حائط البراق وليس حائط المبكى




أولاً: تمهيد ديني وتاريخي
*** *******

حائط البراق حائط يحد الحرم القدسي الشريف من الغرب. وترجع هذه التسمية إلى أن الرسول (ص)طبقاً لما أشارت إليه مصادر إسلامية عديدة في تفسيرها للآية الكريمة "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" أن الرسول ركب البراق حتى باب المسجد الأقصى حيث ربط الدابة قرب الباب في مكان بالحائط الغربي للحرم، في الحلقة التي كان يربط فيها الأنبياء من قبل، ودخل المسجد حيث صلى بالأنبياء ثم عُرج به إلى السماوات العلا.
أما حائط المبكى فهو في زعم اليهود جزءٌ من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف وآخر أثر من آثار هيكل سليمان عليه السلام وأقول في زعم اليهود لأنه سوف يتضح من هذه الدراسة أن هذه المقولة لا تستند إلى أي أساس ديني أو تاريخي أو قانوني.
إن أهمية بيت المقدس لدى العرب والمسلمين ترجع إلى عدة أسباب:
أولاً: أن الله خصها بالعديد من الأنبياء ابتداءً من إبراهيم عليه السلام حتى عيسى بن مريم صلوات الله عليه.
ثانياً: أن الله خصها بإسراء ومعراج نبيه الكريم.
ثالثاً: لأن فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
فقد صلى إليها الرسول والمسلمون بمكة، ثم ستة عشر شهراً بالمدينة، ثم أمره الله أن يتحول إلى الكعبة بقوله تعالى "فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره".
والمسجد الأقصى هو ثاني مسجد على الأرض بعد المسجد الحرام، وهناك عدة روايات حول من بناه، منها أن آدم هو الذي بناه ومنها أن الذي بناه يعقوب ثم جدده داود، وأتمه سليمان عليه السلام.
وأما بالنسبة لهيكل سليمان فقد بناه في أورشليم سليمان عليه السلام ليكون مركز العبادة اليهودية، وكان الغرض من بنائه هو عبادة الله سبحانه وتعالى، حيث كان الهيكل مسجد للموحدين.
وليس هناك دليل على المكان الذي بُني فيه الهيكل، فبينما تذكر بعض المصادر أنه بنى خارج ساحات المسجد الأقصى، تذكر أخرى أن مكانه تحت قبة الصخرة وتذكر المصادر اليهودية أنه تحت المسجد الأقصى.
وطبقاً لما ذكرته المصادر التاريخية، فقد تم بناء الهيكل وهدمه ثلاث مرات، فقد تم تدمير مدينة القدس والهيكل عام 587 ق.م على يد نبوخذ نصر ملك بابل وسُبى أكثر سكانها، وأعيد بناء الهيكل حوالي 520-515 ق.م وهُدم الهيكل للمرة الثانية خلال حكم المكدونيين على يد الملك أنطيوخوس الرابع بعد قمع الفتنة التي قام بها اليهود عام 170ق.م، وأعيد بناه الهيكل مرة ثالثة على يد هيرودوس الذي أصبح ملكاً على اليهود عام 40 ق.م بمساعدة الرومان. وهدم الهيكل للمرة الرابعة على يد الرومان الذين فتحوا مدينة القدس عام 70م ودمروها بأسرها.
ويروى لنا الكتاب المقدس حالة الهيكل قبل الهدم الثالث، ونبوءة المسيح عليه السلام بخرابه، حيث لم يحافظ اليهود على كون الهيكل مكاناً للموحدين، وحولوا مكان الهيكل إلى مكان للبيع والشراء، فطبقاً لما ورد في إنجيل متى "ودخل يسوعُ إلى هيكل الله، وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل، وقلب موائد الصيارفة، وكراسي باعة الحمام، وقال لهم. مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارةً للصوص…".
"يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين، إليها كم مرةً أردتُ أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا. هو ذا بيتكم يترك لكم خراباً…"
وفي فقرة أخرى من الإنجيل ورد النص التالي "ثم خرج يسوعُ ومضى من الهيكل. فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل، فقال لهم يسوع أما تنظرون جميع هذه. الحق أقول لكم أنه لا يُترك هاهنا حجر على حجر لا يُنقض".
ولقد تحققت نبوءة المسيح عليه السلام، فقد تم تدمير الهيكل على يد الرومان وهو التدمير الأخير للهيكل.
وبينما تشير بعض المصادر إلى أن الهيكل لم يبق فيه سوى قسم من حائطه الغربي. تشير أخرى إلى أن سائر أجزاء الهيكل لم يبق منها شيء .
فعندما حدثت حادثة الإسراء لم يكن بهذا المكان بناءٌ معروف بالمسجد الأقصى، وإنما كان المكان الموجود بين أسوار الحرم الشريف في القدس مكاناً مخصصاً لعبادة الله سبحانه وتعالى، ولم يكن مسجداً بالمعنى الحالي، وإنما سُمي في الآية الكريمة بالمسجد، لأنه مكان العبادة.
