الحمد لله الذي شرف الدنيا بخير خلقه زعيم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين .أشهد ألا إله إلا الله {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ } وأشهد أن محمدا رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده , صلوات الله وسلمه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهدية واتبع طريقته وسار على نهجه إلى يوم الدين وبعد : روي عن علي بن الحسين أنه كان يقول: "كنا نُعَلَّم أبنأنا مغازي رسول الله كما نُعَلَّم السورة من القرآن" وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان أبي يعلمنا المغازي والسرايا ويقول: يا بني إنها شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها. وقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله عليه السلام فقالت (كان خلقه القرآن ) , والآن تهب هجمة شرسة ضد سيدنا محمد كان لزاما على المسلمين بل على المنصفين من أي دين كانوا أن يقفوا أمام سيرته ودعوته وقفه الإجلال والتعظيم , والتكريم والتوقير , والمدارسة والعبرة والعظة والتذكرة وفى ذلك هدى لهم ونور وصدق الله العظيم إذ يقول :{ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} لقد شرف شهر ربيع الأول بميلاد السراج المنير محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامة عليه فبدد ظلام الدنيا وأشرقت الأرض بنور ربها وها هو العباس رضي الله عنه يقول فيه :-
وَأَنتَ لَمّا وُلِدتَ أَشرَقَتِ ال أَرضُ وَضاءَت بِنورِكَ الأُفُقُ
- سورة الجمعة2
- مرويات الإمام الزهري في المغازي (1/ 10) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (4/ 10) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/195، والبداية والنهاية 3/242.
- مدخل لفهم السيرة (ص: 4)الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/195).
-(صحيح) الجامع الصغير وزيادته (ص: 895)قال الشيخ الألباني : ( صحيح ).
- سورة المائدة 15-16
فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وفِي النُّورِ ، وَسُبُلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ
ويقول أمير الشعراء شوقي رحمه الله :-
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
ولقد ولد رسول الله من أبوين كريمين وخرج من رحم طاهر ومن نسب شريف .والنبي يقول : (خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء ) ونسبه ينتهي إلى أبى الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة وأزكى السلام,وأصله ثابت قوي على مدى الأزمنة والعصور فهو يقول :[ إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ] ورحم الله الإمام البوصيرى إذ يقول في همزيته
نَسَبٌ تَحسِبُ العُلا بِحُلاهُ قَلَّدَتْهَا نجومهَا الْجَوزاءُ
حبذا عِقْدُ سُؤْدُدٍ وَفَخَارٍ أنتَ فيه اليتيمةُ العصماءُ
وحين نذكر محمدا نذكر الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة لقد حمل رسالة أثقل من السماء والأرض حيث قال تعالى له {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } وقد أمره الله بتبليغ رسالته حين اشتد عوده وكمل نضجه وصنعه الله على عينيه واصطفاه من بين خلقه فقال له {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } وقد استجاب لأمر ربه فصدع بأمره وبدأ يعلن رسالة الحق بتوحيد الله ونبذ عباده الأصنام أيا كان نوعها وشكلها وقد تسبب له في ذلك أن دخل دور التجربة والإمتحان فتعرض للتنكيل والتعذيب والإيذاء والتكذيب لقد ضحى رسول الله وتعب وناضل من أجل الإنسانية وهدايتها وسعادتها بكل شيء , فقد وضعت في طريقه الأشواك , وألقيت على بابه الأقذار , ونثر التراب على وجهه الشريف , وقذف بالحجارة
- المقتفى من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم (ص: 4) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/ 168) الخصائص الكبرى (1/ 67) دلائل النبوة للبيهقي (5/ 354، بترقيم الشاملة آليا)
-(حسن) إسناده حسن في المتابعات والشواهد رجاله ثقات وصدوقيين عدا محمد بن جعفر الهاشمي وهو مقبولأورده ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم 4210، وأورده البوصيري في إتحاف الخيرة حديث رقم 8476، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف حديث رقم 13273، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (ج7:ص406)، وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط حديث رقم 4728، وأخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل بين الرواي والواعي (ج1:ص470)، وأخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث (ج1:ص170)، وأخرجه عبد الرزاق في التفسير حديث رقم 1147، وأخرجه الطبري في تفسيره (ج12:ص97)، وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة حديث رقم 14، وأخرجه ابن سعد في الطبقات (ج1:ص26)، وأخرجه السهمي في تاريخ جرجان (ج1:ص359)،(ج1:ص361.
