المادية تنهدم

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

المادية تنهدم

النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: المادية تنهدم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي المادية تنهدم

    أهدهد وعيي كي أنام فيراودني طيف من فكر ، أطاوعه و أطرح النوم جانباً . ألتفت للكتب التي هي متناول يدي . أيها أختار لأقرأ قليلاً ؟
    أدع الاختيار للقدر. تقع أصابعي على كتاب للعقاد يدعى (الإسلام و الحضارة الإنسانية) مغلف يضم مجموعة من مقالات العقاد ، كتبها في ستينات القرن الماضي منافحاً عن الإسلام و مترصداً لما يكتبه الغربي عن الإسلام يفنده بالتحليل و النقد و الرد . كما أنه يجابه الجدال و هوى النفس يردهما بمنطقه القويم إلى الطريق المستقيم .
    تعجبني مقالة فيه عنوانها ( المادية تنهدم ) أحببت أن أشارككم أفكارها ، ( الفكر و المقالة للعقاد و التحرير هو عمل لوحة مفاتيحي فيها ، وجه آخر للمفكرة تعرضه لكم اليوم) :
    **********************
    سؤال مطروح على علماء الغرب أولئك الذين ابتدعوا نظرية التطور ، ما رأيكم في مستقبل الإنسان؟
    أجاب أحد مشاهير علمائهم:
    استقرت بنية الإنسان و من غير المنتظر أن يتطور مخه ، لكن الخبرات البشرية المتعاقبة من الفن و الفكر ستزيد قدرة الإنسان على الفكر الصحيح بحيث تزيد كفاءة الدماغ العقلية .
    ثم قرر هذا العالم أن تطور الإنسان غير مرتبط ببنيته المادية فقط و إنما ينبع هذا التطور من تطور الفكر و الإدراك .
    المفكرون الغربيون استحسنوا الإجابة و اعتبروا أن نجاة النوع الإنساني مما يهدده من قوى الطبيعة و الأسلحة التي ابتكرها العلم الطبيعي لا يكون بالعلم المادي و إنما بقبس من عالم الروح تنتفع به الضمائر و العقول .
    هذه الآراء تهدم الفلسفة المادية التي ترى أن الإنسان مادة صرفة . لكن العقاد يود لو يهدم المادية بطريق مغاير بأن يفحص ماهية المادة ذاتها . فيقول أن المادة لا توجد أصلاً بغير مقاييس الفكر .
    فالمادة التي اعتدنا قياسها بالمتر و الثانية مما يسمح بالإمتداد في الطول أو المساحة أو الزمان صارت تقاس بمقاييس تشبه النقطة بلا امتداد أو عمق أو اتساع !
    لقد وصلنا اليوم إلى وحدة تقيس أبعاد الذرات تدعى الميكرون تساوي جزء من ألف ألف جزء من المتر.
    فما الفرق في التصور بين الذرة و بين المعاني الذهنية المجردة التي تدرك بالتقدير الفلسفي المجرد من كل مادة محسوسة؟!
    بل يسهل تقدير الروح و التفكير بمقياس المعاني الذهنية بينما يظل إدراكنا للميكرون و أبعاد الذرة صعباً عسيراً لأنه يدخل حيز العالم المادي المدرك بالحواس .
    انفجار الذرة يطلق طاقتها في جزء من الثانية مما لا يدركه إحساسنا . كيف نقدر هذا الزمن الذي يعسر على المخ تمييزه ؟ إن التجارب العلمية لم تترك حداً بين حقيقة المادة و الروح أو عالم الشهود و الخفاء إذاً .
    دعنا ننطلق في رحلة داخل الخلية البشرية . تلك الجسيمات التي توجد في نواتها و تحسب بالملايين و لا تدرك بالبصر إلا إذا عولجت بالصبغة ثم ظهرت لوناً تلمحه العين تحت الميكروسكوب (المجهر) . تلك الصورة للجينات أو الصبغيات في نواة الخلية الحية لم تظهر إلى عالم المحسوسات إلا بعلم الحساب .
    يمكنكم أن تعتبروا تلك الصبغيات من عالم المحسوسات و يصح هذا القول لو كانت الصبغة تظهر لنا الخصائص التي تحملها تلك الجينات . لكن الصبغيات تحمل صفات الكائن الحي و تتناسل و تنقسم إلى بضع ملايين ثم تخرج مرة بعد مرة مئات الصور التي تتولد منها صفات الكائن الحي من لون الشعر و العين و الطول و الصفات المادية المحسوسة التي اختزنتها تلك الصبغيات !
    فالجينات التي يتولد منها الجنين لا تنتقل مباشرة إلى لون العين أو الشعر أو البشرة بل تمر بمرحلة بعد أخرى و لا يتيسر للنظر أو الصبغة أو الحساب أن يفصل في لمحة واحدة بين هذه المراحل . (في ذلك الوقت طبعاً ، لدينا الآن فكرة أوسع عن كيفية عمل الجينات.)
    فإذا كانت الصبغة ترينا الجينات بالمجهر فإنها لا ترينا تلك الخاصية التي تتحول بها تلك الجينات إلى خلايا حية ذات صفات مادية ملموسة . إذاً تلزمنا المعاني العقـلية المجردة التي ندرك بها خصائص و طرق عمل الجينات ، معاني وراء العين و الحدس و الحساب .
    هكذا تنتهي المادة على أيدي الماديين في صميم علومهم التي عزلوها قديماً عن عالم المعنى و عالم الروح و عالم الخفاء .
    فإذا كان علماء القرن التاسع عشر قد استخدموا المادة دليل للكفر بما هو وراء المادة المحسوسة فإن القرن العشرين هو عصر الكفر بالمادة و العودة لما وراءها . و إن المادة لتهدي عالم القرن الواحد و العشرين إلى عالم الروح من خلال الذرة على شعاع من نور .

