رد شبهة : نبيٌّ يتزوج النساء في الجنةِ منهن مريمَ ابنة عمران !
قالوا : وصل الأمر برسولِ الإسلامِ إلى أنه يريد أن يتزوجَ بالنساءِ اللواتي لم يراهن ( الأموات ) ....
رسولُ الإسلام يتزوج من مريم ابنة عمران في الجنةِ ! الدليل على ذلك هو ما جاء في تفسير ابن كثير للآية الخامسة من سورةِ التحريم آية 5 ]: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [ وتحديدًا في قولِه I : ]ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [ ؟؟
الرد على الشبهة
أولاً : إن الأحاديث التي ذكرها ابنُ كثيرٍ في تفسيرِه ، والتي استشهد بها المعترضون على اعتراضهم لا تصح كما قال ابنُ كثيرٍ نفسُه في تفسيره ، وكذلك المحقق له الشيخ سامي بن محمد سلامة في الهامش.
قال ابنُ كثير - رحمه اللهُ - : وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة " مريم - عليها السلام- " من طريق سُوَيْد بن سعيد (2) حدثنا محمد بن صالح بن عمر، عن الضحاك ومجاهد، عن ابن عمر قال: جاء جبريل إلى رسولِ الله r بموت خديجة فقال: إن اللهَ يقرئها السلام، ويبشرها ببيت في الجنة من قَصَب، بعيد من اللهب (3) لا نَصَب فيه ولا صَخَب، من لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم (4) .
ومن حديث أبي بكر الهزلي، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبيَّ r دخل على خديجة، وهي في الموت فقال: "يا خديجة ، إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن مني السلام". فقالت: يا رسول الله، وهل تزوجت قبلي؟ قال: "لا"، ولكن الله زوجني مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون ، وكلثم أخت موسى". ضعيف أيضًا (5) .
وقال أبو يعلى : حدثنا إبراهيم بن عرعرة، حدثنا عبد النور بن عبد الله، حدثنا يونس (6) بن شعيب، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله r : "أُعْلِمتُ أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون". فقلت: هنيئًا لك يا رسول الله (7) . وهذا أيضًا ضعيف وروي مرسلا عن ابن أبي داود .أهـ
__________
(1) لم أقع عليه في المطبوع من المعجم الكبير للطبراني.
(2) في أ: " بن سعد".
(3) في أ: " من اللهو".
(4) تاريخ دمشق (ص383) " تراجم النساء" ط. المجمع العلمي بدمشق.
(5) تاريخ دمشق (ص 384) "تراجم النساء" ط. المجمع العلمي بدمشق.
(6) في م، أ، هـ: " يوسف" والمثبت من المعجم الكبير للطبراني.
(7) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (8/309) و العقيلي في الضعفاء (4/459)

من طريق عبد النور بن عبد الله به، وعبد النور كذاب، قال العقيلي : " وليس بمحفوظ ".
قلتُ : إن الملاحظ بعد الاضطلاعِ على ما ذكره ابنُ كثيرٍ ؛ نجد أنه حكم على تلك الرواياتِ بالضعفِ ، وبعدم صحتها ......
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل قرأ المعترضون لفظ ( ضعيف جدًا ) ؟
أم أنهم تعاموا عنه ؟ أم أنهم لا يعرفون الحديثَ الصحيح من الضعيف ، ويلقون بالشبهات جهلاً ؟!
هذا وإن دل ؛ إنما يدل على أمرين : الأول : التدليس والكذب ، والثاني : الجهل .
ثانيًا : إنني لا أكتفي بتضعيفِ ابنِ كثيرٍ- رحمه اللهُ - في تفسيرِه الذي استشهدوا هم به على اعتراضهم ..... وأقول : ضعف هذه الأحاديث الشيخ الألباني في الأتي :
1- ضعيفِ الجامعِ الصغير للشيخ الألباني - رحمه اللهُ- برقم 3534 قال r : " إن اللهَ U زوجني في الجنةِ مريم بنت عمران و امرأة فرعون و أخت موسى ".
2- ضعيفِ الجامع برقم3160 قال r :" أما شعرت أن اللهَ U قد زوجني في الجنة مريم بنت عمران و كلثم أخت موسى و امرأة فرعون ؟ ".
وأما الحديث الصحيح ففيه أن النبيَّ r لم يُخبر بأنه سيكون زوجًا لمريمَ ولغيرها من الأمواتِ السابقين له في الجنةِ ..... وهو في السلسةِ الصحيحةِ برقم 1424 قال r : "سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران : فاطمة و خديجة وآسية امرأة فرعون ".
ثالثًا : إنني أفترض جدلاً صحة الحديث ، وما قالوه......
أتساءل سؤالين :
الأول : ما هو الحرام في ذلك ؟! وما هو العيب في ذلك.... ؟!
هل أخبر النبيُّ r في الروايةِ الضعيفة أنه سيزني بها في الجنة أم يتزوجها ؟!
الجواب : أخبر أنه سيتزوجها !
الثاني : هل الزواج حرام في أي شرعيةٍ من لدن آدم u إلى قيامِ الساعة ، وإن كان في الجنةِ ؟!
الجواب : لا.
ولو قمتُ بتأويل هذا الحديثِ الضعيف أقول : هذا جزاء لمريم العذراء الطاهرة المطهرة التي حافظت على عرضِها في الدنيا ؛يزوجها اللهُ I بأفضل إنسان عرفته البشرية هو محمد r ليكون الجزاء من جنسِ العمل ؛ فكما عفت نفسَها في الدنيا يعفُها اللهُI في الآخرةِ وينعمُها في جنتِه ، ثم يرزقها بمحمدٍ r خير إنسان زوجًا لها ؛ ما المانع من ذلك ! هذا أن صح الحديث أصلا ً، والحديث لا يصح ولا نعترف به كما سبق بيانه.
كتبه / أكرم حسن