-(صحيح) أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 2279، وأخرجه الترمذي في جامعه حديث رقم 3606، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (ج14:ص135)،6333،(ج14:ص392.
- سورة المزمل5,
- سورة الحجر94
والحصى حتى سال الدم من قدميه الشريفتين , ورمي بالنبال حتى جرح وجهه , وسقط بعض أسنانه , ودخلت قطع من الحديد في وجنته , وألقيت أرذل الجزور وهو ساجد , وسمي من أعدائه مذموما وهو محمد وأحمد المحمود في الأرض وفى السماء .وقيل عنه كاهن , وساحر , وشاعر , ومجنون وهو خير الخلق وصفي الخالق وهو مع ذلك كله صبر وصابر , حتى بلغ الرسالة , وأدى الأمانة , وترك الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .إن محمداً يطالبنا بصادق الاستجابة لكريم النداء بالعمل والاستقامة والنقاء قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } إنه ما ترك أمرا من أمور الخير الأصيل إلا دعا إليه وحث عليه وما ترك بابا من أبواب الشر والفساد إلا حذرنا منه ونهانا عنه , وما كان رسول الله إلا محرراً للمكان والزمان , والإنسان من كل ضلال وبهتان , وما كان إلا الرحمة المهداة إلى هذه الحياة وما كان إلا النعمة والهناء لأولئك الأحياء , لقد أرشد إلى طريق الطهر والتطهر وحث على الشرف والفضيلة , وحذر من المنكر والرزيلة ولذلك كان يفتتح الصلوات بتلك الدعوات قائلا : (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد) وليس وراء ذلك الدعاء إلا حرصه على تجنب المأثم والسيئات وقد علم محمد قومه بتوجيه ربه الكريم , وتأديبه الحكيم أن يكونوا على المبدأ ثابتين , وبالعقيدة متمسكين , وعن المغريات مترفعين , فلا يساومون على دينهم أو مبدئهم , ولا يقبلون في عقيدتهم تهاونا أو تفريطا ولو أدى ذلك إلى مصلحة دانية أو نائية واعترض رسول الله فيما بلغني وهو يطوف عند باب الكعبة .الأسود بن المطلب والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل فقالوا : يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد
- ( الجزور ) ما يصلح لأن يذبح من الإبل ( ولفظه أنثى ) يقال للبعير هذه جزور سمينة ( ج ) جزائر وجزر(المعجم الوسيط (1/ 120).
- سورة الأنفال24.
- الدنس محركة : الوسخ(القاموس المحيط (ص: 704)
- (صحيح) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم 744، وأخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 601.
فنشترك نحن وأنت في الأمر ثم نزل القرار الحازم الفاصل ليتلوه عليهم من ربه :{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ( 1-6سورة الكافرون ) .وهذه الآيات براءة من الشرك كما رواه الإمام أحمد عن النبي كان يعلم الناس إذا آووا إلى فراشهم أن يقرؤها وقال :إنها براءة من الشرك (احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن فحشد من حشد ثم خرج نبي الله فقرأ :( قل هو الله أحد ألا إنها تعدل ثلث القرآن ) .وعلم النبي أن يؤثروا رضا الله على رضا الناس , وأن يثقوا بنصرة الرحمن حين يستعلي جبروت الشيطان , وأن يشدوا أصرتهم بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها حين تتزلزل الأقدام , وتتبلبل الأفهام فإذا سلم الارتباط بالله فما دونه هباء وصدق من يناجى ربه :
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود يا غاية المنى فكل الذي فوق التراب تراب
لقد بلغ الكفر مداه مع رسول في إيذائه وانتهى بهتان المجرمين معه إلى منتهاه فلم يسخط ولم يقنط , ولم يفكر إلا في رضا الله عز وجل فيناجى ربه يوم أصابه من ثقيف حين سلطوا عليه صبيانهم وعبيدهم يسبونه ويرجمونه بالحجارة حتى يسال الدم من عقبيه الشريفتين إنه يضرع إلى ربه قائلا :(اللهم إنّي أشكو إليك ضعف قوّتي، وقلة حيلتي، وهواني على النّاس، أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي، إلى مَن تكلني ؟ إلى بعيدٍ يتجهمنِي ، أو إلى عدوٍّ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة أن يحلّ عليَّ غضبك، أو ينْزل بي سخطك. لك العُتْبَى حتى ترضى. ولا حول ولا قوّة إلاّ بك ) .وروي أن النبي لما
- صحيح السيرة النبوية (ص: 202)
-(صحيح) السلسلة الصحيحة - مختصرة (10/ 215) ( 3978 ) ( الصحيحة )
- ( أصره )أصر عقده وشده ولواه وعطفه وحبسه ويقال أصره عنه(المعجم الوسيط (1/ 19)
- ( العروة ) من الثوب مدخل زره وما يستمسك به ويعتصم(المعجم الوسيط (2/ 597)