    **************************
    سبحان الخالق البارىء المصور .
    رحم الله الكاتب أنصف الإسلام في وقت سادت فيه المادية و حاول الإلحاد أن يتخطفنا كل سبيل .
    **************************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي

    تحدي الإله .
    تلك مقالة نشرها العقاد في مجلة الأزهر عام 1959
    وقف أحد الملاحدة الماركسيين أمام إحدى محطات الإذاعة فتحدى الله إن كان موجوداً لينسفن هذا البلد و يمحو تلك الدولة فإن لم يفعل فليعلم الناس أن الإله خرافة لا وجود لها !
    هذا الملحد لا يفهم معنى الألوهية فهي عنده سلطة غاشمة تبطش بمن ينكرها و يستفزها التحدي فتظهر قدرتها و إلا فقدت حقها في إثبات وجودها .
    هذا هو الفهم الوحيد لمعنى السلطة الذي يفهمه هذا المتحدي و يظن به أنه أفحم من يؤمنون بوجود الله .
    أما المؤمن فيعلم أن الألوهية سلطة لها نظامها و حكمتها لا تهتز لهذا التحدي فتذهل عن حكمتها و عن نظام الأمور .
    ليس طفلاً ذكياً ذاك الذي يقول لأبيه ابطش بفلان و أهلكه إن كنت ذا قدرة . فمن اليسير على الطفل الذكي أن يدرك أن أباه خليق أن لا يجيب على تحدٍ على هواه و لا ينفي ذلك عنه أنه ذو قدرة و أنه يستطيع القيام بالحمل المطلوب .
    الملحد الماركسي أسخف من الطفل حين يخطر له أن يتحدى إلهاً حكيماً يضع الأشياء في مواضعها كما يقدرها فيزعم أنه غير موجود لأنه لو كان موجوداً لأبطل تلك الحكمة و أخل بملكه خوفاً من الشك في وجوده !
    من يفهم الألوهية على أنها سلطة رشيدة فإنه لا يتحداها أن تفعل غير ما أرادت أن تفعله منذ الأزل و إلى آخر الزمان . فإنه إن استطاع بتحديه أن يغير اتجاهها فذلك برهان عدمها و انعدام حكمتها.
    لو أراد الله أن ينكشف للفكر كما تنكشف الأشياء للبصر لفعل ذلك بإرادته منذ وجدت البصائر و الضمائر و لم ينتظر حتى يفعله منقاداً للخوف من الإتهام .
    يكون سؤال الماركسي أكثر حكمة و أقرب للعقل لو أنه تساءل لماذا لا يشاء الله أن ينكشف للبصائر و يترك الناس يبحثون و يترددون و يكفرون و يؤمنون ، لماذا لا يكشف لنا وجوده على نحو يبطل الخلاف و الشك ؟
    و كيف يكون هذا الشكل من الإيمان و كيف تكون تلك الضمائر ؟ إنها تكون آلات أو عجماوات .
    إن العلم بوجود الله باستخدام حاسة البصر كما ندرك كل المحسوسات يلغي الضمائر و العقول و يبطل الجهد الإنساني في امتحان الخير و الشر و الهداية و الضلال .
    المعرفة بحاسة البصر يتساوى فيها الإنسان مع الحيوانات فهل هذه هي المعرفة التي تليق بالإنسان المسئول عن ضميره الباحث عن هدايته ، المترقي بسعيه و اجتهاده ؟
    و هل يطلبون أن يتساوى البشر في مدركات الحواس و ملكات الأجسام و الأفهام و الأعمار و الأيام ؟ هل هذه البشرية المكونة من نسخة واحدة مكررة هي البشرية المثالية التي تثبت حكمة الله و وجوده ؟!
    إن ذرة التراب لا تعطينا حقيقتها في لمحة عين و نحتاج في معرفتها لجهود العمل و التفكير و التحليل لندرك بعض كنهها و ننتفع بها . و يبقى الكثير منها بعيداً عن مجال الإدراك إلى ما يشاء الله .
    و يستوعب الملحد ذلك و لا يندهش له بل يعتبر أن الإنسان كلما وسع جهده و علمه و بحثه ارتقى و ازداد تحضراً .
    الشمس على جلائها تخفى علينا كما خفيت على الأقدمين ، حتى بعد أن علمنا سرعتها و حجمها و درجة حرارتها فلازلنا نكتشف عنها العجائب . و العجب لأولئك الملحدين الذين يكيلون بمكيالين فيقبلون أن تكون شمس الكون الساطعة بهذا الخفاء ثم يريدون أن تكون الحقيقة الإلهية أقرب منالاً من حقائق الشمس التي يجهلون معظمها !
    فلماذا ينتظرون أن يحيطوا بحقيقة الحقائق في لمح البصر و يستكثرون السعي إلى معرفة الخالق مهما كان الجهد المبذول لذلك ؟
    إن بحث العقول و الضمائر عند الملحدين عن الخالق منتقد و غير مفهوم . و سؤالي لهم هو أيكون الصواب و الحكمة أن نستغني عن البحث في أمر الله وحده أو في جميع الأمور ؟ أيكون الإله أكثر حكمة لو كانت مخلوقاته منقادة بحبال الغريزة بغير فهم و لا تمييز ، انقياد يسلبها الإرادة و الاِختيار ؟
    تعالى الله عمّـا يصفون .
    هذا الاِختيار الذي أعطاه الخالق لبني البشر في البحث عنه و الإيمان به مختارين أقوى دليل يدعم قضية الإيمان بوجود الله و حكمته .
    **************************
    سبحان من تعطف بالعز و قال به، سبحان من لبس المجد و تكرم به، سبحان ذي الفضل و النعم، سبحان ذي المجد و الكرم، سبحان الذي أحصى كل شئ علمه.
    سبحان الله ملء البر، سبحان الله ملء البحر، سبحان الله ملء السموات و الأرض، سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر و لا حول و لاقوة إلا بالله عدد ما خلق و عدد ما هو خالق و زنة ما خلق و زنة ما هو خالق و ملء ما خلق و ملء ما هو خالق و زنة عرشه و منتهى رحمته و مداد كلماته و مبلغ رضاه و حتى يرضى و إذا رضى. سبحان الله عدد ما ذكره به خلقه أبد الدنيا و الآخرة تسبيح لا ينقطع أولاه و لا ينفد أخراه.
    **************************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي

    يناقش العقاد فكرة من كتاب ( داخل أفريقيا ) من تأليف جون جنتر ، يقول الكاتب أن أفريقيا الاستوائية التابعة لفرنسا لا تطالب شعوبها بالاِنفصال عن فرنسا خلافاً لشعوب شمال أفريقيا التي رفضت تماماً الإندماج في المجتمع الفرنسي و الذوبان فيه .
    ما الفارق بين الشعوب الإستوائية و الشعوب الأفريقية على شواطىء البحر الأبيض المتوسط ؟ الفارق هو الحضارة الإسلامية العريقة التي منحت تلك الشعوب بعض الحصانة أمام السيطرة الأجنبية بأنواعها السياسية و الفكرية .
    كل أمة تحضرت بالإسلام احتفظت بكيان قوي لا يسهل هضمه و إدماجه في كيان آخر أجنبي عنه . قوة حفظت الشعوب أثناء الإستعمار و مقاومة قوية يسميها المستعمر جموداً من المسلمين و لكنها محافظة على الكيان القومي أن يقع فريسة و ضحية للإستعمار يتغذى على خيراته و يترك شعوبه محرومة منها .
    لكن الإستعمار الذي يصيب عقيدة الأمة و أخلاقها و عاداتها أكثر خطراً من الإستعمار السياسي لأن الأول يصيبها في الصميم و لا يبقي لها بعد ذلك شخصية تذود بها خطراً من الأخطار يهددها في حاضرها أو مستقبلها .
    و الأمم الإسلامية أشد تعرضاً لهذا النوع من الإستعمار لأن الدين الإسلامي نظام اجتماعي و آداب معيشة و له مبادىء فكرية تقوم عليها العلاقات بين الأفراد و له وجهة نظر في أصول الحياة .
    لهذا كره الإستعمار الأمم الإسلامية كرهًا مضاعفًا لأنه وجد فيها عقبات أمام السيادة الأجنبية و عقبات في وجه العقائد و الآداب التي يفرضها عليها مخالفة للدين ، و حاول أن يلغي مبادئها الفكرية و الخلقية بمبادىء أخرى تناقضها و لا تبقي فيها بقية صالحة لمقاومة أو متشبثة بكيان .
    ما أشبه اليوم بالبارحة !
    **************************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي

    الشك برهان الإيمان
    وردت إلى العقاد رسائل صريحة من الشباب الحائر في شئون العقيدة من الشك في الإيمان بالله إلى صلاحية العبادات للعصر الحالي .
    قال العقاد ردًا عليها : لست متشائمًا من هذه الصراحة فهي تدل أن الشباب يريدون أن ينتقلوا في عقيدتهم من التقليد إلى الفهم العميق و التبصر و الإجتهاد لذلك يسألون عما لا تصل إليه عقولهم. و تدل هذه الرسائل أيضاً على ضيق أصحابها من الشك و الحيرة بدلًا من التذرع بهذا الشك لترك الفرائض و الآداب الإنسانية التي تقوم على مبادىء الدين .
    و تدل أن الشباب لم يصبهم داء الغرور فيستغنوا بعقولهم عن السؤال و مزيد الفهم للوصول إلى الوضوح .
    إحدى تلك الرسائل يحكي كاتبها أنه اقترب من النجاح في امتحانات كلية الطيران ليرفضه الكشف الطبي لأن قلبه على اليمين !
    يتساءل صاحب الرسالة لماذا يعذبه الله على هذا النحو ؟!
    الرسالة الثانية يتساءل صاحبها لماذا لا يظهر الله علانية للبشر بدلا من هذا التخبط و المنازعات بين المنكرين و المؤمنين و بين المؤمنين من أنصار كل دين !
    أجاب العقاد على الرسالة على هذا النحو :
    لو ذهبنا نطلب البراهين الفلسفية على قضايا الإيمان لطال بنا الطريق . يكفينا أن نتخلص من الشك كي نصل إلى اليقين .
    من اليسير أن نفهم أن إنكار وجود الخالق لشيوع النقص و العذاب في المخلوقات إنكار ضعيف و أظهر منه بطلان حجة من يطلب أن يرى الله عيانًا أو ما شابهه .
    لا يمكن تصور عالمًا يكون المخلوق فيه كاملًا كمال الخالق لا يعوزه شيء . لأن قدرة الله التي لا نهاية لها هي التي توجب أن يكون المخلوق محدودًا بزمانه و مكانه و تمنع أن يوجد إله كامل مخلوق جانب الإله الكامل الخالق لجميع الأشياء .
    و لنتعسف التصور و نتخيل أن المخلوقات الناقصة سعيدة مع نقصها لا ترجو شيء و بالتالي لا يفوتها شيء ترجوه ، أتوجد تلك المخلوقات السعيدة الظافرة بما تريد دفعة واحدة بلا ولادة أو نمو أو وقوف بالنمو عند حد ؟
    أتكون تلك السعادة من نوع واحد لا فرق فيه بين هذا المخلوق و ذاك كأنها نسخ مكررة و هل تتم سعادتها بغير مجهود منها و بغير فرق بين من ولد بالأمس و من يتبعه في الميلاد .
    أم يكون المولود الصغير ناقص شاعر بالنقص ؟!
    أما لو تفرقت هذه المخلوقات في السعادة فكيف تتفرق دون أن يكون لكل منها مزية على الآخرين يشعر بها و يشعر بتفضيله عمن سواه ؟!
    إن الشك في الخالق و نظام الخلق القائم على افتراض العالم بصورة مثالية هو أظهر الأخطاء بعد تفكير بسيط .
    كمال الخلق لا يدل على كمال الخالق المتفرد بالكمال المطلق ، بل إن نقص الخلق هو الذي يدل على ذلك الكمال من كل وجه .
    من اليسير أن نفهم الآن أننا نطلب شيء لا يتحقق و أننا نرجو شيئاً نجهله و لا ندري بما يضمره الغيب لنا من عواقب .
    لقد أردت في مطلع شبابي أن أنجح في امتحان لإتمام الدراسة في أوروبا و كانت الجامعة المصرية في نشأتها الأولى هي التي نظمت ذلك الإمتحان على يد رئيسها سعد زغلول لتخريج الأساتذة المرشحين للعمل بها بعد عودتهم من الجامعات الإنجليزية .
    و قد فاتني النجاح في الإمتحان لسبب من الأسباب الشكلية فأظلمت الدنيا في عيني و ظننت أنه الرجاء الأول و الأخير في الحياة . لكنني علمت بعد قليل أنه لم يكن و اليوم لست نادمًا على ما فات أو عاتبًا على المقادير .
    أما الشك في وجود الله لأنه لا يظهر لنا عيانًا فهو أضعف الشكوك التي تساور العقول في مسألة الدين . إننا لا نعرف أوضح شيء في العالم المحسوس (الشمس) لأنه يرينا نفسه جليًا واضحًا للعيان ! و لازال الكشف العلمي يرينا منها الكثير كأننا نراها أول مرة في ضوء العلم و الكشوف !
    ليس معقولًا أن تكون حقيقة الحقائق أقل غموضًا من الشمس مثلاً .
    لنعتسف التصور و نحاول أن نعرف كيف يمكن أن نرى الله عيانًا. هل يتجلى مرة في القدم ثم يروي كل جيل لمن بعده تلك الرؤية ؟ إن كان الأمر كذلك فما يدرينا لعل الأعقاب ينكرون على أسلافهم تلك الرؤية كما أنكر الكثيرون رسالات الأنبياء !
    أيتجلى الله لكل مولود جديد في كل جيل جديد ؟ و إذا تكرر هذا التجلي لكل فرد فهل تتساوى المخلوقات في درجة الإيمان و كنهه و درجة العيان ؟
    إذًا تكون النفوس كالآلات الصماء ، و تتوقف العقول عن الفكر و تستغني الضمائر عن البحث . إيمان كهذا لا معنى فيه للعقائد و لا للفكر و للهداية .
    هاتان حجتان من أشيع الحجج التي يحتج بها المتشككون في الدين ، حجة الألم في الدنيا و طلب رؤية الله عيانًا شرطاً للإيمان . أطلب من المتشككين أن يتصوروا عالمًا كما يصفون فيجدونه أصعب تصورًا وأشد ظلمًا من العالم كما يتصوره المتدينون المؤمنون بوجود الله ذي الحكمة و القدرة .
    إن سائر البراهين التي تعترض المتشككين تنتهي بعد البحث عند نفس النهاية ، كلها كافية للإقتناع أن الشك و الإلحاد أظهر خطأ من اليقين و الإيمان .
    **************************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي

    روم لاندو أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة المحيط الهادي بولاية كاليفورنيا . أقام الرجل في بلاد المغرب عدة سنوات ثم كتب مشاهداته الكثيرة هناك و منها أحاديث المتعلمين في وليمة بمدينة مراكش حضرها و ذكر أن الحديث دار حول محور أساسي هو التصوف .
    يقول لاندو : شجعني موضوع الحديث فأثرت سؤالاً عن حال الإسلام في مراكش المستقلة . بعثت كلماتي حماسة عظيمة ثم تكلم الحاكم و هو أوفرهم نصيباً من التربية الأوروبية فأفضى برأي متفق عليه بين الحاضرين و فحواه أن السائح يتعذر عليه النفاذ إلى حقيقة الحياة الدينية الإسلامية . فالشاب المراكشي قد يطلق لسانه حديثاً بلغة أوروبية ، لكنه يؤدي الصلوات و الفرائض الدينية و إذا احتاج للهداية الروحية في أزمات ضميره ، اتجه للقرآن . و يلتزم في علاقاته بمن حوله بما تهديه إليه الآداب الإسلامية .
    ربما خطر له أن يوحي لنظيره الأوروبي عند التعامل معه أنه يتخلى عن القديم و يتمسك بالحديث، لكنه دفاع عن النفس أمام أجنبي غريب يرى الإسلام رجعية و لا يعرف حقيقته . و لعل بعض المتمردين على تعاليم الإسلام و الباحثين عن الحداثة في أحضان الغرب يوحون إلى الأجنبي أن المراكشي تخلى عن دينه ، ينقل المفكرون الغربيون هذه الصورة و يعممونها على كل المسلمين رغم أنها لا تمثلنا . من يريد أن يعرفنا ليشاركنا حياتنا اليومية .
    يسرد الأستاذ لاندو العديد من المحادثات و المشاهدات المماثلة عن شباب و شابات تعرفوا عن قرب على الأجنبي ، لكنهم لازالوا مستمسكين بعاداتهم الإسلامية ، لا يرون تعارضاً بين هذا و ذاك.
    خلاصة ما شاهد الرجل تخبر أن الأوروبيين مخطئون في ظنهم أن المسلمين مرقوا من الإسلام فإن الظواهر خداعة في مسائل الدين الذي يستقر في ضمائر البشر خاصة في عصور المحن .
    ثم يرد العقاد على نفس السؤال : أين نحن من الإسلام ؟ أترانا حقاً هجرناه و أننا نعيش بدونه؟
    يقول العقاد أن السؤال مطروح منذ زوال الدولة الأموية إلى عصرنا الحالي فيخطر للناس أن الإسلام إلى زوال من بلاد الإسلام كلما اختل النظام في المجتمع .
    حدث في أواخر أيام الخلفاء الراشدين أن المسلمين الذين انتقلوا إلى البلاد المفتوحة فتنوا بمحنة الحضارات المنحلة ، وقارفوا بعض منكراتها و هجروا بعض عاداتهم فخيل إلى بعض أعدائهم و بعض الغلاة منهم أنها نذر الضياع ثم جاء رد الفعل غلواً من الخوارج في التشديد و إمعانا من الأعداء في الدس الخفي و العدوان الظاهر ، ثم انقضت الدولة كلها و قامت بعدها خلافة العباسيين على أساس من النخوة لبيت النبوة . و تمثل الإمتزاج بالحضارات الغابرة بشكل أوسع و أخطر في عصر العباسيين فتفشت في المسلمين بدعاً أسوأ مما نعاني منه اليوم . كان الرجل يتظرف بالزندقة ليقال له ( تقدمي ) بالمصطلح الحديث . و كان هؤلاء الظرفاء يخلطون الهزل بالجد في دعاوي المجون و الحكمة و الأدب و الشعر ، و ظن الغرباء عن العالم الإسلامي أنه مرق من الإسلام و انطفأت غيرة المسلم على حوزته من قلوب المسلمين ، و لكن هذا العالم الإسلامي بعينه قد وقف بعد ذلك بحقبة قصيرة أمام الصليبيين ثم رد الهجمة إلى قلب أوروبا.
    و لما مضى على المسلمين في شرق أوربا بضعة قرون خيل لبقايا الصليبيين أن المسلمين قد نضجوا للتبشير و تنازلوا عن أحكام شريعتهم . لكن صيحة الثورة ضد السيطرة الأوروبية أجبرت الأوربيين على التراجع بدلاً من رجوع الإسلام عن معالمه و تقاليده .
    إذا كان شيوع التقاليد الحديثة أحياناً أمر مؤسف و دليل على التهاون في حق الإسلام فعلى المسلمين أن يستبدلوا تلك التقاليد المعيبة بما هو أوفق للآداب الإسلامية بل للآداب الإنسانية التي تخالفها التقاليد المعيبة كما تخالف حقيقة الإسلام .
    لكن التشاؤم منها يزيد عن قدره الصالح إذا كان تشاؤم من مصير الدين كله في بلاد الإسلام . و يزيد تفاؤل الأجنبي المتربص بنا عن قدره الصالح أيضاً إذا اعتبر الإسلام عرض زائل و لم يفهم أن العرض الأجنبي هو الزائل و عليهم أن يتشاءموا منه لأنفسهم فهو لن يضر مستقبل الإسلام .
    *****************************
    اللهم صلِّ على نبي النور و الهدى و نوّر بالصلاة عليه صلاتي و أسبغ علي من نوره ما يهدي خطوي .
    *****************************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي

    اللهم صلِّ على نبي النور و الهدى و نوّر بالصلاة عليه صلاتي و أسبغ علي من نوره ما يهدي خطوي .
    *****************************
    رب النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، اجعل لي من نور نبيك بصيرة و وحي يزين قولي و فعلي.
    *****************************
    يا رب الكون و الأفلاك و الزمن ، يا رب النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، ارفع عن اسم نبيك محمد ما شابه من حقد الحاقدين مما توانينا عن رفعه ، و نوّر الأرض بذكر اسمه في أرجائها مقروناً بالحق و العلم و كل خير .
    *****************************
    اللهم أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه .
    اللهم افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين ,
    اللهم أزل الغشاوة عن بصيرتي فأدرك سبيلك و أعن نفساً الضعف ماؤها كي تسلك .
    آمين عدد ما خلقت من خلق لك حامدين شاكرين بربوبيتك مقرين و بألوهيتك معترفين . اللهم ارزقنا شفاعته يوم الهلع الأعظم و آمن به روعاتنا اليوم و كل يوم .
    اللهم صل ِ على سيد الثقلين خير خلقك أجمعين و أعرفهم لحق الأم و الاِبنة و المرأة و ارفع عن اسمه و أمهات المؤمنين ما لا قبل لي برفعه .
    رب النور و الرضا و الصدقة و الإيمان صل ِ على نبي النور و الرضا و الصدقة و الإيمان و على آله الكرام ، اللهم عطر سيرتهم الكريمة في كل مجلس من مجالس أهل السماوات و الأرض . و عطّر بذكرهم كل مجلس عدد خلقك و رضا نفسك و زنة عرشك ومداد كلماتك .
    *****************************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي

    خاتم النبيين
    محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين .
    عقيدة يصدقها المسلم و لكنه أيضاً يفهمها فهم الإنسان للحقائق العلمية و القضايا المنطقية ، لأنه إذا فهم النبوة بصفاتها المقررة في الإسلام علم أنها نبوة تختم بها النبوات و تفتح أمام البشر باب الرشد و الضمير و الإلهام ، لأن النبوة التي ختمت النبوات دعوة تدوم مدى الزمن ، لأنها تقيم العقيدة على دعائم من العقل السليم و الإيمان برب واحد هو رب العالمين .
    كانت الأمم قبل البعثة المحمدية تفهم أن النبوة استطلاع للغيب و كشف للأسرار يستعينون بها على رد الضائع و إعادة المسروق و يسألونها عن طوالع الخير و الشر ، و كان من تلك الأمم من يحسب أن النبوة وساطة بين المعبود و عباده تسلمه القرابين شفاعة عند المعبود . فجاءت نبوة الإسلام بخطاب باقي لضمير الإنسان المسئول عن أعماله و الذي لا تغنيه عنها شفاعة و لا كفارة لذنوبه من غيره .
    إنها نبوة فهم و هداية و ليست نبوة استطلاع و تنجيم و إنها نبوة هداية بالتأمل و النظر و التفكير و ليست نبوة خوارق تروع البصر و البصيرة بحيث تؤمن مخافة لا اقتناعاً بالرسالة.
    إنها نبوة لا تملك لهم نفعاً و لا ضراً ولا تعمل لهم عملاً إلا ما يعملونه لأنفسهم .
    يقول تعالى ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) سورة الأعراف ، آية 188.
    لا إغراء و لا مساومة على قربان أو جزاء للعطاء .
    يقول تعالى (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ) سورة الأنعام ، الآية 50
    و قد جاءت سمعة المعجزة ميسـّرة لصاحب النبوة صلى الله عليه و سلم يوم مات ابنه إبراهيم فكسفت الشمس فظن الناس أنها كسفت لموته و أبى النبي الصادق صلى الله عليه و سلم أن يسكت على ذلك فتكلم ليعلمهم (إن الشمس و القمر آياتان لا تخسفان لموت أحد و لا لحياته).
    إن أصحاب العقول يصدقون هذا النبي صلى الله عليه و سلم حين يقول لهم إن المعجزة لا تنفع من لا ينتفع بعقله و ضميره . (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ.) سورة الحجر ، الآيتان 14و 15
    فإذا جاء النبي بهذه الرسالة التي تكل الإنسان لخاصية إنسانية لا تفارقه و تعطيه البينة على قضايا الإيمان مما يشاهده حوله فأين تنتهي هذه الرسالة ؟ و ماذا تعمل الرسالة التي تأتي بعدها ؟ أتنسخ العقل و تعود به إلى القرون الأولى ؟ مؤكد لا حاجة لإنسان في دعوة كتلك . فمن لم يكن من الراشدين فحاجته إلى معلم يذكره ما فاته من هداية خاتم النبيين و ليس إلى نبي جديد معيد لما تقدم .
    و لقد تقدمت الإسلام دعوات كثيرة من أكبر الدعوات شأناً في تاريخ العقيدة لكن أياً منها لا يصلح أن يكون ختاماً للنبوات لأنها جاءت قبل أن توجد في أذهان الناس فكرة الإنسانية العامة و فكرة الإنسان المسئول المحاسب على أمانة العقل و الضمير .
    فنبوات بني إسرائيل كانت مقصورة على سلالة واحدة من البشر و رسالة عيسى عليه السلام أدت رسالتها و بقي الإنسان بعده محتاجاً إلى رسالة تخلصه من الاِعتماد على القسس في النجاة من أوزاره و التكفير عن سيئاته . لذلك ختم الله النبوات بنبوة محمد صلى الله عليه و سلم تلك التي تخاطب الإنسان بخطاب العقل و تحاسبه بحسابه و تجعل البشر أخوة يشتركون جميعاً في عبادة إله واحد هو رب العالمين أجمعين ، و ليس رب عشيرة واحدة يفضلها على غيرها بعمل لم تعمله .
    فلما جاءت نبوة الإسلام صح في حكم العقل أن تختم بها النبوة لأنها حاضرة لكل إنسان له عقل و يتدبر آيات الله .
    (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
    سورة البقرة ، آية 164
    ختام النبوة بعد الدعوة المحمدية قد صح أيضاً في حكم الواقع و التاريخ فإن العالم الإنساني الذي تعاقبت فيه النبوات قبل رسولنا الكريم صلوات الله عليه و سلامه لم تظهر فيه نبوة مسموعة بعده و لم يظهر فيه غير أدعياء النبوة الذين لم يستمع لهم أحد في حياتهم أو بعد مماتهم وحتى أؤلئك الأدعياء كانوا يبنون نبواتهم على النبوة الإسلامية بقواعدها و أركانها.
    و إن بعض أبناء العصر الحاضر يفخرون بعلومه و أنه عصر العقل و الحقائق الواقعية و آيات الطبيعة . أمر أخبرتهم به النبوة الخاتمة قبل أربعة عشر قرنا إذ أوحت إليهم أن يعيشوا بهداية بصائرهم و ما يبصرونه من آيات الهداية في مشاهد الطبيعة و أسرار الخلق و براهين العيان .
    و كل أعجوبة من أعاجيب العلم فهي جزء من معجزات هذا الدين الذي جاء به خاتم النبيين :
    (و ابصر فسوف يبصرون .) سورة الصافات ، آية 179
    (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.) سورة فصلت آية 53
    ****************************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي

    كنت أقلب بعض كتب العقاد فوجدت مقالاً بعنوان (الإنسانية من ماضيها إلى مصيرها) سطرها عام 1955، إليكم طرفاً من حديث شائق :
    ماضي الإنسانية مسافة شاسعة مترامية الأطراف سواء حسبناها بالأيام أو بالأماكن أو بالأنفس أو بالأوراق المكتوبة . لكنها على اتساعها قابلة للتلخيص في سطر إن كان لها معنى و وجهة منتظمة و هذه الوجهة تتلخص في فكرة كبيرة تعبر عنها كلمات معدودة.
    هذه محاولة عالم من أكبر علماء التاريخ في زماننا و هو الأستاذ أرنولد توينبي صاحب الكتاب المشهور (دراسة في التاريخ) .
    بدأ تأليف الكتاب بعد الحرب العالمية الأولى و انتهى من تأليفه في ثلث قرن تقريباً . كتاب يقع في عشرة أجزاء و يشغل 7000 صفحة ، قام مؤلفه بالسياحة في مواطن الحضارات و الإقامة بها كي يتثبت مما كتب . مجهود جبار و علم واسع يؤهل صاحبه للحكم على دلالة التاريخ الإنساني من مبتدئه إلى عصره الحاضر و استخراج الوجهة المرتسمة من حوادث التاريخ و الفكرة التي تتجلى في الحضارات و الصراعات واحدة بعد الأخرى.
    ترى ما الفكرة التي خرج بها هذا الأستاذ ؟
    خلاصة هذا الرأي سطر واحد : (أن التاريخ هو طريق الإنسانية إلى الله .)
    هذا هو الإجمال الذي شرحه المؤرخ في سبعة آلاف صفحة . و قرر أن تاريخ الأمم و الحضارات و العقائد و الأخلاق معناها هداية النفس الإنسانية لحرية الضمير برعاية الإله .
    فكل أمة و كل حضارة و عقيدة تأتي لترفع في الطريق مصباحاً ينير ساحة الكون في العلم بحقائقه و حقيقة الحقائق مصدر الخلق و التدبير.
    يقول المؤرخ أن الإنسان يبتكر الحرف و الصناعات لكنه لا يبتكر عقيدته الدينية لأنها تأتي فرض على شعوره و غير قابلة للبحث في جوانبها الكبرى التي لا يسعه سوى التسليم بها . لذلك تسخّـر العقيدة الإنسان و لا يستطيع أحد أن يسخّـر العقيدة لهواه .
    يضرب لذلك مثالاً بعقيدة الإسلام . فالفرس الذين دخلوا الإسلام أرادوا تسخيره لإحياء القومية الفارسية فاستخدمتهم عقيدة الإسلام لنشرها و توطيد معارفها . أما المغول الذين جاءوا غازين لبلاد الإسلام فقد أسلموا ثم نشروا الإسلام و ذادوا عن حوزته .
    و لا تندثر عقيدة إلا إذا جاءت عقيدة أقوى منها و أقدر على تسخير الأولى لنشرها . فليس أقوى من الإيمان على تسيير الإنسان والإرتقاء به على مدارج الحضارة .
    *************************************
    و عند العلامة توينبي أن هذه المهمة الأبدية مهمة تعاون بين الحضارات و العقائد ، يؤدي كلا منها بعض الواجب كي تتم المهمة و لكن هذا الواجب يكبر مع الزمن و يزداد تطلع الإنسان إلى الكمال .
    و ستأتي قرونا بعد القرن العشرين فلا تذكر القرن العشرين بأنه عصر المخترعات و الطائرات بل تذكره بأنه عصر الدعوة للأخوة الإنسانية و وضعها برنامجاً لذلك علماً و عملاً .
    ثم ينتقل إلى مصير الإنسانية كي يجيب على تساؤلات القلقين الذين يخيفهم السلاح النووي و الحروب التي تفني الأمم . فأخطار القذائف النووية لا تنحصر في مكانها أو زمانها . لا فائدة من منع السلاح الذري أو تحريم استخدام الطاقة الذرية فهل منع الحرب العالمية من المستطاع ؟
    إن خسارة المنتصرين في الحروب ضخمة و اضطرارهم لمعونة المنكوبين و المنهزمين بعد انتهاء الحرب في عالم متشابك متضامن لا ينفرد فيه بالضرر صاحب القوة و المال.
    إن المادة الصماء لم تخلق الإنسان لأن الشيء لا يخلق ما هو أفضل منه و أكمل و لنتفائل حين نتحدث عن مصير الإنسانية في قدرتها على اختراع ما يقاوم القذيفة الذرية و يكبحها بحيث يأخذ العقل بزمام المادة و عناصرها ليتقرب بها إلى الله .
    *************************************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    98
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    08-05-2012
    على الساعة
    09:37 PM