ومنذ حادثة الإسراء عرف أهل القدس سواء بالتواتر أو التوارث أنه يوجد مكان في الحائط الغربي للحرم القدسي يسمى البراق.
أما بالنسبة للمسجدين المعروفين الآن باسم المسجد الأقصى ومسجد الصخرة فقد تم بناؤهم خلال الحكم الأموي، حيث شرع عبد الملك بن مروان في بنائهما عام 65 ه ويبدو أن بعض أجزاء البناء قد تمت في عهد الوليد بن عبد الملك.
ولإنجاز هذا المشروع الكبير تم رصد خراج مصر سبع سنوات، كان تحمل الأموال خلالها إلى بيت المقدس، حتى تم البناء.
وقد تابع الخلفاء والسلاطين والملوك فيما بعد الاهتمام بهذين المسجدين والإنفاق على صيانتهما، بسبب مكانتهما الدينية، وباعتبارهما من مفاخر العمارة العربية والإسلامية.
وشهدت القدس ثلاث فترات من العمران، الأولى خلال الحكم الأموي، والثانية خلال العصر المملوكي 1250 1516 والثالثة خلال القرون الأولى من الحكم العثماني (القرن العاشر الهجري والسادس عشر الميلادي) .
ومن يتابع التاريخ العثماني سوف يجد عدداً من السلاطين العثمانيين أحسنوا معاملة اليهود قبل ظهور أهدافهم الصهيونية. فقد سمح لهم السلطان محمد الفاتح 1451-1481 بالاستقرار في استنبول، وعندما طُرد اليهود من أسبانيا عام 1493 أصدر السلطان بايزيد الثاني أمراً يقضي بحسن معاملتهم.
وهكذا أصبحت فلسطين وممتلكات الدولة العثمانية في أوائل القرن السادس عشر ملجأً لليهود المطرودين من أسبانيا والبرتغال أو الهاربين من البلاد الأوروبية الأخرى.
فخلال حكم السلطان القانوني 1520- 1566 شهدت الدولة العثمانية صحوة حضارية واستفادت بيت المقدس بصفة خاصة من جهوده الإصلاحية، فقد أمر سليمان بإعادة بناء أسوار المدينة، وبلغ طول السور الذي ما زال قائماً حتى اليوم ميلين وارتفاعه حوالي أربعين قدماً.
ودعا السلطان رعاياه إلى الإقامة في بيت المقدس خاصة اللاجئين اليهود الذين استقروا في الدولة العثمانية بعد طردهم من أسبانيا وكان معظم اليهود يفضلون في ذلك الوقت الإقامة في طبرية وصفد، لكن مجمعتهم في القدس تزايد عدداً في عصر سليمان (كان عددهم في القدس في منتصف القرن الخامس عشر 1650 نسمة).
والذي يهمنا هنا ما حدث من سليمان القانوني بالنسبة للحائط الغربي للحرم الشريف، فقد صدر منذ ثلاث سنوات كتاب هام عن القدس لمؤلفة أمريكية تذكر فيه أن اليهود لم يظهروا في الماضي أي اهتمام بذلك الجزء من الحائط، وأن المكان في عهد هيرودس بعد أن أعيد بناء الهيكل للمرة الثانية عام 40 ق.م كان جزءاً من مركز تجاري ولم تكن له أهمية دينية، وأن اليهود كانوا يتجمعون للصلاة على جبل الزيتون وعند بوابات الحرم، وأنهم عندما منعوا من دخول المدينة أثناء الفترة الصليبية كانوا يصلون عند الحائط الشرقي للحرم. وتضيف المؤلفة الأمريكية أن سليمان القانوني هو الذي أصدر فرمانا يسمح بمكان لليهود للصلاة عند الحائط الغربي.
ويُقال أن سنان باشا مهندس البلاط الكبير هو الذي قام بتخطيط الموقع وبالحفر كي يتيح للحائط ارتفاعاً أكبر، وقام ببناء حائط مواز له يفصل مصلى اليهود عن حي المغاربة الذي يعتبر وقفاً إسلامياً من أواخر القرن 12م وسرعان ما أصبحت المنطقة مركز الحياة الدينية ليهود القدس.
ويضيف المصدر بأنه لم تكن تقام هناك بعد طقوس رسمية للعبادة، غير أن اليهود كانوا يحبون قضاء فترة ما بعد الظهيرة هناك يقرءون المزامير ويقبلون الأحجار، وسرعان ما اجتذب الحائط الغربي أساطير كثيرة، فقد تم ربط الحائط بأقاويل من التلمود تخص الحائط الغربي للهيكل، وهكذا أصبح الحائط رمزاً لليهود وأصبحوا يشعرون بتواصلهم مع الأجيال الماضية، وبمجدهم الذي ولى.