-( وثق ) الشيء ( يوثق ) وثاقة قوي وثبت وصار محكما وفلان أخذ بالوثيقة في أمره بالثقة فهو وثيق ( ج ) وثاق وهي وثيقة ( ج ) وثاق( المعجم الوسيط (2/ 1011)
-( انفصم ) الشيء انكسر من غير فصل والعقدة انحلت والعروة انقطعت وفي التنزيل العزيز ) فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ( وظهره انصدع والدرة انصدعت ناحية منها والمطر انقطع وأقلع (المعجم الوسيط (2/ 692)
- أي لا تتركني ولا إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ(مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح (8/ 430، بترقيم الشاملة آليا)
- ( جهم ) جهامة وجهومة صار عابس الوجه كريهه ويقال جهم وجهه فهو جهم وجهيم(المعجم الوسيط (1/ 144)
- العتبى أي الرضا عنه( شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (10/ 280)
- (حسن) جامع الأحاديث (6/ 155)أخرجه الطبرانى كما فى مجمع الزوائد (6/35) قال الهيثمى (6/35) : فيه ابن إسحاق ، وهو مدلس ثقة ، وبقية رجاله ثقات . وأخرجه أيضًا : ابن عدى (6/111 ، ترجمة 1623 محمد بن إسحاق بن يسار) وقال : هذا حديث أبى صالح الراسبى لم نسمع أن أحدا حدث بهذا الحديث غيره ولم نكتبه إلا عنه . والضياء من طريق الطبرانى (9/179 ، رقم 162) . أخرجه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي حديث رقم 1901، وأخرجه الطبري في التاريخ حديث رقم 464، وأخرجه سليمان بن أحمد الطبراني في الدعاء للطبراني حديث رقم 1036، وأخرجه عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة في الرقة والبكاء لابن قدامة حديث رقم 14.
كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه شقا شديدا وقالوا لو دعوت عليهم فقال (إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) وأتى جبريل برسالة من الله جل ذكره، وقال: إن الله أمرني أن أطيعك في قومك لما صنعوه معك، فقال عليه الصلاة والسلام: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" فقال جبريل: صدق من سماك الرءوف الرحيم. حيث قال : {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } .ولا نستطيع أن نستقصى شمائل الرسول وأخلاقه وإنما جزء يسير من أسفار ضخمة تعجز عن الإحاطة بخلقه وأسوته وسلوكه وقدوته.أما دعوته ورسالته فهي رسالة أكبر من السماء والأرض والله يقول له {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } , وهى امتداد لدعوة إبراهيم الخليل عليه السلام : {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } .امتدت رسالة محمد طولا من لدن آدم إلى أن يبعث الناس , وعرضا من مشرق الأرض إلى مغربها , وعمقا حتى شملت الإنس والجن وصدق الله العظيم إذ يقول :{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } , وقوله تعالى :{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } , وقوله تعالى :{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } ,
- رباعيته بتخفيف الياء وهي السن التي تلي الثنية من كل جانب وللإنسان أربع رباعيات(الديباج على مسلم (4/ 401)
-الشَّجّ: كَسْرُ الرَّأْس. وبَيْنَهم شِجَاجٌ. ويُقال: شَجَّه يَشُجُّه ويَشِجُّه. والشَّجَجُ: أثَرُ شَجَّةٍ في الجَبِين (المحيط في اللغة (2/ 75، بترقيم الشاملة آليا)
- الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/ 105) الرحيق المختوم (ص: 238) نور اليقين في سيرة سيد المرسلين (ص: 52)
- الروض الأنف (2/ 223) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/ 105) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (1/ 481)
- نور اليقين في سيرة سيد المرسلين - الرقمية (ص: 52)
- سورة التوبة128
- سورة المزمل5
- سورة النحل123
- سورة سبأ28
- سورة الأنبياء107
- سورة الأعراف158
