الموضوع: غـارة علـى عقـل المسلـم

والصلاة والسلام على سيد المرسلين

مقدمــة

الإسلام ، خاتم الرسالات، دعوة تخاطب عقل الإنسان الحر لتبصره بحقائق الكون وتهديه إلى منهج الحياة الرشيد. والإقناع العقلي
هو منهج الدعوة إلى الإسلام، ولم يشرع الجهاد في الإسلام إلا لتحرير الإنسان من كل ما يمنعه من التلقي الحر للدعوة، ثم لا إكراه بعد ذلك فى الدين.
تنبعث دعوة الإسلام من : كتاب الله المعجز الذي يحمل في طياته برهان صدق تنزيله، ومن سنة خاتم المرسلين المبينة والمفصلة للوحي القرآني.
وقد أدرك أعداء الإسلام منذ فجر الدعوة ما لهذا الهدي الرباني من خطر وتأثير، فكانت حربهم على امتداد الزمان والمكان منصبة على اقتلاع الإسلام
من نفوس أتباعه، والحيلولة بين القرآن وبين أسماع الناس وعقولهم، ثم تحريف معانيه، والعبث بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وصد الناس عنها.
تنوعت المواجهة عبر التاريخ ابتداء من المواجهة المسلحة لوقف انتشار دعوة الحق، التي أذن الله أن يظهرها على الدين كله من الصين إلى الأندلس،
ثم الغزو العسكري للعالم الإسلامي الذي بدأ مع الحروب الصليبية في الشرق ومذابح اقتلاع الإسلام من الأندلس في الغرب، ثم الالتفاف حول العالم الإسلامي
من الشرق والشمال والجنوب، واحتلال قلبه العربي، ثم جاء الغزو الاستعماري الاقتصادي لامتصاص ثروات العالم الإسلامي وإفقاره عبر قرنين
من الزمان، ثم الهيمنة الكاملة تحت ستار العولمة والنظام العالمي الجديد.

ظل القرآن وعلومه، والسنة ومنهجها شجرة طبية وارفة الظلال وجبلاً شامخاً صلداً تتحطم على سفحه كل الفتن، فأيقنت قوى الضلال أن المعركة
لن يحسمها سلاح أو سياسة أو اقتصاد، وإنما يحسمها السيطرة على عقل المسلم: بتجهيله بأصول الإسلام، وتحريف العقيدة، والصد عن الشريعة،
وتشويه التاريخ، ثم إلهاء الأمة عن رسالتها السامية، وإفساد مجتمعاتنا، وإغراقها في اللهو والشهوات.
هذه محاولة لإلقاء الضوء على محاور تلك الغارة، التي تجتاح معظم ديار الإسلام، وإن تباينت في الشراسة والوسائل والأصابع المحركة،
تمهيدا لطرح برنامج لإعادة بناء العقل المسلم وتحصينه في مواجهة قوى الجهل والضلال، بلاغاً وتذكرة لأولي الألباب، والله المستعان.

فيما يلي عرض تحليلي (رؤوس موضوعات) لكثير مما يكتب ويقال ويروج له في شتى ديار الإسلام من أباطيل ومغالطات ودسائس طوال نصف قرن:


1- الغارة على الأصول:
1/1 تشويه رسالة الإسلام كمنهج شامل للفرد والمجتمع، وتجاهل ما جاء به من تعاليم وأحكام، وادعاء أن الإسلام ما هو إلا مجموعة من القيم الروحية،
لا علاقة لها بالواقع.
1/2 رفض الاحتكام إلى نصوص القرآن والسنة في أي قضية أو حوار، والسخرية ممن يستشهد بها من غير "رجال الدين"
(وليس للإسلام رجال دين، بل: علماء دين).
1/3 مقاومة حفظ وتحفيظ القرآن للناشئة بادعاء أن التفكير الحر يتعارض مع التلقين.
1/4 عدم التمييز بين المحكم والمتشابه من النصوص، واعتبارها كلها قابلة للتأويل.
1/5 الدعوة لفتح باب تفسير النصوص لمن هب ودب دون التزام بالقواعد اللغوية والفقهية الصحيحة، تحت شعار حرية الفكر والإبداع.
1/6 تشكيك الجهال في صحة تدوين القرآن الكريم وحفظه كما نزل، وهو الكتاب الوحيد الذي لم يتبدل فيه حرف عبر الزمان.
1/7 الادعاء أن أحكام القرآن إنما نزلت لزمان معين ( القرن السابع الميلادي) وبيئة معينة (بادية الجزيرة *********.
1/8 رفض العمل بأحكام القرآن المدني، بحجة أنها شرعت تلبية لحاجة الدولة الإسلامية الأولى بالمدينة المنورة فحسب.
1/9 الادعاء أن الإسلام رسالة خاصة بالعرب، وأحياناً بعرب الجزيرة العربية وحدهم (فيقال: الإسلام البدوي أو الخليجي أو النفطي!).
1/10 تخصيص أحكام القرآن بأسباب النزول (الواقعة أو الشخص أو الجماعة)، بينما الأصل أن العبرة بعموم النص لا بخصوص السبب.
1/11 الدعوة إلى الاستغناء بالقرآن وحده عن السنة النبوية، بحجة تراوح مراتب صحة الحديث.
1/12افتعال التناقض في التفسير بين بعض الأحاديث والآيات القرآنية للوصول إلى رفضها جميعاً.
1/13 إيهام العامة أن أحاديث الآحاد أقوال لا يعتد بها، لصرف المسلمين عن معظم السنة.
أ/14 التركيز على اختلاف الفقهاء في الفروع لإيهام العامة أن الاحتكام إلى الشريعة يؤدى إلى الفتن والخلاف.
1/15 الاستخفاف بالفقه الإسلامي وأئمته الذين اجتهدوا في جمع وشرح وتوضيح رسالة الإسلام.