ومن الواضح أن ما ذكرته المؤلفة الأمريكية من أن سليمان القانوني هو الذي سمح لليهود بمكان للصلاة عند الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف قد حدث فعلاً، حيث ورد في بحث مقدم من روحي الخطيب أمين القدس السابق إلى مؤتمر حماية المقدسات والتراث الإسلامي في فلسطين نص أخذه من الموسوعة اليهودية الصادرة في القدس عام 1971، يقول النص:
"إن الحائط الغربي أصبح جزءاً من التقاليد الدينية اليهودية حوالي سنة 1520م نتيجة للهجرة اليهودية من أسبانيا وبعد الفتح العثماني سنة 1517م"
ويعني ما ورد في المرجعين الأمريكي واليهودي أن العثمانيين في عهد السلطان سليمان القانوني هم الذين منحوا اليهود حق التعبد والصلاة عند حائط البراق أو الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف من قبيل التسامح الديني مع اليهود بعد طردهم من أسبانيا أواخر القرن الخامس عشر الميلادي.
ويدعم هذه الحقيقة نص ورد في تقرير اللجنة الدولية لتحديد الحقوق والادعاءات بشأن الحائط، حيث يذكر أنه وردت إشارة لأحد الباحثين في سنة 1625م تتحدث عن إقامة صلوات منظمة عند الحائط لأول مرة.
ومع أن الأطماع اليهودية لم تكن واضحة في ذلك الوقت، لكن الذي يؤخذ على بعض السلاطين العثمانيين أنهم رغم إصلاحاتهم لم يكونوا على قدر كافٍ من الوعي بقدسية هذا المكان الذي شهد حادثة الإسراء والمعراج، والذي كان أول قبلة للمسلمين.
وخلال الحكم المصري للشام 1831- 1840 كان يُسمح لليهود بالاقتراب من الحائط والبكاء عنده مقابل 300 جنيه إنجليزي كانوا يسددونها سنوياً لوكيل وقف أبو مدين.
ووقف أبو مدين هذا أرض مجاورة للحائط الغربي من المسجد الأقصى أوقفها الملك الأفضل بن صلاح الدين عام 1192م على الحجاج المغاربة حيث تم بناء منازل لهم فيها عرفت باسم حي المغاربة، ثم أطلق عليها فيما بعد اسم "أبى مدين الغوث"؟ وتم توثيق الوقفية عام 1630م.
لكن إبراهيم باشا أصدر مرسوماً في مايو 1840 حظر فيه على اليهود تبليط الممر الكائن أمام الحائط، ورخص لهم بزيارته فقط على الوجه القديم.
ورغم موقف السلطان عبد الحميد من عدم الموافقة على هجرة اليهود إلى فلسطين، لكنه بالنسبة لليهود المقيمين في فلسطين أصدر عام 1889م فرماناً يمنع فيه التعرض للأماكن التي يؤدي فيها اليهود طقوسهم أثناء الزيارة. مما يعنى التسامح مع اليهود الذين يتمتعون بالجنسية العثمانية.
وقد ورد في مؤلفات مختلفة معاصرة أن السياح الذين زاروا الأرض المقدسة خاصة خلال القرنين 19، 20 ذكروا أن اليهود استمر ذهابهم إلى الحائط وجواره لتقديم تضرعاتهم.
واضح إذن أن عادة الصلاة عند الحائط تم تقنينها خلال الحكم العثماني وخاصة خلال القرن 16 على يد سليمان القانوني، كما أن عادة البكاء عند الحائط تم تقنينها خلال الحكم المصري للشام في ثلاثينيات القرن 19.
أما بالنسبة لما تذكره المصادر اليهودية عن علاقة اليهود بالحائط بعد هدمه فتروى أن اليهود اعتادوا بعد خرابه للمرة الثانية الذهاب إلى أطلاله لكنها لم تشر إلى البكاء عند الأطلال. كما يذكر عدد من المؤرخين اليهود في القرنين 10، 11 أن اليهود كانوا يذهبون إلى الحائط لإقامة شعائرهم الدينية خلال الحكم العربي، وأنه في الطور الأخير من الاحتلال الصليبي للقدس كان اليهود يقيمون صلاتهم الدائمة عند الحائط. فالمصادر اليهودية وحدها هي التي ذكرت ذلك، وليس هناك أدلة أو شواهد على صدق قولها.
ثانياً: كيف أثيرت مشكلة الحائط بين العرب واليهود وكيف تطورت؟
لقد بدأت جذور المشكلة قبل الحرب العالمية الأولى عندما احتج متولي الأوقاف أبى مدين الغوث في 12 تشرين الثاني 1327ه (1911) أن أفراد الطائفة اليهودية الذين جرت عادتهم بزيارة الحائط وقوفاً أخذوا مؤخراً يجلبون معهم كراسي للجلوس عليها أثناء الزيارة. وطلب متولي الأوقاف ايقاف هذه الحالة تجنباً لادعاء اليهود في المستقبل بملكية المكان.
