لسكن مع عائلة لتعلم اللغة






يحرص كثير من المبتعثين لا سيما في الأشهر الأولى على السكن مع عائلة من أهل البلد للفوائد التالية:

ليتمكن من رفع مستواه في لغة البلد عبر الكلام مع أفراد العائلة فيتعلم اللغة نظرياً في النهار ليطبق جزءاً كبيراً منها بعد عودته للبيت .

الخدمة التي تقدمها العائلة كتقديم الوجبات وغسل الملابس ونحو ذلك.

قلة التكاليف مقارنة باستئجار غرفة خاصة في فندق مثلاً.
فما حكم السكن مع العائلة؟

لا تخلو العائلة من أحوال :

1. أن تكون العائلة كافرة من اليهود والنصارى وغيرهم.

فأما إن كانت العائلة كافرة فقد نهينا نهياً بيناً صريحاً عن الإقامة بين المشركين، ودوام مخالطتهم ومؤانستهم ومعايشتهم، وإذا جاز للمسلم البقاء في بلاد الكفار عموماً لمصلحة شرعية لدراسة أو علاج فعليه الابتعاد عن دوام الخلطة المباشرة من مساكنتهم ومصاحبتهم فالإذن العام بجواز الذهاب إلى بلادهم إذا وجدت مصلحة شرعية لا يجيز السكن مع الكفار لما فيه من دوام المخالطة والمصاحبة وما يحتوي عليه من المخاطر الجمة على الاعتقاد والخلق ولهذا جاء التأكيد الشديد في هذا الأمر :


في سنن أبي داود (3/48) من رواية الحسن عن سمرة عند أبي داود أنه عليه الصلاة والسلام قال: "من جامع المشرك أو سكن معه فهو مثله".

وعن جرير البجلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا يارسول الله: لم؟ قال: لا تراءى ناراهما". (رواه أبوداود 2/349) وإسناده صحيح، ورجح البخاري إرساله. ولفظة (كل) تشمل جميع المسلمين والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

جاء في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده بإسناد حسن، قال عليه الصلاة والسلام: "لا يقبل الله من مشرك بعدما أسلم عملاً أو يزايل المشركين". (النسائي 2568 المستدرك 4/643) و (أو) بمعنى: (حتى) يعني: حتى يزايل المشركين، فيزول عن مكان هم فيه.

عند النسائي (4175) بإسناد صحيح عن جرير قال: "بايعت رسول صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم وعلى فراق المشرك" وأصله في الصحيحين بدون الزيادة (وعلى فراق المشرك).




























وعلى هذا فيقال: إن السكن مع العائلة الكافرة على قسمين:

1. إذا كان السكن مع العائلة كالفندق مع خدمات مضافة كالطعام والغسيل والإرشاد, فهو يذهب للجامعة صباحًا ثم يعود للأكل كما في المطعم ويدخل غرفته لينام بدون علاقة مؤانسة ومؤاكلة ومعايشة ومسامرة كفرد من أسرة، فيجوز ذلك مع مراعاة الأحكام الأخرى.

2. إن كان السكن والعيش معهم كفرد من أسرة وما يتبع ذلك من دوام المصاحبة والملازمة والمسامرة ، فينبغي البعد والامتناع من ذلك لما فيه من المخاطر على الدين والخلق والمعتقد.
نحن أم الصحابة:

يتساهل بعض الناس في إرسال أولاده المراهقين للسكن مع عائلة كافرة بغض النظر عن الفتن والشبهات التي قد يلاقيها.

ويستثقل آخرون الحديث عن تأثر المسلم بمعايشة الكفار والسكن معهم, ويقولون: وهل المسلم ضعيف وليس له شخصية مستقلة حتى يتأثر بهذه السهولة، ثم إن الدنيا قد صارت قرية واحدة !

والجواب على ذلك من وجوه:

هذه التأكيدات والتحذيرات الواردة في السنة وجهت ابتداء لأعظم جيل مر في البشرية وهو جيل الصحابة، ومن نحن عندهم؟!

الإنسان قد يضعف مع التكرار ويقسو قلبه مع الزمن وما صبر عنه اليوم قد يضعف أمامه غدًا، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

إن المفاسد المخوفة ليست هي مفاسد الأخلاق وفتنة النساء فقط, بل الأمر يتعدى هذا إلى ما هو أخطر وهي فتنة الشبهات وما قد يقع في قلب المؤمن من الشكوك والمقارنات والأسئلة التي لا يحسن لها جوابًا لقلة علمه, فتؤثر عليه في مسار حياته من حيث لا يشعر.

أحكام ينبغي مراعاتها عند السكن مع العائلة:

الحرص الشديد على عدم الوقوع في الخلوة مع المرأة الأجنبية وعدم التنازل في ذلك.

الامتناع عن مصافحة النساء ابتداءً وردًا.

تطبيق ما شرعه الله من أحكام الاستئذان.

غض البصر عما حرم الله.

أن لا يجلس في مجلس يظهر فيه المنكر علانية ولا يستطيع إنكاره.

التأكد من حل المطعومات والمشروبات المقدمة له.

التعامل مع العائلة بأكرم الأخلاق وأحسنها.

بذل الوسع لدعوتهم وتبليغهم دين الله عز وجل بجميع الوسائل المناسبة بالحكمة والموعظة الحسنة.

تنبيهات عند اختيار العائلة:

1. ينبغي أن يختار المبتعث العائلة المسلمة لكي يطمئن على أكله وشرابه وإعانة المسلم وإفادته أولى من إفادة غيره.

2. ينبغي للمبتعث الرجل اختيار العائلة التي ليس فيها فتيات شابات لأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة .

3. ينبغي توضيح الآداب والأحكام الشرعية التي تميزك كمسلم لمسئول العائلة في بداية قدومك لتتجنب كثيرًا من الإحراجات المستقبلية.





المصدر/ الدليل الفقهي