2- الغارة على العقيدة:
2/1 الإرجاف بأن الأديان بما فيها الإسلام تراث فكري بشري متراكم، ابتداء من حضارات قدماء المصريين وغيرهم.
2/2 ادعاء أن القرآن مستمد من كتب اليهود والنصارى.
2/3 تجاهل الإعجاز البلاغي للقرآن، واعتباره مجرد نص أدبي جميل، مستغلين الجهل والتجهيل العام بعلوم العربية.
2/4 تجاهل الإشارات والحقائق العلمية والتاريخية في القرآن، المبرهنة على صدق تنزيله واستحالة صدوره من بشر.
2/5 بث مفهوم التناقض بين العلم والإيمان، بمقولة أن العلم مجاله العقل والتجريب والدين مجاله العاطفة والشعور.
2/6 تجاهل الآخرة، والتندر بالثواب والعقاب، والسخرية من المتقين.
2/7 الاستهزاء بما في الإسلام من معارف غيبية كالجنة والنار، ويوم القيامة، والجن والملائكة.
2/8 المناداة بفصل الدين عن كل أمور الدنيا كشرط للتقدم العقلي والمادي، وهى الدعوة المسماة بالعربية خطأ: العلمانية عن كلمة secularism
وصواب ترجمتها: اللادينية.
2/9 محاولة حصر دور الدين في إقامة الشعائر والمهرجانات الدينية.
2/10 افتعال التناقض بين التدين والتقدم، وبينه وبين العمل والإنتاج.
2/11 تصوير التدين دوما مقترنا بالخرافة والجهل وكبر السن.
2/12 تشجيع البدع والخرافات الشعبية كالتبرك بالأضرحة، والتوسل بأصحابها، ونسبة الخوارق إليهم، وإحياء الموالد لهم
لضرب عصفورين بحجر واحد: صرف اهتمام المؤمنين عن الدعوة والكفاح، وإظهار الإسلام في العالم قريناً للتخلف ومظاهر الوثنية.

3- الغارة على العبادات:
3/1 التهوين من شأن العبادات وتسفيه المصلين وتصوير المتعبد دوما في وسائل الإعلام على أنه إما متخلف أو جاهل بسيط أو طاعن في السن
أو متاجر بالدين.
3/2 الحملة على الالتزام بصلاة الجماعة في المساجد وتخويف الجماهير من كثرة ارتياد المساجد بوصفها بؤراً للإرهاب.
3/3 محاربة الأذان والجهر بالشعائر، بحجة إزعاجه غير المصلين أو المساس بمشاعر غير المسلمين وتهديد الوحدة الوطنية... إلخ.
3/4 التجاهل التام لتشريع الزكاة ودوره في منع الاكتناز وتشجيع الاستثمار ودفع عجلة الاقتصاد.
3/5 تحقير شأن الزكاة كأداة للتكافل والأمن الاجتماعي، وتصويرها امتهاناً للفقراء لا يليق إلا بالمتسولين.
3/6 افتعال التعارض بين الصيام وبين القدرة على العمل والإنتاج، مع إرهاق الصائمين بالسهر أمام مغريات البرامج الإعلامية
المعدة خصيصاً للشهر "الكريم".
3/7 العمل على إلهاء المسلمين بالفنون التي لا تليق بحرمة شهر رمضان، لإضعاف التأثير الروحي والتربوي للصيام والقيام،
وصرف المصلين عن صلوات القيام والفجر في أوقاتها.
3/8 الضيق بإقبال المسلمين على الحج والعمرة، والدعوة للحد منهما لتقليل احتكاك المسلمين بإخوانهم في الدين، وتردادهم على مهبط الوحي
بما يحمله من تأثير روحي وبعث للانتماء الإسلامي.