وقوله تعالى :{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } وقد أخذ الله العهد والميثاق على الأنبياء السابقين بأن يؤازروه وينصروه وأشهدهم على ذلك وآزر شهادتهم بشهادته وبأن يوصوا إلى أتباعهم بالإيمان بمحمد وأتباعه قال تعالى : {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ } وعن جابر عن النبي حين أتاه عمر فقال إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال : " أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي ") وبين آصرة الأخوة التي بينه وبين السابقين له من الأنبياء , ووحدة الرسالة بقول الله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } .وقول النبي فيما رواه الشيخان :(مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه ترك منه موضع لبنة فطاف النظار يتعجبون من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة فكنت أنا سددت موضع اللبنة ختم بي البنيان وختم بي الرسل " . وفي رواية : " فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين) .ورضي الله عن الإمام البوصيري إذ يقول في بردته : -
وَكلُّ آيٍ أتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها فإنما اتَّصَلَتْ مِنْ نُورِهِ بهِمِ
فإنَّه فَضْلٍ شّمْسُ هُمْ كَواكِبُها يُظْهِرْنَ أَنْوَارَها للناسِ في الظُّلَمِ
هذه الرسالة حملت لنا الإيمان بالله {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ } . أن الله تعالى ليس مادة تفنى وتزول , وليس متعددا فإن التعدد تركيب ويختلف في
- سورة الفرقان1
- ( آزر ) الزرع مؤازرة أزر وفلانا عاونه والشيء ساواه وحاذاه(المعجم الوسيط (1/ 15)
- آل عمران81
- " أمتهوكون " أي : متحيرون أنتم في الإسلام ، لا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى(شرح السنة ـ للإمام البغوى متنا وشرحا (1/ 271).
-(حسن) رواه أحمد والبيهقي في كتاب شعب الإيمان مشكاة المصابيح (1/ 38) 177 - [ 38 ]
- سورة الأنبياء25
-(صحيح) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم 3535، وأخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 2289.
- سورة الانفطار7-8
الصفات والخلق , وليس أبا ولا أبنا , فإن الأبوة والبنوة تجزئة وانفصال قال تعالى : {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } وقوله :{فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } وقوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) .ومن رحمة الله بنا أنه احتجب عنا بذاته لأن أبصارنا لها حد محدود في الرؤية لا تتجاوزها ورؤية الله في الدنيا يكون مشابها للحوادث فيكون مادة وهذا مستحيل عليه بل إن طاقتنا البشرية لا تتحمل ذلك فإن بعض المواد المادية , أو القنابل النووية وهى مادية لا نتحمل أثرها فينا فكيف برؤية خالق الكون سبحانه وتعالى وصدق الله العظيم إذ يقول : {ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ.لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} .وقد طلب موسى عليه السلام من قبل أن يرى الله سبحانه وتعالى . ربط رؤيته لله باستقرار الجبل حين تجلى الله عليه والجبل أقوى مرارا من الإنسان وأصلب صلدا منه وها هو القرآن الكريم يحكى لنا قصة طلب موسى لرؤية الله فقال على لسانه :{ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } .ولو كان موسى على الجبل لهلك واختفى كما اختفى الجبل من الوجود .ووضع محمد نظام الأسرة حيث يقوم على أساس العلاقة الوثيقة بين الزوجين القائمة على السكن والرحمة والمودة وجعل هذا الترابط بين الزوجين آية من آيات الله الدالة على وحدانيته ورحمتة قال تعالى :{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } .ووضع قواعد الوحدة الإنسانية بين البشر جميعا على اختلاف أجناسهم وألوانهم فلم يلحظ فيها الفوارق القومية ولا الحدود الجغرافية , ولا العصبية الجنسية
- سورة المؤمنون91
- سورة الشورى11
- سورة الإخلاص :1-4
- سورة الأنعام 102 – 103
- سورة الأعراف143
- سورة الروم21

في اللون والدم والقبيلة , ولكن دعمها على أساس النسب الأول , والأصل الواحد المشترك ورفعها إلى آدم وحواء وخاطب بها الناس على أنهم في ذلك أكفاء وصدق الله العظيم إذ يقول : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } فقضى على الفوارق بين الناس وألا نفاضل بينهم إلا بالتقوى وبما يقدمه الإنسان للمجتمع من خير وفضل ففي خطبة الوداع التي قرر النبي فيها حقوق الإنسان قال : (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا أبيض على أسود ولا أسود على أبيض إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب) ويقول ( من قتل تحت راية عمية ؛ يدعو عصبية أو ينصر عصبية ؛ فقتلته جاهلية ) وقال (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم) .