الله إرادته في بعض المخلوقات، كذلك لا يجوز أن يخلق كلامه في بعض المخلوقات، ولو كانت إرادة الله مخلوقة في بعض المخلوقات لكان ذلك المخلوق هو المريد بها، وذلك يستحيل، وكذلك يستحيل أن يخلق الله كلامه في مخلوق؛ لأن هذا يوجب أن ذلك المخلوق متكلم به، ويستحيل أن يكون كلام الله كلاما للمخلوق " [11] .

أن في القرآن أسماء الله ، وفيه علم الله ، والقول إن هذا مخلوق ؛ كفر .

قال الإمام أحمد : " القرآن من علم الله ، ألا تراه يقول: {عَلَّمَ الْقُرْآنَ} ، والقرآن فيه أسماء الله -عز وجل- ، أي شيء تقولون؟ ، ألا يقولون إن أسماء الله -عز وجل- غير مخلوقة؟ ، مَنْ زعم أن أسماء الله -عز وجل- مخلوقة ؛ فقد كفر، لم يزل الله -عز وجل- قديرًا عليمًا عزيزًا حكيمًا سميعًا بصيرًا، لسنا نشك أن أسماء الله ليست بمخلوقة ، ولسنا نشك أن علم الله تبارك وتعالى ليس بمخلوق، وهو كلام الله -عز وجل- ولم يزل الله -عز وجل- حكيمًا.

ثم قال أبو عبد الله: وأي كفر أبين من هذا؟! ، وأي كفر أكفر من هذا؟! ، فإذا زعموا أن القرآن مخلوق فقد زعموا أن أسماء الله مخلوقة ، وأن علم الله مخلوق، ولكن الناس يتهاونون بهذا ويقولون: إنما يقولون القرآن مخلوق، فيتهاونون ويظنون أنه هين ولا يدرون ما فيه من الكفر " [12] .

قال الأشعري : " فكيف يكون القرآن مخلوقا وأسماء الله في القرآن؟ ، هذا يوجب أن تكون أسماء الله مخلوقة، ولو كانت أسماؤه مخلوقة ؛ لكانت وحدانيته مخلوقة، وكذلك علمه وقدرته. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " [13] .

ـ فيلزم من هذا أنه لم يكن لله اسم ، قبل أن تخلق هذه الأسماء ، وفي هذا من النقص ما لا يجوز وصف الله به .

قال الدارمي : " ثُمَّ اعْتَرَضَ الْمُعَارِضُ أَسْمَاءَ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةَ ، فَذَهَبَ فِي تَأْوِيلِهَا مَذْهَبَ إِمَامِهِ الْمَرِيسِيِّ. فَادَّعَى أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ، وَأَنَّهَا مستعارة مخلوقة ، كَمَا أَن قَدْ يَكُونُ شَخْصٌ بِلَا اسْمٍ. فَتَسْمِيَتُهُ لَا تَزِيدُ فِي الشَّخْصِ، وَلَا تَنْقُصُ، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ كَانَ مَجْهُولًا كَشَخْصٍ مَجْهُولٍ. لَا يُهْتَدَى لِاسْمِهِ. وَلَا يُدْرَى مَا هُوَ، حَتَّى خَلَقَ الْخَلْقَ فَابْتَدَعُوا لَهُ أَسْمَاءً مِنْ مَخْلُوقِ كَلَامِهِمْ. فَأَعَارُوهَا إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ لَهُ اسْمٌ قَبْلَ الْخَلْقِ " [14] .

ودفع المريسي ما يتوهم من أن الاسم لا علاقة له بالمسمى ؛ فيما يتعلق بالحق تعالى ، فإن أسماءه متضمنة لصفاته دالة عليها ، فقال : " وَلَا تُقَاسُ أَسْمَاءُ اللَّهِ بِأَسْمَاءِ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْخَلْقِ مَخْلُوقَةٌ مُسْتَعَارَةٌ. وَلَيْسَت أَسْمَاءَهُم نَفْسَ صِفَاتِهِمْ بَلْ هِيَ مُخَالِفَةٌ لِصِفَاتِهِمْ. وَأَسْمَاءُ اللَّهِ صِفَاتُهُ، لَيْسَ شَيْءٌ مُخَالِفًا لِصِفَاتِهِ ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مُخَالِفًا لِلْأَسْمَاءِ " [15] .

ورد على قول من يقول إن كون الأسماء الحسنى مخلوقة لا يلزم منه قول باطل ؛ لأن الاسم غير المسمى ، فقال : " ثُمَّ احْتَجَّ الْمُعَارِضُ لِتَرْوِيجِ مَذْهَبِهِ بِأَقْبَحِ قِيَاسٍ: فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَتَبْتَ اسْمًا فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ، أَلَيْسَ إِنَّمَا تَحْتَرِقُ الرُّقْعَةُ وَلَا تَضُرُّ النَّارُ الاسْمَ شَيْئًا؟

فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ من رَأسه: إِنَّ الرُّقْعَةَ وَكِتَابَةَ الِاسْمِ لَيْسَ كَنَفْسِ الِاسْمِ. إِذَا احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ احْتَرَقَ الْخَطُّ وَبَقِيَ اسْمُ اللَّهِ لَهُ وَعَلَى لِسَانِ الْكَاتِبِ ، كَمَا لَمْ يَزَلْ قَبْلَ أَنْ يُكْتَبَ، لَمْ تُنْقِصِ النَّارُ مِنَ الِاسْمِ وَلَا مِمَّنْ لَهُ الِاسْمُ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَسْمَاءَ الْمَخْلُوقِينَ، لَمْ تُنْقِصِ النَّارُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَلَا مِنْ أَجْسَامِهِمْ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبْتَ اللَّهَ بِهِجَائِهِ فِي رُقْعَة لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ ، وَكَانَ اللَّهُ بِكَمَالِهِ عَلَى عَرْشِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ صُوِّرَ رَجُلٌ فِي رُقْعَةٍ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ فِي النَّارِ لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ، وَلَمْ يَضُرَّ الصُّورَةَ شَيْئًا " [16] .

