ومَنْ يَكُنْ هَمُّهُ الدُّنْيَا لِيَجْمَعَهَا فَسَوْفَ يَوْمًا على رَغْمٍ يخَلِّيْهَا

لاَ تَشْبَعُ النَّفْسُ مِنْ دُنْيَا تُجَمِّعُها وبُلَغَةٌ مِنْ قِوَامِ الْعَيْشِ تَكْفِيْهَا


إِعْمَلْ لِدَارِ الْبَقَا رِضْوَانُ خَازِنُهَا الْجَارُ أحمَدُ والرَّحْمنُ بانِيْهَا


أَرْضٌ لَهَا ذَهَبٌ والمِسْكُ طِيْنَتُهَا ّ والزَّعْفَرانُ حَشِيْشٌ نَّابِتٌ فيْهَا


أَنْهَارُهَا لَبَنٌ مَّحْضٌ ومِنْ عَسَلٍ ّ والخَمْرُ يَجْرِي رَحِيْقًا في مجَارِيْهَا

والطَّيْرُ تَجْرِي على الأَغْصَانِ عَاكِفَةً ّ تُسَبِّحُ اللَّه جَهْرًا في مغَانِيْهَا


مَنْ يَشْتَرِي قُبَّةً في العَدْنِ عَالِيةً في ظِلِّ طُوْبَى رَفِيْعَاتٍ مبَانِيْها


دَلاَّلُها المُصْطَفَى واللَّه بَائِعُها ّ وجُبْرَئِيْلُ يُنَادِي في نوَاحِيْهَا


مَنْ يَشْتَرِيْ الدّارَ في الفِرْدَوْسِ يَعْمُرَها بِرَكْعَةٍ في ظَلاَمِ اللّيْلِ يُخْفِيْهَا


أَوْ سَدَّ جَوْعَةِ مِسْكِينٍ بِشِبْعَتِهِ في يَوْمِ مَسْغَبَةٍ عَمَّ الغَلاَ فيْهَا



النَّفْسُ تَطْمَعُ في الدُّنْيَا وقَدْ عَلِمَتْ ّ أَنْ السَّلاَمَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فيْهَا

واللَّه لَو قَنِعَتْ نَفْسِي بِمَا رُزِقَتْ ّ مِنْ المَعِيْشَةِ إِلاَّ كَانَ يَكْفِيْهَا


أَمْوَالُنَا لِذَوِيْ المِيْرَاثِ نَجْمَعُهَا ّ ودَارُنا لِخَرَابِ البُومِ نبْنِيْهَا


لاَ دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ المَوتِ يَسْكُنُهَا إِلاَّ التي كانَ قَبْلَ المَوْتِ يبْنِيْهَا


فَمَنْ بَنَاهَا بِخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ ومَنْ بَناهَا بِشَرٍّ خَابَ بانِيْهَا

والنَّاسُ كالْحَبِّ والدُّنْيَا رَحَىً نّصُبِتْ ّ لِلْعَالَمِيْنَ وكَفُّ المَوْتِ يلْهِيْهَا

فَلاَ الاقَامَةُ تُنْجِي النّفْسَ مِنْ تَلَفٍ ولاَ الفِرَارُ مِنْ الأحْدَاثِ يُنْجِيْهَا

وكُلُّ نَفْسٍ لَهَا زَوْرٌ يُصْبِّحُهَا ّ مِنْ المَنِيْةِ يَوْمًا أَوْ يمَسِّيْهَا


تِلْكَ المَنَازِلُ في الآفَاقِ خَاوِيَةٌ أَضْحَتْ خَرَابًا وذَاقَ المَوْتَ بَانْيْهَا


أَيْنَ المُلوكُ الَّتِي عَنْ حَظِّهَا غَفَلَتْ حَتَّى سَاقَهَا بِكَأْسِ المَوْتِ سَاقِيْهَا

أَفْنَى القُرْونِ وأَفْنَى كُلَّ ذِي عُمُرٍ ّ كَذَلِكَ المَوْتُ يُفْنِي كُلَّ مَا فيْهَا

فَالمَوْتُ أَحْدَقَ بالدُّنْيَا وزُخْرُفِهَا ّ والنَّاسُ في غَفْلَةٍ عَنْ تَرْكِ مَا فيْهَا

لَوْ أَنَّهَا عَقَلَتَ مَاذَا يُرَادُ بِهَا ّ ما طَابَ عَيْشٌ لَّهَا يَومًا ويُلْهِيْهَا

نَلْهُوا ونَأْمَلُ آمالاً نُسَرُّ بِهَا شَرِيْعَةُ المَوْتِ تَطْوِيْنَا وتَطْوِيْهَا



فَارْبَأْ بِنَفْسِكَ لا يَخْدَعُكَ لاَمِعُهَا مِنَ الزَّخَارِفِ واحْذَرِ مِنْ دَوَاهِيْهَا


خَدَّاعَةٌ لَمْ تَدُمْ يَوْمًا على أَحَدٍ ّ ولا اسْتَقَرَّتْ على حَالٍ ليَالِيْهَا



فَانْظُرْ وفَكِّرْ فَكَمْ غَزَّتْ ذَوِي طَيْشٍ وكَمْ أَصَابَتْ بِسَهْمِ المَوْتِ أَهْلِيْهَا


اعْتَزَّ قَارُون في دُنْيَاهُ مِنْ سَفَهٍ ّ وكَانَ مِنْ خَمْرِهَا يا قَوْمُ ذَاتِيْها


يَبِيْتُ لَيْلَتَهُ سَهْرَانَ مُنْشَغِلاً ّ في أَمْرِ أَمْوَالِهِ في الهَمِّ يفْدِيْهَا


وفي النَّهَارِ لَقَدْ كَانَتْ مُصِيْبَتُهُ تَحُزُّ في قَلْبِهِ حَزَّاً فَيُخْفِيْهَا


فَمَا اسْتَقَامَتْ لَهُ الدُّنْيَا ولا قَبِلَتْ مِنْهُ الودَادَ ولَمْ تَرْحَمْ مُحِبِّيْهَا


ثُمَّ الصَّلاَةُ على المَعْصُومِ سَيِّدِنَا ّ أَزْكَى البَرِّيةِ دَانِيْهَا وقَاصِيْهَا



للشاعر إبراهيم بن العباس الصولي