4- الغارة على الأخلاق:
4/1 الترويج لمقولة: وضعية وبشرية المفاهيم الأخلاقية، لنقض فكرة الهدي الرباني من أساسها، حتى يصبح الدين مجرد تعريف بوجود خالق
(وهى خطوة أبعد من البند 1/1)
4/2 ادعاء تغير القيم الخلقية بتغير البيئات الجغرافية والتاريخية، وبذلك تنتقض فكرة السنن الكونية التي لا تتبدل، والدين الواحد المرسل
إلى البشر جميعاً (وانظر أيضاً 1/7، 8، 9).
4/3 السخرية من سائر القيم الأخلاقية السماوية باعتبارها مثالية غير واقعية (يوتوبيا).
4/4 ترويج المفاهيم النفعية المادية (قصيرة المدى)، تحت اسم العقلانية والواقعية... إلخ.
4/5 تحليل وتزيين المفاسد كالخمر والميسر والتحلل (يسمونه التحرر) الجنسي، والدفاع عن حرية ممارستها وترويجها
بحجة تشجيع السياحة والحرية الشخصية.
4/6 الدعوة إلى التبرج، والسخرية من الاحتشام الإسلامي، وإيذاء المحتشمات (الاسم الصحيح "للمحجبات") أدبياًّ ومادياًّ وإجتماعياًّ.

5- الغارة على الشريعة:
5/1 محاربة التشريع الإسلامي في الأحوال الشخصية، وافتعال التعارض بينه وبين كرامة المرأة.
5/2 ادعاء تفضيل الإسلام للرجل على المرأة، وتجاهل ما في القرآن والسنة من تكريم للمرأة وحفاظ على حقوقها، يسمو على كل تشريع
في الماضي أو الحاضر.
5/3 التحريض المستمر للمرأة للتمرد على التقاليد والمفاهيم الإسلامية تحت شعارات: حقوق المرأة والمساواة "العمياء" بين الجنسين.
5/4 الدفاع عن المعاملات الربوية وتبريرها، وترويج أن التشريع الإسلامي لم يعد صالحاً للحضارة الحديثة إلا بالتساهل في كثير من أحكامه
"تلبية لاحتياجات العصر".
5/5 التنفير من الحدود الجنائية ووصمها بالوحشية أو التعارض مع "حقوق الإنسان" (حقوقه في السرقة والقتل وهتك الأعراض لا في العيش آمنا كريماً).

6- الغارة على منابع الثقافة والإعلام:
6/1 الدعوة لإيصاد شتى أجهزة الإعلام في وجه العلماء والدعاة، وإطلاق حرية العلمانيين لتشويه صورة الإسلام بلا حدود.
6/2 التحريض على منع العلماء والدعاة غير الحكوميين من اعتلاء منابر المساجد لإسكات الدعاة المستقلين.
6/3 الإيهام أن طلب العلم المفروض على كل مسلم لا يقصد به إلا العلوم المادية (النافع منها وغير النافع)، ولا مكان فيه لعلوم الإسلام
التي يختص بعلمها "رجال الدين" وحدهم.
6/4 التحريض على تجفيف منابع اكتساب علوم الإسلام في المدارس ووسائل الإعلام بالتخفيض المستمر للساعات المخصصة
لدروس الدين والبرامج الدينية، والتضييق على مقتنيات المكتبات المدرسية من الكتب الإسلامية.
6/5 الحط من شأن اللغة العربية كوسيلة للتعليم والبحث والتعبير، والسعي لتغريب اللسان والفكر في دوائر العمل والتجارة ووسائل الإعلام واللهو .
6/6 تعظيم شأن الثقافة والآداب الغربية، وسير أعلام الفكر الغربي، واعتبار الثقافة الغربية هي الجديرة وحدها بالنشر والاقتداء.
6/7 الاهتمام المبالغ فيه بالفنون التي يرفضها الإسلام كالرقص والنحت والغناء الغث وتقديمها على الفنون الأرقى كالشعر والموسيقى الرفيعة،
لادعاء التناقض بين الإسلام وبعض مظاهر "الحضارة" في نظرهم.
6/8 الخلط بين مفهوم "اللهو" وبين "الثقافة" وإلباس الملاهي الفاسدة ثوب الثقافة الرفيعة، وتقديمها على المعارف النافعة،
وتمجيد نجوم الملاهي كأعلام لحضارة الأمة.
6/9 السعي إلى تسخير التقنية الحديثة وتخصيص الأموال بلا حدود لبث الإباحية والفنون الهابطة من داخل وخارج بلاد المسلمين،
لإنهاك قواهم وتغييب وعيهم عما يدبر لهم وينفذ.
6/10 الإلحاح على تبديد طاقات الجماهير ووقتها بمتابعة المسابقات الرياضية وأخبار نجومها واعتبار ذلك أيضاَ من "الثقافة".

