انها عناصر البقاء في الحياة الزوجية
هذه طبعاً من وجهة نظري واظن ان معظمها بل جميعها توافقون عليها وهي هدية للاخوات وللجميع .
واقصد بهذا العنوان عوامل استمرارية وديمومة الزواج وعدم الإنفصال بين الزوجين وهي الأساس الذي حصوله من البداية يعني امكانية استمرارية و ديمومة الحياة الزوجية بين الأثنين .
وفي رأيي هذه العناصر هي عشر عناصر
اولاً:-
الاختيار على اساس الدين والخلق . فلا يتزوج الرجل من تكون لا دين لها ولا خلق ولا تتزوج المرأة من ليس معه دين ولا خلق .
مثال ذلك . ومن كان قوته من حرام كأن يرتشي او يعمل في مثل اماكن المشروبات النحرمة او التي تسمى اماكن المنكرات التي يعرض فيها النساء كراقصات او له اسهم فيها لا يصح للمراة ان تفكر فيه للزواج. ونفس الشيء بالنسبة للرجل . من كانت قوتها من حرام لا يصح ان يفكر فيها .
ثانياً : تشابه التفكير
واعني به تشابه الذوق والميول والتفكير . فاذا كان معدوماً او ضعيفا جداً فان هذا يعني استحالة استمرارية الحياة الزوجية فلا حياة زوجية بلا احساس متشابة ولو بشكل واضح وملموس يعني ليس بالكبير وليس بالبسيط .
مثال ذلك . لو ان رجلاً تبين انه لا يحب ام زوجته مع انها ليست مكدرة حياة ابنتها لكن زوج ابنتها لا تستهوية امها ودائما يذمها , وابنتها تحب امها فهي تعرفها وهي ام حنون ومهذبة . وتبين انه دائما يكره بعض صديقاتها ويحثها الا تكلمهن. ويحث زوجته على اللباس الذي لا يستهويها ولا تطيقه خاصة عند زيارة صديقاتها لها او زيارتها لهن . واختيار الاثاثات واختيار الالفاظ .
بل حتى في مسالة اللحية هناك نساء لا يحبون الحية الطويلة في الرجل . بينما زوجها يصر على خلاف ذلك . او كان يحب اللحية المعتدلة بينما زوجته لا تطيق اللحية اصلا حتى لو كانت خفيفة .
وقد يصل الامر الى الاختلاف في التفكير فمثلا اذا كان هو يتبنى دائما الاراء المضيقه وهي تتبنى الاراء الغير مضيقة ولو احيانا .
واذا تبين لاحدهما ان الاخر يبتنى مبدا تقليد الاخرين في اراءه حيال قضايا الامة او حيال ما يقراه من ادب وثقافة بينما هي نظرتها استقلالية في التفكير .
هذا الاختلاف في التفكير سيوصل الامر الى درجة ان تشعر المراة وكانها مكبوتة وكان قلبها وصل لحنجرتها وتطلب الطلاق او المخالعة .
ان التشابه في التفكير يشعر الانسان ان زوجه هو تؤمه الاخر وروحه الاخرى .
وكذلك الرجل اذا راى من زوجته اختلافا مهولا عنه ستكون النتيجة الانفصال .
ان الزواج شراكة ولاجل ذلك لابد ان يختار الاثنين في الاخر تشابها في التفكير والميول .
ثالثاً:-
تقارب السن . لان في ذلك الشعور بالالفة . فلا تتزوج المراة من يكبرها بثلاثين سنة او ما يقرب من ذلك ولا يتزوج الرجل امراة تكبرة بثلاثين سنة .
بل يكون سنهما متقارب لا يزيد الفارق فيه عن خمس سنوات الى خمسة عشر سنة واحيانا الى عشرين سنة اذا كان الرجل يعوض الفارق في سنه شيئا من وسامة ودماثة خلق .
رابعاً:- الاحترام المتبادل
وهو مبدا مهم بل مهم جدا فلا حياة زوجية بلا احترام . بل اكاد اقول ان الاحترام هو من اعظم واهم الاشياء .
فلا يصح للرجال ان يرفع صوته على زوجته امام اهلها او ابنائها , او يسفه رأيها أمامهم او يضحك على قولها ساخراً ومستهزئاً ولو لوحدهم . او العكس عندما تفعل هي مثل هذا .
كل ذلك قطعاً سيدمر الحياة بين الأثنين .
وفي الحقيقة قد نجد امثلة رائعة في تحقيق مسالة الإحترام فمثلاً بعض الازواج اذا التقى زوجته وهو في بيت اهلها وهي عائدةُ من بيتهم نراه يقوم ليصافحها وكأنه اول مرةً يلقاها . وحتى هي زوجته وقد مضى على زواجهما سنوات لا يسميها احيانا باسمها المجرد بل يستخدم بعض الألقاب مثل سيدتي الكريمة او سيدتي المحترمة او الأستاذة القديرة ولو احيانا .
والكلام في ذلك كثير وفي عكسه ايضاً .
ولكن في الأول الذي يحقق الاحترام كله عظيم ويقوي الصلة بين الاثنين ويخلق نشوةً وطاقةً لحياة الاثنين معاً .
خامساً:-
الاختيار المبدئي الذي يبنى عليه مسألة الألفة مثل الطول والشكل والحالة المادية ينبغي ان يحقق الحد المتوسط منه او حتى الأدنى على الأقل لا دونه . مع ان ذلك ليس شرطاً في الإسلام لصحة العقد ولكنه ينبي عليها الألفة والإيجاب والقبول من الطرفين وهذا شرط في صحة عقد الزواج .
