بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم إجابته عن مسائل اليهود، إخباره عن الفرقة المارقة، وفد نجران..


ما جاء في مسائل اليهوديين ومعرفتهما بصدق النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - في نبوته:
عن صفوان بن عسال قال: (قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النَّبيّ فنسأله. فقال الآخر: لا تقل نبي فإنه إن سمعك تقول نبي كانت له أربعة أعين فانطلقا إلى النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - فسألاه عن قول الله - عَزَّ وجَلَّ - : {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} (101) سورة الإسراء قال: لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تسحروا، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان فيقتله، ولا تأكلوا الربا، ولا تفروا من الزحف، ولا تقذفوا محصنة – شك شعبة: وعليك خاصة – اليهود - أن لا تعدوا في السبت. فقبلا يديه ورجليه وقالا: نشهد أنك نبي. قال: فما يمنعكما أن تسلما، فقالا: إن داود سأله ربه ألا يزال في ذريته نبي ونحن نخاف إن تبعناك أن تقتلنا اليهود). أخرجه الترمذي (5/ 77) و رقم الحديث (2733) كتاب الاستئذان (باب) ما جاء في قبلة اليد والرجل. نقلاً من دلائل (6/268).

ما جاء في إخبار النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - بأنَّ خيرَ التابعين أُويس القرني:
عن أُسير بن جابر قال: (لما أقبل أهل اليمن جعل عمر - رَضيَ اللهُ عَنْهُ - يستقرئ الرفاق فيقول: هل فيكم أحد من قرنٍ حَتَّى أتى على قرنٍ، فقال: من أنتم؟ قالوا: قرن فوقع زمام عمر أو زمام أويس، فناوله عمر فعرفه بالنعت فقال له عمر: ما اسمك؟ قال: أويس، قال: هل كانت لك والدة؟ قال: نعم! قال: هل بك من البياض شيء؟ قال: نعم! دعوت الله فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي. فقال له عمر: استغفر لي. قال: أنت أحق أن ستستغفر لي، أنت صاحب رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، فقال عمر: إني سمعت رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - يقول: إن خير التابعين رجل يقال له أويس القرني، وله والدة وكان به بياض فدعا ربه فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته. قال: فاستغفر له وذكر الحديث). مُسند أحمدَ – مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة - أول مسند عمر ابن الخطاب.

ما جاء في إخباره بخروج الخوارج وسيماهم والمخدَّج:
عن أبي سعيد الخدري - رَضيَ اللهُ عَنْهُ - قال: (بينا رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - يقسم ذات يوم قَسْماً، فقال ذو الخويصرة – رجل من بني تميم: يا رسُولَ اللهِ أعدل قال: (ويحك) ومن يعدل إذا لم أعدل فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسُولَ اللهِ ائذن لي فأضرب عنقه، فقال: لا.. ألا إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيءٌ، ثم ينظر إلى قذذِه فلا يوجد فيه شيء، سبق الفرث والدم يخرجون على حين فرقةٍ من الناس آيتهم رجل أدعج إحدى يديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر).
قال أبو سعيد: أشهد لسمعت هذا من رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - وأشهد أني كنت مع علي - رَضيَ اللهُ عَنْهُ - حيث قتلهم فالتُمس في القتلى، وأُتي به على النعت الذي نعت رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - ). البخاري - الفتح (6/714) رقم (3610) - كتاب المناقب – باب علامات النُّبوُّة في الإسلام.

ذكر رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - من قُتل ببدر من المشركين وما في ذلك من دلائل النُّبوُّة:
عن عبد الله بن مسعود قال : (انطلق سعد بن معاذ معتمراً، فنزل على أمية بن خلف بن صفوان، وكان أمية بن خلف إذا انطلق إلى الشام فمر بالمدينة نزل على سعد، فقال أمية لسعد: انتظر حَتَّى إذا انتصف النهار، وغفل الناس انطلقت فطفنا، قال: فبينما سعد يطوف إذا أتاه أبو جهل، فقال من هذا الذي يطوف بالكعبة ؟ فقال سعد: أنا سعد، فقال أبو جهل: أتطوف بالكعبة آمنا، وقد آويتم مُحَمَّداً وأصحابه؟ (قال: نعم) قال: فتلاحيا (بينهما) قال: فقال أمية لسعد: لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي قال: فقال له سعد: والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعنَّ عليك متجرك بالشام، قال : فجعل أمية يقول لسعد: لا ترفع صوتك، وجعل يسكته فغضب سعد، فقال: دعنا منك فإني سمعت مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - يزعم أنه قاتلك قال: إياي ؟ قال: نعم، قال: والله ما يكذب مُحَمَّد. فكاد أن يحدث، فرجع إلى امرأته، فقال: ما تعلمين ما قال أخي اليثربي، قالت: وما قال؟ قال: زعم أنه سمع مُحَمَّداً يزعم أنه قاتلي، قالت: فوا الله ما يكذب مُحَمَّد(1).

