بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليس هناك أي شيء يتعلق بعقيدة التثليث لا في نسخ التوراة ولا في نسخ الإنجيل الموجودة لدينا حاليا. حتى إن استنباط عقيدة التثليث من الإنجيل الموجود لدينا حاليا ما هو إلا محاولة قسرية وتحريف.
غير أن تعليق الكنيسة بشأن الدين، قد طغى على الإنجيل ذاته لدرجة أن التصريحات الرسمية للكنسية تقدم عقيدة التثليث على أنها أهم الحقائق المسيحية. ألم يكن من الضروري وجود مئات التصريحات في هذا الشأن في الإنجيل لو أن عقيدة التثليث كانت مهمة إلى هذا الحد؟ غير أنه ليس ثمة واحدة قط! ويقبل المسيحيون التوراة بنفس الشكل.
فلماذا لا تحتوي التوراة على إشارة إلى التثليث؟ إنكم لتعجزون عن إظهار هذا حتى ولو أنكم جاذبتم التوراة! لماذا لا يرد الروح القدس( جبريل) في التوراة على أنه واحد من ثلاثة؟ لماذا لا تحتوي التوراة على تفسير على نحو: أن ابن إله أو شبيه إله سوف يأتي مستقبلا في صورة إنسان؟ كيف لا ترد في العهد القديم هذه النقطة التي ترونها مهمة جدا جدا؟ ألا تعتقدون أن العهد القديم من وحي الله؟
ويتبين بهذا الشكل أن قضية الأب- والابن التي ترد في الإنجيل بوضعه الحالي، قد ظهرت نتيجة تعليق الكنيسة أيضا. لأن الله يعرف في جميع الأناجيل الحالية على أنه أبو جميع البشر، ويعرف البشر جميعا على أنهم أولاده أيضا. أي أن إنسان محايدا يقرأ الأناجيل الحالية، يستوعب كلمة” الأب” التي في الإنجيل على أنها مجاز مستخدم تعبيرا عن أب جميع البشر، وأن كلمة” الابن” مجاز مستخدم تعبيرا عن جميع البشر.
لتكونوا أنتم أبناء الأب الموجود في السماء.
إنجيل متتا- 5، 45
ونظن أن المفهوم الذي استخدمه عيسى عليه السلام في الآرامية من أجل الله على نحو رب جميع البشر، وإلههم، ومالكهم، قد ترجم إلى اليونانية القديمة على نحو” الأب”، أما المفهوم الذي يعني” العبد الحبيب” فقد ترجم على نحو” الابن”. ولا شك أن رجال الدين الذين يسعون للإقرار هذه الفكرة هم مصدر هذه الترجمة. ونحن نعجز عن إثبات اعتقادنا هذا لأننا لا نملك الإنجيل في لغته الأصلية الآرامية. غير أن نمط استخدام هذه الكلمات في الإنجيل الموجود يدعمنا. وتأتي كلمة” أب” المترجمة على نحو” بابا” من اللغات السامية، بمعنى” الشخص السبب” أيضا. وربما يكون هذا المعنى أيضا أحد أسباب الخطأ المرتكبة في أثناء القيام بالترجمة من اللغة الأصلية.( وثمة زعم بأن مترجمي الإنجيل من اللغات السامية إلى اللغات اللاتينية- اليونانية لأول مرة، ترجموا الكلمة التي تعني” مصدر العقل، العقل الأعلى” التي تلفظ على نحو” ال-البار” المستخدمة من أجل الله إلى كلمة” باب، بابا” التي تعني الأب، والجد حيث شبهوها بكلمة” آب، أبرا، وأبّا”.)
ونحن على قناعة بأن هذا الخطأ افتعله قصدا رجال الدين المسيحيون. إن السلطة الدينية التي تقمع كل فكر معارض لها في مجلس إزنيك، قد ساعدت بشكل قوي جدا بعد ذلك التاريخ على إقرار فكرة الأب- والابن الخاطئة. وقد خرجنا عن إطار كتابنا بناء على أهمية الموضوع، وفي الختام ننهيه بهاتين الآيتين القرآنيتين:
” اتَّخَذُوا۟ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَانَهُمۡ أَرۡبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالۡمَسِيحَ ابۡنَ مَرۡيَمَ وَمَا أُمِرُوا۟ إِلاَّ لِيَعۡبُدُوا۟ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبۡحَانَهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ”
9- سورة التوبة؛ الآية 31

” وَلَا تُجَادِلُوا أَهۡلَ الۡكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنۡهُمۡ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمۡ وَاحِدٌ وَنَحۡنُ لَهُ مُسۡلِمُونَ ”
29- سورة العنكبوت؛ الآية 46