وقد أعطى محمد للمرآة حقها كاملا بما لم تحلم به ماضيا وحاضرا ومستقبلا فلم ينقصها حقها في أقضية تجول بخاطرها , بل ولا في خيال تتخيله وعلى الذين يتباكون على حقوق المرأة أن يدرسوا المرأة قبل الإسلام ماذا كان مصيرها لقد كانت في الجاهلية متاعا يورث , وصبية في الصين , وأمة في الهند لا يعترف بإنسانيتها , ومجهولة القدر في أوروبا ولم يكن لها معين ولا نصير فجاء محمد فاعترف بكيانها وحقوقها , وأقر قرابتها ورحمها أما فاضلة , وبنتا رحيمة , وزوجة كريمة , وأختا بارة .فأما الأم فقد أوصى الرسول لها بثلاثة أضعاف الأب في الصحبة(فعن أبي هريرة قال : قال رجل : يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي ؟ قال : " أمك " . قال : ثم من ؟ قال : " أمك " . قال : ثم من ؟ قال " أمك " . قال : ثم من ؟ قال : " أبوك " . وفي رواية قال : " أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم أدناك أدناك)

- سورة النساء1
-(صحيح) أخرجه أحمد في مسنده حديث رقم 22977، وأخرجه ابن المبارك في مسنده حديث رقم 239، وأخرجه أبو حفص السهروردي في مشيخة السهروردي حديث رقم 24، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان حديث رقم 5137، وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في التوبيخ والتنبيه حديث رقم 245.
- عمية من قوم عمين والأخبار والأمور عنه وعليه خفيت والتبست(المعجم الوسيط (2/ 629)
-(صحيح) أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 1852، وأورده البوصيري في إتحاف الخيرة حديث رقم 6033.
0(صحيح) رواه أبو داود والنسائي مشكاة المصابيح (2/ 290) 3475 - [ 30 ] ( صحيح ).
-(صحيح) مشكاة المصابيح (3/ 65) 4911 - [ 1 ] ( متفق عليه )

وأما أختا وبنتا , فقد قال النبي (من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو أختين أو ثلاث أخوات حتى يمتن ( وفي رواية : يبن وفي أخرى : يبلغن ) أو يموت عنهن؛ كنت أنا وهو كهاتين وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى) ونهى الإسلام عن وأدهن والذي كان شائعا بين العرب قال تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) وقال في سورة النحل : {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} .وأما كونها زوجة فقد أمر الإسلام بإحسان العشرة لها ولطف المعاملة معها فقال سبحانه:(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) , وقال في بيان الحقوق لها وما عليها : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ويوصي النبي الرجال بالنساء خيرا فيقول : (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله) ويقول (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم ) .وأعطى النساء حق الميراث بعد حرمانهن فقال سبحانه : {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } ويقول النبي : (استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا ) ويقول (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره واستوصوا بالنساء خيرا )

-(صحيح) أخرجه أحمد في مسنده حديث رقم 12089.
- سورة التكوير 8 – 9
- سورة النحل 58 -59
- سورة النساء 19
- سورة البقرة – 228
-(صحيح) أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 1219، وأخرجه ابن حبان في صحيحه حديث رقم 1457,3944، وأورده البوصيري في إتحاف الخيرة حديث رقم 7911، وأخرجه ابن حزم الظاهري في حجة الوداع لابن حزم حديث رقم 88.
-(صحيح) أخرجه الترمذي في جامعه حديث رقم 1162، وأخرجه الطوسي في مختصر الأحكام حديث رقم 1054، وأورده البوصيري في إتحاف الخيرة حديث رقم 7026، وأورده الهيثمي في بغية الباحث حديث رقم 812، وأخرجه ابن بطة في الإبانة حديث رقم 433، وأخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة حديث رقم 1612، وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار حديث رقم 4431، وأخرجه ابن أبي الدنيا في العيال حديث رقم 471، وأخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة حديث رقم 452.
- سورة النساء7
- (صحيح) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم 5186، وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده حديث رقم 214، وأخرجه ابن ابي شيبة في مسنده حديث رقم 562، وأخرجه البغوي في شرح السنة حديث رقم 2332، وأخرجه هناد في الزهد حديث رقم 493.