يعني لا تتزوج المرأة من رجل تراه ذميماً وذميماً جداً او غبياً جداً او وضعه المادي سيء جداً ولا يتزوج الرجل من امراًة ذميمة او غبية جداً .
وفي كتاب شرح مسند ابي حنيفة للامام القاري رواية عن الديلمي، عن أبي هريرة ولفظه قال صلى الله عليه وسلم تزوج تزد عفةً إلى عفتك، ولا تزوج خمسة لا شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هبدرة، ولا لفوتاً قال: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما أدري ما قلت شيئاَ؟ قال: لستم عرباً أما الشهبرة، فالطويلة المهزولة، وأما اللّهبرة فالزرقاء البدينة وأما النهبرة فالقصيرة الذميمة، وأما الهبدرة فالعجوز المدبرة، وأما اللفوت فهي ذات الولد من الغير .
والحديث لم اقف كثيرا على سنده كاملاً وعلى مدى صحته من ضعفه وهو في بعض النسخ في مسند ابي حنيفة وفي كنز العمال وفي الكتاب الأول الذي نوهت اليه . فارجو عدم التركيز عليه كثيراً الا لمن يريد ان يبحث فيه .
ولكن الاختيار المبدئي مهم لأنه مهم في حصول الالفة فعدم حصولها يتيح للمرأة طلب المخالعة ففي سنن النسائي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ
أَنَّ فَتَاةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ وَأَنَا كَارِهَةٌ قَالَتْ اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهَا فَدَعَاهُ فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ أَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ . ورواه احمد والدا قطني ورواه البيهقي في سننه الكبرى .
ومعنى لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ أي : هو خسيس الحال ، فأزال عنه بي خسَّته ، وجعله رفيع الحال.
ورى الطبراني بسنده الى سَهْلِ بن أَبِي حَثْمَةَ، قَالا: كَانَتْ حَبِيبَةُ بنتُ سَهْلٍ تَحْتَ ثَابِتِ بن قَيْسِ بن شَمَّاسٍ الأَنْصَارِيِّ، فَكَرِهَتْهُ، وَكَانَ رَجُلا ذَمِيمًا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لأَرَاهُ، فَلَوْلا مَخَافَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَبَزَقْتُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ الَّتِي أَصْدَقَكِ؟"، قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَرَدَّتْ إِلَيْهِ حَدِيقَتَهُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ خُلْعٍ كَانَ فِي الإِسْلامِ .
سادساً:-
وهو امر قد يكون مشتقاً من النقطة الثانية التي عرجت عليها وهي
عدم التدقيق وتصيد الأخطاء وهذا امر هامٌ جداً لا يستهان به فمثلاً
احيانا عند الكلام في الثقافة وتخطئ المرأة في ذكر عواصم احد الدول يعتبر زوجها هذا خطاً فاحشاً وجسيماً . وبعضهم يكبر من الموضوع اكبر من حجمه وكأن الانسان لا ينسى ولا يخطئ .
واحياناً عندما تكون المرأة متعبة وهي من عادتها ان تستحم يومياً ولو مرة في اليوم لكن في احد الأيام تعبت ولم تستحم ونامت قليلاً . فبعض الازواج يعتبر ذلك امر وكأنه عام ويحصل في كل يوم ويعمل من هذا قصة كبيرة ويرفع صوته وينزعج بقوة شديدة . بينما آخرون يغضون الطرف لعلمهم ان هذا لا يحصل من المرأة الا نادراً مرةً كل شهر او كل اسبوعين . وكذلك بعض النساء قد تعمم في امر مثل هذا لزوجها وهو ليس من عادته مع ذلك تكبر الأمر كثيراً وكثيراً . او تكبر اخطائه في الثقافة العامة وغير ذلك .
سابعاً :-
وهي ايضا نقطة مشتقة من النقطة الثانية لكن اعتبرتها نقطة مستقلة لأهميتها القصوى وهي
عدم المبالغة في الصرف وتقدير حالة الآخر.
فبعض النساء قد تبالغ وتطلب فوق حاجة الزوج في شراء نوعية الاشياء كالمأكل والمسكن وغير ذلك . وخير الأمور الوسط .بل وما كان دونه اذا قاربه . وخير النساء واعظمهن من تصبر على زوج حالته المادية دون الوسط . انها المرأة الوفيه .
ثامناً:-
ان لا تحاول المرأة ان تشكي أي مشكلة لها مع زوجها الى ابيها او امها , وكذلك الرجل لا يفعل نفس الشيء . الا في حالة تدهور كبير في الوضع .
لان الشكوى قد تفسر على انها غير ثقة وقد تفقد احيانا ثقة احدهما بالآخر . فاذا كانت أي اشكالية تقدر على انها اشكالية صغيرة او متوسطة فلا داعي على الاطلاق لإيصال الأمر الى الوالدين .
تاسعا:-
وهو مشتق مما قبل ذلك ان لا يفشي احدهما ما قاله الآخر وم قاله للآخر
وفي صحيح مسلم عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا .
فنشر ما يكون بين الاثنين خطا كبير ويؤدي الى الكراهية وضعف التقدير.
عاشراً:-
الابتعاد عن المن لأن المن يكدر النفوس ويجعلها تزهد في الآخر والمن صفة رذيلة وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وذكر اولهم الْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ .ورواه احمد وأبو داود (4088) ، والنسائي 7/246، وابن منده في "الإيمان" وغيره .
المفضلات