    افتراضي

    العالم العربي اليوم مقالة نشرها العقاد في مجلة الأزهر عام 1963
    العالم العربي اليوم عنوان كتاب ألفه أستاذ علم الإجتماع في جامعة برينستون و المشرف على دراسات الشرق الأوسط في تلك الجامعة .
    كتاب حافل بالمعلومات الواقعية عن العالم العربي و مستمد من مراجع الإحصاء ، ناقشها الكاتب بأسلوب علمي . لكنه ينظر إلى العرب من وجهة نظر غربية حين يقدر الأمور و يحلل المعلومات العلمية .
    يتحدث الكاتب عن القومية العربية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم و بعدها قائلاً : إن الإسلام تقبل الكثير من شعائر اليهود و النصارى و لكنه نقلها إلى العالم العربي و استبدل أواصر العقيدة بأواصر النسب و العصبية التي كانت تجمع قبائل العرب كما تفرقهم .
    يصف المؤلف العقيدة الإسلامية بأنها مستقيمة و بسيطة و تنتشر في القارة الأفريقية حتى الآن بيسر و بلا مقاومة بسبب القدوة المباشرة التي تأتي من اتصال المسلمين بغير المسلمين في أرجاء القارة الأفريقية.
    الموضوع المهم في الكتاب هو موضوع الدين الإسلامي و العالمانية أو اللادينية و هي فصل سلطة الكهنوت (رجال الدين) عن سلطة الدولة و الحكومة.
    احتك المسلمون بالعالم الغربي في القرن العشرين و كانت لهم صلة بالأمم التي خالفتهم في العقيدة و آداب الحضارة . و منها احتكاك المثقفين بالثورة الفرنسية و إعجابهم بها و تنبههم إلى قيمة الفرد و حرية التفكير و دعوات التجديد و التخلص من القديم .
    إلا أن الحركة اللادينية الجديدة التي ظهرت بعد ذهاب الاحتلال عن بلاد الإسلام كانت مختلفة لأنها نبعت من داخل العالم الإسلامي . فقد قاوم المسلم الثقافة الأوروبية أثناء الاحتلال الأوروبي لدوله كما هي طبيعة الأمور . أما بعد جلاء الحكم الأجنبي عن البلاد فالحركة اللادينية نبعت من داخل العالم الإسلامي و لم يقاومها غير المحافظين الذي يكرهون الجديد.
    أحد فصول الكتاب يبحث فيه المؤلف هل الإسلام عقيدة دنيوية أم هو كغيره من الديانات تنفصل فيها عقائد الإيمان عن شئون الحياة و المعيشة و السياسة؟ سؤال يمكن صياغته على نحو آخر : هل التشريع القرآني مسألة نظام و إدارة حكومية ؟ أم أخلاق و سلوك ديني يكافئه الله به يوم القيامة؟
    يقول المؤلف الأجنبي : (إن الصلة المكينة بين الإسلام و المجتمع أنشأها الرسول صلى الله عليه و سلم بخلقه دولة تنتظم العقائد الدينية و المعاملات التي كان عليها العرب و قد شمل الإسلام جوانب الحياة الإجتماعية والأخلاق و الآداب لكنه لم ينجح في تقرير شريعة متناسقة للعلاقات بين الناس في مجتمعات المسلمين المختلفة. فقد أراد الرسول صلى الله عليه و سلم أن يعلم الناس ما يعملون كي ترجح كفتهم في حساب الآخرة . )
    يرد العقاد الأمر للمنطق السليم قائلاً :
    يبدو المسلم في حساب الباحث الغربي كما لو كان شخصاً واحداً ولد منذ عهد البعثة المحمدية و هو بعينه يولد و يعاد ميلاده من جيل إلى جيل. كأنه نفس المسلم يولد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يتكرر ميلاده على عهد التابعين ثم الدولة الأموية ثم على عهد الأندلسيين فإما أن يحمل معه الزمن عبر أربعة عشر قرناً أو ينتقل لزمانه الذي يحياه فلا يبقى على عقيدة الإسلام .
    لو قال هؤلاء الباحثون الكلام عينه عن كل ديانة و حضارة (أن الحضارة و الدين لا يلتقيان) لكانوا على استقامة وإن أخطأوا الطريق . و لكن المستحيل لديهم أن يبقى المسلم مسلماً مع أخذه بأسباب الحضارة لأنهم يزنون بميزانين و لا يساوون بين الحكمين في القضية الواحدة.
    إنهم لا يقولون أن الإنتماء إلى الدين في جميع العصور مستحيل على أمم الحضارة العصرية ، هم فقط يقولون إن حضارة المسلم و تدينه هما المستحيل بين أمم العالم و حضاراته .
    يقولون ذلك لأنهم يذكرون المسلمين و لايفطنون أن الديانة المسيحية التي يدين بها الغرب ديانة شرقية المنبت و الأصول و الجذور و الروح و الفطرة لكنها صارت غربية مع الزمن مرة بعد أخرى بحسب الإنسان و البلد الذي صارت إليه .
    ***********************
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المادية تنهدم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم
    بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-05-2010, 02:00 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

المادية تنهدم

المادية تنهدم