إسلام ثعلبة وأسيد ابني سعية، وأسد بن عبيد، وما في ذلك من آثار النُّبوُّة :
· عن عاصم بن عمر، عن شيخ من بني قريظة قال: قدم علينا من الشام رجل يهودي يقال له ابن الهيَّبان، والله ما رأينا رجلاً قط، خيراً منه، فأقام بين أظهرنا فكنا نقول له إذا احتبس المطر: استسق لنا، فيقول: لا والله حَتَّى تخرجوا أمام مخرجكم صدقة، فيقولون: ما ذا ؟ فيقول: صاع من تمر. أو مد من شعير، فنفعل، فيخرج بنا إلى ظاهر حرَّتنا، فوالله ما يبرح مجلسه، حَتَّى تمر بنا الشعاب، تسيل. قد فعل ذلك غير مرة، ولا مرتين، فلما حضرته الوفاة. قال: يا معشر يهود! أما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير، إلى أرض البؤس والجوع! فقلنا أنت أعلم، قال: أخرجني نبي أتوقعه يبعث الآن في هذه البلدة مهاجرة وأنه يبعث بسفك الدماء، وسبي الذرية فلا يمنعنكم ذلك منه ولا تسبقنَّ إليه ثم مات)(2).

قتل ابن نُبَيْح الهذليَّ، وما ظهر في ذلك من آثار النُّبوُّة بوجود الصدق في خبره:
عن موسى ابن عقبة قال: (بعث رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - عبد الله بن أنيس السلمي، إلى سفيان ابن نبيح الهذلي، ثم الحياني وهو بعرنة من وراء مكة أو بعرفة، قد اجتمع إليه الناس ليغزو رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - بهم وأمره أن يقتله).
قال عبد الله لرسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - ما نحوه يا رسُولَ اللهِ (انعته لي) قال: إذا رأيته هبته وفرقت منه. قال عبد الله: فما فرقت من شيءٍ قط.
فانطلق عبد الله يتوصل بالناس، ويعترى إلى خزاعة، ويخبر من لقي إنما يريد سفيان ليكون معه، فلقي سفيان وهو يمشي ببطن عُرَنة ووراءه الأحابيش من حاضرة مكة. قال عبد الله فلما رأيته، هبته وفرقت منه فقلت: صدق الله ورسوله ثم كمنت له، حَتَّى إذا هدأ النَّاسُ، اعتررته فقتلته)(3).

ومن دلائل النُّبوُّة ما حدث في غزوة المريسيع من رؤية المشركين للمسلمين من حيث الكثرة وذلك ما جاء في هذا الخبر عن جويرية زوج النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - :
قال الواقدي: حدثنا سعيد بن عبد الله بن أبي الأبيض، عن أبيه، عن جدته، وهي مولاة جويرية، قالت: سمعت جُويرية بنت الحارث، تقول: أتانا رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - ونحن على المريسيع، فأسمع أبي يقول: أتانا ما لا قِبَلَ لنا به قلت: وكنت أرى من الناس والخيل، والسلاح، ما لا أصف من الكثرة.
فلما أن أسلمت وتزوَّجني رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ– ورجعنا، جعلت أنظر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى، فعرفت أنه رعبٌ من اللهِ - عَزَّ وجَلَّ - يلقيه في قلوب المشركين، وكان رجل منهم قد أسلم فحسن إسلامه، يقول: لقد كنا نرى رجالاً بيضاً، على خيولٍ بلق، ما كنا نراهم قبل ولا بعد(4).

من دلائل النُّبوُّة إخبار رسُول اللهِ - عليه الصلاة و سلم أن هبوب الريح إنما كانت لموت عظيم من عظماء الكفر:
عن ابن إسحاق: عن شيوخه الذين روى عنهم قصة بني المصطلق، قالوا: (انصرف رسُول اللهِ حَتَّى إذا كان ببقعاء من أرض الحجاز دون البقيع هبت ريح شديدة، فخافها الناس، فقال رسُول اللهِ: لا تخافوها فإنها هبت لموت عظيم من عظماء الكفر، فوجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت، مات في ذلك اليوم، وكان من بني قَيْنُقاع، وكان قد أظهر الإسلام، وكان كهفاً للمنافقين)(5).

