يقول الررازي في تفسيره مفاتيح الغيب


وفي قوله {إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته } (النساء: 171) قلنا: فيه وجوه الأول: أنه خلق بكلمة الله، وهو قوله {كن } /من غير واسطة الأب، فلما كان تكوينه بمحض قول الله {كن } وبمحض تكوينه وتخليقه من غير واسطة الأب والبذر، لا جرم سمى: كلمة، كما يسمى المخلوق خلقا، والمقدور قدرة، والمرجو رجاء، والمشتهي شهوة، وهذا باب مشهور في اللغة والثاني: أنه تكلم في الطفولية، وآتاه الله الكتاب في زمان الطفولية، فكان في كونه متكلما بالغا مبلغا عظيما، فسمي كلمة بهذا التأويل وهو مثل ما يقال: فلان جود وإقبال إذا كان كاملا فيهما والثالث: أن الكلمة كما أنها تفيد المعاني والحقائق، كذلك عيسى كان يرشد إلى الحقائق والأسرار الإلاهية، فسمى: كلمة، بهذا التأويل.. هو مثل تسميته روحا من حيث إن الله تعالى أحيا به من الضلالة كما يحيا الإنسان بالروح، وقد سمى الله القرآن روحا فقال: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا } (الشورى: 52) والرابع: أنه قد وردت البشارة به في كتب الأنبياء الذين كانوا قبله، فلما جاء قيل: هذا هو تلك الكلمة، فسمى كلمة بهذا التأويل قالوا: ووجه المجاز فيه أن من أخبر عن حدوث أمر فإذا حدث ذلك الأمر قال: قد جاء قولي وجاء كلامي، أي ما كنت أقول وأتكلم به، ونظيره قوله تعالى: {وكذالك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحـاب النار } (غافر: 6) وقال: {ولـاكن حقت كلمة العذاب على الكـافرين } (الزمر: 71)الخامس: أن الإنسان قد يسمى بفضل الله ولطف الله، فكذا عيسى عليه السلام كان اسمه العلم: كلمة الله، وروح الله
**
قيل كلمة الله لأنه كان مبشر به في التوراة-كلام الله-