7- الغارة على العلماء والدعاة:
7/1 إرهاب علماء الإسلام واتهامهم " بتكفير المجتمع " كلما قاموا بواجبهم في انتقاد ما يردده البعض من دعاوى تتعارض مع أساسيات العقيدة الإسلامية
أو تشوه رسالة الإسلام وتسيء إلى شرائعه وشعائره.
7/2 تحريض غير المسلمين على علماء الإسلام وتخويفهم من شرائعه، وتعارضه المفتعل مع حقوقهم ومع شعار الوحدة الوطنية.
7/3 اتهام كل دعاة الإسلام بالتطرف أو " الأصولية ". دون ما تحديد دقيق أو واضح لمعنيهما.
7/4 تلبيس الدعوة الإسلامية بالإرهاب، وترويج لفظ " الإرهاب الإسلامي " في وسائل النشر والإعلام.
7/5 التحريض على إصدار التشريعات والقوانين والإجراءات التي تقيد الدعوة والفكر الإسلامي.
7/6 عدم التمييز بين علماء الإسلام الأجلاء ومؤسساته ودعاته المخلصين من جهة، وبين دعاة العنف والإرهاب واعتبارهم وجهين لعملة واحدة.
7/7 إنكار حق كل مسلم في أداء واجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (كل في حدود علمه وقدرته)، وذلك بالخلط المتعمد
بين شروطه وشروط الفتيا والاجتهاد.

8- الغارة على التاريخ الإسلامي:
8/1 الخلط المتعمد بين حقيقة المنهج الإسلامي وبين سلبيات بعض مراحل التاريخ الإسلامي، والتي ترتبت على إبعاد المسلمين عن منهج دينهم الحق.
8/2 تشويه التاريخ الإسلامي بمجمله والافتراء على أعلامه، تحت شعار البحث العلمي الحر.
8/3 تجهيل الأمة بسير الصحابة وأعلام الفكر الإسلامي ( وانظر : 7 / 6 ).
8/4 التركيز على استبداد الخلفاء في بعض العهود لادعاء التعارض بين الإسلام وبين الشورى أو " الديموقراطية ".
8/5 تصوير الخلافة العثمانية – آخر معالم الأمة الإسلامية الواحدة – بصورة المستعمر الأجنبي لأقطار العالم الإسلامي.

9- الغارة على وحدة الأمة:
9/1 إضعاف روح الجهاد برفع شعارات السلام والأمان، حتى لو اقترن بضياع الحقوق والأوطان.
9/2 تحبيذ موالاة القوى المعادية للإسلام والرضوخ لها، بدلاً من التضامن الإسلامي.
9/3 إثارة الفتن والنعرات بين الشعوب والجماعات المسلمة وبث الكراهية وروح الثأر بينها.
9/4 إحلال العصبيات القومية محل الانتماء للأمة الإسلامية الواحدة.
9/5 تهويل دور الفرق المخالفة لأهل السنة التي لا تتجاوز 7% من إجمالي المسلمين ، للتخويف من مغبة إحياء الانتماء والتضامن الإسلامي.
9/6 المبالغة في تمجيد الحكام ونظم الحكم في كل قطر على حدة، بما يغذي التعصب القطري والإقليمي، ويكرس تفتت الأمة إلى دويلات متنافرة.
9/7 تخويف حكام المسلمين من أخطار خارجية وداخلية وهمية على نظمهم ، لبث الفتن بين أقطار المسلمين، وكذلك بين الحكام والمحكومين.
9/8 إدانة التعاون العلمي والتواصل الفكري بين علماء الإسلام ومفكريه في دول العالم الإسلامي ووصفه بالتآمر تارة والعمالة تارة أخرى.
9/9 الهجوم على الحكومات التي تشجع الدعوة والفكر الإسلامي ، وتحريضها على التخلي عن تشجيعها واحتضانها للعلماء والدعاة .
9/10 تربية الجماهير على تعظيم الأمم والحضارات الأخرى مقابل دونية كل ما يمت للعالم الإسلامي.
9/11 اتخاذ " العالمية " ، بمعنى رضاء الغير ( أو مجرد اهتمامهم أو ذكرهم ) معياراً للحكم على كل عمل وشخص وموقف، بدلاً من قيم الإسلام أو صالح الأمة.