السؤال :
لو أن شخصاً غير مسلم سألني عن سبب إعفاء لحيتي، فماذا تكون إجابتي؟




الجواب :
الحمد لله
أولا :
إعفاء اللحية ، وتركها على حالها : واجب ؛ كما سبق بيانه في أجوبة عديدة .
ينظر جواب السؤال رقم (1189) ورقم (127742) ورقم (130695) .
ثانيا :
الواجب عليك إذا سألك شخص غير مسلم ، أيا كانت ديانته ، عن سبب إعفاء لحيتك : أن تبين له السبب الشرعي الذي دعاك إليه ، وهو أنك إنما فعلت ذلك طاعة لله ورسوله ؛ ؛ وأن اللحية سنة عامة من سنن الفطرة التي فطر الله عباده الموحدين عليها :
روى مسلم في صحيحه (261) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ) .
قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ زَادَ قُتَيْبَةُ، قَالَ وَكِيعٌ: " انْتِقَاصُ الْمَاءِ: يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ " .
قال الإمام النووي رحمه الله :
" وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَا هُنَا ، فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ : ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا السُّنَّةُ ، وَكَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ غَيْرَ الْخَطَّابِيِّ ، قَالُوا : وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ . وَقِيلَ : هِيَ الدِّينُ " انتهى من "شرح مسلم" للنووي (3/147) .
وقد روى البخاري (5892) ومسلم (259) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَفِّرُوا اللِّحَى ، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ) .
(وفروا اللحى) : أي : اتركوها وافرة . "فتح الباري" (10/350)
فأمر كهذا هو من الدين ، والسنة ، ومن هدي الأنبياء : يبين الإنسان حكمه ، ويدل عليه ولو كان الذي السائل كافرا .
روى مسلم في صحيحه (386) عَنْ سَلْمَانَ الفارسي رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لَنَا الْمُشْرِكُونَ [ وعند أحمد وغيره : (قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ به)] : إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ ، حَتَّى يُعَلِّمَكُمْ الْخِرَاءَةَ ؟!!
فَقَالَ : أَجَلْ ؛ إِنَّهُ نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ ، أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ ، وَنَهَى عَنْ الرَّوْثِ وَالْعِظَامِ ، وَقَالَ : لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ!!
فانظر كيف أن الصحابي الجليل قد أجابه عن ذلك الأمر، أمر آداب قضاء الحاجة ، ودخول دورات المياه ، دون أن يرى في ذلك ما يعيبه ، أو يستخفي به .
وهب أن هذا السائل كان يسخر منه ؛ فقد ( قلب عليه المائدة ) ، كما يقولون ، وحول المقام إلى مقام دعوة وبيان !!
والله أعلم .