- (صحيح) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم 5186، وأخرجه البغوي في شرح السنة حديث رقم 2332.

ويقول في حجه الوداع ( واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا وإن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وإن حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) ولقد حث النبي أمته على نظافة القلب من الغش والحقد والحسد وعلى نظافة البدن والمكان والله تعالى يقول :{ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} .أما نظافة القلب فعن أنس بن مالك قال: كنا جلوسا مع رسول الله فقال: " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " فطلع رجل من الأنصار، تنظيف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد، قال النبي ، مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى . فلما كان اليوم الثالث، قال النبي ، مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت ؟ قال: نعم . قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر . قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحقر عمله، قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرار: " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدي به، فلم أرك
-(صحيح) أخرجه الترمذي في جامعه حديث رقم 1163,3087، وأخرجه النسائي في السنن الكبرى حديث رقم 9124.
- سورة البقرة 222
تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ، فقال: ما هو إلا ما رأيت . قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه . فقال عبد الله هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق) وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قيل يا رسول الله أي الناس أفضل قال كل مخموم القلب صدوق اللسان قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب قال هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد ) ويقول(لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا) وأما نظافة البدن والثوب والمكان فإن الله تعالى يقول :(وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) .ولقول النبي :(إسباغ الوضوء شطر الإيمان) ويقول (الطهور شطر الإيمان) ويقول(من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغسل وتطهر فأحسن الطهور ولبس من أحسن ثيابه ومس ما كتب الله له من طيب أو دهن أهله ثم أتى المسجد فلم يلغ ولم يفرق بين اثنين غفر الله له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ) .ويقول( إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء) وروى أن النبي قال : (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قيل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال : إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس)
-(صحيح) أخرجه أحمد في مسنده حديث رقم 12286، وأخرجه ابن المبارك في مسنده حديث رقم 1، وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (ج6:ص121.
- مخموم القلب قال هو النقي أي نقي القلب وطاهر الباطن عن محبة غير المولى(مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (15/ 119).
-(صحيح) أخرجه ابن ماجه في سننه حديث رقم 4216، وأخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق حديث رقم 760.
-(صحيح) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير حديث رقم 8157.
- سورة المدثر 4
- إسباغ الوضوء، وهو إتمامه وإبلاغه مواضعه الشرعية كالثوب السابغ المُغطي للبدن كله(اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى (ص: 4، بترقيم الشاملة آليا)
-(صحيح) أخرجه النسائي في سننه حديث رقم 2427، وأخرجه ابن ماجه في سننه حديث رقم 280، وأخرجه ابن حبان في صحيحه حديث رقم 844، وأخرجه أبو عوانة في مسنده حديث رقم 601، وأخرجه النسائي في السنن الكبرى حديث رقم 2229، وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين حديث رقم 2874، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان حديث رقم 2719، وأخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة حديث رقم 437.
-(صحيح) أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 226، وأخرجه أحمد في مسنده حديث رقم 22393,22400،.
-(صحيح) أخرجه أحمد في مسنده حديث رقم 21028، وأخرجه ابن خزيمة في صحيح ابن خزيمة حديث رقم 1707، وأخرجه الحميدي في مسنده حديث رقم 138، وأخرجه البزار في البحر الزخار حديث رقم 438، وأورده ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم 717، وأورده الهيثمي في بغية الباحث حديث رقم 68، وأخرجه عبد بن حميد في مسنده حديث رقم 901، وأخرجه نور الدين الهيثمي في كشف الأستار حديث رقم 632.
-(صحيح) أخرجه أبو داود في سننه حديث رقم 96، وأخرجه الحاكم في المستدرك (ج1:ص162)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى(ج1:ص196)، وأخرجه البغوي في معالم التنزيل حديث رقم 537، وأخرجه البيهقي في الدعوات الكبير للبيهقي حديث رقم 263.
- بطر الحق أبطله وتكبر عن الإقرار به وطغى في دفعه والبطر في النعمة قلة شكرها والتصرف معها في ما لا ينبغي التصرف فيه(تفسير غريب ما فى الصحيحين البخارى ومسلم (ص: 17)
- قال في المجمع الغمط الاستهانة والاستحقار وازدراؤهم وهو كالغمص (تحفة الأحوذي (6/ 117).
-(صحيح) أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 92، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (ج12:ص280).