فقال : " أَرَأَيْتُمْ قَوْلَكُمْ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ ، فَمَنْ خَلَقَهَا؟ ، أَوْ كَيْفَ خَلَقَهَا؟ ، أَجَعَلَهَا أَجْسَامًا وَصُوَرًا تَشْغَلُ أَعْيَانُهَا أَمْكِنَةً دُونَهُ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ؟ ، أَمْ مَوْضِعًا دُونَهُ فِي الْهَوَاءِ؟.

فَإِنْ قُلْتُمْ: لَهَا أَجْسَامٌ دُونَهُ، فَهَذَا مَا تَنْفِيهِ عُقُولُ الْعُقَلَاءِ.

وَإِنْ قُلْتُمْ: خَلَقَهَا عَلَى أَلْسِنَةِ الْعِبَادِ، فَدَعَوْهُ بِهَا، وَأَعَارُوهَا إِيَّاهُ، فَهُوَ مَا ادَّعَيْنَا عَلَيْكُمْ: إِنَّ اللَّهَ بِزَعْمِكُمْ كَانَ َمجْهُولًا لَا اسْمَ لَهُ ، حَتَّى حَدَثَ الْخَلْقُ فَأَحْدَثُوا أَسْمَاءً مِنْ مَخْلُوقِ كَلَامِهِمْ. وَهَذَا هُوَ الْإِلْحَادُ بِاللَّهِ وَفِي أَسْمَائِهِ وَالتَّكْذِيبِ بِهَا. قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } " [17] .

ولذلك يحكي شيخ الإسلام أن السلف في ردهم على من قال الاسم غير المسمى كانوا يقصدون الجهمية ، فهم من كان في ذلك الوقت يقول الاسم غير المسمى ، قال : " اختلف في الاسم والمسمى: هل هو هو ، أو غيره ، أو لا يقال: هو هو، ولا يقال: هو غيره أو هو له؟ ، أو يفصل في ذلك؟ ؛ فإن الناس قد تنازعوا في ذلك ، والنزاع اشتهر في ذلك بعد الأئمة ، بعد أحمد وغيره، والذي كان معروفًا عند أئمة السنة أحمد وغيره الإنكار على الجهمية الذين يقولون: أسماء الله مخلوقة. فيقولون: الاسم غير المسمى ، .. ، والمقصود هنا أن المعروف عند أئمة السنة إنكارهم على من قال: أسماء الله مخلوقة، وكان الذين يطلقون القول بأن الاسم غير المسمى هذا مرادهم " [18] .

ففي ذلك القول فوق الإلزام الشنيع أن الله لم يكن له اسم ، ثم تسمى ؛ أن فيه الاحتياج للمخلوق ، فلا شك أن الأسماء من الكمال ، وأن المجهول الذي لا اسم له أنقص من المسمى ، والأسماء ؛ حسنى لله عز وجل ، فيكون الباري قد استفاد كمالا لم يكن متصفا به البتة ، وفي هذا من الاحتياج والافتقار ما لا يليق بالغني الحميد .

قال شيخ الإسلام : " أسماء الله هي في القرآن ، فمن قال : هو مخلوق ، والمخلوق هو الصوت القائم ببعض الأجسام ؛ يكون ذلك الجسم هو الذي سمى الله بتلك الأسماء ، ولم يكن قبل ذلك الجسم وصوته لله اسمٌ ، بل يكون ذلك الاسم قد نحله إياه ذلك الجسم " .

ثم قال : " ولهذا روى البخاري في صحيحه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه سأله سائل عن قوله: وكان الله غفورا رحيما عزيزا حكيما سميعا بصيرا، فكأنه كان ، ثم مضى ، فقال ابن عباس: وكان الله غفورا رحيما ، سمى نفسه ذلك ، وذلك قوله أني لم أزل كذلك، هذا لفظ البخاري .

وهو رواه مختصرا ، ولفظ البوشنجي : محمد بن إبراهيم الإمام ، عن شيخ البخاري ، الذي رواه من جهته البرقاني في صحيحه: فإن الله سمى نفسه ذلك ، ولم ينحله غيره ، فذلك قوله: { وكان الله } ، أي : لم يزل كذلك . هكذا رواه البيهقي عن البرقاني.

وذكر الحميدي لفظه : فإن الله جعل نفسه ذلك ، وسمى نفسه ، وجعل نفسه ذلك ولم ينحله أحدا غيره، { وكان الله } أي : لم يزل كذلك، ولفظ يعقوب بن سفيان عن يوسف بن عدي شيخ البخاري: فإن الله سمى نفسه ذلك ، ولم يجعله غيره ، { وكان الله } ، أي : لم يزل كذلك " [19] .

قال الدارمي : " وَأَيُّ تَأْوِيلٍ أَوْحَشُ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ أَنَّ اللَّهَ كَانَ وَلَا اسْمَ لَهُ؟! ، مَا مدعي هَذَا بِمُؤْمِنٍ ، وَلَنْ يَدْخُلَ الْإِيمَانُ قَلْبَ رَجُلٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ إِلَهًا وَاحِدًا، بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَجَمِيعِ صِفَاتِهِ، لَمْ يَحْدُثْ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ كَمَا لَمْ تَزَلْ وَحْدَانِيَّتُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " [20] .

ـ أما العلم ، فهذا قد ينازع فيه ، بخلاف الأسماء ، إلا أن القرآن دال أنه من علم الله .

قال شيخ الإسلام : " وأما اشتمال القرآن على العلم ؛ فهذا ينازع فيه من يقول : إن القرآن هو مجرد الحروف والأصوات ، فإن هؤلاء لا يجعلون القرآن فيه علم الله ، بل والذين يقولون : الكلام معنى قائم بالذات والخبر والطلب ، وأن معنى الخبر ليس هو العلم ، ومعنى الطلب لا يتضمن الإرادة، ينازعون في أن مسمى القرآن يدخل فيه العلم .

