بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله تعالى

( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ

وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )

سورة الفتح - 29


التفسير


قوله: فآزره، أي: قواه وأعانه وشد أزره،فاستغلظ، غلظ ذلك الزرع،فاستوى، أي تم وتلاحق نباته وقام،على سوقه، أصوله،يعجب الزراع، أعجب ذلك زراعه.

قال الزجاج : أخرج شطأه : أي نباته. قال مقاتل : هو نبت واحد، فإذا خرج بعده فهو شطؤه. وقال قطرب : الشطأ سوي السنبل. وروي عن الفراء أيضاً أنه قال: هو السنبل. وقال الجوهري : شطأ الزرع والنبات والجمع أشطاء، وقد أشطأ الزرع خرج شطؤه - أي برعمه - فآزره أي قواه وأعانه وشده، قيل المعنى: إن الشطأ قوى الزرع، وقيل إن الزرع قوي الشطأ، ومما يدل على أن الشطأ خروج النبات. قول الشاعر:
أخرج الشطأ على وجه الثرى *** ومن الأشجار أفنان الثمر
ومن ذلك أيضا قول امرئ القيس:
بمحنية قد آزر النضال نبتها * * * بجر جيوش غانمين وخيب
قال الفراء : آزرت فلاناً أزراً إذا قويته فاستغلظ أي صار ذلك الزرع غليظاً بعد أن كان دقيقاً فاستوى على سوقه أي فاستقام على أعواده، والسوق جمع ساق. يعجب الزراع أي يعجب هذا الزرع زارعه لقوته وحسن منظره، وهذا مثل ضربه الله سبحانه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم يكونون في الابتداء قليلاً، ثم يزدادون ويكثرون ويقوون كالزرع، فالزرع يبدو بعد البذر ضعيفاً فيقوى حالاً بعد حال حتى يغلظ ساقه ويتكامل حتى يقوى ويشتد

وقيل: ((الزرع)) محمد صلى الله عليه وسلم، و ((الشطء)): أصحابه والمؤمنون.
وروي عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال: محمد رسول الله والذين معه : أبو بكر الصديق رضي الله عنه،أشداء على الكفارعمر بن الخطاب رضي الله عنه، (( رحماء بينهم )) عثمان رضي الله عنه، (( تراهم ركعاً سجداً )) علي بن أبي طالب رضي الله عنه، (( يبتغون فضلاً منالله )) بقية العشرة المبشرين بالجنة.
وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم، قال ابن جرير : يعني من الشطء الذي أخرجه الزرع، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة، ورد الهاء والميم على معنى الشطء لا على لفظه سبحانه، ولذلك لم يقل: ((منه))


نقلا عن تفاسير القرطبي والبغوي والطبري وفتح القدير وأضواء البيان


عدة ملاحظات :


·لم تكن هناك أناجيل كاملة مترجمة للعربية في زمان بعثة محمد صلى الله عليه وسلّم .. كما أنه عليه الصلاة والسلام كان أميا لا يقرأ ولا يكتب

·رغم التحريف والتغيير والحذف والإضافة والأناجيل المتعددة المتضاربة و الترجمات المختلفة من لغة إلى أخرى لا يزال هذا المثل في الأناجيل الموجودة بين أيدي النصارى اليوم ليكون حجة عليهم

· ان النص الذي سأضعه بين أيديكم يكرر فيه المسيح عليه السلام هذا المثل على تلاميذه ثلاث مرات بثلاث صيغ مختلفة ويوصيهم بحسن الانصات والفهم دلالة على أهمية ما يخبرهم به .. الأمر الذي أدى إلى ورود هذه الأمثال في ثلاثة من الأناجيل الأربعة

· وجدت هذا النص في إنجيل مرقس قدرا بغير بحث أو عناء وبمجرد أن وجدته خطر في بالي تشابهه مع الاّية الكريمة فوجدت ذلك التطابق العجيب البديع ثم بحثت فوجدته ثابتا مؤكدا متكررا في الأناجيل الأخرى فلله الفضل من قبل ومن بعد


