معلوم أن الأجبان يوضع فيها الإنفحة الحيوانية وهي مادة خاصة تستخرج من الجزء الباطني من معدة الرضيع من العجول أو الجداء أو نحوهما بها خميرة تجبّن اللبن الموجودة في الأجبان وغيرها، وأهميتها في صناعة الجبن هو أنها إذا وضع قليل منها في اللبن فإنه ينعقد ويتكاثف ويتجمع ويصير جبناً، وقد تكون هذه الأجبان مستوردة وبالتالي يثار الشك في شرعية تذكية الحيوان المأخوذة منها الإنفحة.
إذا كان الجبن قد صنع بإنفحة خنزير أو ميتة بأن تكون ذكاة غير شرعية، فهذا يحرم أكل الجبن الذي فيه، وهذا مذهب جماهير أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)، فالله تعالى حرم الميتة، وهو عام يشمل كل ما في الميتة من أجزاء، ولا يخرج منه شيء إلا بدليل، ولا دليل. ويدخل في ذلك إنفحة الحيوان الذي ذكاته من المجوس وأهل الأوثان أو ما كان فيه مادة خنزيرية.
وأما إذا كان الجبن قد صنع بإنفحة حيوان مذكى ذكاة شرعية من مسلم أو كتابي فهذا حلال، إذ إن طعام أهل الكتاب حلٌّ لنا؛ ما لم نتيقن أنهم ذبحوه بغير الطريقة الشرعية، وهذا هو مذهب الجمهور رحمهم الله.
قال النووي: "أجمعت الأمة على جواز أكل الجبن ما لم يخالطه نجاسة بأن يوضع فيه إنفحة ذبحها من لا تحل ذكاته، فهذا الذي ذكرناه من دلالة الإجماع هو المعتمد في إباحته" [المجموع للنووي، (9/68)].
وروى البيهقي في السنن الكبرى (10/7) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سئل عن الجبن والسمن، فقال: "سم الله وكل"، فقيل إن فيه ميتة فقال: "إن علمت أن فيه ميتة فلا تأكله".
وروى البيهقي في السنن الكبرى (10/6) أيضاً عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال : كلوا الجبن ما صنع المسلمون, وأهل الكتاب.
وأما الجبن المستورد فإن كانت مستوردا من المجوس وأهل الأوثان فيحرم الأكل؛ إلا أن يعلم أنها قد ذكيت ممن تحل ذكاته وهو المسلم والكتابي، وإن كانت مستوردة من الغرب فإن الأصل حل ذبائحهم ما لم يعلم المسلم أن ذكاتهم غير شرعية، فيحرم حينئذ وإلا فالأصل الجواز.


المصدر:
بوابة القاهرة الإسلامية
http://www.cairoportal.com/fatwas/47406