فذكر الإمام أحمد ما يستدل به على أن علم الله في القرآن ، وهو قوله : " فإن القرآن من علم الله ؛ لأن الله أخبر بذلك " ، فذكر أحمد لفظ القرآن الذي يدل على موارد النزاع ، فإن قوله : " القرآن من علم الله " ؛ مطابق لقوله تعالى: {ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير} [البقرة: 120] ، ولقوله تعالى: {ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين} [البقرة: 145] ولقوله: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} [آل عمران: 61] الآية ولقوله: {وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق} [الرعد: 37] .

ومعلوم أن المراد بالذي جاءك من العلم في هذه الآيات ؛ إنما هو ما جاءه من القرآن كما يدل عليه سياق الآيات، فدل ذلك على أن مجيء القرآن إليه مجيء ما جاءه من علم الله إليه، وذلك دليل على أن من علم الله ما في القرآن " [21] .

وورد عن بعض السلف أن القول بخلق القرآن كفري لاستلزامه بطلان الشريعة .

قال عبد الله بن أيوب المخرمي: " القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق ؛ فقد أبطل الصوم والحج والجهاد وفرائض الله " [22].
وبيَّن شيخ الإسلام المراد من ذلك ، فقال : " وكان أهل العلم والإيمان قد عرفوا باطن زندقتهم ونفاقَهم، وأن المقصود بقولهم: إن القرآن مخلوق ؛ أن الله لا يكلم ولا يتكلَّم، ولا قال ولا يقول، وبهذا تتعطل سائر الصفات: من العلم والسمع والبصر وسائر ما جاءتْ به الكتب الإلهية، وفيه أيضاً قدح في نفس الرسالة؛ فإن الرسل إنما جاءت بتبليغ كلام الله، فإذا قُدِح في أن الله يتكلم كان ذلك قدحاً في رسالة المرسلين، فعلموا أن في باطن ما جاؤوا به قدحاً عظيماً في كثير من أصلَي الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله ، لكن كثيرًا من الناس لا يعلمون ذلك كما أن كثيرًا من الناس لا يعلمون باطن حال القرامطة" [23] .

4 الحكم بكفر من قال بخلق القرآن حكم مطلق :

والمراد بذلك أن ذلك الحكم الوارد في قول السلف : من قال القرآن مخلوق ؛ فهو كافر ، المراد به حكم القول نفسه ، أو الحكم المطلق ، أما الحكم على الأعيان ، كالقول إن فلانا القائل بخلق القرآن كافر ؛ فهذا أمر آخر ، يحكم به القاضي ، أو العالم المتأهل للكلام في ذلك ، بناء على صحة إيقاع الوصف على المعين ، باستيفائه شروطه ، وانتفاء الموانع المؤثرة عنه .

وتلك قاعدة عامة في باب التكفير ، قال شيخ الإسلام ذاكرا أصلين مهمين في هذا الباب : "

أحدهما : أن العلم والإيمان والهدى فيما جاء به الرسول، وأن خلاف ذلك كفر على الإطلاق، فنفي الصفات كفر، والتكذيب بأن الله يرى في الآخرة، أو أنه على العرش، أو أن القرآن كلامه، أو أنه كلم موسى، أو أنه اتخذ إبراهيم خليلا كفر، وكذلك ما كان في معنى ذلك، وهذا معنى كلام أئمة السنة وأهل الحديث .
والأصل الثانى : أن التكفير العام كالوعيد العام ، يجب القول بإطلاقه وعمومه .

وأما الحكم على المعين بأنه كافر، أو مشهود له بالنار ؛ فهذا يقف على الدليل المعين؛ فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه، وانتفاء موانعه " [24] .

واستدل الشيخ على ذلك بأن الإمام أحمد – وغيره من السلف – لم يكفر كل من قال بخلق القرآن ، فقال : " إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره. ممن ضربه وحبسه ، واستغفر لهم ، وحللهم مما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر ، ولو كانوا مرتدين عن الإسلام ؛ لم يجز الاستغفار لهم ؛ فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع ، وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة ؛ صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية ، الذين كانوا يقولون: القرآن مخلوق ، وإن الله لا يرى في الآخرة .

وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قوما معينين ، فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان ؛ ففيه نظر ، أو يحمل الأمر على التفصيل : فيقال: من كفره بعينه؛ فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه ، ومن لم يكفره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه ، مع إطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم. والدليل على هذا الأصل: الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار. أما الكتاب: فقوله سبحانه وتعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به} وقوله تعالى {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} " [25] ، ثم ذكر أدلة الإعذار .

ثانيا :قول الأشاعرة بالكلام النفسي :

1 اللفظية :

انقسمت الجهمية في القرآن إلى ثلاثة أقوال : من يقولون القرآن مخلوق ، والواقفة الذين يقولون لا ندري القرآن مخلوق أم غير مخلوق ، واللفظية ، وهم القائلون : لفظنا بالقرآن مخلوق .

وقد يشتبه قول اللفظية من الجهمية مع قول من يقول بالكلام النفسي .
فأما اللفظية فإنهم أرادوا التوسل بهذا القول لخلق القرآن ، لأن عبارة ( لفظي بالقرآن مخلوق ) ، مجملة ، تحتمل معنيين ، صحيحا ، وباطلا .

قال شيخ الإسلام : " فمن قال: اللفظ بالقرآن، أو القراءة، أو التلاوة، مخلوقة ، أو لفظي بالقرآن، أو تلاوتي ؛ دخل في كلامه نفس الكلام المقروء المتلو، وذلك هو كلام الله تعالى.

وإن أراد بذلك مجرد فعله وصوته ؛ كان المعني صحيحاً، لكن إطلاق اللفظ يتناول هذا وغيره " [26] .

وذلك المعنى الثاني هو ما أراده البخاري وغيره ممن قال إن اللفظ بالقرآن مخلوق ، " وآخرون قالوا: بل التلاوة غير المتلو، والقراءة غير المقروء، والذين قالوا ذلك من أهل السنة والحديث أرادوا بذلك : أن أفعال العباد ليس هي كلام الله، ولا أصوات العباد هي صوت الله، وهذا الذي قصده البخاري، وهو مقصود صحيح " [27] .

