كيف يمكن التعامل مع شخص عاص عندما دعي للحق قال‏:‏ إن الله لم يكتب لي الهداية ‏؟‏
‏(‏204‏)‏ وسئل فضيلته عن شخص عاص عندما دعي للحق قال‏:‏ إن الله لم يكتب لي الهداية‏.‏ فكيف يتعامل معه‏؟‏
فأجاب قائلاً ‏:‏ نقول بكل بساطة ‏:‏ أطَّلعت الغيب أم اتخذت عند الله عهداً‏؟‏ إن قال ‏:‏ نعم ، كفر لأنه ادعى علم الغيب وإن قال‏:‏ لا ، خصم وغلب ، إذا كنت لم تطلع أن الله لم يكتب لك الهداية فاهتد ، فالله ما منعك الهداية بل دعاك إلى الهداية ، ورغبك فيها ، وحذرك من الضلالة ، ونهاك عنها ولم يشأ الله - عز وجل - -أن يدع عباده على ضلالة أبداً قال - تعالى- ‏:‏ ‏{‏يبين الله لكم أن تضلوا‏}‏ ‏.‏ ‏{‏يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم‏}‏‏.‏ فتب إلى الله ، والله ـ عز وجل - أشد فرحاً بتوبتك من رجل أضل راحلته وعليها طعامه وشرابه ، وأيس منها ، ونام تحت شجرة ينتظر الموت ، فاستيقظ فإذا بخطام ناقته متعلق بالشجرة فأخذ بخطام الناقة فرحاً وقال‏:‏ ‏(‏اللهم أنت عبدي وأنا ربك‏)‏ ‏.‏ أخطأ من شدة الفرح فنقول ـ تب إلى الله ، والله أمرك بالاهتداء وبين لك طريق الحق‏.‏ والله ولي التوفيق‏.‏


الحكمة من وجود المعاصي والكفر


‏(‏205‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ ‏:‏ عن الحكمة من وجود المعاصي والكفر‏؟‏
فأجاب بقوله ‏:‏ لوقوع المعاصي والكفر حكم كثيرة منها‏:‏
1- 1- إتمام كلمة الله-تعالى- حيث وعد النار أن يملأها قال الله ـ تعالى -‏:‏ ‏{‏ولا يزالون مختلفين ‏.‏ إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين‏}‏ ‏.‏
2- 2- ومنها ظهور حكمة الله -تعالى - وقدرته حيث قسم العباد إلى قسمين‏:‏ طائع ، وعاصٍ ، فإن هذا التقسيم يتبين به حكمة الله - عز وجل -فإن الطاعة لها أهل هم أهلها ، والمعصية لها أهل هم أهلها ، قال الله تعالى -‏:‏ ‏{‏الله أعلم حيث يجعل رسالته‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم‏}‏ فهؤلاء أهل الطاعة وقال -تعالى-‏:‏ ‏{‏وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون‏}‏ ‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم‏}‏‏.‏ وهؤلاء أهل المعصية ‏.‏


ويتبين بذلك قدرته بهذا التقسيم الذي لا يقدر عليه إلا الله كما قال -تعالى -‏:‏ ‏{‏ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء‏}‏ وقال ‏:‏ ‏{‏إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين‏}‏ ‏.‏
3- 3- ومنها أن يتبين للمطيع قدر نعمة الله عليه بالطاعة إذا رأى حال أهل المعصية قال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين‏}‏ ‏.‏


4- 4- ومنها لجوء العبد إلى ربه بالدعاء أن يباعد بينه وبين المعصية والدعاء عبادة لله-تعالى-‏.‏
5- 5- ومنها أن العبد إذا وقع في المعصية ومَنَّ الله عليه بالتوبة ازداد إنابة إلى الله وانكسر قلبه، وربما يكون بعد التوبة أكمل حالاً منه قبل المعصية حيث يزول عنه الغرور والعجب ، ويعرف شدة افتقاره إلى ربه ‏.‏
6- 6- ومنها إقامة الجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، فإنه لولا المعاصي والكفر لم يكن جهاد ، ولا أمر بمعروف ، ولا نهي عن منكر ‏.‏ إلى غير ذلك من الحكم والمصالح الكثيرة ولله في خلقه شؤون‏.‏