قال تعالى في صورة الحديد:

ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً
وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ
وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ
(الحديد 27)

عن تفسير ابن كثير:

وقوله: ( وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا ) أي: ابتدعتها أمة النصارى ( مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ) أي: ما شرعناها لهم، وإنما هم التزموها من تلقاء أنفسهم.

وقوله: (إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ ) فيه قولان، أحدهما: أنهم قصدوا بذلك رضوان الله، قال سعيد بن جبير، وقتادة. والآخر: ما كتبنا عليهم ذلك إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله.

وقوله: ( فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ) أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام. وهذا ذم لهم من وجهين، أحدهما: في الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله. والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله، عز وجل.

التعليق :

كانت بيئة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة بها فئتين ، المشركين واليهود ، ولم يكن بها نصارى ولا اديرة ولا مجتمعات نصرانية بأي حال
إلا في أقصى شمال الجزيرة العربية حيث قبائل الغساسنة الذين كانوا مرتبطين بدولة الروم في الشام ، وهم بعيدون عن بيئته صلى الله عليه وسلم .
أي أنه لم يكن هناك للنبي صلى الله عليه وسلم بمجتمعات النصارى أي تعامل.وان مكة والمدينة بعيدة عن الكنائس والاديرة .

السؤال الآن :

كيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم بأن الرهبانية مبتدعة أصلا في دين النصارى وكأنه قرأ كتاب الدكتور حنين عبد المسيح (بدعة الرهبنة) ،
ففي هذا الزمن لم يكن هناك مناظرات للمسلمين مع النصارى ولم تكن تتوفر معلومات كافية عن دينهم بما يسمح بدراسته بل لم يكن هناك تعامل
بين المسلمين والنصارى إلا قليلا جدا ( دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بعض النصارى للمباهلة ، او تعاملة البسيط جدا مع ورقة ابن نوفل)
وهي معاملات لا تكفي بأي حال لدراسة دين مثل النصرانية ونقده ، كما أنه كيف له ان يعرف البدعة من الاصول عندهم ؟ ومن اين له
هذه المعلومات ( ان الرهبانية بدعة في النصرانية) ؟

لنتعرف على تاريخ الرهبنة من مواقع القوم :

تاريخ الرهبنة:

يقول التاريخ الكنسي ان أول شخصية بارزة في حياة النسك والوحدة هو القديس انطونيوس (توفى 356 ميلادية) والذي يدعى بأب الرهبان في
العالم كله والذي بعد ان سمع وصية الانجيل (متى 21:19) ببيع الإنسان املاكه واتباع السيد المسيح حتى يكون غنيا في السماء أطاع على الفور وبدأ حياة زاهدة وأقام بعد ذلك في قبر ثم في حصن مهجور وأخيرا في مغارة بالجبل الذي يدعى جبل القلزم بجوار الموضع الحالي للأنبا أنطونيوس .

http://www.coptreal.com/WShowSubject.aspx?SID=6000



واضح ان الرهبانية قد بدأت في القرن الرابع الميلادي باعتراف القوم ، يعني بدعة أكيدة مش عايزة كلام

فكيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم أنها بدعة ؟ والله ان أغلب الناس في زماننا لا يعرفون هذه المعلومة ويظنون أنها من أصول النصرانية
بكل تأكيد ، حتى عوام النصارى كذلك لا يعرفونها . فهل جلس صلى الله عليه وسلم يتأمل في دين النصارى ثم فجأة بدا له ان هذه الرهبانية أكيد
بدعة ؟ فلماذا هي بدعة وبأي دليل ؟ فيه احتمالين :

اولا :

ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأ كتاب بستان الرهبان لآباء البرية ،
ولكن هناك عدة مشاكل أمام هذا الفرض:

* النبي أمي لا يقرأ ولا يكتب
* لم يكن هذا الكتاب موجودا ومتوفرا وباللغة العربية
* ايام النبي كانت النت مقطوعة

ثانيا :

أو يكون الله عز وجل قد أوحى إليه بذلك في القرآن

ما رأيكم ؟ في الحقيقة :

ليس هناك مناص بالاعتراف بأنه صلى الله عليه وسلم قد نبأه العليم الخبير .