" ولهذا قال أحمد في بعض كلامه: من قال لفظي بالقرآن مخلوق ، يريد به القرآن ؛ فهو جهمي ؛ احترازاً عما إذا أراد به فعله وصوته " [28] .

أما القائلون بالكلام النفسي ، فهو من يقول إن القرآن هو المعنى ، والألفاظ مخلوقة ، كما سيأتي .

2 القائلون بالكلام النفسي :

وهم القائلون إن الكلام هو المعنى الذي في النفس ، أما اللفظ فليس هو الكلام في حقيقته ، وقد يطلق عليه الكلام بالاشتراك ، أو المجاز ، على خلاف .

وعلى ذلك : قالوا : القرآن إن أريد به المعنى ؛ فليس بمخلوق ، وإن أريد به الألفاظ ؛ فهو مخلوق ، وحملوا كلام السلف في عدم خلق القرآن أنه المعنى .

قال شيخ الإسلام : " أول من عرف في الإسلام أنه جعل مسمى الكلام المعنى فقط : هو عبد الله بن سعيد بن كلاب ، وهو متأخر - في زمن محنة أحمد بن حنبل - ، وقد أنكر ذلك عليه علماء السنة وعلماء البدعة " [29] .

وكما تقدم، فإن أول من قال بهذا التقسيم بين اللفظ والمعنى النفسي ؛ هو عبد الله بن كلّاب – ت 240 هـ - ، وهو من الشخصيات التي تأثر بها الأشعري ، وذلك أنه أراد التوسط بين المعتزلة ، والإمام أحمد ، حكى الأشعري قوله : " أن الكلام ليس بحروف ولا صوت ولا ينقسم ولا يتجزأ ولا يتبعض ولا يتغاير ، وأنه معنى واحد بالله عز وجل، وأن الرسم هو الحروف المتغايرة ، وهو قراءة القرآن " [30] .

قال شيخ الإسلام : " من المعلوم أن المعنى الذي ادعيتم أنه معنى كلام الله ؛ لم يظهر في الأمة إلا من حين حدوث ابن كلاب ، ثم الأشعري بعده ، إذ قبل قول ابن كلاب لا يعرف في الأمة أحد فسر كلام الله بهذا ، ولهذا لما ذكر الأشعري اختلاف الناس في القرآن ، وذكر أقوالا كثيرة ، فلم يذكر هذا القول إلا عن ابن كلاب ، وجعل له ترجمة ، فقال : هذا قول عبد الله بن كلاب " [31] .

وتابعه الأشعري على ذلك ، قال الشهرستاني : " وصار أبو الحسن الأشعري إلى أن الكلام معنى قائم بالنفس الإنسانية وبذات المتكلم وليس بحروف ولا أصوات وإنما هو القول الذي يجده العاقل من نفسه ويجيله في خلده " [32] .

ثم اختلفوا في الحروف المقروءة ، كيف يقال لها كلام ، وقرآن ! ، يقول الشهرستاني : " وفي تسمية الحروف التي في اللسان كلاماً حقيقياً ؛ تردد : أهو على سبيل الحقيقة ، أم على طريق المجاز ، وإن كان على طريق الحقيقة : فإطلاق اسم الكلام عليه وعلى النطق النفسي ؛ بالاشتراك " [33] .

ـ ويلاحظ أن حكاية الأشعرية ذلك عن الأشعري هي وفق مذهبه الذي كان موافقا فيه لابن كلاب ، أما الذي في الإبانة فليس فيه هذا التفريق ، ولا فيه نفيه [34] .

3 أصل ذلك القول :

وأصل ذلك القول ؛ التفرقة بين الفكر واللغة ، وهي من المشكلات المهمة الجدلية القديمة في تاريخ الفلسفة ، ويرجع بعض الباحثين تأثر الأشاعرة في ذلك إلى الرواقيين [35] .

حيث قسم الرواقيون الجدل ( المنطق ) إلى قسمين : أحدهما يتعلق بالمدلولات ( أسموه اللكتون ) ، وهو مضمون الفكر ، أو المعنى ، والثاني : ما يتعلق بالدالات ، وهو العبارة أو اللفظ [36] .

واقتصر بعض الباحثين الغربيين في هذا الأثر على الأشاعرة وهو قول يخالف واقع البحث العقدي والفلسفي ، الذي يدل أن تلك النظرية قد امتدت لتشمل دائرة أوسع [37] ، فوجد لها آثار كثيرة عند الكرامية ، والفلاسفة الإسلاميين ، كالفارابي [38] ، وجماعة إخوان الصفا [39] ، وابن سينا [40]، وابن رشد [41] ، وكذا كثير من المناطقة [42] .

4 تصور القول بالكلام النفسي :

لا شك أن الأشاعرة ومن يوافقهم يستدلون على قولهم هذا بأدلة كثيرة ، وناقشهم أهل السنة في تلك الأدلة ، وبينوا زيفها ، ومن أعظم الكتب المصنفة في هذا الموضوع ( التسعينية ) لشيخ الإسلام ابن تيمية ، حيث رد هذا القول بنحو من تسعين وجها .

ولإتمام تصور هذا القول أذكر بعض الأدلة العامة عندهم على ذلك ، وكيف تناولها أهل السنة بالنقد .

قال الباقلاني : " لِأَن الْكَلَام فِيمَا بَيْننَا إِنَّمَا هُوَ معنى قَائِم بِالنَّفسِ يعبر عَنهُ بِهَذِهِ الْأَصْوَات المسموعة تَارَة وبغيرها أُخْرَى ، قَالَ الله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ فِي أنفسهم لَوْلَا يعذبنا الله بِمَا نقُول} ، وَقَالَ تَعَالَى {سَوَاء مِنْكُم من أسر القَوْل وَمن جهر بِهِ} .