.وفي رواية أن رجلا جميلا أتى النبي () فقال : إني أحب الجمال وقد أعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحد بشراك نعل أفمن الكبر ذلك يا رسول الله قال : لا ولكن الكبر بطر الحق وغمص الناس ) ( أي هضم الحقوق واحتقار الناس ) وحث النبي على ممارسة العمل وتصفح وجوه الرزق وجعل السعي على اكتساب القوت أفضل من المكث في المسجد اعتكافا وتعبدا , والسعي على طلب الرزق من أفضل القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل قال تعالى : (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) , وقال :(وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) . فقارن السعي في اكتساب القوت بالجهاد في سبيل الله تعالى :وجعل السعي في اكتساب الرزق الحلال والكد في تحصيله وإجهاد النفس في طلبه مغفرة للذنوب وتكفير للأثام فقال النبي (من سعى على والديه؟ ففي سبيل الله!،ومن سعى على عياله!،ففي سبيل الله،ومن سعى على نفسه ، ليعفها ففي سبيل الله،ومن سعى على التكاثر؛ ففي سبيل الشيطان.وفي رواية:الطاغوت) .
- وغمص بكسر الميم وفتحها فيهما جميعاً ، ويقال : غمص النعمة وغمطها : إذا لم يشكرها. (شرح السنة ـ للإمام البغوى متنا وشرحا (13/ 166)
-(صحيح) أخرجه الطبراني في مسند الشاميين حديث رقم 745، وأخرجه الخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة والأنباء المحكمة (ج1:ص370.
- سورة الملك 15
- سورة المزمل 20
-(صحيح) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى(ج9:ص23)، وأخرجه نور الدين الهيثمي في كشف الأستار حديث رقم 1867، وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط حديث رقم 4214، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان حديث رقم 10377، وأخرجه أبو نعيم في الحلية حديث رقم 8462.
ويقول (لإن يأخذ أحدكم حبله على ظهره فيأتي بحزمة من الحطب فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) ويذم المسألة مع القدرة على السعي والاكتساب فيقول النبي : (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة لحم ) لقد حث الإسلام الناس على الكسب الشريف أن يكون حلالا ومن مصادر مشروعة لا من مصادر خبيثة نهى الشرع عنها فلا يكون من ربا , ولا غش , ولا سرقه ونهب , ولا خداع وتحايل ونصب فقال النبي : (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية) ويقول (من غشنا فليس منا) والكسب الحلال من أفضل الأعمال (أطيب الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور) والله تعالى يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) .إن محمدا عالج داء الفقر الذي استعصى على المصلحين والفلاسفة والمفكرين حيث فرض الزكاة في أموال الأغنياء وهو حق يرد إلى الفقراء في عروض التجارة والأموال ذهبا أو فضة أو أوراق البنكنوت التي تتداول في أيدي الناس وكذلك النعم من الإبل والبقر والغنم بحسب ما قرر الفقه الإسلامي المقادير التي تخرج منها وكذلك زكاه الأرض في كل ما تنبته مما يدخر ويبقى يوم حصاد الزرع منها لقول الله تعالى : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) .
-(صحيح) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم 1470,1471,1480، وأخرجه النسائي في سننه حديث رقم 2589.
- مزعة لحم بضم الميم وسكون الزاي أي قطعة قيل هو على ظاهره فيجئ وجهه عظم لا لحم عليه عقوبة له حين سأل بوجهه (الديباج على مسلم (3/ 119).
-(صحيح) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم 1475، وأخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 1042، وأخرجه أحمد في مسنده حديث رقم 4624,5584.
-(صحيح) أخرجه أحمد في مسنده حديث رقم 21449، وأخرجه الدارقطني في سننه حديث رقم 2819، وأخرجه البزار في البحر الزخار حديث رقم 3381، وأخرجه ابن حجر العسقلاني في القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد (ج1:ص41)، وأورده الشوكاني في الفوائد المجموعة (ج1:ص120).
-(صحيح) أخرجه ابن ماجه في سننه حديث رقم 2225، وأخرجه الدارمي في سننه حديث رقم 2541، وأخرجه ابن حبان في صحيحه 567،4905،(ج12:ص369)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (ج2:ص9)، وأخرجه أبو نعيم في المستخرج على مسلم حديث رقم 284,286.
-(صحيح) أخرجه أحمد في مسنده حديث رقم 16814، وأخرجه الحاكم في المستدرك (ج2:ص10)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى(ج5:ص263)، وأخرجه البزار في البحر الزخار حديث رقم 3731,3798.
