بارك الله فيك.

التفسير بهذه الطريقة في غاية القوة، فهو
:
1: يُفَرِّق بين التخصيص والتعميم، فاللفظ الواحد قد يُحَمَّل عليه معنى خاص (تخصيص)، وقد يُحَمَّل عليه معنى عام (تعميم).

2:
يُفَرِّق بين "واصف يصف واصف"، وبين "واصف يصف موصوفًا"، فالواصف إذ يَصِف واصف؛ فإنَّه يَصِف "موصوفه الواصف"؛ كما يوصفه الواصف، والواصف – غير الموصوف - لا يُنْسَب إليه خطأ الواصف الذي يصفُه، بل يُنْسَب الخطأ إلى "الموصوف الواصف".
قد يقال: الواصف الذي يُسَلَّط عليه الوصف، هو موصوف؛ وبهذا فلا يوجد فرق بين "واصف يصف واصف"، وبين "واصف يصف موصوفًا"؟نقول: فيما سبق تكلمنا عن التخصيص، والتعميم، "فأنت عمَّمْتَ مخصصًا"، فالموصوف مُخَّصص، فليس بالضرورة أنْ يكون الموصوف واصفًا، أما الواصف الذي يُوصَف (بفتح الصاد) فهو بالضرورة موصوف، وإلَّا فلا الفائدة من إطلاق كلمة "واصف" عليه؟!.
كما لا بد من التفريق بين "الموصوف الواصف"، وبين "الموصوف غير الواصف"، الذي ليس بالضرورة أنْ لا تكون لديه قدرة على الوصف، فقد تكون لديه قدرة على الوصف وقد لا تكون.
ثم لا بد من العلم بأنَّ "الواصف الموصوف" قد يُخطئ في وصفه، وقد لا يخطئ، فإنْ وصفه واصف، فالـ"واصف - غير الموصوف -" لا يُنْسَب إليه خطأ "الموصوف الواصف"، ولكن إذا كان الواصف يصف موصوفًا غير واصف، والذي قد تكون لديه قدرة على الوصف، وقد لا تكون؛ فلا يُخْطئ الواصف إنْ كان هو الله، وإنْ لم يكن هو الله؛ فقد يُخْطِئ، وقد لا يُخْطِئ.


قد يقال: كيف يكون الواصف الذي يَصِف موصوفًا واصف، هو غير موصوف في حالة كان الواصف هو الذي تطلقون عليه الله – أو حتى غير الله -، فحتى حسب قرءانكم فإنْ إلاهكم قد وصف نفسه بأوصاف كثيرة؟!


نقول: ليس لاستنكارك داع، فمشكلتك هي التعميم مَرَّة أُخرى، "فأنت عَمَّمْتَ مخصصًا"، فالواصف الذي هو الله قد يكون موصوفًا من نفسه، أو من غيره، ولكن هذا سياق خاص، وهناك سياق آخر هو الذي الذي التبس عليك، وهو أنَّ الواصف الذي يصف موصوفًا واصف، ليس هو "الموصوف الواصف"، بل هو "الواصف غير الموصوف"، وهذا لتمييز بين واصف، وواصف آخر هو موصوف من الواصف الذي سبقه، ويمكن لتيسير المسألة أنْ نطلق "الواصف الأول" على الواصف الذي لا يكون موصوفًا في سياق مُحَدَّد، ونطلق "الواصف الثاني" على الموصوف الواصف، الذي قد يكون موصوفًا غير واصف في سياق آخر، وقد يكون واصف غير موصوف في سياق غيره.