وَيَقُول الْعَرَب : فِي نَفسِي كَلَام أُرِيد أَن أبديه لَك .

وَقَالَ الأخطل :

إِن الْكَلَام من الْفُؤَاد وَإِنَّمَا ... جعل اللِّسَان على الْفُؤَاد دَلِيلا .

فَأخْبر أَن الْكَلَام فِي النَّفس يكون وَإِن عبر عَنهُ بِاللِّسَانِ " [43] .

أما الكلام عن أن أنه هو ما يكون في النفس ، فهذا مخالف لكلام العرب ، فإنه لم يختلف اللغويون ولا غيرهم أن الكلام لا يطلق بإزاء المعنى دون اللفظ ، بل يطلق الكلام على مجموع اللفظ والمعنى ، " و بالجملة : فمن احتاج إلى أن يعرف مسمى " الكلام " في لغة العرب والفرس والروم والترك وسائر أجناس بني آدم بقول شاعر فإنه من أبعد الناس عن معرفة طرق العلم " [44] .

ولا يطلق الكلام في لسان العرب إطلاقا دون دلالة على الحرف مع المعنى ، وما ورد من الآيات فكلها مقيدة بذكر النفس أو القلب ، وهذا التقييد يخرج عن الحقيقة بلا خلاف ، كما أنه لم يرد منها شيء بلفظ الكلام ، بل كله بلفظ الحديث أو القول ، وهما أعم من الكلام ، ويدل على ذلك حديث : " إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ، ما لم تتكلم أو تعمل " ، ففرق بين حديث النفس ، والكلام ، كما هو واضح [45] .

وممن ناقش هذا نقاشا حسنا السجزي ، وذلك بإلزام أن يقال إن الأخرس متكلم ، وهذا لا يقول به عاقل ! ، فقال : " وزعموا أن لهم حجة على مقالتهم في قول الله سبحانه: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} ، وفي قوله عز وجل: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً} .

واحتجوا بقول العرب: ":أرى في نفسك كلاماً، وفي وجهك كلاماً" .

فألجأهم الضيق مما يدخل عليهم في مقالتهم إلى أن قالوا: الأخرس متكلم، وكذلك الساكت والنائم، ولهم في حال الخرس والسكوت والنوم كلام هم متكلمون به، ثم أفصحوا بأن الخرس والسكوت والآفات المانعة من النطق ليست بأضداد الكلام، وهذه مقالة تبين فضيحة قائلها في ظاهرها من غير رد عليه " [46] .

أما الكلام على بيت الأخطل ، فقد كثر الكلام فيه جدا ، وممن تفنن في الرد عليه شيخ الإسلام ، ومن مواضعه المختصرة في الرد عليه ، قوله : " وقد قال طائفة: إن هذا ليس من شعره ، وبتقدير أن يكون من شعره ؛ فالحقائق العقلية ، أو مسمى لفظ الكلام الذي يتكلم به جميع بني آدم ؛ لا يرجع فيه إلى قول ألف شاعر فاضل ، دع أن يكون شاعرا نصرانيا اسمه الأخطل ، والنصارى قد عرف أنهم يتكلمون في كلمة الله بما هو باطل ، والخطل في اللغة هو الخطأ في الكلام ، وقد أنشد فيهم المنشد:

قبحا لمن نبذ القرآن وراءه ... فإذا استدل يقول قال الأخطل " [47] .

وقال عنه : " ثم هو من المولدين؛ وليس من الشعراء القدماء ، وهو نصراني كافر مثلث ، واسمه الأخطل ، والخطل فساد في الكلام ، وهو نصراني ، والنصارى قد أخطئوا في مسمى الكلام ، فجعلوا المسيح القائم بنفسه هو نفس كلمة الله " [48] .

ـ وقال الباقلاني : " ويجب أن يعلم أن كلام الله تعالى منزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم نزول إعلام وإفهام ، لا نزول حركة وانتقال .

والنازل على الحقيقة ، المنتقل من قطر إلى قطر ؛ قول جبريل عليه السلام ، يدل على ذلك قوله تعالى : فلا أقسم بما تبصرون ، وما لا تبصرون ، إنه لقول رسول كريم ، وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ، ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ، تنزيل من رب العالمين .

وقوله تعالى : إنه لقول رسول كريم ، ذي قوة عند ذي العرش مكين " [49]

وتناول شيخ الإسلام ذلك ، حيث وردت تلك الإضافة مرتين ، مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومرة إلى جبريل ، فقال إن هذا : " بمنزلة قوله لتبليغ رسول أو مبلغ من رسول كريم أو جاء به رسول كريم أو مسموع عن رسول كريم؛ وليس معناه أنه أنشأه أو أحدثه ، أو أنشأ شيئا منه أو أحدثه رسول كريم ؛ إذ لو كان منشئا ؛ لم يكن رسولا فيما أنشأه وابتدأه ، وإنما يكون رسولا فيما بلغه وأداه ، ومعلوم أن الضمير عائد إلى القرآن مطلقا. وأيضا فلو كان أحد الرسولين أنشأ حروفه ونظمه ؛ امتنع أن يكون الرسول الآخر هو المنشئ المؤلف لها ؛ فبطل أن تكون إضافته إلى الرسول لأجل إحداث لفظه ونظمه. ولو جاز أن تكون الإضافة هنا لأجل إحداث الرسول له أو لشيء منه ؛ لجاز أن نقول إنه قول البشر ، وهذا قول الوحيد الذي أصلاه الله سقر " [50] .

" أضافه إليه ؛ لأنه بلغه وأداه ، لا لأنه أحدثه وأنشأه ، فإنه قال: {وإنه لتنزيل رب العالمين} {نزل به الروح الأمين} ، فجمع بين قوله: {إنه لقول رسول كريم} ، وبين قوله: {وإنه لتنزيل رب العالمين} ، والضميران عائدان إلى واحد ، فلو كان الرسول أحدثه وأنشأه ؛ لم يكن تنزيلا من رب العالمين ؛ بل كان يكون تنزيلا من الرسول " [51] .

