مكين والذكرى الـ30 لإصدار أول ترجمة صينية لمعاني القرآن الكريم

21 / 4 / 2011

بقلم : تامر الرشدانى

ما إن تذكر اللغة العربية في الصين، والترجمة الكاملة لمعاني القران الكريم إلى اللغة الصينية، ومقاومة مسلمي الصين ضد الاحتلال الياباني، والدراسة في الأزهر الشريف، ونشر الصورة الصحيحة للإسلام، وأشهر المترجمين الصينيين، إلا وتذكرت من وضع اللبنات الأولى لسور ثقافي عظيم، أعني العلامة المستعرب محمد مكين الذي نهل من معين الأزهر العذب واغترف من بحره الذاخر، وفهم الإسلام فهما صحيحا.
وبمناسبة مرور 30 عاما على إصدار أول نسخة كاملة لمعاني القرآن الكريم بالغة الصينية للمستعرب العظيم العلامة محمد مكين، وتخليدا لذكراه العطرة، وجب علينا أن نذكر قراءنا بالعالم الجليل.
ولد مكين عام 1906، في محافظة شاديان التابعة لمقاطعة يوننان، وبدأ دراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية منذ نعومة أظفاره، والتحق بمدرسة مينغ ده، وبعد تخرجه عمل أستاذا فى إحدى المدارس الابتدائية.
فى عام 1928 انتقل إلى مدينة قو يوان - أسمها الحالي يون تشو - بمقاطعة نينغشيا حيث أكمل دراسته على يدي العالم الشهير هو سونغ سان، و تعلم محمد مكين اللغتين العربية والفارسية وألَمَّ بالتراث الإسلامي. وواصل مكين سعيه الدؤوب فى طلب العلم، ففي عام 1929 التحق بدار المعلمين المسلمين بمدينة شانغهاى بكونه طالبا متخصصا فى دراسة اللغتين العربية والانجليزية بالإضافة إلى العلوم الإسلامية. واستطاع ان يتم دراسته بتقدير امتياز.
وكان ديسمبر 1931، نقطة تحول كبيرة فى حياة مكين حيث اختاره مجمع الدرسات الاسلامية بالصين للدراسة بمصر، وقضى 8 سنوات من الجد والاجتهاد، حيث درس بالازهر الشريف وكلية دار العلوم. وخلال هذه الفترة استطاع ان يثقل علمه ويتمكن من اللغة العربية، ويتهيأ لترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الصينية. وكتب أول مؤلفاته باللغة العربية "نظرة جامعة إلى تاريخ الإسلام فى الصين وأحوال المسلمين فيها" بهدف تعريف المصريين بأحوال الإسلام والمسلمين فى الصين.
وفى عام 1939 عاد مكين الى الصين وعمل أستاذا فى بلدته، ساعيا لإعادة نشر صحيفة "التوعية الإسلامية"، وسافر إلى شانغهاى لترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الصينية. وبعد عدة سنوات من الجد والعمل اصدر المجلد الأول فى عام 1949 الذي يضم النصوص المترجمة من السور وتفاسير الآيات في الأجزاء الثمانية الأولى منه. ولم تتوقف رحلة العلامة الكبير محمد مكين لترجمة معاني القران الكريم حتى توفى في عام 1978. وصدرت الترجمة الكاملة لمعاني القران الكريم عام 1981 بعد وفاة الأستاذ مكين، حيث طبعت دار العلوم الاجتماعية للنشر 200 ألف نسخة منه.
وتتميز ترجمة الأستاذ مكين لمعاني القران الكريم بما هو أقرب إلى نصوصه من لغة تجمع بين الإيجاز والسلاسة، وأساليب تفيض عراقة وعذوبة، إضافة إلى الدقة والأمانة في أداء المعنى.

مكين والذكرى الـ30 لإصدار أول ترجمة صينية لمعاني القرآن الكريم (2)

21 / 4 / 2011

فى سنة 1964 عمل رئيسا لقسم اللغة العربية فى كلية اللغات الشرقية بجامعة بكين، واستطاع إحداث تغييرات ملحوظة فى تاريخ تدريس اللغة العربية فى الصين، واعد أجيالا من الكفاءات المؤهلة وعناصر الخبرة الذين ساهموا في تقدم وتطور الصين.

وكان مكين مثالا يحتزى به فى حب الوطن، ويسجل له التاريخ العديد من المواقف التى عبر فيها عن حبه لوطنه الصين، ففي بداية حرب المقاومة ضد الغزاة اليابانيين انخرط مكين فى حركة الدعاية ضد الاحتلال، وانشأ بالقاهرة "جمعية إغاثة المنكوبين فى مناطق الحرب الصينية". وعام 1939 خلال موسم الحاج قابل مكين مع مجموعة من الطلبة الصينيين خادم الحرمين الشريفين، حيث ألقى الأستاذ مكين بكلمة أمام خادم الحرمين نيابة عن جميع أعضاء الفريق تعبيرا عن عزيمة أبناء الشعب الصينى فى مقاومة الاحتلال. ووزع منشورات على الحجاج سعيا لتعزيز عمل المقاومة ضد الاحتلال الياباني، وعلى متن السفينة العائدة بالحجاج الى مصر، ألقى مكين كلمة أشار فيها الجرائم التي يمارسها الاحتلال الياباني ضد الشعب الصيني.

أهم أعمال المستعرب محمد مكين :

- الترجمة الكاملة لمعاني القران الكريم إلى الصينية.

- مناقشة وصياغة أول دستور صينى وترجمته إلى العربية.

- ترجمة "دستور جمهورية مصر العربية" إلى الصينية.

- الترجمة الشفوية للرئيس الصيني ماو تسه تونغ.

- ترجمة العديد من كتب الثقافة الإسلامية والصينية من والي العربية : مثل "تفسير أصول الديانة" و"الحقائق الإسلامية" و"تاريخ التعليم الإسلامي" و"تاريخ الفلسفة الإسلامية" و"موجز تاريخ العرب " و"كتاب الحوار لكونفوشيوس الحكيم الصيني" و"فى دكتاتورية الشعب الديمقراطية" و"الإسلام والنصرانية والثقافة العلمية ".

- تأليف العديد من الكتب القيمة مثل "موجز التقاويم الإسلامية" و"نظرة جامعة إلى تاريخ الإسلام فى الصين وأحوال المسلمين فيها" و"النشاطات العلمية للحكماء المسلمين" و" نبذة قصيرة عن النبى الأعظم محمد" و"أثر العلم الفلكي الإسلامي فى العلم الفلكى الصيني".

- كتابة العديد من المقالات التى أثرت بشكل كبير فى نفوس الصينيين مثل : "سيف محمد" و"لماذا لا يأكل أبناء قومية هوى لحم الخنزير".

- تأليف "معجم العربية – الصينية" وتلخيص نظم المسائل اللغوية والنحوية للغة العربية ومجموعة كتب متنوعة لتعليم اللغة العربية.





صحيفة الشعب اليومية أونلاين - 21 / 4 / 2011م