***

المثل في الإنجيل



إنجيل مرقس
الاصحاح الرابع



1 وَابْتَدَأَ أَيْضاً يُعَلِّمُ عِنْدَ الْبَحْرِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ عَلَى الْبَحْرِ وَالْجَمْعُ كُلُّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ عَلَى الأَرْضِ.
2 فَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيراً بِأَمْثَالٍ. وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ :

3 «اسْمَعُوا. هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ
4 وبينما هو يزرع، وقع بعض الحب على جانب الطريق، فجاءت الطيور فأكلته.
5 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى مَكَانٍ صخري حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ فَنَبَتَ على الفور إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ.
6 وَلَكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ.
7 وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَراً.
8 وبعض البذر وقع في الأرض الجيدة، فنبت ونما وأثمر، فأعطى بعضه ثلاثين ضعفا، وبعضه ستين، وبعضه مئة».
9 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!»
10 وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ عَنِ الْمَثَلِ
11 فقال لهم: ((أنتم أعطيتم سر ملكوت الله. وأما سائر الناس فكل شيء يلقى إليهم بالأمثال
12 حتى إنهم:مهما نظروا لا يبصرون،ومهما سمعوا لا يفهمون، ولا هم يتوبون فتغفر لهم خطاياهم)).
13 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَمَا تفهمون هَذَا الْمَثَلَ؟ كيف، إذا، تفهمون غيره من الأمثال؟
14 اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ كلام الله.
15 فمن كانوا بجانب الطريق حيث زرعت الكلمة، فهم الذين يسمعونها فيأتي الشيطان لوقته ويذهب بالكلمة المزروعة فيهم.
16 وَالبعض كَذَلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْصخرية: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ
17 وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ فلا يثبتون . فَبَعْدَ ذَلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ من أجل كلام الله، ارتدوا عنه في الحال.
18 وَبعضهم هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ : هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كلام الله
19 وَهُمُومُ هَذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَسائر الشهوات تَدْخُلُ قلوبهم وَتَخْنُقُ الكلمة فلا تٌثمر.
20 وبعض الناس مثل الزرع في الأَرْضِ الْطيبة : الَّذِينَ يَسْمَعُونَ يسمعون كلام الله ويقبلونه فيثمرون بعضهم ثلاثين ضعفا وبعضهم ستين، وبعضهم مئة».
21 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يُؤْتَى بِسِرَاجٍ لِيُوضَعَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ السَّرِيرِ؟ أَلَيْسَ لِيُوضَعَ عَلَى الْمَنَارَةِ؟
22 فما من خفي إلا سيظهر، وما من مكتوم إلا سيعلن.
23 من كان له أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!»
24 وَقَالَ لَهُمُ: «انْتبهوا لمَا تَسْمَعُونَ! بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ .
25 فإن من عنده يعطى المزيد، ومن ليس عنده، فحتى الذي عنده ينتزع منه».
26 وقال((مثل ملكوت الله كمثل رجل يلقي البذر في الأرض.
27 وَيَنَامُ وَيَقُومُ لَيْلاً وَنَهَاراً وَالْبِذَرُ يَنبت وَيَنْمُو وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ
28 لأَنَّ الأَرْضَ مِنْ ذَاتِهَا تَأْتِي بِثَمَرٍ. أَوَّلاً عشبا ثُمَّ سُنْبُلاً ثُمَّ قَمْحاً يملأ السُّنابل.
29 ولكن حالما ينضج الثمر، يعمل فيه المنجل إذ يكون الحصاد قد حان».

30 وَقَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللَّهِ أَوْ بِأَيِّ مَثَلٍ نُمَثِّلُهُ؟
31 مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مَتَى زُرِعَتْ فِي الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُذورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ.
32 وَلَكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ من كل الْبُقُولِ وَتَخرج أَغْصَاناً كَبِيرَةً حَتَّى تَسْتَطِيعَ طُيُورُ السَّمَاءِ أَنْ تبيت في ظِلِّهَا».

33 وَبِأَمْثَالٍ كَثِيرَةٍ مِثْلِ هَذِهِ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ حَسْبَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا




*انتهى النقل من إنجيل مرقس


***




وبالطبع طالما وجدت القصة في إنجيل مرقس .. فهي غالبا ستتكرر في إنجيل لوقا ومتى كما سنرى


**


إنجيل لوقا
الاصحاح الثامن




4 فَلَمَّا اجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ أَيْضاً مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ قَالَ بِمَثَلٍ:
5 «خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ وقع بعض الحب على جانب الطريق، فداسته الأقدام، وأكلته طيور السماء.
6 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ فَلَمَّا نَبَتَ جَفَّ لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُطُوبَةٌ.
7 وَسَقَطَ آخَرُ فِي وَسَطِ الشَّوْكِ فَنَبَتَ مَعَهُ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ.
8 وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الطيبة فَلَمَّا نَبَتَ أثمر مِئَةَ ضِعْفٍ».
قَالَ هَذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!».
9 فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَثَلُ؟».
10 فَقَالَ: «لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ وَوأما سائر الناس فأكلمهم بالأمثال: إذ أنَّهُمْ ينظرون و لاَ يُبْصِرُونَ وَيسمعون و لاَ يَفْهَمُونَ.
11 وَهَذَا هُوَ الْمَثَلُ: الزَّرْعُ هُوَ كَلاَمُ اللهِ
12 وَالَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا.
13 وَالَّذِينَ عَلَى الصَّخْرِ هُمُ الَّذِينَ مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ. وَهَؤُلاَءِ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فَيُؤْمِنُونَ إِلَى حِينٍ وَفِي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَرْتَدُّونَ.
14 وَالَّذِي سَقَطَ بَيْنَ الشَّوْكِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ثُمَّ يَذْهَبُونَ فَيَخْتَنِقُونَ مِنْ هُمُومِ الْحَيَاةِ وَغِنَاهَا وَلَذَّاتِهَا وَلاَ يُنْضِجُونَ ثَمَراً.
15 وأما الذي في الأرض الطيبة فهم الذين يسمعون الكلمة بقلب طيب كريم ويحفظونها، فيثمرون بثباتهم.
--



الاصحاح الثالث عشر


18 فَقَالَ: «مَاذَا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ اللهِ وَبِمَاذَا أُشَبِّهُهُ؟
19 يُشْبِهُ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَأَلْقَاهَا فِي بُسْتَانِهِ فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَةً كَبِيرَةً وَتَآوَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ فِي أَغْصَانِهَا».



**

ننتقل الاّن لانجيل متى ونلاحظ عدة ملاحظات يتميز بها إنجيل متى :


* كاتب إنجيل متى يخاطب اليهود فدائما ما ينقل في كلامه نبوءات من التوراة "العهد القديم" بمناسبة وبدون مناسبة
حتى لو كانت هذه النبوءات لا صلة لها بالكلام الذي يقوله بل ويقوم أحيانا باقتطاع نصوص من سياقها ودمج عبارات من هنا وهناك لتتماشى مع الموقف الذي يحكي عنه

فتراه يكثر من عبارات مثل "لتتم نبوءة اشعياء النبي" أو "ليتم ما قيل بزكريا النبي" وأحيانا لا يستطيع تحديد السفر الذي ينقل عنه فيقول "ليتم ما قيل بالأنبياء" أو "ليتم ما قيل بالنبي" وأحيانا يخطئ متى فيذكر نصا على أنه مكتوب في سفر ما .. وبمراجعة العهد القديم نجد أنه مكتوب في سفر اّخر مختلف .. وهذا دليل أن هذا الكلام ليس كله وحيا معصوما

* نلاحظ أيضا أن كاتب انجيل متى دائما ما يضيف تفاصيل على القصص التي يرويها أكثر من التفاصيل التي يذكرها لوقا أو مرقس وهو من باب الفانتازيا والمبالغة الملحوظة بوضوح في انجيل متى .. فإذا حكى موقفا حضره شخصان .. يجعلهما إنجيل متى ثلاثة .. وإذا ركب المسيح حمارا .. إذا بكاتب الإنجيل يذكر أن المسيح كان راكبا على حمار وجحش !!

* المثل المضروب في إنجيل متى يتضمن الحديث عن الفرق بين زرع الزارع "القمح" وزرع عدوه "الزوان الضار" وسط القمح وكيف أن الزارع ترك القمح مع الزوان حتى إذا نضج الجميع أخذ الزوان فحرقه ... "ليغيظ بهم الكفار"

فأصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم وأتباعه يزدادون وينتشرون ويقوون ويثمرون وعدوهم يحترق غيظا ويذهب هباءاً بفضل الله

ويذكرنا هذا المثل بالمثل الذي ضربه الله عز وجل للشجرة الطيبة والشجرة الخبيثة في سورة إبراهيم , الاّيات 24 - 27




إنجيل متى
الاصحاح الثالث عشر



1 فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبَحْرِ
2 فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ. وَالْجَمْعُ كُلُّهُ وَقَفَ عَلَى الشَّاطِئِ.
3 فَكَلَّمَهُمْ كَثِيراً بِأَمْثَالٍ قَائِلاً: «هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ
4 وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ وقع بعض الحب على جانب الطريق فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ.
5 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى أرض صخرية حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ.
6 وَلَكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ.
7 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الشَّوْكِ فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ.
8 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الطيبة فأثمر بَعْضه مِئَةً ضعف وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ.
9 مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ»
10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَالٍ؟»
11 فَأَجَابَ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ و أما أولئك، فلم يعط لهم ذلك.
12 فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَحتى الَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ.
13 لهذا السبب أكلمهم بأمثال: فهم ينظرون دون أن يبصروا، ويسمعون دون أن يفهموا.
14 ففيهم قد تمت نبوءة إشعياء حيث يقول: سمعا تسمعون ولا تفهمون، ونظرا تنظرون ولا تبصرون.
15 لأَنَّ قَلْبَ هَذَا الشَّعْبِ قَدْ غَلُظَ وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ لِئَلَّا يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ وَيَرْجِعُوا إليّ فَأَشْفِيَهُمْ.
16 وَلَكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ وَلِآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ.
17 فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَاراً كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا.
18 «فَاسْمَعُوا أَنْتُمْ مَثَلَ الزَّارِعِ:
19 كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هَذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ.
20 وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ
21 وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ فلا يثبت على حالة. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ تعثر في الحال.
22 وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَهموم هذه الدنيا وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ.
23 وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى لأَرْضِ الْطيبة فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَيثمر بَعْضه مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ».
24 قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً زَرَعَ زَرْعاً جَيِّداً فِي حَقْلِهِ.
25 وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُّوُهُ وَزَرَعَ زَوَاناً فِي وَسَطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى.
26 فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَراً حِينَئِذٍ ظَهَرَ الزَّوَانُ أَيْضاً.
27 فَجَاءَ خدام رَبِّ الْبَيْتِ وَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ أَلَيْسَ زَرْعاً جَيِّداً زَرَعْتَ فِي حَقْلِكَ؟ فَمِنْ أَيْنَ جاء الزَوَانٌ؟.
28 فَقَالَ لَهُمْ: إِنْسَانٌ عَدُوٌّ فَعَلَ هَذَا فَقَالَ لَهُ الْعَبِيدُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَهُ؟
29 فَقَالَ: لاَ ! لِئَلَّا تَقْلَعُوا الْحِنْطَةَ مَعَ الزَّوَانِ وَأَنْتُمْ تَجْمَعُونَهُ.
30 دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعاً إِلَى الْحَصَادِ وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَماً لِيُحْرَقَ وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَنِي ».

31 قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ
32 وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُذورِ. وَلَكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ وَتَصِيرُ شَجَرَةً حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا».




**


وأختم بتوضيح أمر هام


إذ قد يقول قائل إن المسيح في الأمثال السابقة .. يعطي مثلا ل"ملكوت الله" وليس مثلا عن أمة النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه


فنقول إذا هيا بنا لننظر في عبارة أخرى من أقوال المسيح لليهود تبين لنا معنى "ملكوت الله" وتؤكد على الأمثال السابقة :


إنجيل متى
الاصحاح 21
العدد 43

لذلك اقول لكم ان ملكوت الله يُنزع منكم ويعطى لأمة تثمر أثماره

**

ومن هنا نفهم أن المقصود ب "ملكوت الله" هو خلافة الله في الأرض .. التي تنزع من بني إسرائيل وتعطى لأمة أخرى تطبق شرع الله ويثمر على أيديهم كما بشر المسيح عليه السلام
فهذه الأمثال جميعها هي عن الذين يستخلفهم الله في الأرض ويقيموا "مملكة الله" وفق شرع الله ومنهجه وهم "محمد رسول الله والذين معه"

وهذا واحد من المعاني التي وردت في الأناجيل لكلمة ملكوت الله ومن هذه المعاني أيضا :
* قد يقصد بملكوت الله : الجنة والنعيم الذي يناله المؤمنون
* وأحيانا يقصد به : يوم القيامة أو يوم الدينونة والحساب
* وأحيانا يقصد به خلافة الله في الأرض والقيام على أمره كما هو وارد في النصوص السابقة


وتعالوا نقرأ المثل الذي فيه هذا النص كاملا لنعلم كيف تكلم المسيح عن أمة محمد صلى الله عليه وسلّم


إنجيل متى
الاصحاح21

33 «اسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ : كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْماً وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجاً وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ.
34 وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ ليأخذوا ثمره .
35 فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً.
36 ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ ..
40 فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟»
41 قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا».
42 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟
43 لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تثمر أَثْمَارَهُ.
44 وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».
45 وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ.
46 وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ


***

طبعا المثل مفهوم و واضح جدا ولكن دعونا نوضحه أكثر وباختصار فنقول :

إن المسيح عليه السلام يخبر تلاميذه واليهود الحاضرين بمثال عن بني إسرائيل الذين جعلهم الله خلفاء الأرض التي خلقها وهيأها .. وكلما أرسل الله عز وجل إليهم الأنبياء يُذكِّرونهم بحق الله عليهم إذا باليهود يعذبون الأنبياء , يرجمون بعضهم ويقتلون بعضهم , فكان لا بد أن ينزع الله خلافة الأرض من أيديهم ويعطيها لأمة تعمل وتُقدر الله حق قدره .. أمةٌ تجعل منهج الله وشريعته واقعا يثمر في الأرض

وبعد أن أوضح لهم المسيح المثل عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم وأمته

يأتي لهم بمثل عن هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .. ففي العدد 42 السابق ذكره نجد مثلا مطابقا يحكيه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلّم عن نفسه فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال "إن مثلي و مثل الأنبياء من قبلي ، كمثل رجل بنى بيتا ، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين"

فأي مثل أوضح من هذا لقوم يتفكرون

ثم يخبرهم المسيح بالمزيد من صفات هذا الحجر أو هذه اللبنة فيقول لهم إن من يريد الشر بهذا الحجر فإن الشر يرتد عليه ويصيبه "وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ" ونرى كيف رد الله كيد الكافرين والمنافقين واليهود ضد محمد صلى الله عليه وسلّم إذ ارتد كيدهم في نحورهم

ثم يخبر المسيح عن صفة أخرى من صفات رسول الله الذي سحق قريشا واليهود وثقيفا وغيرها من قبائل العرب ثم سحق أتباعه امبراطوريات الرومان والفرس وغيرها في أقاصي الأرض .. فيقول المسيح عليه السلام "وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ"



** دليل اّخر على أن المسيح قد بشر بمملكة لله على الأرض وليس فقط في السماء أو في الجنة .. الدليل نجده في الصلاة الربانية التي يجب أن يصليها كل مسيحي بشكل يومي والواردة في انجيل لوقا 11 : 2 و إنجيل متى 6 : 10

"فقال لهم متى صلّيتم فقولوا ابانا الذي في السموات , ليتقدس اسمك ليأت ملكوتك , لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض"

He said to them, "When you pray, say, 'Our Father in heaven, May your name be kept holy. May your kingdom come. May your will be done on Earth, as it is in heaven




"قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ " سورة الانعام 149

------------------------
* ملحوظة : النصوص الإنجيلية العربية الواردة في الموضوع مأخوذة من أكثر الترجمات العربية انتشارا "الفانديك , اليسوعية , كتاب الحياة , الأخبار السارة"

منقول من منتدى قصة الإسلام