- سورة البقرة 168
- سورة الأنعام 141



ثم سن الإسلام الصدقة وتوسع فيها حتى يتراحم الناس فيما بينهم لقد بث الرحمة في قلوب الأغنياء , وجعل المتقين فيهم وهم الذين لا يتأثرون بما يطرأ عليهم من الخير والشر فلا يجزع من الشر إذا آتاه ولا يمنع الخير عن الناس إذا حل به فهو قائم على الصلاة يحافظ عليها دائم على أدائها وقد جعلوا في أموالهم حقا للسائل والمحروم قال تعالى : {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً.إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً. إِلَّا الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ. وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ. لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} وأن الطهارة للمال وتزكية المعطي حين يخرج حق الله المفروض عليه إلى الفقراء والمحتاجين والله تعالى يقول :(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) وأن المال الذي تحت أيديهم هو مال الله , خرج المرء من باطن أمه لم يكن معه درهم ولا دينار وسيخرج من الدنيا باسطا كفيه خاوية الوفاض : -
وَفي قَبضِ كَفِ الطّفلِ عِندَ وَلادِهِ دَليلٌ عَلى الحِرصِ المُرَكَّبِ في الحَيِّ
وَفي بَسطِها عِندَ المَماتِ مَواعِظٌ أَلا فَاِنظِروني قَد خَرَجتُ بِلا شَيِّ
قال تعالى : { وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } , وقوله :(وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) .
- سورة المعارج 19 – 25
- سورة التوبة – 103
- سورة النور – 33
- سورة الحديد – 7


وقد أخبرنا التاريخ المثبت أنه في عهد عمر بن عبد العزيز جمع ولاة البلاد الزكاة فقالوا ماذا نصنع بها قال فرقوها على الفقراء والمساكين فجعلوا يبحثون عن فقير يستحق الزكاة فلم يجدوا فقال فرقوها على فقراء اليهود والنصارى فجعلوا يبحثون عن فقير منهم فلم يجدوا فقالوا له أغنت الزكاة جميع الناس ولم يوجد فقير قط فقال لهم إذا فاشتروا بهذا المال عبيدا وأعتقوها ورحم الله أمير الشعراء إذ يقول في رسول الله في همزيته : -
والبـرُّ عِنْـدَكَ ذِمَّـةٌ وَفَرِيـضَــةٌ
لاَ مِنَّــةٌ مَمْنُــونَــةٌ وَجَبَــاءُ
جَـاءَتْ فَوَحَّـدَتِ الزَّكَـاةُ سَبِيـلَـهُ
حـتَّـى الْتَقَـى الكُـرَمَـاءُ والبُخَلاَءُ
أنْـصَفْـتَ أهْلَ الفَقْـرِ مِنْ أهْلِ الغِنَى
فَـالْكُـلُّ فـي حَـقِّ الحَيَـاةِ سَـوَاءُ
فَـلَــو انَّ إنْسَـانـًا تَخَيَّــرَ مِلَّـةً
مَـا اخْـتَـارَ إلاَّ دِينَــكَ الفُقَـرَاءُ
وبعد فهذا هو رسول الله الأسوة الحسنة وصاحب الدعوة الكريمة التي أنقذت الدنيا مما ارتكست فيه من إثم , وفرق ظلام الجهالة فأشرقت الأرض بنور هدايته فهل نأخذ من هذه التعليمات الربانية , والهداية المحمدية دروسا نستفيد بها في حياتنا فنقوم ما اعوج منا من إنحراف عن الحق لنهتدي سواء السبيل اللهم إنك تعلم وما مرادي به وهداية المتعلمين ونصيحة المسلمين وإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين وأوصلني إلى جنتك برحمتك يا أرحم الراحمين وقد أحببت رسولك وأصحابه وأهل الحق الذين قالوا بقول رسولك وفقنا الله للقول الصدق وان لا تزل أقدامنا عن الصراط السوي والمنهج الواضح القوي والمسلك القويم النبوي ويسر لنا الاهتداء بهدي نبيه محمد والاقتفاء بمن اتبع سنته واختار شريعته واقتدى بسيرته والله المسئول أن يزيده مما أولاه أن يصلح لكل منا آخره وأولاه فضلا من رب العالمين وكرمنا منه سبحانه اللهم آمين .


الشيخ / الحسيني مصطفى الريس