يردد البعض حديث لفظه : ( علمه بحالي يغني عن سؤالي ) ويستدلون به على أنه لا حاجة للإنسان أن يدعو الله ، لأن الله يعلم حاجة الإنسان ، فما صحة هذا الكلام ؟.




الحمد لله

هذا القول قول باطل ، لأنه مناف للإيمان بالقدر ، وتعطيل للأسباب ، وترك لعبادة هي أكرم العبادات على الله عز وجل .

فالدعاء أمره عظيم وشأنه جليل ، فبه يرد القدر ، وبه يرفع البلاء ، فهو ينفع مما نزل ومما لم ينزل .
قال عليه الصلاة والسلام : ( ولا يرد القدر إلا الدعاء ) أخرجه أحمد 5/277 ، وابن ماجه ( 90 ) ، والترمذي ( 139 ) وحسنه الألباني في صحيح الجامع ( 7687 ) وانظر الصحيحة ( 145 ) .
وقال : ( من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ، وما سُئل الله شيئاً يعطى أحب من أن يسأل الله العافية ، إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء ).أخرجه الترمذي ( 3548 ) .
وقال : ( لا يغني حذر من قدر ، وإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة ) أخرجه الطبراني 2/800(33) ، وقال الألباني في صحيح الجامع (7739 ) حسن .
وربما استشهد بعض من يترك الدعاء كبعض الصوفية بحديث : ( حسبي من سؤالي علمه بحالي ) ، وهذا الحديث باطل لا أصل له ، تكلم عليه العلماء ، وبينوا بطلانه .

فقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيراً إلى ضعفه فقال : ( وروي عن أبي بن كعب أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار : ( لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين ، لك الحمد ، ولك الملك ، لا شريك لك ، ثم رموا به في المنجنيق إلى النار ، واستقبله جبريل فقال : يا إبراهيم ، لك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا ، فقال جبريل : فاسأل ربك ، فقال إبراهيم : حسبي من سؤالي علمه بحالي ) تفسير البغوي معالم التنزيل 5/347
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث : ( وأما قوله : حسبي من سؤالي علمه بحالي فكلام باطل ، خلاف ما ذكره الله عن إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء ، من دعائهم لله ، ومسألتهم إياه ، وهو خلاف ما أمر الله به عباده من سؤالهم له صلاح الدنيا والآخرة ). مجموع الفتاوى 8/539
وقال الشيخ الألباني عن هذا الحديث : ( لا أصل له ، أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو من الإسرائيليات ، ولا أصل له في المرفوع ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/28(21)
وقال بعد ذلك عن الحديث : ( وقد أخذ هذا المعنى بعض من صنف في الحكمة على الطريقة الصوفية فقال : سؤالك منه - يعني الله تعالى - اتهام له ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/29
ثم قال رحمه الله تعليقاً على تلك المقولة : ( هذه ضلالة كبرى ، فهل كان الأنبياء صلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة ؟ ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/29


من كتاب الإيمان بالقضاء والقدر لـ محمد بن إبراهيم الحمد ص 145.

موقع الإسلام سؤال وجواب