قصة حقيقية {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

بسم الله الرحمن الرحيم


لا زلت اتذكر هذا الموقف وكأنه بالأمس القريب
وكلما اتذكره يختلج قلبي له
كنت أخدم في الجيش وكان معي صديق لي مسيحي الديانة
كنا دائما ما نتكلم ونتناقش في امور كثيرة وخصوصا الدينية
قد تكون طبيعة مرارة غربة الجيش اتاحت لنا هذه الفرصة
وكان يتسم بالمعرفة الجيدة لدينه ولديه سعة صدر لا اعرفها عند الكثيرين
وكنا نستفيد الكثير من هذا الحوار


عندما ينتهي اليوم اجلس علي مكتب العيادة ويجلس امامي نتحاور
لا اذكر مرة واحدة قد علا صوت احدنا علي الاخر .. دليل ايجابي علي جدواه
وكان لنا صديق - أزهري مهندس مدني - كان يداعبه كثيرا فيقول له ايه مش ناوي تيجي معانا الجمعة القائد عاوزك
فننفجر في الضحك .


ذات يوم و بعد صلاة العشاء ذكر لي ان هناك اية في القران الكريم تامرنا بعبادة عيسي -عليه السلام- مع الله فلماذا لا تعترفوا بها
فابتسمت له واعتقدت انه يتكلم من باب الهزار
فقال لي انا متاكد
فقلت هات ما عندك ؟؟
فذكر لي الاية
فابتسمت وقلت له هذا فهم غير صحيح للاية وارد عليك نحويا وبلاغيا ولفظيا
فاندهش لسرعة حضور اجابتي ثم قال لي ارني صحة كلامك
وكانت صحة كلامي مرتبطة بان افتح المصحف وابين له الناحية النحوية لبطلان كلامه


ولكني لم اتذكر الاية موجودة في اي سورة فاسقط في يدي
حتي قلت له ضاحكا الا تعرف انت فقال لي مبتسما يمكن في ال عمران
فمسكت المصحف ثم اخذت اتصفحه -
لكن الايه اشتبهت علي
فاعتقدت انها في سورة البقرة فلم اجدها فدخلت الي التي تليها فلم اجدها
فعندما راني ابحث واستغرقت في البحث تركني مبتسما وقال اني ذاهب الي الكانتين هل تريد شيء ؟


فشكرته وقررت ان اقطع بحثي لكي اذهب اسال عن مكان الاية لمن هو احفظ مني وهو المهندس المدني الازهري
فتركت العيادة وذهبت اليه مسترشدا فعندما سمع الاية قال لي لا اتذكر موضعها جيدا ولكنها قد تكون في المائدة



تركته عائدا الي العيادة فرايت صديقي المسيحي يلوح لي من بعيد
فنظرت الي السماء ودعوت الله ان يرشدني اليها وقلت يا رب انك من حفظت القران فدلني اليها

فلما دخلت العيادة يتبعني صديقي مبادرا : ها هل وجدتها ؟؟
فلم اجبه ولكني توجهت الي المصحف وكنت تركته علي المكتب فقلت بسم الله
وكنت انوي البحث في سورة المائدة

لا زلت اذكر هذه القشعريرة التي انتابت جسدي
وهذا العرق الذي بلل يدي المرتعشة القابضة علي المصحف الشريف

عندما فتحت المصحف وجدتها امام عيني
كانت اول صفحة تفتح
واول ايه تقع عيني عليها

وعندما تسمرت دقيقة في مكاني غير مستوعب لما حدث ظللت قرب الساعة ابحث عنها ثم يهديني الله اليها بهذه الطريقة
حتي عندما ابتدرني صديقي ليقطع علي صمتي : ها وجدتها

فقلت له انك لن تصدقني لو قلت لك انها اول ايه فتح المصحف عليها ثم بينت له حجتي علي كلامه


وخرجت فرحا الي صديقي المهندس ابشره بما حدث لي فعندما وصلت عنده
قلت له ما حدث لي فاخذ مصحفا كان الي جواره فقال لي اريني الاية فامسكت بالمصحف قائلا بسم الله الرحمن الرحيم
ففتح المصحف جناته علي هذه الاية للمرة الثانية وتكرر نفس المشهد ونفس الشعور فقلت اذن هي اية من ربي
سبحان الله عما يصفون

كلما اتذكر هذا الموقف استغفر ربي
وعندما تضيق بي الدنيا ادعو ربي بهذا الموقف

الاية هي
اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {التوبة/31}

ورفع الشبهة كالتالي
نحويا
اللغة العربية تختلف عن اي لغة اخري في مسالة التشكيل فتشكيل الكلمة هي من يعطي الكلمة موقعها من الجملة وبالتالي يعطيها معناها
فكلمة والمسيح هنا لو مكسورة تعني انها معطوفة علي لفظ الجلالة معاذ الله وهذا اشراك بالله
لذلك الفتح دل علي انها معطوفة علي الاحبار بمعني انهم اتخذوا احبارهم ورهبانهم والمسيح اربابا من دون الله وهكذا يستقيم المعني

وبلاغيا
العطف يقتضي المغايرة فلو سلمنا جدلا ان المسيح معطوف علي الله فهذا يقتضي ان المسيح مغاير كل المغايرة لله
ومن الناحية اللفظية ايضا
فالقران الكريم غالبا ما يذكر المسيح بقوله عيسي بن مريم
ولان عيسي هنا ممنوع من الصرف لذلك تم ذكره بصفته المسيح لكي لا يكون هناك جدال في الكتاب المحفوظ
فقطع دابر الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين