نقلاً عن صحيفة “الاتحاد” الاماراتية
قبل أيام شاهدت تقريراً في إحدى قنوات التلفزيون العربية يتحدث عن موضوع الغزو التبشيري الذي أخذ يتحرك بشدة في المنطقة العربية.
وما أقلقني في هذا التقرير أن التمدد التبشيري الذي أصبح يتحرك اليوم تحت أقنعة خفية عديدة ومختلفة، أهمها ستار الجمعيات الخيرية والخدمة الاجتماعية والتعليم والثقافة والإعلام… أخذ أبعاداً سياسية خطيرة لأن هدفه الأساسي هو التصدي للإسلام وخدمة المصالح الغربية والصهيونية في المنطقة، وهذا ما يجب أن نلتفت إليه جيداً، خاصة بعد أن أعلن الفاتيكان صراحة في الوثيقة التي أرسلها للأزهر الشريف، أن التبشير بالإنجيل واجب وحق وتعبير عن حرية الأديان، بل هو ضرورة، وأن المسيحية دائماً متداخلة مع تنصير غير المسيحيين أياً كان الثمن. وأهمية هذه الوثيقة كونها تأتي استكمالاً للوثيقة التي أعدتها مجموعة من رجال الدين المسيحي الأميركيين بعنوان وثيقة “الحقوق الدينية”، والتي تبين بعد أنها وثيقة للتنصير. وتندرج في نفس المسار دعوة “جودون شويل روجرزالأمين العام للتحالف الإنجيلي لتنصير المسلمين في أوروبا، إذ اعتبر أن هجرتهم إلى هناك “فرصة تنصيرية مهمة”.
ومن يدقق على مضامين تلك الوثائق والدعوات والتصريحات، يجد أنها تتوافق تماماً مع استراتيجية البابا يوحنا بولس الثاني التي أعلن عنها في خطابه عام 1982 والتي طالب فيها صراحة بضرورةإعادة تنصير العالم“، وضمّنها الكثير من التفاصيل والخطط، أخطرها سياسة التصدي للمد الإسلامي واقتلاعه من جذوره، وأيضاً تحذيرات سكرتير البابا الحالي بخصوص الخوف من “أسلمة” أوروبا، والتي انطلقت من دراسة أعدها “دانيل بابين” وصدرت عن مركز السياسات اليهودية التابع للائتلاف الجمهوري الأميركي، والتي حذرت الغرب من تزايد أعداد المسلمين في أوروبا، باعتبار أن ذلك سوف يعمل على تحول أوروبا إلى قارة مسلمة!
إن الدين ليس هو الهدف، ولو كان هذا التوجه التنصيري الذي يتحرك في عالمنا العربي والإسلامي، يصب في إطار الدعوة الدينية، كما تشير هذه الوثائق والاستراتيجيات والدعوات، لاتجهوا إلى أوروبا وأميركا حيث يوجد هناك ملايين من غير المتدينين. وحسب الإحصائيات فإن عدد الملحدين في العالم يتجاوز 150 مليوناً، وعدد غير المتدينين يتجاوز 775 مليوناً، وعدد الوثنيين يتجاوز 95 مليوناً… فلماذا لا تتجه الحركات التبشيرية إلى هؤلاء بل تركز نشاطها بقوة على بلاد المسلمين وتلاحق بعضهم حيث يعيشون في الغرب؟
وزير الأوقاف الجزائري كان واضحاً في هذا الأمر عندما تحدث عن النشاط التبشيري في الجزائر، حيث أصبح يتغلغل بقوة، لاسيما في مناطق بعينها. وقال الوزير إن القساوسة لم يدخلوا الجزائر حباً فيها ولا محبة في المسيحية، إن هؤلاء يشنون هجمة تبشيرية شرسة على الجزائر بغية الاستفادة من حماية فرنسا… إن التبشيريين في الجزائر يسعون لتشكيل أقلية دينية تعطي مبرراً لتدخلٍ خارجي في الشأن الداخلي الجزائري، باسم حماية الأقليات.
ذلك التوجه السياسي التنصيري في الجزائر يتوافق تماماً مع مضمون القرار الأردني بطرد 40 فرقة تبشيرية كانت تعمل في الأردن منذ سنوات تحت غطاء الجمعيات الخيرية، لكن تبين بعد ذلك أن هدفها الأساسي هو خدمة المصالح الصهيونية والأميركية في المنطقة، وإحداث فتنة بين كنائس الشرق.
لهذا يرى أحد المفكرين المصريين أن عمليات التنصير في مصر، تمثل اعتداءً على الإسلام، لاسيما أن هناك أشخاصا يغيرون بطاقات المتنصرين بأسماء مسيحية جديدة ويستخرجون لهم جوازات سفر ويقومون بتسفيرهم إلى قبرص ومن هناك إلى كندا وأميركا واستراليا ونيوزيلندا، وهو أمر قاله صراحة أحد المتنصرين لإحدى الصحف المصرية الصادرة يوم 28/1/2008، معترفاً بأن السفارات الإيطالية والفرنسية والأميركية استخرجت له أوراق “لجوء ديني”… فهل ننتبه لهذا المخطط الذي تحركه أياد خفية من الخارج.
منقول عن موقع قناة العربية