رد شبهة: نبيٌّ يأمر بقتلِ النساءِ والصبيان !

قالوا: هل من رحمة نبيِّكم أن يقتل النساءَ والأطفالَ ؟!
واستدلوا على شبهتِهم بما جاء في صحيحِ مسلمٍ كِتَاب ( الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ ) بَاب ( جَوَازِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْبَيَاتِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ ) برقم 3281 عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ r عَنْ الذَّرَارِيِّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ : " هُمْ مِنْهُمْ ".

الرد على الشبهة

أولًا: إن من رحمتِه r أنه نهى عن قتلِ النساءِ والأطفالِ لا كما يزعم المعترضون الجاهلون..... وقد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة أكتفي بذكرِ حديثٍ واحدٍ منها وهو ما جاء في صحيح مسلم كِتَاب ( الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ ) بَاب ( تَحْرِيمِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ ) برقم 3280 عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : " وُجِدَتْ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَغَازِي فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ".

الحديثُ واضحٌ لمن له عينانِ يُبصر بهما: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ".

ونلاحظ: أن الإمامَ النووي بوّبَ في صحيح مسلم هذا الحديث في بابِ ( تَحْرِيمِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ ).

قال النوويُّ - رحمه اللهُ - في شرحِه: قَوْله: ( نَهَى رَسُول اللَّه r عَنْ قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان) أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى الْعَمَل بِهَذَا الْحَدِيث، وَتَحْرِيم قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا، فَإِنْ قَاتَلُوا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء: يُقْتَلُونَ. اهـ

وعليه: تسقط شبهتهم التي تقول: هل من رحمةِ نبيِّكم أن يقتلَ النساءَ والأطفالَ ؟!

ثانيًا: إن استدلالهم بهذا الحديث لا يخدم مصَالحهم قطُ ... فالحديثُ جاء في صحيحِ مسلم عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ: " سُئِلَ النَّبِيُّ r عَنْ الذَّرَارِيِّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ ".
قال النوويُّ- رحمه اللهُ- في شرحِه للحديثِ : قَوْله : ( سُئِلَ رَسُول اللَّه r عَنْ الذَّرَارِيّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيّهمْ فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ ) سُئِلَ عَنْ حُكْم صِبْيَان الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ فَيُصَاب مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانهمْ بِالْقَتْلِ ، فَقَالَ : هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ أَيْ لَا بَأْس بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ أَحْكَام آبَائِهِمْ جَارِيَة عَلَيْهِمْ فِي الْمِيرَاث وَفِي النِّكَاح وَفِي الْقِصَاص وَالدِّيَات وَغَيْر ذَلِكَ ، وَالْمُرَاد إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا مِنْ غَيْر ضَرُورَة .
وَأَمَّا الْحَدِيث السَّابِق فِي النَّهْي عَنْ قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان، فَالْمُرَاد بِهِ إِذَا تَمَيَّزُوا،وَهَذَا الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَوَاز بَيَاتهمْ وَقَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان فِي الْبَيَات ، هُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَالْجُمْهُور .
وَمَعْنَى ( الْبَيَات ، وَيَبِيتُونَ ) أَنْ يُغَار عَلَيْهِمْ بِاللَّيْلِ بِحَيْثُ لَا يُعْرَف الرَّجُل مِنْ الْمَرْأَة وَالصَّبِيّ . وَأَمَّا ( الذَّرَارِيّ ) فَبِتَشْدِيدِ الْيَاء وَتَخْفِيفهَا لُغَتَانِ ، التَّشْدِيد أَفْصَح وَأَشْهَر ، وَالْمُرَاد بِالذَّرَارِيِّ هُنَا النِّسَاء و الصِّبْيَان . وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِجَوَازِ الْبَيَات ، وَجَوَاز الْإِغَارَة عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَة مِنْ غَيْر إِعْلَامهمْ بِذَلِكَ .وَفِيهِ : أَنَّ أَوْلَاد الْكُفَّار حُكْمهمْ فِي الدُّنْيَا حُكْم آبَائِهِمْ ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَة فَفِيهِمْ إِذَا مَاتُوا قَبْل الْبُلُوغ ثَلَاثَة مَذَاهِب:
الصَّحِيح: أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّة.
وَالثَّانِي: فِي النَّار.
وَالثَّالِث: لَا يُجْزَم فِيهِمْ بِشَيْءٍ. وَاَللَّه أَعْلَم . اهـ

ثم إن هذا الحديثَ ( محل الشبهة ) ذكره الإمامُ النووي في بابِ ( جَوَازِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْبَيَاتِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ).
نلاحظ : " من غيرِ تعمدٍ " .

وألخص ما سبق مع الإضافة والبيان فيما يلي:

نهى النبيُّ r عن قتلِ النساءِ والأطفالِ في أحاديث كثيرة، وهذا هو الأصل في شرعنا؛ عدم جواز قتل النساء والأطفال، لكن استثنى العلماءُ من ذلك حالتين:

الحالةٌ الأولى: إذا اشتركوا في الحربِ بالقتالِ أو في الرأي والمشورة أو التحريض ونحو ذلك.

الحالةٌ الثانية: إذا أراد المسلمون مثلًا شنَّ حربٍ بالمنجنيقِ على قبيلةٍ ما ؛ فهذا القذف بالمنجنيق(المدافع اليوم) لا تضمن لنا أن لا تصيب طفلًا أو امرأةً... وهذا بعد الإنذار والاعذار، وأن قتلوا يكون هذا من غير تعمدٍ فرخص الشارع في هذا ، وهو نظير القنابل الذرية ، والعنقودية ، والنووية ، وقصف الطائرات العشوائي في عصرنا التي لا تفرق بين طفلٍ ، أو شيخٍ ، أو رجلٍ ، أو امرأةٍ....

ثالثًا: إن الكتابَ المقدس نسب إلى الربِّ أنه يأمر أنبياءَه وغيرَهم بقتلِ النساءِ والصبيانِ.... وذلك في عدةِ مواضعٍ منها :

1- سفر حزقيال إصحاح 9 عدد 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ، اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَابْتَدَأُوا بِالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ
3- سفر صموئيل الأول إصحاح 15 عدد 3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا».

4- سفر هوشع إصحاح13 عدد16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلهِهَا. بِالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ، وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ.

4- مزمور إصحاح 137 عدد 8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ، طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ !

5- سفر نحميا إصحاح 4 عدد 14وَنَظَرْتُ وَقُمْتُ وَقُلْتُ لِلْعُظَمَاءِ وَالْوُلاَةِ وَلِبَقِيَّةِ الشَّعْبِ: «لاَ تَخَافُوهُمْ بَلِ اذْكُرُوا السَّيِّدَ الْعَظِيمَ الْمَرْهُوبَ، وَحَارِبُوا مِنْ أَجْلِ إِخْوَتِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَنِسَائِكُمْ وَبُيُوتِكُمْ» !

قلتُ: قال لهم ذلك؛ لأنه يعلم أنهم يقتلون الصبيان والنساء... !

كما لا يوجد كتاب على وجهِ الأرضِ أمر بقتلِ النساءِ والأطفالِ، وشقِ بطونِ الحواملِ.... إلا الكتاب المقدس، وأما القرآن الكريم لا توجد فيه آية واحدة تدعو لقتلِ النساءِ والأطفالِ.....

كتبه / أكرم حسن مرسي
نقلًا عن كتابي/ رد السهام عن خير الأنام محمد -عليه السلام-.






إلغاء إعجابيإلغاء إعجابي · · إيقاف الإشعارات ·