ما جاء في نومهم عن الصلاة حَتَّى انصرفوا من خيبر، وما ظهر في ذلك الطَّريق من آثار النُّبوُّة:
عن زيد بن أسلم أنه قال: (عرَّس رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - ليلة بطريق مكة، ووكَّلَ بلالاً أنْ يُوقظَهم للصلاة, فرقد بلالٌ ورقدوا..... ثم التفت رسُول اللهِ إلى أبي بكر الصديق، فقال: إن الشيطان أتى بلالاً وهو قائم يُصلِّي فلم يزل يهدئه كما يهدي الصبي حَتَّى نام، ثم دعا رسُول اللهِ بلالاً فأخبر بلال رسُول اللهِ مثل الذي أخبر رسُول اللهِ أبا بكر الصديق، فقال أبو بكر: أشهد أنك رسُول اللهِ).(6)

ذكر الرجل الذي قتل رجلاً بعد ما شهد بالحق ثم مات فلم تقبله الأرض وما ظهر في ذلك من آثار النُّبوُّة :
عن البراء بن عبد الله الغنوي، عن الحسن، قال: بلغنا أنَّ رجلاً كان على عهد رسُولِ اللهِ في قتل المشركين...قال: فأنزل الله فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (94) سورة النساء.
فبلغنا أنَّ الرجل مات فقيل يا رسُولَ اللهِ, مات فلانٌ فدفناه فأصبحت الأرض قد لفظته، ثم دفناه فلفظته، فقال: أما إنها تقبل من هو شر منه ولكن الله - عَزَّ وجَلَّ - أراد أن يجعله موعظة لكم ليكلا يقدم رجل منكم على قتل من يشهد أن لا إله إلا الله، أو يقول: إني مسلم. اذهبوا به إلى شِعْبِ بني فلانٍ فادفنُوه، فإنَّ الأرض ستقبله فدفنُوه في ذلك الشِّعبِ).(7)

من دلائل النُّبوُّة ما جاء في إخبار الرَّسُول خالداً بأنه لم يقتل العزى، و لم يكن الرَّسُول يعرفها من قبل :
عن أبي الطُّفيل: قال: (لما فتح رسُول اللهِ مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى، فأتاها خالد بن الوليد. وكانت على ثلاث سمرات فقطع السمرات، وهدم البيت الذي كان عليها، ثم أتى النَّبيّ فأخبره، فقال: ارجع فإنك لم تصنع شيئاً، فرجع خالد فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها أمعنوا في الجبل وهم يقولون: يا عزة خبليه، يا عزة عوريه، وإلا فموتي برغم، قال: فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها، فعممها بالسيف حَتَّى قتلها، ثم رجع إلى النَّبيّ فأخبره فقال: تلك العزى).(8)

من دلائل النُّبوُّة إخبار الرَّسُول بالفرقة المارقة:
عن أبي سعيد عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، قال: (تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق)(9).
وفي هذا والذي قتله أخبر رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - عن خروجهم قوم فيهم رجل مُخدَّجِ اليدِ عند فرقة من المسلمين، وأنه يقتلهم أولى الطائفتين بالحق، فكان كما قال. خرجوا حين وقعت الفرقةُ بين أهل العراق والشام، وقتلهم أولى الطائفتين بالحقِّ أميرُ المؤمنين على بن أبي طالب - رَضيَ اللهُ عَنْهُ - ووجدوا المُخدَّجَ كما وصف النَّبيُّ, فكان ذلك علامةً من علاماتِ نُبوته التي ظهرتْ بعدَ وفاةِ صاحبِ الرِّسالةِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -.(10)