وبناءً على ذلك أصدر مجلس إدارة لواء القدس تعليمات تنظم زيارة اليهود للحائط، وتمنع جلب أي مقاعد أو ستائر عند الحائط.
ومنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى واعتماداً على تصريح بلفور الذي يعد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، أخذ اليهود يسعون إلى تثبيت حقوق واسعة لهم في هذا المكان عن طريق تغيير الحالة الراهنة التي كان عليها الحائط قبل الحرب. حيث بدأوا تحركهم عام 1919م بما قدموه من عرائض رسمية ونشروه من مقالات، ووصل الأمر إلى نشر صور لهيكل يهودي جديد مكان مسجد الصخرة ونشر صور لهذا المسجد يعلوها العلم الصهيوني والكتابات العبرانية، وأخذ اليهود يساومون على شراء المنطقة الوقفية الواسعة المحيطة بالحائط، وعرضوا أرقاماً باهظة للشراء.
وعندما وضع صك الانتداب على فلسطين الذي صودق عليه من قبل عصبة الأمم في 24 يوليو 1922 تضمنت مواده الثمانية والعشرون عدداً من المواد المتعلقة بالأماكن المقدسة كان أهمها المادة 14التي تنص على ما يلي:
"تؤلف الدولة المنتدبة لجنة خاصة لدرس وتحديد وتقرير الحقوق والادعاءات المتعلقة بالأماكن المقدسة والحقوق والادعاءات المتعلقة بالطوائف الدينية المختلفة في فلسطين، وتعرض طريقة اختيار هذه اللجنة وقوامها ووظائفها على مجلس عصبة الأمم لإقرارها، ولا تعين اللجنة ولا تقوم بوظائفها دون موافقة المجلس المذكور لكن هذه اللجنة لم تعين إلا عام 1930 بعد أن أوصت لجنة التحقيق في أسباب انتفاضة البراق عام 1929 بسرعة تعيينها. ، وطوال السنوات22، 23، 25، 26، 28، كان هناك محاولات يهودية لجلب مقاعد عند الحائط لكنهم في عام 1928 حاولوا استخدام خزانة ومصابيح وحصر وستائر للفصل بين الرجال والنساء، وأرسل مفتي فلسطين رسائل إلى حاكم القدس ينبهه إلى تلك المخالفات، وصدرت التعليمات من الإدارة المنتدبة في أكثر من موقف بمنع اليهود من جلب كراسي أو ستائر إلى الحائط.
ولفترة تقرب من العام اعتبار من سبتمبر 1928 حتى أغسطس 1929 الذي حدثت فيه انتفاضة البراق حدثت مشادات واحتجاجات وتجاوزات كلامية وكتابية وسياسية بين العرب واليهود في فلسطين وخارجها. وشكلت لجنتان إحداهما عربية للدفاع عن البراق والأخرى يهودية للدفاع عن المبكى، ودعت لجنة الدفاع عن البراق لعقد مؤتمر إسلامي عام في أول نوفمبر 1928 حضره مندوبون عن فلسطين وسوريا وشرقي الأردن ، حيث احتج المؤتمر على أية محاولة لإحداث أي حق لليهود في مكان البراق، وشكل المؤتمر جمعية عرفت باسم "جمعية الأماكن الإسلامية المقدسة" .
وصدر في الشهر نفسه كتاب أبيض من الحكومة البريطانية برقم 3229 مؤيداً المحافظة على الحالة الراهنة داعياً اليهود والمسلمين إلى عقد اتفاق فيما بينهم لتحديد حقوقهم وواجباتهم في الأماكن المقدسة.
لكن الاتفاق لم يحدث، فطلبت الحكومة من الطرفين ابراز ما لديهما من مستندات لتتمكن من الفصل في الموضوع فقدم المجلس الإسلامي ما لديه من مستندات، لكن الجهة اليهودية المسؤولة لم تقدم أية مستندات واكتفت بإرسال بحث فقهي عن الموضوع.
واستقر في أذهان المسلمين في ذلك الوقت أن اليهود يطمعون في الأماكن المقدسة وأنهم ينوون الاستيلاء على المسجد الأقصى. ورغم تكرار نفي ذلك من قبل السلطة البريطانية والمنظمات اليهودية المسؤولة في فلسطين، لكن المسلمين في فلسطين لم يصدقوا ذلك، خاصة وهم يرون محاولات مستمرة من اليهود لتغيير الأوضاع المستقرة عند الحائط، وفي هذا الجو المتوتر صدرت قرارات المؤتمر الصهيوني السادس عشر الذي عقد في زيورخ من 28 يوليو إلى 11 أغسطس 1929 والتي كان من أهمها المطالبة بفتح أبواب فلسطين على مصراعيها لليهود ، وبذل الجهود لحمل الحكومة البريطانية على سحب كتابها الأبيض لعام 1928 الذي اعترف بحقوق المسلمين في الأماكن المقدسة كما عقد فور انتهاء المؤتمر الصهيوني أول اجتماع للوكالة اليهودية التي جمعت الصهاينة واليهود. وتابعت لجنة الدفاع اليهودية عن المبكى نداءاتها المقلقة لإثارة يهود العالم إلى أن يعاد إليهم حائط المبكى.