5 علاقة القول بالكلام النفسي بقول المعتزلة :

الناظر في قول القائلين بالكلام النفسي ، وقول المعتزلة في خلق القرآن ؛ يجد أن قول الأشاعرة لا يخالف قول المعتزلة خلافا له ثمرة حقيقية ، فإن مردّ قول الأشاعرة أن الكلام يؤول إلى العلم ، والعلم ليس مما يخالف فيه المعتزلة [52] ، وإن كان يقع للأشاعرة جنس آخر من الإشكال فيما يتعلق بمرد الكلام النفسي إلى العلم ، من حيث تنوع الكلام إلى خبر وإنشاء ، واقتضاء ذلك تعدد العلم ، وذلك من وصف العلم الحادث لا القديم ، ولهم سبل في بحث ذلك ، واستقصى شيخ الإسلام الرد عليها في التسعينية .

فالحاصل أن الأشاعرة والمعتزلة متفقان أن حروف القرآن وألفاظة مخلوقة ، أما الأشاعرة فيقولون القرآن هو الكلام النفسي ، وهذا قديم غير مخلوق ، ويطلق على الألفاظ قرآن إما مجازا ، أو اشتراكا ، والمعتزلة يخالفونهم في ذلك ، فلا يثبتون كلاما نفسيا ، ويقولون الكلام لا يتصور من دون اللفظ ، وإنما هو العلم والإرادة، وإذا تحققت من أن الكلام النفسي يؤول ويرجع – ولا بد – إلى العلم والإرادة – أو العلم وحده - ؛ كان الخلاف بينهما لفظيا .

فحقيقة الخلاف اللفظي هو الخلاف الراجع لمجرد اختلاف العبارة ، أو هو الخلاف الذي لا ثمرة له ، أو هو الخلاف الذي لو اطلع كل مخالف على حقيقة قول مخالفه لما خالفه .

*وقد فطن إلى ذلك المحققون من أهل السنة ، وكذا محققو الأشاعرة من المتأخرين ، ممن حقق الأقوال وعرف لوازمها .

ـ قال السجزي : " اعلموا- أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نِحَلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب ، والقلانسي ، والصالحي ، والأشعري ، وأقرانهم ، الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة ، وهم معهم ، بل أخس حالاً منهم في الباطن " [53] .

ـ وقال العمراني : " والأشعرية موافقة للمعتزلة في أن هذا القرآن المتلو المسموع مخلوق " [54] .

ـ و قال عبدالوهاب بن عبدالواحد الشيرازي الحنبلي : " فإذا قال لك القائل منهم : القرآن كلام الله ، و لكن الحرف و الصوت مخلوق ، قيل له : أنت في حل من الحرف فما تقول في الكلمات ؟ ، فمن قوله : مخلوقةٌ .فقل له : نهب لك الكلمات ، فما تقول في الآيات التي تكلم الله بها ؟ ، فمن قوله : إن الله ما تكلم بذلك ، والجميع عنده مخلوق .

فيعلم العاقل أن ذكر الحرف حيلة و خديعة ، و إلا فلا فرقَ عندهم بين الجملة و التفصيل في أن الله تعالى ما تكلم بالجملة ، وأن الجميع مخلوق " [55] .

ـ وقال شيخ الإسلام معلقا على كلام الرازي – وسيأتي - : " إن الرجل – يعني الرازي - قد أقر أنه لا نزاع بينهم وبين المعتزلة من جهة المعنى في خلق الكلام بالمعنى الذي يقوله المعتزلة، وإنما النزاع لفظي ، حيث إن المعتزلة سمت ذلك المخلوق كلام الله ، وهم لم يسموه كلام الله، ومن المعلوم بالاضطرار أن الجهمية من المعتزلة وغيرهم لما ابتدعت القول بأن القرآن مخلوق ، أو بأن كلام الله مخلوق ؛ أنكر ذلك عليهم سلف الأمة وأئمتها ، وقالوا : القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، فلو كان ما وصفته المعتزلة بأنه مخلوق هو مخلوق عندهم أيضا ، وإنما خالفوهم في تسمية كلام الله ، أو في إطلاق اللفظ ؛ لم تحصل هذه المخالفة العظيمة والتكفير العظيم بمجرد نزاع لفظي ، كما قال هو : إن الأمر في ذلك يسير ، وليس هو مما يستحق الإطناب ؛ لأنه بحث لغوي وليس هو من الأمور المعقولة المعنوية .

فإذا كانت المعتزلة فيما أطلقته لم تنازع إلا في بحث لغوي ؛ لم يجب تكفيرهم وتضليلهم وهجرانهم بذلك ، كما أنه هو وأصحابه لا يضللونهم في تأويل ذلك ، وإن نازعوهم في لفظه ، ومجرد النزاع اللفظي لا يكون كفرا ، ولا ضلالا في الدين " [56] .

ـ وقال السفاريني في لوامع الأنوار البهية : " والحاصل : أن المعتزلة موافقة الأشعرية ، والأشعرية موافقة المعتزلة في أن هذا القرآن الذي بين دفتي المصحف مخلوق محدث ، وإنما الخلاف بين الطائفتين أن المعتزلة لم تثبت لله كلاما سوى هذا ، والأشعرية أثبتت الكلام النفسي القائم بذاته تعالى ، وأن المعتزلة يقولون : إن المخلوق كلام الله ، والأشعرية لا يقولون إنه كلام الله ، نعم يسمونه كلام الله مجازا ، هذا قول جمهور متقدميهم ، وقالت طائفة من متأخريهم : لفظ كلام يقال على هذا المنزل الذي نقرؤه ونكتبه في مصاحفنا ، وعلى الكلام النفسي بالاشتراك اللفظي " [57] .
ـ وصرّح جمع من محققي الأشاعرة بأن القرآن مخلوق ، وبأن الخلاف مع المعتزلة لفظي .

ـ قال الجويني : " إن معنى قولهم - يعني المعتزلة - : وهذه العبارات كلام الله ؛ إنها خلقه ، ونحن لا ننكر إنها خلق الله ، ولكن نمتنع من تسمية خالق الكلام متكلماً به " [58] .

