بسم الله الرحمن الرحيم
-----------------------
من هم المسلمون؟الجزء العشرون
---------------------------------
وكانت شخصية رسول الله(ص) تمثل تمازجا فريدا غير متكرر فى تكامل الصفات الحميدة،رغم كونه أسوة حسنة لنا،فكان يجمع بين صفة الرقة المتناهية عند سماع أيات كتاب الله تتلى عليه من غيره،حتى ليبكى رحمة وخشية وتدبرا،وكذلك بكى لما مات ابنه ابراهيم ابن الثمانية عشر شهرا،وبكى لما صده أهل الطائف لما ذهب اليهم ليهديهم صراط الله العزيز الحميد،وأيضا فى مواقف كثيرة هزت مشاعره الانسانية التى تنم عن تسامى روحه وتسامحه،ومن رحمته ورقة قلبه كان يقبل أبناءه وأحفاده،وذات مرة كان عند رسول الله وفد مسلم من خارج مكة فرأوا ذلك،فسأله أحدهم:أو تقبلون أبناءكم؟،فقال رسول الله(ص):نعم،قال الرجل:ان لى عشرة أولاد لم أقبل أحدهم،قال نبى الرحمة:مالى وقد نزع الله الرحمة من قلبك،عليك الصلاة والسلام يا سيدى وحبيبى يا رسول الله(ص)،وكان اذا سجد قد يجلس على ظهره أحفاده،أو يجلس على رجله حال قعوده فلا يقوم حتى ينزلوا من ذات أنفسهم،أو ينزله أحد أهله،وكذلك صفة تواضعه الجم فى تعامله مع الناس بصفة عامة والمسلمين،خاصة البسطاء منهم،فقال عنه سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(فبما رحمة من الله لنت لهم،ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك،فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر،فاذا عزمت فتوكل على الله،ان الله يحب المتوكلين)،صدق الله العظيم،159-سورة أل عمران.
فهذا بدوى أسلم لله بعيدا عن المدينة المنورة،وأحب أن يرى رسول الله(ص)،فسافر اليه،ولما كانت صورة الملوك والأمراء تنم عن غلظة وتكبر وعجرفة فى مخيلة ذلك البدوى البسيط،فلما وصل الى المدينة المنورة وسأل عن رسول الله(ص) فقال له القوم أن ينتظره فى المسجد،فلما اقترب رسول الله من الدخول الى المسجد،أخبره القوم أن رسول الله(ص) على وشك الدخول عليه،فارتجف الرجل ووقف مرتعشا وزاغت عيناه،فلما أقبل عليه رسول الله(ص) ورأى حاله،سارع اليه وربت على كتفه وعلم ما به وقال له:هون عليك يا أخ العرب،ان أنا الا ابن امرأة قرشية كانت تسكن فى مكة وكانت تأكل القديد،حتى هدأ روع الرجل وعلم أن رسول الله(ص) غير ما كان يتخيل عن المتعجرفين من الملوك والمتعالين من الأمراء،وانما هو رحمة الله للعالمين.
وكان(ص) يلقى السلام على كل من يجده فى طريقه من الرجال والصبيان فقد قال(ص):ألا أدلكم على شىء ان فعلتموه فيما بينكم تحاببتم،قالوا بل يا رسول الله،قال:أفشوا السلام بينكم،وقال أيضا:ألق السلام على من تعرف ومن لا تعرف،عليك الصلاة والسلام يا سيدى وحبيبى يا رسول الله،وكم من الداء اتقينا لو اتبعنا سنتك.
وهذا غلام كان يسوق دابة يركبها رسول الله(ص)،فالتفت(ص) اليه برقة وقال له كلمات باقيات الى يوم القيامة:يا غلام،ألا أعلمك كلمات،قال:بل يا رسول الله،قال(ص):احفظ الله يحفظك،احفظ الله تجده تجاهك،واذا سألت،فاسأل الله،واذا استعنت،فاستعن بالله،واعلم لو أن الأمة انسها وجنها قد اجتمعوا على أن ينفعوك بشىء،لن ينفعوك الا بشىء قد كتبه الله لك،ولو اجتمعوا على أن يضروك بشىء،لن يضروك الا بشىء قد كتبه الله عليك،رفعت الأقلام وجفت الصحف،
ومن صفاته الشجاعة والشهامة والكرم وحسن الخلق،والصبر والقناعة،وغض البصر،ولو عددنا حسن صفاته ما انتهينا.
وهذا مجاهد كان يأخذ نصيبه من الغنائم،فأعطاه رسول الله(ص) مثل ما أعطى أقرانه بالعدل،فقال الرجل لرسول الله(ص):زدنى فانك لا تعطينى من مال أبيك ولا مال أمك،فاحمر وجه رسول الله،وهم الصحابة بالفتك بصاحبهم لولا أن رسول الله(ص) منعهم وزاد الرجل حتى قنع،ثم ذهب الى حال سبيله،فان النبى الخاتم أعلم بالناس من أنفسهم،فقد سأله أحدهم:أيكون المسلم طماعا؟،قال:نعم،وسأله:أيكون المسلم جبانا؟،قال:نعم،وسأله:أيكون المسلم سارقا؟،قال:نعم،وهكذا حتى سأله:أيكون المسلم كاذبا؟،قال:لا،فتحمل رسول الله بعض الصفات السيئة تلصق بالمسلم قد يتوب منها باذن الله ولم يرضى لهم الكذب،أللهم قنا شر الكذب،واكتبنا عندك من الصديقين.
وهذا خادم لرسول الله،فال:خدمت رسول الله سنوات،فلم يسألنى عن شىء فعلته:لم فعلته؟،أو عن شىء تركته:لم تركته؟.
يتبع ان شاء الله،وأصلى وأسلم على سيدى وحبيبى محمد،أللهم صلى وسلم عليه.