من دلائل النُّبوُّة إخبار الرَّسُول بأن أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده، وقد كان كما قال الرَّسُول:
عن عبد الله بن مسعود - رَضيَ اللهُ عَنْهُ - قال: (لما سارَ رسُول اللهِ–صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل، فيقولون: يا رسُولَ اللهِ تخلف فلان، فيقول: دعوه إن يكن فيه خير فسيلحقه الله–تعالى - بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله–تعالى - منه حَتَّى قيل : يا رسُولَ اللهِ تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيرُهُ, فقال: ((دعوه إن يكن فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن كان غير ذلك فقد أراحكم الله منه) فيلزم أبو ذر بعيره فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره، ثم خرج يتبع رسُول اللهِ ما شياً، ونزل رسُول اللهِ في بعض منازله، ونظر ناظر من المسلمين، فقال: يا رسُولَ اللهِ إن هذا الرجل يمشي على الطَّريق، فقال رسُول اللهِ :كن أبا ذر فلما تأمله القوم. قالوا: يا رسُولَ اللهِ هو والله أبو ذر، فقال رسُولُ اللهِ: يرحم اللهُ أبا ذر؛ يَمشي وحده، ويموتُ وحده، ويُبعث وحده).
فضرب الدهر من ضربه، وسير أبو ذر إلى الرَّبَذَة، فلما حضره الموتُ أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني, ثم احملاني فضعاني على قارعة الطَّريق, فأول ركب يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر. فلما ماتَ فعلُوا به كذلك, فاطلع ركبٌ فما علموا به حَتَّى كادت ركائبهم توطأ سريرة، فإذا ابن مسعود في رهطٍ من أهل الكوفة، فقال: ما هذا: فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابنُ مسعودٍ يبكي، فقال: صدق رسُولُ اللهِ يرحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حَتَّى أجَنَّهُ)(11).

من الدلائل إخبار النَّبيّ عن وقت إتيانهم عين تبوك وفيما قال لمعاذ فكان كما قال وما في ذلك من آثار النُّبوُّة:
عن عامر بن وائلة أن معاذ بن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - عام تبوك فكان رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، قال: فأخر الصلاة يوماً، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل، ثم خرج وصلى المغرب والعشاء جميعاً، ثم قال: إنكم ستأتون غداً - إنْ شَاءَ اللهُ - عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حَتَّى يضحي النهار فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئاً حَتَّى أتي.
قال فجئنا وقد سبق إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء، فسألهما رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - هل مسستما من مائها شيئاً؟ قالا: نعم، فسبهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول، ثم غرفوا من العين قليلاً قليلاً حَتَّى اجتمعَ في شيء، ثم غسل رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - فيه وجهه، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير، فاستقى الناس ثم قال رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - : يوشك يا معاذ إنْ طالتْ بك حياةٌ أنْ ترى ماءها هنا قد مُلئ جناناً (أي بساتين وعمراناً).(12)

من دلائل النُّبوُّة قدوم وفد نجران على رسُول اللهِ:
قدم وفدُ نجران على رسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - فلما وجهوا إلى رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له موجهاً إلى رسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -، وإلى جنبه أخ له يقال له: كوز بن علقمة يسايره، إذ عثرت بغلة أبي حارثة، فقال له كوز: تعس الأبعد، يريد رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - فقال له أبو حارثة: بل أنت تعست، فقال له: ولم يا أخ؟ فقال: والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر، قال له كوز: فما يمنعك وأنت تعلم هذا؟ قال: ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا، ومولونا، وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى، فأخمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة حَتَّى أسلم بعد ذلك)13.

1 - البخاري – الفتح(6/629) رقم الحديث(3632) - كتاب المناقب - باب علامات النُّبوُّة في الإسلام.
2 - دلائل النُّبوُّة للبيهقي(4/31)
3 - المرجع السابق/4/41/40).
4 - المرجع السابق (4/47)
5 المرجع السابق (4/47)
6 - مالك في الموطأ في كتاب الصلاة (26) باب النوم عن الصلاة. نقلاً من كتاب الدلائل (4/274).
7 - رواه ابن هشام في السيرة(4/237). نقلاً من كتاب الدلائل(4/310).
8 - ذكر هذه السرية ابن سعد (2/145) وابن إسحاق, نقلاً عن الدلائل(5/77).
9 - صحيح مسلم - (2/745) رقم (1064) كتاب الزكاة - باب ذكر الخوارج وصفاتهم.
10 - صحيح مسلم(2/745) رقم 1064) – كتاب الزكاة – باب التحريض على قتل الخوارج.
11 - رواه ابن هشام في السيرة (4/136_ 137) ونقله ابن كثر في التاريخ (5/8) نقلاً من الدلائل (5/221 - 222).
12 - صحيح مسلم 43 كتاب فضائل النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَ سَلَّمَ - 3 باب في معجزات النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَ سَلَّمَ - الحديث (10) , ص(1784) من وجه آخر عن مالك بن أنس, وروي زيادة ماء تلك العين بمضمضته فيها, عن عروة بن الزبير, وقال : هي كذلك حَتَّى الساعة. المرجع /دلائل النُّبوُّة (5/236 - 237)
13 - رواه ابن هشام في السيرة (2/204) ونقله ابن كثير في التاريخ : (5: 56) من الدلائل (5/383).