ـ أما الرازي فيحكي قول المعتزلة في صفة الكلام لله ، وأن الله يخلقها في الأجسام ، فيقول : " إنه تعالى إذا أراد شيئا ، أو كره شيئا ؛ خلق هذه الأصوات المخصوصة في جسم من الأجسام ، لتدل هذه الأصوات على كونه تعالى مريدا لذلك الشيء المعين ، أو كارها له ، حاكما به بالنفي أو بالإثبات ، وهذا هو المراد من كونه تعالى متكلما " " [59]

ثم ذكر مخالفة الأشاعرة لذلك : " وقد نازعهم أصحابنا فيه ، وقالوا : إنه يمتنع أن يكون متكلما بكلام قائم بالغير ، كما أنه يمتنع أن يكون متحركا بحركة قائمة بالغير ، وساكنا بسكون قائم بالغير " .

ثم قال : " وعندي : أن هذه المنازعة ضعيفة ؛ لأن هذه المنازعة ، إما أن تكون في المعنى ، أو في اللفظ " .

ثم ذكر الوجهين ، ثم قال : " فثبت بما ذكرناه : أن كونه تعالى متكلما بالمعنى الذي يقوله المعتزلة ؛ مما نقول به ونعترف به ، ولا ننكره بوجه من الوجوه .

إنما الخلاف بيننا وبينهم في أن نثبت أمرا آخر وراء ذلك ، وهم ينكرونه ، وسنذكر أن ذلك الشيء ما هو " [60] .

وهو الكلام النفسي ، كما ذكرت من قبل .

ونقل شيخ الإسلام كلاما مثل هذا له من نهاية العقول ، قال الرازي : " أجمع المسلمون على أن الله تعالى متكلم لكن المعتزلة زعموا أن المعنى بكونه متكلما أنه خلق هذه الحروف والأصوات في جسم، ونحن نزعم أن كلام الله تعالى صفة حقيقية مغايرة لهذه الحروف والأصوات، وأن ذاته تعالى موصوفة بتلك الصفة.

واعلم أن التحقيق أنه لا نزاع بيننا وبينهم في كونه متكلما بالمعنى الذي ذكروه، لأن النزاع بيننا وبينهم إما في المعنى وإما في اللفظ " [61] .

ـ وقال الآمدي : " وَأما مَا قيل من أَن الْقُرْآن معْجزَة الرَّسُول فَيمْتَنع أَن يكون قَدِيما ؛ فتهويل لَا حَاصِل لَهُ ؛ فَإنَّا مجمعون على أَن الْقُرْآن الحقيقى لَيْسَ بمعجزة الرَّسُول ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَمر وَرَاءه ، وَهُوَ أَن ذَلِك الْقُرْآن الحقيقى مَاذَا هُوَ ؟ ، فَنحْن نقُول : إِنَّه الْمَعْنى الْقَائِم بِالنَّفسِ ، والخصم يَقُول : إِنَّه حُرُوف وأصوات أوجدها الله تَعَالَى " [62] .

فجعل القرآن الذي يتلوه المسلمون ليس القرآن ( الحقيقي ) ، وإنما القرآن الحقيقي هو الكلام النفسي .

وقال : " لَا تنَازع فِي أَن مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول من الْحُرُوف المنتظمة والأصوات الْمُقطعَة ؛ معْجزَة لَهُ ، وَأَنه يُسمى قُرْآنًا وكلاما ، وَأَن ذَلِك لَيْسَ بقديم ، وَإِنَّمَا النزاع فِي مَدْلُول تِلْكَ الْعبارَات ، هَل هُوَ صفة قديمَة أزلية أم لَا " [63] .

ـ وقال الإيجي حاكيا قول المعتزلة : " وقالت المعتزلة : كلامه تعالى أصوات وحروف كما ذهبت إليه الفرقتان المذكورتان ، لكنها ليست قائمة بذاته تعالى ، بل يخلقها الله في غيره كاللوح المحفوظ أو جبريل أو النبي " [64] .

ثم صحح قول المعتزلة في أن حروف القرآن يخلقها الله في اللوح المحفوظ أو جبريل أو النبي ، فقال : " وهذا الذي قاله المعتزلة ؛ لا ننكره نحن ، بل نقول به ، ونسميه كلاما لفظيا ، ونعترف بحدوثه ، وعدم قيامه بذاته تعالى ، لكنا نثبت أمرا وراء ذلك ، وهو المعنى القائم بالنفس الذي يعبر عنه بالألفاظ ، ونقول هو الكلام حقيقة " [65] .

ـ ويقول التفتازاني في سياق كلامه عن الأسماء الحسنى ، وهل هي مخلوقة – وقد ذكرنا هذ من موجبات الإكفار بالقول بخلق القرآن - : " الثابث في الأزل معنى الإلهية والعلم، ولا يلزم من انتفاء الاسم بمعنى اللفظ انتفاء ذلك المعنى " [66].

ـ ويصرح الباجوري بخلق القرآن ، بمعنى الحرف ، فيقول : " فإذا سمعت أشعريا يقول : القرآن كلام الله ؛ فاعلم أن مراده أن ألفاظ القرآن تسمى كلام الله ، بمعنى أن الله خلقها .
وأما كلام الله حقيقة ؛ فهو النفسي وهذا غير مخلوق " [67] .
ويقول : " " واطلاقه عليهما – أي إطلاق الكلام على النفسي واللفظي – قيل بالاشتراك ، وقيل : حقيقي في النفسي مجاز في اللفظي .
وعلى كلّ من أنكر أن ما بين دفتي المصحف كلام الله فقد كفر ، إلا أن يريد أنه ليس هو الصفة القائمة بذاته تعالى ." أي فلا يكفر حينئذ " [68] .
وقال : " ومع كون اللفظ الذي نقرؤه حادثا ؛ لا يجوز أن يقال : القرآن حادث ، إلا في مقام التعليم " [69] .