وأما من الجانب الإسلامي فلم تكن جمعية حراسة الأماكن المقدسة هادئة، فقد كانت تصدر البيانات تباعاً وكان لكل من الجمعية واللجنة دور هام في تصاعد هذه الأحداث حتى انفجار الانتفاضة في 15 أغسطس 1929.
وليس الآن موضع الحديث عن انتفاضة البراق عام 1929 والتي كانت أول انتفاضة تشمل معظم أنحاء فلسطين واستمرت أسبوعين كاملين استعانت بريطانيا خلالها بقوات من القواعد البريطانية خارج فلسطين.
ورغم أن السبب المباشر لتلك الانتفاضة كان محاولات اليهود اكتساب حقوق جديدة قرب الحائط، لكن ذلك لم يكن غير الشرارة التي فجرت الانتفاضة، والمبرر الذي تلقفه عرب فلسطين لتأكيد محافظتهم على حقوقهم، وإعلان احتجاجهم على جهود بريطانيا لإقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.
وخلال الشهر التالي للانتفاضة فكرت السلطة المنتدبة في تطبيق المبادئ التي وردت في الكتاب الأبيض لعام 1928 بشأن الحائط، وأبلغت ذلك إلى رئاسة الحاخامين في اليوم الأول من اكتوبر 1929، غير أن هذه التعليمات لم ترض اليهود لأنهم كانوا يحاولون الحصول على مزيد من الحقوق عند الحائط، ولم ترض العرب الذين كانت بعض هيئاتهم مثل جمعية حراسة الأماكن المقدسة ترفض قبول المبادئ المقررة في الكتاب ولتي تقول بأن للطائفة اليهودية حق التوجه إلى الحائط في جميع الأوقات لإقامة الشعائر.
ونتيجة للضغوط اليهودية أصدرت الحكومة بياناً جديداً في اكتوبر 1929 يتضمن تراجعاً عما جاء في كتابها الأبيض، لكن تهديد العرب بالإضراب العام جعلت الحكومة تجمد الوضع على ما هو عليه حتى يعاد تنظيم قوة الشرطة ويتم حماية المستعمرات اليهودية المكشوفة.
وهكذا شغل موضوع الحائط فلسطين والحكومة المنتدبة عامي 28، 29 وبدلاً من أن تتدارس اللجنة التنفيذية العربية الوسائل الكفيلة بتدعيم الكفاح الوطني أو الطرق العلمية لمواجهة الموقف نراها تدرس في اجتماعها مساء يومي 12، 13 اكتوبر 29 إغلاق المساجد والكنائس احتجاجاً على التعليمات الجديدة بشأن الحائط وتأليف وفد لزيارة البراق الشريف ليقطع عهداً بالمحافظة عليه، كما أرسلت برقية إلى الزعماء العرب تستصرخهم فيها تأييدها لمقاومة العدوان اليهودي واستنكاره والاحتجاج على السياسة المعادية للمصالح العربية، لكن الاستغاثة لم تجد لها أي صدى.
ثالثاً: عين وزير المستعمرات البريطاني في 13 سبتمبر 1929 لجنة عرفت باسم لجنة شو للتحقيق في الأسباب المباشرة للانتفاضة ووضع التدابير لمنع تكرارها وكان من توصيات تلك اللجنة:
سرعة تعيين لجنة لتحديد الحقوق والادعاءات بشأن الحائط التي أشار إليها صك الانتداب. ونظراً لأن تلك الانتفاضة كانت نتيجة مباشرة لإثارة قضية تحديد الحقوق المتعلقة بالأماكن المقدسة، وتجنباً لحدوث انتفاضات أخرى اقترحت الحكومة البريطانية على مجلس عصبة الأمم تشكيل لجنة لهذا الغرض، حيث وافق مجلس العصبة في 15 مايو 1930 على تشكيلها برئاسة وزير الشؤون الخارجية السابق في حكومة السويد رئيساً، وعضوية نائب رئيس محكمة العدل في جنيف، ورئيس محكمة التحكيم النمساوية الرومانية المختلطة وحاكم الساحل الشرقي لجزيرة سومطرة السابق وعضو برلمان هولندا، وهي لجنة دولية محايدة وعلى أعلى مستوى قضائي وتحكيمي. ووصلت اللجنة إلى القدس في 19 يونيو 1930 حيث أقامت شهراً كاملاً في فلسطين، وكانت في كل يوم تعقد جلسة أو جلستين ما عدا يومي الجمعة والسبت باعتبارهما يومي عطلة لدى المسلمين واليهود.
