أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا
يحيى رفاعي

لا يخفى عليكم تطورات الأحداث بعد الثورة وما آلت إليه من استقطاب اجتماعي بين الإسلاميين من جهة وبين العلمانيين والأقباط من جهة أخرى، ولعلكم لاحظتم أن أول جولات الصراع تمثلت في الاستفتاء على التعديلات الدستورية يوم 19/ 3. وفي هذا السياق أتى التأكيد على ضرورة الموافقة على التعديلات الدستوريةالمذكورة.
والذي نريد التأكيد عليه هنا هو أننا نعيش جولة أخرى من جولات الصراع، لم تأخذ طابعا قانونيا تصويتيا شأنها شأن جولة الاستفتاء، بل أخذت منحى حشدي/ إعلامي، ومحورها هو التأثير على المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن طريق الرأي العام، وابتزازه للقيام بإجراءات تضمن علمانية الدولة في مقابل تهدئة الأوضاع شعبيا، وبالفعل بدأت الفضائيات العلمانية في حملة مسعورة ضد المجلس الأعلى وانتهت باعتصام مفتوح منذ 27/5 وحتى الآن في ميدان التحرير، وحصل العلمانيون في هذه الجولة وكثمرة من ثمار حملتهم ضد المجلس الأعلى على قرار منه بما يسمى بالمبادئ الحاكمة للدستور، والتي تكبل يد القوى الإسلامية التي يتوقع لها السيطرة على البرلمان قريبا، وفي هذا الإطار جاء التأكيد على أهمية التواصل الإسلامي مع المجلس العسكري على صفحته الرسمية في الفيسبوك لحماية المجلس من أي شعور بفقدان الدعم الشعبي له لأن هذا الشعور سيضطره إلى اصدار أي قرارات تهدوية تضر بمصلحة الإسلاميين وتباعد بينهم وبين غايتهم، وهذا ما حدث بالفعل للأسف بهذا القرار المتعلق بالمبادئ الحاكمة للدستور، وذلك نظرا لغياب الإسلاميين عن المشهد.
بل ولم تقتصر المطالب على موضوع الدستور أولا وتأجيل الإنتخابات وتنحية المجلس العسكري، بل تمادوا لما استشعروا تفردهم بميدان التحرير ورفعوا صورة "مايكل نبيل سند" وهو قبطي من أعضاء حركة 6 إبريل ومتورط أمام القضاء العسكري بتهمة التخابر مع إسرائيل أثناء الثورة،

(إضغط هنا وشاهد الصورة في الدقيقة 1.19)


، فأن تصل الأمور إلى هذه الدرجة فذلك يعني خلو الساحة تماما من الإسلاميين.
أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا.. وها قد أتت القوى الإسلامية بإعلانها وقفة 29/7 في ميدان التحرير، لانتزاع الثورة من الكائنات المتطفلة والمتسلقة عليها، ولتعلن موقفها الرافض لوضع مبادئ حاكمة للدستور، وموقفها الرافض لتأجيل الإنتخابات، وقبل ذلك وبعده، تعلن عن حجمها الطبيعي في البلد، وقدرتها على قيادته.
إننا في الوقت ذاته نؤكد، وللأسف نحن مضطرون إلى أن نؤكد مرات ومرات، أننا نعلن عن تحللنا من أي التزام تجاه أي دستور لا يتضمن إفراد الله تعالى بحق التشريع، ولكن هذا الموقف لا يعني أبدا أن تكون كل حركتنا مقصورة ومحصورة في هذا الهدف الكلي دون إدراك منا أن هذا الهدف، مع كليته وشموله، يتضمن أهداف جزئية وخاصة ينبغي أن تنال بعض اهتمامنا، منها الحيلولة دون تفرد أعداء الدين بالسلطة، ومنها دعم أي فصيل إسلامي يحترم الهوية الإسلامية للمجتمع. حتى وإن كنا نعرف مسبقا أن هذا الفصيل لن يحقق السقف الأعلى للطموح الإسلامي بل سيقف بها عند (الحدود التي لا يسبب للغرب عندها إزعاجا)، نعلم كل ذلك، بل ونعلم أن صداما يسكون بينننا وبينه في لحظة ما، لكن الآن دعمه ضرورة.
سبب آخر لضرورة وقفة يوم الجمعة 29/7، وقد لا يكون متعلقا بالمسألة الإنتخابية بشكل مباشر، أعني ضرورة إظهار حجم الإسلاميين في المجتمع، الأنظار كلها تحاول رصد هذا الحجم من خلال مناسبات مثل هذه، الإخوان أعلنوا انسحابهم مما أسموه بجمعة التطهير وسجل الإعلاميون وأعداء الإسلاميين ملاحظة أن عدد المتطاهرين لم يتأثر بانسحاب الإخوان فانتفخوا في أنفسهم وسخروا من هذا الإنسحاب،
الشيخ رفاعي سرور ينوي الحضور في وقفة 29/ 7 بميدان التحرير ولتكن يد الله معنا إلى الأبد، ولنتقدم واثقين بنصر يعرف وجوهنا وآت إلينا.