وكتبه : عمرو بسيوني

فجر الأربعاء ، الرابع عشر من شوال ، سنة 1434 من الهجرة الشريفة ، الموافق 12/8/2013 م




[1] السنة لعبد الله بن أحمد 25 ، والعلو للذهبي 140 .

[2] شرح أصول الاعتقاد للالكائي 2/298 ، 474 .

[3] شرح أصول الاعتقاد للالكائي 2/547 .

[4] أول من قرر تلك القاعدة الخطابي ، كما نقل عنه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 5/58 ، والذهبي في العلو 236 ، ثم ذكرها الخطيب في الكلام على الصفات 1/20 ، ثم انتشرت عند العلماء وتلقوها بالقبول .


[5] مجموع الفتاوى 12/243 – 244 ، باختصار يسير .

[6] شرح أصول الاعتقاد 2/344 .

[7] العلو للذهبي 161 .

[8] الطحاوية 41 .

[9] الإبانة 71 .

[10] الشريعة للآجري 3/1109 .

[11] الإبانة 69 .

[12] السنة للخلال 5/138 .

[13] الإبانة 73 .

[14] نقض المريسي 1/158 .

[15] نقض المريسي 1/161 .

[16] النقض 1/163 – 164 .

[17] النقض 1/166 .

[18] مجموع الفتاوى 6/185 – 187 ، باختصار .

[19] الفتاوى الكبرى 6/480 .

[20] النقض 1/184 – 185 .

[21] الفتاوى الكبرى 6/482 .

[22] ابن بطة في الإبانة 2/44 .

[23] بيان التلبيس 3/518 ، 519 .

[24] مجموع الفتاوى 12/497 .

[25] مجموع الفتاوى 12/489 .

[26] درء التعارض 1/264 .

[27] درء التعارض 1/264 .

[28] درء التعارض 1/265 .

[29] مجموع الفتاوى 7/134 ، كتاب الإيمان الكبير .

[30] مقالات الإسلاميين 584 .

[31] التسعينية 2/683 .

[32] نهاية الإقدام 111 .
راجع للشهرستاني أيضا : الملل والنحل 1/96 ، والجويني في لمع الأدلة 91 ، وفي الإرشاد 104 – 108 ، والبغدادي في أصول الدين 102 ، والإسفراييني في التبصير 135 ، والغزالي في الإحياء 1/108 ، وفي المستصفى 1/64 ، وفي الاقتصاد في الاعتقاد 54 – 58 ، وفي معيار العلم 75 – 77 ، والإيجي في المواقف 294 .

[33] نهاية الإقدام 111 ، واستفاض الشيخ في خلاف الأشاعرة والكلابية والكرامية والسالمية في ذلك البحث على أربعة أقوال والفروق بينهم في التسعينية 1/435 – 436 .

[34] وإنما نسبه إليه جماعة من الأشعرية وغيرهم ، كابن فورك في المجرد 67 ، والجويني في الإرشاد 120 ، والشهرستاني كما تقدم ، وغيرهم كثير .

[35] الفلسقة الرواقية لعثمان أمين 298 – 299 .

[36] Kneale , The development of logic . 139 .

[37] الفرق الإسلامية وأصولها الإيمانية ، الجزء الأول ، لعبد الفتاح أحمد فؤاد ، 298 .

[38] في إحصاء العلوم مثلا ، 17 – 18 .

[39] في الرسائل – الرسالة العاشرة 1/276 – 277 .

[40] في الشفا 20 .

[41] في مناهج الأدلة 162 – 163 .

[42] شرح القطب الرازي على الشمسية 1/176 – 177 ، وحاشية العطار على شرح الخبيصي للتهذيب 55 .

[43] التمهيد 283 .

[44] مجموع الفتاوى 7/139 .

[45] راجع في ذلك كلام الشيخ في المجموع 6/533 .

[46] رسالة السجزي لأهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت 121 .

[47] مجموع الفتاوى 6/297 .

[48] مجموع الفتاوى 7/139 .

[49] الإنصاف 96 – 98 ، باختصار .

[50] مجموع الفتاوى 12/266 .

[51] مجموع الفتاوى 12/271 ، وانظر درء التعارض 1/258 .

[52] وناقش الشيخ في التسعينية باستفاضة أنه ليس مع الأشاعرة دليل صحيح أن الخبر – شطر الكلام – يخالف العلم ، بحيث يكون كلامهم في إثبات الكلام النفسي مخالفا لحقيقة قول المعتزلة ، وأما الإنشاء ( الأمر والنهي ) – شطر الكلام الثاني – فإن الشيخ حقق أن الأشاعرة ليس لهم دليل قوي في مخالفته للإرادة ، بحيث يكون كلامهم في الكلام النفسي مخالفا لقول المعتزلة ، فيرجع قول الأشاعرة في الكلام النفسي إلى العلم والإرادة ، وينقشع خلافهم مع المعتزلة ، هذا ويرجع بعض من يرد على الأشاعرة من أهل السنة الأمر والنهي إلى العلم أيضا ، فيرجع الكلام النفسي جملة إلى العلم ، كقول المعتزلة .
راجع في ذلك : التسعينية 2/632 – 667 .

[53] رسالته لأهل زبيد 116 – 117 .

[54] الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار 2/544 .

[55] الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة 2/408 .

[56] التسعينية 2/618 .

[57] لوامع الأنوار البهية 1/165 .

[58] الإرشاد 117 .

[59] الأربعين في أصول الدين للفخر الرازي 1/248 .

[60] الأربعين 1/248 – 249 .

[61] نقله شيخ الإسلام عن نهاية العقول للفخر الرازي في التسعينية 2/597 ، والنهاية مطبوع في رسالة ماجستير .

[62] غاية المرام 107 .

[63] غاية المرام 108 .

[64] المواقف 202.

[65] المواقف 203 .

[66] شرح المقاصد 3/253 .

[67] شرح الجوهرة 72 .

[68] شرح الجوهرة 72 .

[69] شرح الجوهرة 72 .