وأثناء الجلسات التي عقدتها اللجنة وعددها 23 جلسة استمعت اللجنة إلى شهادة 52 شاهداً من بينهم 21 من اليهود و 30 من المسلمين، وشاهد واحد بريطاني. وقدم الطرفان إلى اللجنة 61 وثيقة منها خمس وثلاثون مقدمة من اليهود وست وعشرون وثيقة مقدمة من المسلمين.
وتقاطرت الوفود من انحاء العالم الاسلامي الى القدس للدفاع عن القضية وإعلان تمسك المسلمين بملكية الحائط، فقد سافر من مصر أحمد زكي ومحمد علي علوبة ومحمد الغنيمي التفتازاني، ومن العراق مزاحم الباجهجي، ومن لبنان صلاح الدين بينهم ومن ايران ميرزا مهدي، ومن أفغانستان السيد عبد الغفور، ومن أندونسيا أبو بكر الأشعري وعبد القهار مذكر ومن الهند عبد الله بهائي والشيخ عبد العلي، ومن بولونيا مفتيها الدكتور يعقوب شنكوفتش. اضافة إلى عدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة عوني عبد الهادي، أمين التميمي، أمين عبد الهادي، جمال الحسيني، محمد عزت دروزة، راغب الدجاني والشيخ حسن أبو السعود، إضافة إلى شخصيات أخرى من مراكش والجزائر وطرابلس والمغرب وسوريا وشرقي الأردن.
وكان لهذه المظاهرة الإسلامية الكبرى دلالاتها ومغزاها العميق، فلم تكن المسألة تعنى مجرد المحافظة على حائط البراق بقدر ما كانت تتعلق بفكرة الدفاع المشترك عن الآثار والتراث والذكريات الإسلامية، واستعداد المسلمين للتضامن دفاعاً عما يقع عليهم من ضروب الاعتداء.
لكن حجة المسلمين كانت هي الغالبة، إذ استطاع دفاعهم أن يثبت أن جميع المنطقة التي تحيط بالجدار وقف إسلامي بموجب وثائق وسجلات المحكمة الشرعية، وأن نصوص القرآن وتقاليد الإسلام صريحة بقدسية المكان عندهم، وأن زيارة اليهود للحائط منحة محددة بموجب أوامر الدولة العثمانية، وبموجب أوامر الحكم المصري للشام، ولم تكن إلا زيارة مجردة، لا صوت فيها ولا إزعاج ولا أدوات جلوس أو ستائر.
وبعد أكثر من خمسة أشهر من بدء جلسات اللجنة الدولية في القدس، وبعد أن استمعت إلى ممثلي العرب واليهود، واطلعت على كل الوثائق التي تقدم بها الطرفان، وزارت كل الأماكن المقدسة في فلسطين عقدت اللجنة جلستها الختامية في باريس من 28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 1930 حيث انتهت اللجنة بالإجماع الى قرارها الذي استهلته بالفقرة التالية، وهي التي تهمنا في هذا البحث: "للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير".
إن أدوات العبادة وغيرها من الأدوات التي يحق لليهود وضعها بالقرب من الحائط لا يجوز في حال من الأحوال أن تعتبر أو أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له.
وتضمن القرار عدداً من النقاط الأخرى أهمها منع جلب المقاعد والمساجد والحصر والكراسي والستائر والحواجز والخيام، وعدم السماح لليهود بنفخ البوق قرب الحائط وقد وضعت أحكام هذا الأمر موضع التنفيذ اعتباراً من 8 يونيو 1931، وأصدرت الحكومة البريطانية كتاباً أبيض عن الموضوع اعترف بملكية المسلمين للمكان وتصرفهم فيه. وقد حمل كل من الحكم الدولي والكتاب الأبيض اليهود على التزام حدودهم، ولم يلبث صوت اليهود أن خفت ظاهريا بالنسبة لموضوع الحائط.، كما أصدر ملك بريطانيا على أساس ذلك المرسوم الملكي المعروف باسم مرسوم الحائط الغربي لسنة 1931 الذي نشر في حينه في الجريدة الرسمية لفلسطين.
ويمكن أن تتخذ قضية النزاع حول الحائط صورة من النزاع الأكبر على ملكية فلسطين. إذ أن اليهود يطالبون بهذه البلاد لتجديد مملكتهم القديمة فيها، ويبنون حقوقهم في مشروع الوطن القومي على هذه الحجة، وهذا الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف هو في اعتقادهم جزء من هيكل سليمان الذي كان أقدس آثار تلك المملكة بالطبع. فإذا كانوا قد خسروا دعواهم باعتبار أن الملكيات القديمة لا تلغى ملكية جديدة مشروعة مكتسبة بالحق وبالطرق القانونية، ومر عليها مئات السنين، فلا شك في بطلان دعواهم لاستعادة امتلاك البلاد من الناحية القانونية.
وإذا كان هذا الحكم الدولي الصادر من لجنة محايدة شكلت على أعلى المستويات التحكيمية في العالم يكفي من الناحية القانونية كي يقال أن الحائط الغربي للمسجد الأقصى هو حائط البراق وليس حائط المبكى وأنه ملك للمسلمين، فإنني لا اكتفي بهذا الحكم، بل أقدم عدداً من الشواهد والأدلة والقرائن على أن هذا الحائط هو حائط البراق وليس حائط المبكى:
أولاً: تذكر لجنة التحكيم الدولية في تقريرها أن الحجارة الضخمة الكبيرة الكائنة في أسفل الحائط وعلى الأخص المداميك الستة المنحوتة يرجع عهدها حسب رأي أغلب علماء الآثار إلى زمن الهيكل الثاني الذي أعيد بناؤه، وأنه يعلوها ثلاثة مداميك من الحجارة غير المنحوتة يرجح أنها من بقايا العصر الروماني. ويعني ما ذكرته اللجنة اعتماداً على علماء الآثار أنه ليس هناك في الحائط الغربي للحرم الشريف أي أثر من بقايا هيكل سليمان.
ثانياً: يؤكد مرجع أثري هام مؤلفه عالم أمريكي كبير كان مديراً لهيئة المدرسية الأمريكية للبحوث الشرقية في القدس. ورئيساً لعدة بعثات أثرية، وعضواً في عدة أكاديميات عالمية، أن ابنة هيرودس في أورشليم قد محت محواً تاماً كل أثر للمباني السابقة لها، لدرجة لم يستطيع معها الأثريون العثور على أية معالم مؤكدة من هيكل سليمان.
ويضيف هذا العالم الأمريكي أنه من المؤكد أن هيكل سليمان لم يُصمم ليكون مركزاً لحج حشود من الناس، وأنه لم يكن هناك ثمة داع في عهد سليمان لإقامة مبنى ضخم كما كان الحال في عهد هيردوس، وأن بنّائي هيرودس قد نزلوا حتى الصخر الطبيعي ليكون لهم الأساس الذي يتحمل ثقلاً جباراً.
ولعل هذا يفسر لنا أنه رغم قيام سلطات الاحتلال منذ عام 1967 بالحفر في مناطق مختلفة أسفل مساحة الحرم ومساجدها واستمرار حفرياتها حتى الآن، لم تجد أية إشارة واضحة إلى وجود أساسيات لهيكل سليمان.
ثالثاً: إن اليهود لم يدعوا أمام اللجنة الدولية بملكية الحائط ولا بملكية الرصيف الكائن أمامه، لكن اللجنة هي التي رأت من واجبها التحقيق في مسألة الملكية من الناحية القانونية.
إن كل ما طالب به ممثلو اليهود أمام اللجنة هو الاعتراف بحقهم في الدعاء أمام الحائط، وحقهم في السلوك إليه وفقاً لطقوسهم وشعائرهم الدينية دون مداخلة أو ممانعة، وأن يكون من حق رئاستهم الدينية في فلسطين وضع أي أنظمة ضرورية للقيام بهذه التضرعات والصلوات.
رابعاً: بمراجعة وثيقتين أساسيتين معاصرتين عن الحركة الصهيونية لم أجد كلمة واحدة عن حائط المبكى، الأولى هي كتاب "الدولة اليهودية" لثيودور هرتسل الذي يتحدث فيه بالتفصيل عن الدولة اليهودية المرتقبة، والثانية نص ما يتعلق بفلسطين والصهيونية في تقرير لجنة (كنج كرين) الأمريكية المؤرخ 28 أغسطس 1919م وهي اللجنة التي أرسلتها الحكومة الأمريكية للتعرف على حقائق الأمور في المشرق العربي قبل اتخاذ قرار بشأن مستقبل المنطقة، وقد استمعت اللجنة لمطالب المسلمين واليهود حيث تحدث اليهود بشكل مفصل عن برنامجهم الصهيوني، فإذا كان الصهاينة لم يتحدثوا في أي من الوثيقتين عن حائط المبكى أو يطالبون بملكيته، فكيف نسمح لأنفسنا بترديد عبارة لم يذكروها في وثائقهم. ولو كان الأمر أساسياً بالنسبة لهم ما فاتهم الإشارة إلى هذا الحائط ضمن خططهم وبرامجهم.
خامساً: في محاولة مني لتقصي الأمر، ومحاولة العثور على شواهد وأدلة تساعدنا على الوصول إلى الحقيقة، قمت بمناقشة أستاذين كبيرين من أساتذة اللغة العبرية وهما د. رشاد الشامي، د. إبراهيم البحرواي، حول استخدام عبارة "حائط المبكى" في المراجع العبرية، فأكد أن اليهود لا يستخدمون في مراجعهم هذه العبارة وإنما يستخدمون عبارة "الحائط الغربي" هاكوتيل همعرافى باعتبارها أكثر دلالة من "حائط المبكى" لأنها تعني بالنسبة لهم أن جزءاً من الحائط هو بقايا هيكلهم.
واهتماماً منهما ببحث الموضوع تم الرجوع إلى الموسوعة العبرية الموجودة بمكتبة كلية الآداب بجامعة عين شمس، حيث تبين أن الموسوعة تشير أيضاً إلى "الحائط الغربي" ولم تشر إلى عبارة "حائط المبكى"، وأضافت الموسوعة أنه بمرور السنين استخدم اليهود ذلك الجزء من السور "مكاناً للصلاة بحكم قربه للهيكل، وأصبح مقدساً في وعي الأمة كمكان للتوحد الديني، مع ذكر مجد إسرائيل من جهة وذكرى خراب الهيكل من ناحية أخرى". وقد تولى الدكتور رشاد ترجمة الفقرات التي وردت في الموسوعة ووقع عليها.
واقترح الدكتور إبراهيم البحرواي أن نرجع إلى القاموس العربي العبري الذي أصدرته وزارة الدفاع الإسرائيلية عام 1997م (الطبعة الخامسة)، فتبين أنه كتب أمام العبارة العبرية "كوتيل هدماعوت" عبارة "حائط الدموع" باللغة العربية، ولم يستخدم القاموس عبارة "حائط المبكى".
فإذا كانت اللجنة الدولية قد أصدرت حكماً بملكية المسلمين للحائط، وإذا كان معظم علماء الآثار قد أكدوا أنه ليس هناك في الحائط الغربي للحرم الشريف أية آثار أو حجارة من بقايا هيكل سليمان، وإذا كان اليهود لم يدعوا أمام اللجنة الدولية بملكيتهم للحائط، وإذا كانت بعض الوثائق اليهودية أو الأمريكية الهامة لم تشر بكلمة واحدة إلى حائط المبكى، وإذا كان أساتذة العبريات يؤكدون أن اليهود لا يستخدمون في مراجعهم المعاصرة عبارة "حائط المبكى" بل يسمونه "الحائط الغربي"، فمن أين يردد الإعلام العربي عبارة "حائط المبكى".
إن هذه العبارة لم أجد استخداماً لها إلا في عام 1929 قبيل انتفاضة البراق وخلالها بواسطة البيانات التي كانت تذيعها "لجنة الدفاع اليهودية عن المبكى" ثم توقف استخدام تلك العبارة بعد انتهاء انتفاضة البراق وصدور حكم اللجنة الدولية بملكية المسلمين للحائط. ولم أجد استخداماً لهذه الكلمة منذ انتفاضة البراق حتى الهزيمة العربية عام 1967 حيث شاع منذ ذلك الحين استخدام هذه العبارة حتى الآن فما مصدر هذا الاستخدام؟
يعتقد أن مخططي الاعلام الغربي والصهيوني قد نجحوا في إدخال مثل هذه العبارات إلى عقولنا وألسنتنا، عن طريق ما ترسله وكالات الأنباء من أخبار وصور، كما أن استخدام هذه العبارات على لسان بعض الكتاب العرب الذين زاروا القدس والحائط منذ أواخر السبعينات، قد ساعد على إشاعة هذه العبارة بين الرأي العام العربي.
وإذا كان من حق اليهود أن يطلقوا على الحائط ما يشاءون من تسميات، وأن يذرفوا ما يشاءون من الدموع، أليس من حق العرب والمسلمين أن يطلقوا على الحائط عبارة حائط البراق، وهي التسمية التي يؤيدها التاريخ والتراث والقانون الدولي.
وإذا كان الصهاينة والإعلام الغربي الذي يساندهم قد نجحوا في نقل مصطلحاتهم وتراثهم إلى عقل المواطن العربي، ألا يجعلنا ذلك نزداد تنبهاً ووعياً وادراكاً لما يحيط بنا من تحديات.
إن القضية ليست مجرد شكليات أو ألفاظ عابرة، لكنها أعمق من ذلك بكثير. إن اهتمام اليهود بهذا الحائط ليس سوى ذريعة لتدعيم حقوقهم ومزاعمهم، وغطاءً دينياً لاغتصاب القدس العربية، ومبرراً لاستثارة مشاعر اليهود وعواطفهم.
وختاماً، فلعلي أستطيع أن أقول في اطمئنان، أن الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف هو حائط البراق وليس حائط المبكى.




وهذه بعض الصور لحائط البراق اضفتها لاتمام الموضوع