إنَّمَا يَنْظُرُ الإِنْسَانُ إِلَى مَا فَاتَ لِيَعْـتَبِرَ بِالسَّاعَاتِ الخَالِيَاتِ، فَيُصْـلِحَ مَا أَخَلَّ بِهِ مِنَ الأَعْمَالِ الَّتِي قَدَّمَهَا، وَيَتَدَارَكَ أَخْطَاءَهُ بِالاستِغْفَارِ وَالمَتَابِ، وَالرُّجُوعِ إِلَى اللهِ تَعَالَى لِيَصْـفَحَ عَمَّا سَلَفَ مِنْ تَقْصِيرٍ، وَيَعْـفُوَ عَمَّا مَضَى مِنْ تَهَاوُنٍ وَتَضْيِيعٍ، وَلْيَعْـزِمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي يَوْمِهِ خَيْرًا مِنْ أَمْسِهِ، وَأَنْ يُصْـبِحَ فِي غَدِهِ خَيْرًا مِنْ يَوْمِهِ، فَإِنَّمَا الإِنْسَانُ ابنُ يَوْمِهِ، وَمِنْ أَجْـلِ هَذَا لَفَتَ القُرآنُ الكَرِيمُ أَنْظَارَنَا إِلَى الأُمَمِ الخَالِيَةِ فِي القُرُونِ المَاضِيَةِ لِنَتَّعِظَ وَنَعْـتَبِرَ، فَنَجْـتَنِبَ اقتِفَاءَ آثَارِهِمْ، وَالسَّـيْرَ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ فِي التَّهَاوُنِ وَالانحِرَافِ ، يقول الله تعالى : ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ).